معجم الأدباء/أحمد ابن محمد، الصخرى أبو الفضل

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أحمد ابن محمد، الصخرى أبو الفضل

أحمد ابن محمد، الصخرى أبو الفضل قتل في أواخر سنة ست وأربعمائة، هكذا ذكر أبو محمد، محمود ابن أرسلان، في تاريخ خوارزم، وقال: هو أحد مفاخر خوارزم، أديب كامل، وعالم ماهر، وكاتب بارع، وشاعر ساحر.قال أبو منصور الثعالبي في كتابه: له ظرف حجازى، وخط عراقي، وبلاغة جزلة سهلة، ومروءة ظاهرة، ومحاسن متظاهرة، وله شعر كثير، يجمع فيه بين الإسراع والإبداع، ويأخذ بطرفي الإتقان والإحسان، ثم هو في الارتجال، فرد الرجال بسرعة خاطره، وسلامة طبعه، وحصول أعنة القوافى فى يده، وكان في عنفوان شبابه، ألم بحضرة الصاحب إسماعيل بن عباد، فاقتبس من نورها، واغترف من بحرها، وانخرط في سلك أعيان أهل الفضل بها، وتزود من ثمارها، فحسن أثره وطاب خبره ورجع إلى أوطانه، وأقام بحضرة سلطانه، في أجلة الكتاب، ووجوه العمال، وهو الآن من أخص جلساء الأمير، وأقرب ندمائه، وأفضل كتابه، وأجل شعرائه، ولا يكاد يخلو منه مجالس أنسه، ولايتقشع عنه سحائب جوده، وما أكثر ما يقترح عليه الأشعار في المعاني البديعة، ويكمل لها ويفي، ويعلنها فى الوقت والساعة بين يديه، ويعرضها عليه.وعهدى بذلك المجلس العالي، ليلة من الليالى، وقد جرى فيه ذكر أبى الفضل الهمذاني بديع الزمان، وإعجاز لطائفه وخصائصه فى الارتجالات، وسرعة إتيانه وإثباته بالاقتراحات، وأنه كان يكتب الكتاب المقترح عليه، ويبتدئ بآخر سطرٍ، ثم هلم جرا إلى السطر الأول، حتى يخرجه مستوفي الألفاظ والمعاني، كأملح شئ وأحسنه، فانتدب الصخري لهذه النادرة، وضمن الأستقلال بهذه الغريبة الصعبة، فرسم له على لسان الشيخ أبي الحسين السهيلي، أن يكتب في معنى مؤلف الكتاب، كتاباً إلى الدهخداً أبي سعيد، محمد بن منصور الحوالى، يذكر فيه: أن أخبار فلان فى محاسن أدبه، وبديع تأليفاته، لم تزل تأتينا، ثم تشوقنا إلى مشاهدة الفضل، فأخذ القلم و القرطاس، وكان كتب أولاً السطر الذى يقع في آخره - إن شاء الله تعالى - ثم لم يزل يمضى قدماً في الكتاب، ويرتفع عن عجزه إلى صدره، ومن سفله إلى علوه، ويصل أواخره بأوائله، حتى أتم المعنى المقترح عليه، مع جودة الألفاظ وسهولتها، وحسن مطالعها.وفرغ من الكتاب فى زمن قصير المدة، وقد أخذ منه الشراب، وأثرات فيه الكاسات، فوقع ذلك أحسن موقع، وعد من محاسنه.وله كتاب رسائل مدونة، كتاب ديوان شعر مجلد.فمن منثور كلامه: الشيخ: أصدق لهجة، وأبين في الكرم محجة، من أن يخلف برق ضمانه، ولا يمطر سحاب إحسانه، فليت شعرى: ما الذى فعله فى أمر وليه، القاصر عليه أمله ؟، وهل بلغ الكتاب أجله ؟، وقد استهل الشهر الثامن استهلالاً ولاندى كالأفق، ولنرى لأفق مواعده هلالاً.آخر: طبع كرمه: أغلب من أن يحتاج إلى هز، وحسام فضله، أقطع من أن يهز لحز.آخر: أما إني لاأرضى من كرمه العد، أن تجر أولياؤه على شوك الرد، فبحق مجده المحض، الذى فاق به أهل الأرض، أن يرفع عن حاجتي قناع الخجل، و ولايعتبر أملي فيها قبل حلول الأجل وهذا قسم أرجو أن يصونه عن الحنث، وعهد أظن أنه لا يعرضه للنكث.آخر: لا أدرى: أهنئ الشيخ بعوده إلى مركزه، ومستقر عزه، سالماً في نفسه، التي سلامتها سلامة المعالي والمكارم، وهى أجسم المتاع وأنفس الغنائم ؟، أم أهنئ الحضرة به، فقد عاد إليها ماؤها، ورجع برجوعه حسنها وبهاؤها، أم أهنى الملك - ثبت الله أركانه - ؟ كما نضر بمكانه منه زمانه، فقد آب إليه رونقه، وزال عن أمره رنقه، أم أهنئ الفضل، فقد كان ذوى عوده، ثم احضر وأورق، وهوى نجمه، ثم أنار وأشرق، أم أهنئ جماعة الأولياء والخدم، وكافة كتاب الإنشاء فقد عاشوا، وانتعشوا وارتاشوا، وارتفعت نواظرهم بعد الانخفاض، وانشرحت صدورهم غب الانقباض.وأنا أعد نفسي من جملتهم، ولا أنحرف مع طول العهد عن قبلتهم.وله: كتابي وقد عرتني علة منعتني من استغراق المعاني واستيعابها، وإشباع الكلم فى وجوهها وأبوابها، فاختصرت وقصرت، وعلى النبذ اليسيرة اقتصرت، وما أعرف هذه العلة، إلا من عوادي فراقه، ودواعي اشتياقه، وإن كانت النعمة بمكانه خارجة عن القياس، غير خافية من جميع الناس، إلا أنها ازدادات الآن ظهوراً، وإن لم يكن قدرها مستوراً، وقدر النعمة لايعرف إلا بعد الزوال، ولا يتحقق إلا مع الانتقال، - أهلنا الله لعودها -، لنحسن جوارها، بشكرها وحمدها، وأصحبه السلامة حالاً ومرتحلاً، ومقيماً ومتنقلاً، إنه خير صاحب، يصحب كل غائب.وله: وصل كتاب الشيخ فيما حلانى به، من صفاته التى هو بها حال، وأنا منها خال وقد كان أعارني منها عارية، وجدت نفسي منها عارية، ولكنه نظر إلى بعين رضاه، وشهد لي بقلب هواه.فلا ينظرن بعين الرضى، فنظرتها ربما تجنح، ولا يشهدن بقلب الهوى، فإنها شهادة تجرح وله: كل من ورد جناب الشيخ من أمثالي، إنما ورد بأمل منفسخ، ثم صدر بصدر منشرح، إذ ما امتدت إليه يد فارتدت عاطلاً ولا توجه تلقاءه رجاء فعاد باطلاً،.وأنا أجله أن يفسخ من بينهم ذريعة رجائي، وينسخ شريعة ولائي، بل أظن إن لم يفضلني عليهم في المراتب، لم ينقصني عنهم فى الواجب، ثم ليس طمعي في ماله، فكفاني ما شملني من أفضاله، بل كفاه ما تكلفه فى هذا الوقت من كلفة المروة، التى تنوء بالعصبة أولى القوة، ولكن طمعي في جاهه، ومن ضن به ملوم.إذ البخل به لؤم.ومن أشعاره يمدح أبا العباس خوارزمشاه:

أشبه البدر في السنا والسناء

وحوى رقة الهوى و الهواء

وأتى الشيب بعدها منفذاً لي

عن يد الدهر بالبلى و البلاء

وإذا شاء بالندى الملك العا

دل في المجد والعلى و العلاء

أبدل الشين منه سيناً وأوطا

ني الثريا من الثرى و الثراء

ومن شعره أيضاً في الهجاء:

أياذا الفضائل و اللام حاء

وياذا المكارم و الميم هاء

ويا أنجب الناس و الباء سين

وياذا الصيانة و الصاد خاء

ويا أكتب الناس و التاء ذال

ويا أعلم الناس و العين ظاء

تجود على الكل و الدال راء

فأنت السخي ويتلوه فاء

ولقد صرت عيباً لداء البغاء

ومن قبل كان يعاب البغاء

وله يستهدي ماء الورد:

يا من حكى الورد الطرئ بعرفه

وبظرفه وبلطفه وبهائه

إن شئت و الإفضال منك سجية

أهديت لي قارورة من مائه

وله قصيدة في أبى الفتح البستي:

نسب كريم فاضل أنسى به

من كان معتمداً على أنسابه

قد كنت في نوب الزمان وصرفه

إذ عضني صرف الزمان بنابه

فاليوم جابنت الحوادث جانبي

إذا قد نسبت إلى كريم جنابه.

نفسمصدقة جميع عداتها

يكن مكذبة ظنون عداتها

هماته حكمت على هاماتها

إذا أصبحت للوحش من أقوالها

ومن قصيدة فى أبى الحسين السهيلي:

نفس مصدقة جميع عداتها

إذ أصبحت للوحش من أقواتها

يا أحمد بن محمد يا خير من

ولى الوزارة عند خير ولاتها

مادامت الأيام في الغفلات عن

عرصات مجدك فاغتنم غفلاتها

وله من قصيدة:

لئن بخلت بإسعادى سعاد

فإني بالفؤاد لها جواد

وإن نفذ اصطبارى في هواها

فدمع العين ليس له نفاد

أرى ثلجاً بوجنتها وناراً

لتلك النار في قلبي اتقاد

فهب من نارها كان احتراقي

فلم بالثلج ما برد الفؤاد ؟

لأجتهدن في طلب المعالي

بسعي ما عليه مستزاد

فإن أدركت آمالى وإلا

فليس على إلا الجتهاد

وله فى بعض الصدور:

جمعت إلى العلي شرف الأبوه

وحزت إلى الندى فضل المروه

أتيتك خادماً فرفعت قدري

إلى الصداقة والأخوه

فما شبهتني إلى بموسى

رأى ناراً فشرف بالنبوة.

وله من قصيدة:

أسمعت يامولاى ده

ري بعد بعدك ماصنع ؟

أخني علي بصرفه

فرأيت هول المطلع

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي