معجم الأدباء/إبراهيم بن القاسم الكاتب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

إبراهيم بن القاسم الكاتب

إبراهيم بن القاسم الكاتب يعرف بالرقيق القيرواني، والرقيق لقب له، رجل فاضل، له تصانيف كثيرة في علم الأخبار، ومنها كتاب تاريخ إفريقية والمغرب، عدة مجلدات، وكتاب النساء كبير، وكتاب الراح والارتياح كتاب نظم السلوك في مسامرة الملوك أربع مجلدات، وذكره ابن رشيق فقال: هو شاعر سهل الكلام محكمه لطيف الطبع قويه، تلوح الكتابة على ألفاظه، قليل صنعة الشعر، غلب عليه اسم الكتابة وعلم التاريخ وتأليف الأخبار، وهو بذلك أحذق الناس، وكاتب الحضرة منذ نيف وعشرين سنة إلى الآن، ومن شعره جواباً عن أبيات كتبها إليه عمار بن جميل، وقد انقطع عن مجالس الشراب:

قريض كابتسام الرو

ض جمشه نسيم صبا

كعقد من جمان الط

ل منظوم وما ثقبا

ومنثور كنثر الد

رِّ من أسلاكه انسربا

فأهدى نشر زهرته

فتيت المسك منتهبا

إذا أثماره جنيت

جنيت العلم والأدبا

بهزل حين ينشده

كأنك منتش طربا

حباك به أخ يرعى

من العهد الذي وجبا

صديق مثل صفو الما

ء بالصهباء قد قطبا

كنزت مودة منه

كفت أن أكنز الذهبا

إذا عد امرؤ حسباً

فحسبي ذكره نسباً

ألذ من الحياة لد

يَّ لكن قلبه قلبا

فهان عليه ما ألقى

وظن تجلدي لعبا

جفوت الراح عن سبب

وكان لجفوتي سببا

فصرت لوحدتي كلاً

على الإخوان مجتنبا

وذاك لتوبة أمل

ت أن أقضي بها أربا

فها أنا نائب منها

فزرني تبصر العجبا

وكان قدم مصر في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة بهدية من نصير الدولة باديس بن زيري إلى الحاكم، فقال قصيدة يذكر فيها المناهل، ثم قال:

إذا ما ابن شهر قد لبسنا شبابه

بدا آخر من جانب الأفق يطلع

إلى أن أقرت جيزة النيل أعيناً

كما قر عيناً ظاعن حين يرجع

يقول فيها بعد مدح كثير ووصف جميل:

هدية مأمون السريرة ناصح

أمين إذا خان الأمين المضيع

وما مثل باديس ظهير خلافة

إذا اختير يوماً للظهيرة موضع

نصير لها من دولة حاتمية

إذا ناب خطب أو تفاقم مطمع

حسام أمير المؤمنين وسهمه

وسم زعاف في أعاديه منقع

قال: ومن مليح كلامه قوله من قصيدةٍ:

إذا ارجحنت بما تحوي مآزرها

وخف من فوقها خصر ومنتطق

ثنى الصبا غصناً قد غازلته صباً

على كثيب له من ديمة لثق

للشمس ما سترت عنا معاجرها

وللغزال احورار العين والعنق

مظلومة أن يقال البدر يشبهها

البدر يكسف أحياناً وينمحق

يجلل المتن وحف من ذوائبها

جبينها تحت داجي ليلة فلق

كأنها روضة زهراء حالية

بنورها يرتعي في حسنها الحدق

قال ومن أعجب ما سمعت له قوله من قصيدة يمدح محمد بن أبي العرب:

أظالمة العينين يخلطها سحر

وإ ظلم الخدان واهتضم الخصر

أعوذ ببرد من ثناياك قد ثنى

إليك قلوباً حشو اثنائها جمر

لقد ضمنت أن ضمانتي

ستبري عظامي بالنحول ولا تبرو

وما أم ساجي الطرف خفاقة الحشا

أطاع لها الحوذان والسلم النضر

إذا ما رعاها نصت الجيد نحوه

أغن قصير الخطو في لحظه فتر

بأملح منها ناظراً ومقلداً

ولكن عداني عن تقنصها الهجر

يقول في مديحها:

تصباه أبكار العلا ليس أنها

منعمة هيفاء أو غادة بكر

يخال بأن العرض غير موفر

عن الذم إلا أن يدال له الوفر

يقول فيها يصف بلاغته وكتابته:

يوشح ديباج البلاغة أحرفا

يكاد يرى روضاً يوشحه الزهر

ويفصح لفظاً خطها من فصاحة

ويشرق من تحبير ألفاظها الحبر

يصيب عيون المشكلات بديهة

وتبدى له أعقاب ما غيب الفكر

ثم ذكر الممدوح فقال:

وملمومة شهباء يسعى أمامها

شهاب عزيم من طلائعه الذعر

يزجى بنات الأعوجية شزباً

عليها بنو الهيجا دروعهم الصبر

أسود وغىً تحت العجاجة غابها

سريجية بيض وخطية سمر

صبحت بها دهماء قوم أرتهم

وجوه الردى حمراً خوافقها الصفر

قال: ومثل هذه القصيدة في الجودة قصيدة طويلة يتشوق فيها إخوانه بمصر وهي:

هل الريح إن سارت مشرقة تسري

تؤدي تحياتي إلى ساكني مصر ؟

فما خرطت إلا بكيت صبابة

وحملتها ما ضاق عن حمله صدري

تراني إذا هبت قبولاً بنشرهم

شممت نسيم المسك في ذلك النشر

وما أنس من شيء خلا العهد دونه

فليس بخال من ضميري ولا فكري

ليال أنسناها على غرة الصبا

فطابت لنا إذ وافقت غرة الدهر

لعمري لئن كانت قصاراً أعدها

فلست بمعتد سواها من العمر

أخادع دهري أن يعود بفرصة

فيفقذ روح الوصل من راحة الهجر

وترجع أيام خلت بمعاهد

من اللهو لا تنفك مني على ذكر

فكم لي بالأهرام أو دير نهية

مصايد غزلان المكابد والقفر ؟

إلى الجيزة الدنيا وما قد تضمنت

جزيرتها ذات المواخير والجسر

وبالمقس فالبستان للعين منظر

أنيق إلى شاطئ الخليج إلى القصر

وفي سردوس مستراد وملعب

إلى دير مرحنا إلى ساحل البحر

وكم بين بستان الأمير وقصره

إلى البركة الزهراء من زهر نضر ؟

تراها كمرآة بدت في رفارف

من السندس الموشى ينشر للتجر

وكم بت في دير القصير مواصلاً

نهاري بليلي لا أفيق من السكر

تبادرني بالراح بكر غريرة

إذا هتف الناقوس في غرة الفجر

مسيحية خوطية كلما انثنت

تشكت أذى الزنار من دقة الخصر

وكم ليلة لي بالقرافة خلتها

لما نلت من لذاتها ليلة القدر

سقى الله صوب القصر تلك مغانياً

وإن غنيت بالنيل من سبل القطر

وله أيضاً في الغزل:

رئم إذا ما معاريض المنى خطرت

أجله المتمنى عن أمانيه

يا إخوتي أأقاحي فيه أقبل لي ؟

أم خط راءين من مسك على فيه ؟

أم حس ذاك التراخي في تكلمه

أم حسن ذاك التهادي في تثنيه ؟ ؟

أم سخطه أم رضاه أم تجنبه ؟ ؟ ؟

أم عطفه أم نواه أم تدانيه ؟ ؟

نفسي فداؤك مالي عنك مصطبر

يا قاتلي كل معنى من معانيه

وقال يرثي:

أهون ما ألقى وليس بهين

بأن المنايا للفوس بمرصد

وإني وإن لم ألقك اليوم رائحاً

لصرف رزاياها لقيتك في غد

فلا يبعدنك الله ميتاً بقفرة

معفر خد في الثرى لم يوسد

تردى نجيعاً حين بزت ثيابه

كأن على أعطافه فضل مجسد

مضاء سنان في سنان مذلق

وفتك حسام في حسام مهند

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي