معجم الأدباء/أحمد بن إبراهيم بن أبي عاصم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أحمد بن إبراهيم بن أبي عاصم

أحمد بن إبراهيم بن أبي عاصم اللؤلؤي، أبو بكر، قال الزبيدي: ومن نحاة القيروان ابن أبي عاصم، وكان من العلماء النقاد في العربية والغريب والنحو والحفظ والقيام بشرح أكثر دواوين العرب. مات فيما ذكره الزبيدي، سنة ثماني عشرة وثلاثمائة وله ست وأربعون سنة، وكان كثير الملازمة لأبي محمد المكفوف النحوي، وعنه أخذ، وكان صادقاً في علمه وبيانه لما يسأل عنه، وله تأليف في الضاد والظاء حسن بين، وكان شاعراً مجيداً، وكان أبوه موسراً، فلم يكن يمدح أحداً بمجازاة، وترك الشعر في آخر عمره، وأقبل على طلب الحديث والفقه، وهو القائل:

أيا طلل الحي الذين تحملوا

بوادي الغضا، كيف الأحبة والحال

وكيف قضيب البان والقمر الذي

بوجنته ماء الملاحة سيال

كأن لم تدر ما بيننا ذهبية

عبيرية الأنفاس عذراء سلسال

ولم أتوسد ناعماً بطن كفه

ولم يحو جسمينا مع الليل سربال

فبانت به عني ولم أدر بغتة

طوارق صرف البين، والبين مغيال

فلما استقلت ظعهم وحدوجهم

دعوت، ودمع العين في الخد هطال

حرمت منايا منك، إن كان ذا الذي

تقوله الواشون عني كما قالوا

وهذا البيت الأخير تضمين من أبيات لها قصة أنا ذاكرها. ذكر أبو الفرج علي بن الحسين، في كتابه، قال: كان عبد الله بن محمد القاضي، المعروف بالخليجي، ابن أخت علوية المغني، وكان تياهاً صلفاً، فتقلد في خلافة الأمين قضاء الشرقية، وكان يجلس إلى أسطوانة من أساطين الجامع، فيستند إليها بجميع بدنه ولا يتحرك، فإذا تقدم إليه الخصمان أقبل عليهما بجميع جسده، وترك الاستناد، حتى يفصل بينهما، ثم يعود لحاله، وعمد بعض المجان إلى رقعة من الرقاع التي يكتب فيها الدعاوي، فألصقها في موضع دنيته بالدبق فلما جلس الخليجي إلى السارية، وتمكن منها، وتقدم إليه الخصوم، وأقبل إليهم بجميع جسده، كما كان يفعل، انكشف رأسه، وبقيت الدنية موضعها مصلوبة ملتصقة، فقام الخليجي مغضباً، وعلم أنها حيلة عليه وقعت، فغطى رأسه بطيلسانه وتركها مكانها، حتى جاء بعض أصحابه فأخذها، فقال بعض شعراء عصره:

إن الخليجي من تتايهه

أثقل باد لنا بطلعته

ماتيه ذي نخوة مناسبة

بين أخاوينه وقصعته

يصالح الخصم من يخاصمه

خوفاً من الجور في قضيته

لو لم تديقه كف قانصه

لطار فيها على رعيته

واشتهرت الأبيات والقصة ببغداد، وعمل لها علوية حكاية أعطاها الزفانين والمخنثين، فأخرجوه منها، وكان علوية يعاديه لمنازعة كانت بينهما ففضحه، واستعفى الخليجي من القضاء ببغداد، وسأل أن يولى بعض الكور البعيدة، فولي جند دمشق أو حمص، فلما ولي المأمون الخلافة، غناه علوية بشعر الخليجي، وهو:

برئت من الإسلام، إن كان ذا الذي

تقوله الواشون عني كما قالوا

ولكنهم، لما رأوك غرية

بهجري، تساعوا بالنميمة واحتالوا

فقد صرت أذناً للوشاة سميعة

ينالون من عرضي، ولو شئت ما نالوا

فقال له المأمون: من يقول هذا الشعر ؟ قال: قاضي دمشق، فأمر المأمون بإحضاره، فكتب إلى والي دمشق بإحضاره، فكتب فأشخص، وجلس المأمون للشرب، وأحضر علوية، ودعا بالقاضي ؛ فقال له: أنشدني قولك:

برئت من الإسلام، إن كان ذا الذي

تقوله الواشون عني، كما قالوا

فقال: يا أمير المؤمنين، هذا شيء قلته منذ سنة، وأنا صبي، والذي أكرمك بالخلافة، وورثك ميراث النبوة، ما قلت شعراً منذ أكثر من عشرين سنة إلا في زهد أو عتاب صديق، فقال له: إجلس، فجلس، فناوله قدحاً من نبيذ كان في يده، فقال: يا أمير المؤمنين ما غيرت الماء بشيء قط مما يختلف في تحليله، فقال: لعلك تريد نبيذ التمر أو الزبيب ؟ فقال: لا، والله يا أمير المؤمنين ما أعرف شيئاً منها، فأخذ القدح من يده، وقال: أما والله لو شربت هذا لضربت عنقك، ولقد ظننت أنك صادق في قولك كله، ولكن لا يتولى لي أبداً رجل بدأ في قوله بالبراءة من الإسلام، انصرف إلى منزلك، وأمر علوية أن يغير ذلك ويقول:حرمت منايا منك إن كان ذا الذي

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي