معجم الأدباء/أحمد بن يحيى، البلاذري

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أحمد بن يحيى، البلاذري

أحمد بن يحيى، البلاذري بن جابر، بن داوود البلاذري أبو الحسن، وقيل أبو بكر، من أهل بغداد ذكره الصولي في ندماء المتوكل على الله، مات في أيام المعتمد على الله إلى أواخرها، وما أبعد أن يكون أدرك أول أيام المعتضد، وكان جده جابر يخدم الخصيب صاحب مصر، وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق، فقال.سمع بدمشق هشام بن عمار، وأبا حفص عمر ابن سعيد، وبحمص محمد بن مصفى، وبأنطاكية محمد ابن عبد الرحمن بن سهم، وأحمد بن مرد الأنطاكي، و بالعراق عفان بن مسلم، وعبد الأعلى بن حماد، وعلى ابن المديني، وعبد الله بن صالح العجلي، ومصعباً الزبيري، وأبا عبيد القاسم بن سلام، وعثمان بن أبى شيبة، وأبا الحسن على بن محمد المدائني، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وذكر جماعة قال: وروى عنه يحيى بن النديم، وأحمد بن عبد الله بن عمار، وأبو يوسف، يعقوب بن نعيم قرقارة الأرزاني.قال محمد بن إسحاق النديم: كان جده جابر، يكتب للخصيب صاحب مصر، وكان شاعراً، وراويه، ووسوس آخر أيامه فشد بالمارستان، ومات فيه، وكان سبب وسوسته، أنه شرب ثمر البلاذر على غير معرفة، فلحقه مالحقه.وقال الجهشياري في كتاب الوزارء: جابر بن داوود البلاذري، كان يكتب للخطيب بمصر، هكذا ذكر.ولا أدرى أيهما شرب البلاذر ؟ أحمد بن يحيى، أو جابر بن داود ؟ إلا أن ما ذكره الجهشياري، يدل على أن الذي شرب البلاذر هو جده، لأنه قال: جابر بن داود، ولعل ابن ابنه، لم يكن حينئذ موجوداً، والله أعلم.وكان أحمد بن يحيى بن جابر، عالماً فاضلاً، شاعراً، راوية نسابة، متقناً، وكان مع ذلك، كثير الهجاء، بذيء اللسان، أخذ الأعراض، وتناول وهب بن سليمان، بن وهب، لما ضرط فمزقه، فمن قوله فيه، وكانت الضرطة بحضرة عبد الله بن يحيى، بن خاقان:

أيا ضرطة حسبت رعده

تنوق في سلها جهده

تقدم وهب بها سابقاً

وصلى أخو صاعد بعده

لقد هتك الله ستريهما

كذا كل من يطعم الفهده

وقال أحمد بن يحيى، بن جابر، يهجو عافية بن شيب:

من رآه فقد رأى

عربياً مدلسا

ليس يدري جليسه

أفسا أم تنفسا ؟

وحدث علي بن هارون، بن النجم في أماليه عن عمه قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يحيى البلاذري قال: لما أمر المتوكل إبراهيم بن العباس الصولي، أن يكتب فيما كان أمر به من تأخير الخراج، حتى يقع في الخامس من حزيران استفتاح الخراج فيه، كتب في ذلك كتابه المعروف، وأحسن فيه غاية الإحسان، فدخل عبيد الله بن يحيى على المتوكل، فعرفه حضور إبراهيم ابن العباس، وإحضاره الكتاب معه، فأمر بالإذن له فدخل، وأمره بقراءة الكتاب، فقرأه، واستحسنه عبيد الله بن يحيى، وكل من حضر، قال البلاذري: فدخلني حسد له، فقلت: فيه خطأ، قال: فقال المتوكل: في هذا الكتاب الذي قرأه على إبراهيم خطأ ؟ قال: قلت: نعم، قال: يا عبيد الله وقفت على ذلك ؟ قال: لا، و الله يا أمير المؤمنين، ما وقفت فيه على خطأ، قال: فأقبل إبراهيم بن العباس على الكتاب يتدبره، فلم ير فيه شيئاً، فقال يا أمير المؤمنين: الخطأ لا يعرى منه الناس، وتدبرت الكتاب، خوفاً من أكون قد أغفلت شيئاً وقف عليه أحمد بن يحيى، فلم أرما أنكره، فليعرفنا موضع الخطأ، قال: فقال المتوكل: قل لنا ما هو هذا الخطأ الذي وقفت عليه في هذا الكتاب ؟ قال: فقلت هو شيء لا يعرفه إلا على بن يحيى المنجم، ومحمد بن موسى، وذلك أنه أرخ الشهر الرومي بالليالي، وأيام الروم قبل لياليها، فهي لا تؤرخ بالليالي، وإنما يؤرخ بالليالي الأشهر العربية، لأن لياليها قبل أيامها بسبب الأهلة، فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، هذا مالا علم لي به، ولا أدعي فيه ما يدعى، قال: فغير تاريخه.قال الجهشياري: وقال أحمد بن يحيى، البلاذري في عبيد الله بن يحيى وقد صار إلى بابه فحجبه:

قالوا: اصطبارك للحجاب مذلة

عار عليك به الزمان و عاب

فأجبتهم: ولكل قول صادق أو كاذب عند المقال جواب

إنى لأغتفر الحجاب لماجد

أمست له منن على رغاب

قد يرفع المرء اللئيم حجابه

صنعة ودون العرف منه حجاب

وحدث الجهشياري قال: حدثني ابن أبى العلاء الكاتب، قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري قال: دخلت إلى أحمد بن صالح بن شيرزاد، فعرضت عليه رقعة لي فيها حاجة، فتشاغل عنى فقلت:

تقدم وهب سابقاً بضراطه

وصلى الفتى عبدون و الناس حضر

وإني أرى من بعد ذاك وقبله

بطوناً لناس آخرين تقرقر

فقال ياأبا الحسن: بطن من ؟ فقلت: بطن من لم يقض حاجتى، فأخذ الرقعة، ووقع فيها بما أردت.وقال أحمد بن يحيى: يهجو صاعداً وزير المعتمد:

أصاعد قد ملأت الأرض جوراً

وقد سست الأمور بغير لب

وساميت الرجال وأنت وغد

لئيم الجد ذوعي وعيب

أضل عن المكارم من دليل

وأكذب من سليمان بن وهب

وقد خبرت أنك حارثي

فرد مقالتي أولاد كعب

قلت: أما سليمان بن وهب فمعروف، وأما دليل: فهو دليل بن يعقوب النصراني، أحد وجوه الكتاب، كان يكتب لبغا التركي، ثم توكل للمتوكل على خاصته.وحدث أبو القاسم الشافعي، في تاريخ دمشق بإسناده قال: قال أحمد بن جابر البلاذري: قال لي محمود الوراق: قل من الشعر ما يبقى ذكره، ويزول عنك إثمه، فقلت

إستعدي يانفس للموت واسعي

لنجاة فالحازم المستعد

قد تثبت أنه ليس للحي

خلود ولامن الموت بد

إنما أنت مستعيرة ما سوف

تردين والعواري ترد

أنت تسهين والحوادث لا تسهو،

وتلهين والمنايا تجد

لاترجى البقاء في معدن الموت

ودار حقوقها لك وردُ

أي ملك في الأرض أم أي حظ

لأمرىٍ حظه من الأرض لحدُ

كيف يهوى أمرؤ لذاذة أياماً

عليه الأنفاس فيها تعد

ومن شعر البلاذري، الذي رواه المرزباني في معجم الشعراء:

يا من روى أدباً ولم يعمل به

فيكف عادية الهوى بأديب

ولقلما تجدي اصابة صائب

أعماله أعمال غير مصيب

حتى يكون بما تعلم عاملاً

من صالح فيكون غير معيب

قال ابن عساكر في كتابه: وبلغني أن البلاذري كان اديباً، راوية، له كتب جياداً، ومدح المأمون بمدائح، وجالس المتوكل، ومات في أيام المعتمد، ووسوس في آخر عمره.قال المؤلف: هذا الذى ذكره ابن عساكر، من كلام المرزباني في معجم الشعراء بعينه.وقال محمد ابن اسحاق النديم: وله من الكتب: كتاب البلدان الصغير، كتاب البلدان الكبير لم يتم، كتاب جمل نسب الأشراف، وهو كتابه المعروف المتهور، كتاب عهد أردشير، ترجمه بشعر.قال: وكان أحد النقلة من الفارسي إلى العربي، كتاب الفتوح وحدث الصولي في كتاب الوزراء: حدثني أحمد ابن محمد الطالقني قال: لي أحمد ابن يحيى البلاذري: كان بيني وبين عبيد الله ابن يحيى، ابن خاقان حرمة، منذ أيام المتوكل، وماكنت أكلفه حاجة لإستغناء عنه، فنالتني في أيام المعتمد على الله إضافة، فدخلت إليه وهو جالس للمظالم، فشكوت تأخر رزقي وثقل ديني، وقلت: إن عيب على الوزير - أعزه الله - حاجة مثلي في أيامه، وغض طرفه عني، فوقع لي ببعض ما أردت، وقال: أين حياؤك المانع لك من الشكوى على الاستبطاء ؟ فقلت: غرس البلوى، يثمر ثمر الشكوى، وانصرفت، وكتبت إليه:

لحاني الوزير المرتضى في شكايتي

زماناً أحلت للجذوب محارمه

وقال: لقد جاهرتني بملامة

ومن لي بدهر كنت فيه أكاتم

فقلت: حياء المرء ذو الدين والتقى

يقل إذا قلت لديه دارهم

وحدث الصولى عن محمد ابن علي: أن البلاذري امتدح أبا الصقر، اسماعيل بن بلبل، وكتب إليه كتاباً حسناً، وسأله أن يطلق له شيئاً من ارزاقه ووعده فلم يفعل، فقال:

تجانف إسماعيل عني بوده

ومل إخائي واللئيم ملول

وأن امرؤ يغشى أبا الصقر راغباً

إليه ومغترا به لذليل

وقد علمت شيبان أن لست منهم

فماذا الذي إن أنكروك تقول ؟

ولو كانت الدعوى تثبت بالرشى

لثبت دعواك الذين تنيل

ولكنهم قالوا مقالاً فكذبوا

وجاؤوا بأمر ماعليه دليل

وله فيما أورده عبيد الله ابن ابى طاهر:

لما رأيتك زاهياً

ورأيتني أجفى ببابك

عديت رأس مطيتي

وحجبت نفسي عن حجابك

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي