معجم الأدباء/الحسن بن رشيق القيرواني

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الحسن بن رشيق القيرواني

الحسن بن رشيق القيرواني مولى الأزد، كان شاعراً أديباً، نحوياً لغوياً حاذقاً عروضياً، كثير التصنيف، حسن التأليف، وكان بينه وبين ابن شرف الأديب مناقضات ومحاقدات، وصنف في الرد عليه عدة تصانيف.كان أبوه رشيق رومياً، ذكر ذلك هو في الرد على ابن شرف، بعد ذكره نسب ابن شرف: هو اسم امرأة نائحة ثم قال: وأما أنا - فنضر الله وجه هذا الشيخ في، وأتم به النعمة علي -، فما أبغي به أبا، ولا أرضى بمذهبه مذهباً، رضيت به رومياً، لا دعياً، ولا بدعياً. تأدب ابن رشيق على أبي عبد الله بن جعفر القزاز، القيرواني النحوي اللغوي، وغيره من أهل القيروان.ومات بالقيروان سنة ست وخمسين وأربعمائة: عن ست وستين سنة، ذكر ابن رشيق هذا نفسه في كتابه الذي صنفه في شعراء عصره، ووسمه بالنموذج فقال في آخره: صاحب الكتاب هو حسن بن رشيق، مولى من موالي الأزد، ولد بالمحمدية سنة تسعين وثلاثمائة، وتأدب بها يسيراً.وقدم إلى الحضرة سنة ست وأربعمائة، وامتدح سيدنا - خلد الله دولته -. قال المؤلف يعني المعز بن باديس بن المنصور سنة عشر بقصيدة أولها:

ذمت لعينك أعين الغزلان

قمر أقر لحسنه القمران

ومشت ولا والله ما حقف النقا

مما أرتك ولا قضيب البان

وثن الملاحة غير أن ديانتي

تأبى علي عبادة الأوثان

منها:

يا بن الأعزة من أكابر حمير

وسلالة الأملاك من قحطان

من كل أبلج واضح بلسانه

يضع السيوف مواضع التيجان

قال: ومن مدحه القصيدة التي دخل بها في جملته، ونسب إلى خدمته، فلزم الديوان وأخذ الصلة والحملان:

لدن الرماح لما يسقي أسنتها

من مهجة القيل أو من ثغرة البطل

لو أثمرت من دم الأعداء سمرقناً

لأورقت عنده سمر القنا الذبل

إذا توجه في أولى كتائبه

لم تفرق العين بي السهل والجبل

فالجيش ينفض حوليه أسنته

نفض العقاب جناحيه من البلل

يأتي الأمور على رفق وفي دعة

عجلان كالفلك الدوار في مهثل

قال: ومن رثائه:

أما لئن صح ما جاء البريد به

ليكثرن من الباكي أشياعي

مازلت أفزع من يأس ومن طمع

حتى ترفع يأسي فوق أطماعي

فاليوم أنفق كنز العمر أجمعه

لما مضى واحد الدنيا بإجماع

قال: ومن هجائه:

قالوا رأينا فراتاً لي سوجعه

ما يوجع الناس من هجو إذا قذفا

وله من كتاب سر السرور:

معتقة يعلو الحباب متونها

فتحسبه فيها نثير جمان

رأت من لجين راحة لمديرها

فطافت له من عسجد ببنان

ومن غير كتابه له:

ومن حسنات الدهر عندي ليلة

من العمر لم تترك لأيامها ذنبا

خلونا بها ننفي القذا عن عيوننا

بلؤلؤة مملوءة ذهباً سكبا

وملنا لتقبيل الثغور ولثمها

كميل جناح الطير يلتقط الحبا

قال الأبيوردي: هذا أحس من قول ابن المعتز:

كم من عناق لنا ومن قبل

مختلسات حذار مرتقب

نقر العصافير - وهي خائفة

من النواطير - يانع الرطب

وله أيضاً:

قد حنكت مني التجا

رب كل شيء غير جودي

أبداً أقول لئن كسب

ت لأقبضن بيدي شديد

حتى إذا أثريت عد

ت إلى السماحة من جديد

إن المقام بمثل حا

لي لا يتم مع القعود

لا بد لي من رحلة

تدي من الأمل البعيد

وله أيضاً:

في الناس من لا يرتجى نفعه

إلا إذا مس بإضرار

كالعود لا يطمع في طيبه

إن أنت لم تمسسه بالنار

ومما أورده ابن رشيق لنفسه في النموذج:

أقول كالمأسور في ليلة

ألقت على الآفاق كلكالها

يا ليلة الهجر التي ليتها

قطع سيف الهجر أوصالها

ما أحسنت جمل ولا أجملت

هذا وليس الحسن إلا لها

وأنشد لنفسه أيضاً:

أحب أخي وإ أعرضت عنه

وقل على مسامعه كلامي

ولي في وجهه تقطيب راض

كما قطبت في وجه المدام

ورب تجهم من غير بغض

وضغن كامن تحت ابتسام

وله أيضاً:

من جفاني فإنني غير جاف

صلة أو قطيعة في عفاف

ربما هاجر الفتى من يصافي

ه ولاقى بالبشر من لا يصافي

وأنشد لنفسه في كتاب فسح اللمح:

المرء في فسحة كما علموا

حتى يرى شعره وتأليفه

فواحد منهما صفحت له

عنه وجازت له زخاريفه

وآخر نحن منه في غرر

إن لم يوافق رضاك تثقيفه

وقد بعثنا كيسي ملؤهما

نقد امرئ حاذق وتزييفه

فانظر وما زلت أهل معرفة

يا من لنا علمه ومعروفه

ثم قال في ورقة أخرى تمام الأبيات العينية، وما وجدتها أعني الأبيات التي هذه تمامها:

ولو غيرك الموسوم عندي بريبة

لأعطيت فيه مدعي القوم ما ادعى

فلا تتخالجك الظنون فإنها

مآثم واترك للصنائع موضعا

فوالله ما طولت باللوم فيكم

لساناً ولا عرضت للذم مسمعا

ولا ملت عنكم بالوداد ولا انطوت

حبالي ولا ولى ثنائي مودعا

بلى ربما أكرمت نفسي فلم تهن

وأجللتها عن أن تذل وتخضعا

فباينت لا أن العداوة باينت

وقاطعت لا أن الوفاء تقطعا

وختم كتاب العمدة بهذه الأبيات:

إن الذي صاغت يدي وفمي

وجرى لساني فيه أو قلمي

مما عنيت بسبك خالصه

واخترته من جوهر الكلم

لم اهده إلا لتكسوه

ذكراً يجدده على القدم

لسنا نزيدك فضل معرفة

لكنهن مصايد الكرم

فاقبل هدية من أشدت به

ونسخت عنه آية العدم

لا تحسن الدنيا أبا حسن

تأتي بمثلك فائق الهمم

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي