مصارع العشاق/لم يفرق بين المحبين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

لم يفرق بين المحبين

أخبرنا علي بن أحمد علي المعدل، حدثني أبي قال:روى أبو روق الهراني عن الرياشي أن بعض أهل البصرة اشترى صبيةً، فأحسن تأديبها وتعليمها، وأحبها كل المحبة، وأنفق عليها حتى أملق، ومسه الضر الشديد، فقالت الجارية: إني لأرثي لك، يا مولاي، مما أرى بك من سوء الحال، فلو بعتني واتسعت بثمني، فلعل الله أن يصنع لك وأقع أنا بحيث يحسن حالي، فيكون ذلك أصلح لكل واحد منا. قال: فحملها إلى السوق، فعرضت على عمر بن عبيد بن معمر التيمي، وهو أمير البصرة يومئذ، فأعجبته، فاشتراها بمائة ألف درهم، فلما قبض المولى الثمن، وأراد الإنصراف، استعبر كل واحد منهما لصاحبه باكياً، وأنِشأت الجارية تقول:

هَنِيئاً لكَ المَالُ الّذِي قَد حَوَيتَهُ،

وَلم يبقَ في كَفّيّ غَيرُ التّذَكّرِ

أقولُ لنَفسِي، وَهْيَ في عَيشِ كُرْبةٍ:

أقِلّي، فَقَد بانَ الحَبيبُ، أوِ اكثرِي

إذا لَمْ يَكُنْ للأمرِ عِندَكِ حِيلَةٌ،

وَلم تَجدِي شَيئاً سوَى الصّبرِ، فاصْبرِي

واشتد بكاء المولى، ثم أنشأ يقول:

فَلَوْلا قُعُودُ الدّهرِ بي عَنكِ لم يكنْ

يُفَرّقُنا شيءٌ سمَى المَوْتِ، فاصْبرِي

أرُوحُ بِهَمٍّ في الفُؤادِ مُبَرِّحٍ،

أُناجي بهِ قَلباً طَويلَ التّفَكّرِ

عَلَيكِ سَلامٌ، لا زِيَارَةَ بَينَنَا،

وَلا وَصْلَ إلاّ أنْ يَشَاءَ ابنُ مَعْمَرِ

فقال له ابن معمر: قد شئت، خذها، ولك المال، فانصرفا راشدين، فوالله لا كنت سبباً لفرقة محبين.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي