مصارع العشاق/كثير على قبر عزة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

كثير على قبر عزة

أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: أخبرنا عبد الأول بن مربد قال: أخبرني حماد بن إسحاق عن أبيه قال:خرج كثير يريد عبد العزيز بن مروان فأكرمه، ورفع منزلته، وأحسن جائزته، وقال: سلني ما شئت من الحوائج ! قال: نعم، أحب أن تنظر لي من يعرف قبر عزة، فيوقفني عليه.فقال رجل من القوم: إني لعارف به.فوثب كثير فقال لعبد العزيز: هي حاجتي أصلحك الله.فانطلق به الرحيل حتى انتهى به إلى موضع قبرها فوضع يده عليه، ودمعه يجري، وهو يقول:

وَقَفْتُ عَلى رَبْعٍ لِعَزّةَ نَاقَتي،

وفي البُرْدِ رَشّاشٌ من الدّمعِ يسفحُ.

فَيَا عَزَّ أنْتِ البَدرُ قَد حالَ دونَهُ

رَجيعُ التّرَابِ والصّفِيحُ المضرَّحُ.

وقَد كنتُ أبكي مِن فِراقِكِ حِقبَةً

فأنْتِ لَعَمْري اليوْمَ أنأى وأنزَحُ.

فَهَلاّ فَداكِ الموتُ مَن أنتِ زَينُه،

ومَن هوَ أسْوا منكِ حالاً وأقبَحُ.

ألا لا أرى بعد ابنَةِ النَّضرِ لَذّةً

لِشيءٍ، ولا مِلْحاً لِمَنْ يَتَمَلّحُ.

فلا زالَ وادي رَمسِ عَزّةَ سائِلاً

بِهِ نِعمَةٌ من رحمَةِ الله تسفَحُ.

فإنّ التي أحبَبتُ قد حالَ دونها

طوَالُ اللّيالي والضّريحُ المصَفَّحُ.

أربَّ بِعَينَيَّ البُكا، كُلَّ لَيلَةٍ،

فقَد كادَ مجْرَى دمع عيني يَقرَحُ.

إذا لم يكُنْ ماءٌ تَحَلَّبَتَا دَماً،

وشرُّ البكاءِ المستَعادُ الممَنَّحُ.

الموت أيسر محملاً

أخبرنا القاضي أبو الحسن أحمد بن علي التوزي بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن محمد بن علي الجرادي الكاتب قال:

إلّو شَهِدتَ مَوَاقِفَ العُشّاقِ

ومَدامِعاً تجري من الآمَاقِ.

تستَنّ من سَيل الجفون معَ الدِّما،

حتى تَكَادُ تسيلُ بالأحْداقِ.

لمّا تَقارَبَتِ النفوسُ لفُرْقَةً

والتَفّتِ الأعْنَاقُ بالأعناقِ.

ورَأيتُ كُلاً سائِلاً لحَبِيبِه:

أزِفَ النوَى فمتى يكون تلاقِ ؟.

لحَلفتَ أنّ الموْتَ أيسَرُ محْمَلاً

من يوْم توديعٍ ويوْم فِرَاقِ.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي