معجم الأدباء/إبراهيم بن يحيى بن المبارك بن المغيرة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

إبراهيم بن يحيى بن المبارك بن المغيرة

إبراهيم بن يحيى بن المبارك بن المغيرة اليزيدي، أبو إسحاق بن أبي محمد العدوي، قد ذكر السبب الذي من أجله سمي باليزيدي في خبر أبيه، وكان إبراهيم عالماً بالأدب شاعراً مجيداً، نادم الخلفاء، وقدم دمشق صحبة المأمون، كذا ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق، مات فيما ذكره أبو الفرج بن الجوزي في كتاب المنتظم، سنة خمس وعشرين ومائتين. قال ابن عساكر: وكان قد سمع أباه أبا محمد اليزيدي وأبا زيد سعد بن أوس الأنصاري، والأصمعي.روى عنه أخوه أبو علي إسماعيل بن يحيى ابن المبارك، وابنا أخيه أحمد وعبيد الله ابنا محمد بن أبي محمد. قال الخطيب: وهو بصري، سكن بغداد، وكان ذا قدر وفضل، وحظ وافر من الأدب، وله كتاب مصنف، يفتخر به اليزيديون، وهو ما اتفق لفظه، واختلف معناه، نحو من سبعمائة ورقة، رواه عنه ابن أخيه عبيد الله ابن محمد بن أبي محمد، وذكر إبراهيم: أنه بدأ بعمله، وهو ابن سبع عشرة سنة، ولم يزل يعمله إلى أن أتت عليه ستونه سنة، وله كتاب مصادر القرآن، قال ابن النديم: يبلغ فيه إلى سورة الحديد، ومات، وكتاب في بناء الكعبة وأخبارها، وكتاب النقط والشكل، وله كتاب المقصور والممدود.حدث ابن عساكر في تاريخه، بإسناد رفعه إلى إبراهيم بن أبي أحمد عن أبيه، قال: كنت مع أبي عمرو بن العلاء في مجلس إبراهيم ابن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فسأل عن رجل من أصحابه فقده، فقال لبعض من حضره: اذهب فاسأل عنه، فرجع فقال: تركته يريد أن يموت، فقال: فضحك منه بعض القوم، قوال: في الدنيا إنسان يريد أن يموت ؟ فقال إبراهيم: لقد ضحكتم منها عربية، إذ يريد هاهنا بمعنى يكاد، قال الله تعالى: 'يريد أن ينقض'، قال: فقال أبو عمرو بن العلاء لا نزال بخير مادام فينا مثلك. وحدث أيضاً قال: قال إبراهيم اليزيدي: كنت يوماً عند المأمون، وليس معنا إلا المعتصم، قال: فذكر كلاماً فلم أحتمله منه، يعني: من المعتصم، وأجبته قال: فأخفى ذلك المأمون ولم يظهر ذلك الإظهار، فلما صرت من غد إلى المأمون، كما كنت أصبر، قال لي الحاجب: أمرت ألا آذن لك، فدعوت بدواة وقرطاس، فكتبت:

أنا المذنب الخطاء، والعفو واسع

ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو

سكرت فأبدت مني الكأس بعض ما

كرهت، وما إن يستوي السكر والصحو

ولا سيما إذ كنت عند خليفة

وفي مجلس ما إن يليق به اللغو

ولولا حميا الكأس كان احتمال ما

بدهت به لا شك فيه هو السرو

تنصلت من ذنبي تنصل ضارع

إلى من لديه يغفر العمد والسهو

فإن تعف عني تلف خطوي واسعاً

وإلا يكن عفو، فقد قصر الخطو

قال: فأدخلها الحاجب، ثم خرج إليّ، فأدخلني، فم المأمون باعيه، فأكببت على يديه فقبلتهما، فضمني إليه وأجلسني. قال المرزباني: إن المأمون وقع على ظهر هذه الأبيات:

إنما مجلس الندامى بساط

للمودات بينهم وضعوه

فإذا ما انتهوا إلى ما أرادوا

من حديث ولذة رفعوه

وحدث أبو الفرج الإصبهاني في كتابه، ورفعه إلى إبراهيم بن اليزيدي، قال: كنت مع المأمون في بلد الروم، فبينا أنا أسير في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح، وإلى جانبي قبة إذ برقت بارقة، فإذا في القبة عريب المغنية جارية المأمون، فقالت: إبراهيم بن اليزيدي ؟ فقلت: لبيك، فقالت: قل في هذا البرق أبياتاً أغني فيها، فقلت:

ماذا بقلبي من أليم الخفق

إذا رأيت لمعان البرق

من قبل الأردن أو دمشق

لأن من أهوى بذاك الأفق

فارقته وهو أعز الخلق

عليّ، والزور خلاف الحق

ذاك الذي يملك مني رقي

ولست أبغي ما حييت عتقي

فتنفست نفساً ظننت أنه قد قطع حيازيمها، فقلت: ويحك، على من هذا ؟ فضحكت، وقالت: على الوطن فقلت: هيهات، ليس هذا كله للوطن، فقالت: ويحك، أفتراك ظننت أنك تستفزني، والله لقد نظرت نظرة مريبة في مجلس، فادعاها أكثر من ثلاثين رئيساً، والله ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا الوقت. ووجدت في بعض الكتب: أن إبراهيم اليزيدي، دخل يوماً على المأمون، وعنده يحيى بن أكثم القاضي، فأقبل يحيى على إبراهيم يمازحه، وهم على الشراب، فقال له فيما قال: ما بال المعلمين ينيكون الصبيان، فرفع إبراهيم رأسه، فإذا المأمون يحرض يحيى على العبث به، فغاظ ذلك إبراهيم، فقال: أمير المؤمنين أعلم خلق الله بهذا، فإن أبي أدبه، فقام المأمون من مجلسه مغضباً، ورفعت الملاهي، وكل ما كان بحضرته، فأقبل يحيى بن أكثم على إبراهيم، فقال له: أتدري ما خرج من رأسك ؟ إني لأرى هذه الكلمة سبباً في انقراضكم يا آل اليزيدي، قال إبراهيم: فزال عني السكر، وسألت من أحضر لي دواة ورقعة، فأحضرهما، وكتبت معتذراً بقولي:

أنا المذنب الخطاء، والعفو واسع

الأبيات المتقدمة، فرضي وعفا عنه. قال إبراهيم: وكنت يوماً بحضرة المأمون، فقالت لي عريب، على سبيل الولع: يا سلعوس، قال: وكان من يريد العبث بإبراهيم، لقبه سلعوس، قال إبراهيم: فقلت لها:

قل لعريب: لا تكوني سلعسه

وكوني كنزيف، وكوني كمونسه

هذه أسماء جواري المأمون، قال: فقال المأمون على الفور:

فإن كثرت منك الأقاويل لم يكن

هنالك شك، أن ذلك وسوسه

فقال إبراهيم: كذا والله يا أمير المؤمنين قدرت، وإياه أردت، وعبت من فظنة المأمون وذهنه.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي