مصارع العشاق/كلانا أسير الهوى

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

كلانا أسير الهوى

ولي من أثناء قصيدة كتبت بها إلى بعض أهل العلم:

وَذي شَجَنٍ مثلي شكَوْتُ صَبابَتي

إلَيهِ، وَدَمعيَ مَا يُفتِّر قَطرُه

فقالَ، وَلَمْ يَملِكْ سَوَابِقَ عَبرَةٍ

تُتَرْجِمُ عمّا قد تَضَمّنَ صَدرُه:

كِلانا أسيرٌ في الهَوَى مُتَهَدَّدٌ

بقَتلٍ، فمَا يَنفَكّ مَا عَاشَ أسرُه

لَقَد ضَاقَ ضَرْعي بالنّوَى، وَأمَلّني

نَعيبُ غُرَابِ البَينِ لا شِيدَ وَكرُه

وَأقلَقَني حادِي الرّكائِبِ بالضّحَى،

وَسَائِقُهَا لمّا تَتَابَعَ زَجرُه

وَتَقويضُ خَيمِ الحيّ وَالبَينُ ضَاحِكٌ

لفُرْقَتِنَا، حَتى بَدَا مِنهُ ثَغرُه

وَفي الجيرَةِ الغادينَ أحوىً، عذارُهُ

يَقُومُ بهِ للعاشِقِ الصّبّ عُذرُه

غَدائِرُهُ لي شَاهِداتٌ بأنّهُ

وَفَيتُ لَهُ من بَعدِ ما بَانَ غَدرُه

أخبرنا أحمد بن علي الوراق بدمشق، حدثنا الحسين بن محمد أخو الخلال، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الشطي بجرجان، حدثنا أبو علي أحمد بن الحسين بن شعبة، حدثنا أحمد بن جعفر الهاشمي، حدثنا محمد بن عبد الله الكاتب قال:كنت يوماً عند محمد بن يزيد المبرد، فأنشد:

جِسمي معي غَيرَ أنّ الرّوحَ عندَكمُ،

فالجسمُ في غُرْبَةٍ وَالرّوحُ في وَطَنِ

فَليَعجَبِ النّاسُ منّي أنّ لي بَدَناً

لا رُوحَ فيهِ، وَلي رُوحٌ بلا بَدَنِ

ثم قال: ما أظن الشعراء قالت أحسن من هذا.قلت: ولا قول الآخر ؟ قال: هيه ! قلت: الذي يقول:

فارَقتُكمُ وَحَيِيتُ بَعدَكُمُ،

ما هكذا كانَ الذي يَجِبُ

فالآنَ ألقَى النّاسَ مُعتَذِراً،

من أنْ أعِيشَ وأنتمُ غَيَبُ

قال: ولا هذا.قلت: ولا خالد الكاتب:

رُوحانِ لي، رُوحٌ تَضَمَنّهَا

بَلَدٌ، وَأُخرَى حَازَها بَلَدُ

وَأظُنّ غَائِبَتي كَشَاهِدَتي

بمَكانِها تَجِدُ الذي أجِدُ

قال: ولا هذا.قلت: أنت إذا هويت الشيء ملت إليه، ولم تعدل إلى غيره.قال: لا ! ولكنه الحق، فأتيت ثعلباً، فأخبرته، فقال ثعلب ألا أنشدته:

غابُوا، فَصَارَ الجِسْمُ من بَعدِهم،

مَا تَنظُرُ العَينُ لَهُ فَيّا

بِأيّ وَجهٍ أتَلَقّاهُمُ،

إذا رَأوْني بَعدَهُمْ حَيّا

يا خجلَتي مِنهُ، وَمِنْ قَوْلِهِ:

مَا ضرّكَ الفَقدُ لَنَا شَيّا

قال: فأتيت إبراهيم بن إسحق الحربي، قأخبرته، فقال: ألا أنشدته:

يا حيَائي مِمّنْ أُحِبّ، إذا مَا

قالَ بَعد الفِراق: إني حَييتُ

لَوْ صَدقتَ الهَوَى حَبيباً، عَلى الصّ

حّةِ لمَا نَأى، لكُنتَ تموتُ

قال: فرجعت إلى المبرد، فقال: أستغفر الله إلا هذين البيتين، يعني بيتي إبراهيم.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي