معجم الأدباء/أمية بن عبد العزيز، بن أبي الصلت

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أمية بن عبد العزيز، بن أبي الصلت

أمية بن عبد العزيز، بن أبي الصلت من أهل الأندلس، كان أديباً فاضلاً، حكيماً منجماً، مات في سنة تسع وعشري وخمسمائة، في المحرم بالمهدية من بلاد القيروان، وهو صاحب فصاحة بارعة، وعلم بالنحو، والطب.وكان قد ورد إلى مصر في أيام المسمى بالآمر، من ملوك مصر، واتصل بوزيره ومدير دولته، الأفضل شاهنشاه، بن أمير الجيوش بدر، واشتمل عليه رجل من خواص الأفضل، يعرف بمختار، ويلقب بتاج المعالي، وكانت منزلته عند الأفضل عالية، ومكانته بالسعد حالية، فتحسنت حال أمية عنده، وقرب من قلبه، وخدمه بصناعي الطب والنجوم، وأنس تاج المعالي منه بالفضل، الذي لا يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فوصفه بحضرة الأفضل، وأثنى عليه، وذكر ما سمعه من أعيان أهل العلم، وإجماعهم على تقدمه في الفضل وتميزه عن كتاب وقته.وكان كاتب حضرة الأفضل يومئذ، رجل قد حمى هذا الباب، ومنع من أن يمر بمجلسه ذكر أحد م أهل العلم بالأدب، إلا أنه لم يتمكن من معارضة قول تاج المعالي، فأغضى على قذى، وأضمر لأبي الصلت المكروه، وتتابعت من تاج المعالي السقطات، وأفضت إلى تغير الأفضل، والقبض عليه والاعتقال، فوجد حينئذ السبيل إلى أبي الصلت، بما اختلق له من المحال، فحبسه الأفضل في سجن المعونة بمصر، مدة ثلاث سنين وشهر واحد، على ما أخبرني به الثقة عنه، ثم أطلق، فقصد المرتضي أبا طاهر يحيى بن تميم، بن المعز، بن باديس، صاحب القيروان، فحظى عنده، وحسن حاله معه.وقد ذكر ذلك في رسالة لم يذم فيها مصر، ويصف حاله، ويثني على بان باديس، واستشهد فيها بهذه الأبيات في وصف ابن باديس:

فلم أستسغ إلا نداه ولم يكن

ليعدل عندي ذا الجناب جناب

فما كل إنعام يخف احتماله

وإن هطلت منه على سحاب

ولكن أجل اصنع ماجل ربه

ولم يأت باب دونه موحجاب

وما شئت إلا أن أدل عواذلي

على أن رأيي في هواك صواب

وأعلم قوماً خالفوني وشرقوا

وغربت أني قد ظفرت وخابوا

ومن شعره أيضاً:

لا غرو إن لحقت لهاك مدائحي

فتدقت نعماك ملء إنائها

يكسى القضيب ولم يحن إبانه

وتطوق الورقاء قبل غنائها

ومنه يرثي:

قد كنت جارك والأيام ترهبني

ولست أرهب غير الله من أحد

فنافستني الليالي فيك ظالمة

وما حسبت الليالي من ذوي الحسد

ولأبي الصلت من التصانيف: كتاب الأدوية المفردة، كتاب تقويم الذهن في المنطق، كتاب الرسالة المصرية، كتاب ديوان شعره كبير، كتاب رسالة عمر في الأسطرلاب، كتاب الديباجة في مفاخر صنهاجة ؟ كتاب ديوان رسائل، كتاب الحديثة ف يمختار من أشعار المحدثين، ومن شعر أمية منقولاً من كتاب سر السرور:

حسبي فقد بعدت في الغي أشواطي

وطال في اللهو إيغالي وإفراطي

أنفقت في اللهو عمري غير متعظ

وجدت فيه بوفري غيرمحتاط

فكيف أخلص من بحر الذنوب وقد

غرقت فيه على بعد من الشاطئ

يا رب مالي ما أرجو رضاك به

إلا اعترافي بأني المذنب الخاطي

ومنه أيضاً:

لله يومي ببركة الحبش

والصبح بين الضياء والغبش

والنيل تحت الرياح مضطرب

كطائر في يمي مرتعش

ونحن في روضة مفوة

دبج بالنور عطفها ووشي

قد نسجتها يد الربيع لنا

فنحن من نسجها على فرش

وأثقل الناس كلهم رجل

دعاه داعي الهوى فلم يطش

فعاطني الراح إن تاركها

من سورة الهم غير منتعش

وأسقني بالكبار مترعة

فهن أشفى لشدة العطش

قال محمد بن محمود: حدثني طلحة أن أبا الصلت، اجتمع في بعض متنزهات مصر، مع وجوه أفاضلها، فمال لصبي صبيح الوجه، عديم الشبه، قد نقط نون صدغه على صفحة خده، فاستو صفوه إياه، فقال:

منفرد بالحس والظرف

بحت لديه بالذي أخفى

لهفي شكوت وهومن تيهه

في غفلة عني وعن لهفي

قد عوقبت أجفانه بالضنى

لأنها أضنت وما تشفى

قد أزهر الورد على خده

لكنه ممتنع القطف

كأنما الخال به نقطة

قد قطرت من كحل الطرف

قال: وحدثني أبو عبد الله الشامي، وكان قد درس عليه، واقتبس ما لديه، أن الإفضل كان قد تغير عليه وحبسه بالإسكندرية في دار الكتب الحكيم أرسططاليس، قال: وكنت أختلف إليه إذ ذاك، فدخلت إليه يوماً، فصادفته مطرقاً، فلم يرفع رأسه إلى على العادة، فسألته فل يرد الجواب، ثم قال بعد ساعة: اكتب، وأنشدني:

قد كان لي سبب قد كنت أحسب أن

أحضى به فإذا دائي من السبب

فما مقلم أظفاري سوى قلمي

ولا كتائب أعدائي سوى كتبي

فكتبت وسألته ع ذلك، فقال: إن فلاناً تلميذي، قد طعن في عند الأمير الأفضل، ثم رفع رأسه إلى السماء، واغرورقت عيناه دمعاً، ودعا عليه، فلم يحل الحول حتى استجيب له. وأنشدني الشيخ سليمان بن الفياض الإسكندراني - وكان ممن درس عليه، واختلف إليه - في صفة فرس:

صفراء إلا حجول مؤخرها

فهي مدام ورسغها زيد

تعطيك مجهودها فراهتها

في الحضر والحضر عندها وخد

وأنشدني له يهجو، وما هو من صناعته:

صاف ومولاته وسيده

حدود شكل القياس مجموعة

فالشيخ فو الاثنين مرتفع

والست تحت الاثنين موضوعة

والشيخ محمول ذي وحامل ذا

بحشمة في الجميع مصنوعة

شكل قياس كانت نتيجته

غريبة في دمشق مطبوعة

وقرأت في الرسالة المصرية، زيادة على البيتين المتقدم ذكرهما قبل:

وكم تمنيت أن ألقى بها أحداً

يسلى من الهم أو يعدى على النوب

فما وجدت سوى قوم إذا صدقوا

كانت مواعيدهم كالآل في الكذب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي