معجم الأدباء/الحسين بع عبد الله بن رواحة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الحسين بع عبد الله بن رواحة

الحسين بع عبد الله بن رواحة ابن إبراهيم بن عبد الله بن رواحة أبو عليٍ الأنصاري الحموي، الأديب الفقيه الشاعر المجيد، ولد بحماة ونشأ بها، ورحل إلى دمشق فأقام بها مدةً واشتغل بالفقه، وسمع الحديث من الحافظ أبي القاسم بن عساكر ومن عمه وآخرين. ورحل إلى مصر فسمع بها وبالإسكندرية.ثم عاد إلى دمشق فشهد واقعة مرج عكا فقتل فيها شهيداً يوم الأربعاء من شعبان سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائةٍ.وله من قصيدةٍ مهنئاً بها الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب بعيد النحر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائةٍ، وكان السلطان مخيماً بمرج فاقوس:

لقد خبر التجارب منه حزم

وقلب دهره ظهراً لبطن

فساق إلى الفرنج الخيل براً

وأدركهم على بحرٍ بسفن

وقد جلب الجواري بالجواري

يمدن بكل قدٍ مرجحن

يزيدهم اجتماع الشمل بؤساً

فمرنان ينوح على مرن

زهت إسكندرية يوم سيقوا

ودمياط إلى المينا بغبن

يرون خياله كالطيف يسري

فلو هجعوا أتاهم بعد وهن

أبادهم تخوفه فأمسى

مناهم لو يبيتهم بأمن

تملك جيشاً شرقاً وغرباً

فصاروا بين مملوكٍ ورهن

أقام بآل أيوبٍ رباطاً

رأت منه الفرنجة ضيق سجن

رجا أقصى الملوك السلم منهم

ولم ير جهده في الحرب يغني

فألقى السلم بعد الحرب كرهاً

ولم ير من مناه سوى التمني

وقال يرثي الحافظ أبا القاسم بن عساكر، وأنشدها بجامع دمشق سنة إحدى وسبعين وخمسمائةٍ:

ذرا السعي في نيل العلا والفضائل

مضى من إليه كان شد الرواحل

فقولا لساري البرق إني معينه

بنار أسىً أو سحب دمعٍ هواطل

وتمزيق جلباب العزاء لفقده

بزفرة باكٍ أو بحسرة ثاكل

فأعلن به للركب واستوقف السرى

لقصاده من قبل طي المراحل

وقل غاب بدر التم عن أنجم الدجى

وأشرق منهم بعده كل آفل

وما كان إلا البحر غار ومن يرد

سواحله لم يلق غير الجداول

وهبكم رويتم علمه من رواته

فليس عوالي صحبه بنوازل

فقد فاتكم نور الهدى بوفاته

ونور التقى منه ونجح الوسائل

وما حظ من قد غره نصل صارمٍ

رجا نصره من غمده والحمائل

ليبك عليه من رآه ومن حوى

هداه بأيامٍ لديه قلائل

ويقض أسىً من فاته الفضل عاجلاً

برؤيته والفوز في كل عاجل

أسفت لإرجائي قدوم أعزةٍ

عليه وتسويفٍ إلى عام قابل

ولو أنهم فازوا بإدراك مثله

لأزروا على سن الصبا بالأمائل

فيا لمصائبٍ عم سنة أحمدٍ

وأحرم منها كل راوٍ وناقل

خلا الشام من خيرٍ خلت كل بلدةٍ

بها من نظيرٍ للإمام مماثل

وأصبح بعد الحافظ العلم شاغراً

بلا حافظٍ يهذي به كل باقل

وكم من نبيهٍ ضل مذ مات جاهه

وقدم لما أن مضى كل خامل

خلت سنة المختار من ذب ناصرٍ

فأيسر ما لاقته بدعة جاهل

نمى للإمام الشافعي مقالةً

فأصبح يثني عنه كل مجادل

وأيد قول الأشعري بسنةٍ

فكانت عليه من أدل الدلائل

وكم قد أبان الحق في كل محفلٍ

فأورى بما يروي ظماء المحافل

وسد من التجسيم باب ضلالةٍ

ورد من التشبيه شبهة باطل

وإن يك قد أودى فكم من أسنةٍ

مركبةٍ من قوله في عوامل

وإن مال قوم واستمالوا رعاعهم

بإضلالهم عنه فلست بماثل

أرى الأجر في نوحي عليه ولا أرى

سوى الإثم في نوح البواكي الثواكل

وليس الذي يبكي إماماً لدينه

كباكٍ لدنياه على فقد راحل

فيا قلب واصله بأعظم رحمةٍ

ويا عين فاسقيه بأغزر وابل

وحيي ثراه الدهر أهنى تحيةٍ

مكررةٍ عند الضحى والأصائل

أعني على نوحي عليه فإنه

قريب ثواءٍ في الثرى والجنادل

ولو لم يكن بالدمع سيل لحبه

لضن على لحدٍ به كل باخل

مضى من حديث المصطفى كان شاغلاً

له باجتهادٍ فيه عن كل شاغل

لقد شمل الإسلام فيه رزية

وكان له بالنصح أفضل شامل

وفضل بين السالفين اطلاعه

عليهم فذب النقص عن كل فاضل

وأصبح في نقد الرجال مميزاً

بغير نظيرٍ في الورى ومساجل

وأكمل تاريخاً لجلق جامعاً

لمن جلها من كل شهمٍ وكامل

فأزرى بتاريخ الخطيب وقد عدا

بخطيته في الكتب أخطب قائل

ومنها:

طوى الموت منه العلم والزهد والنهي

وكسب المعالي واجتناب الرذائل

وأفجع فيه العالمين بمقدمٍ

صبورٍ على حرب الضلال حلاحل

وكان غيوراً ذب عن دين أحمدٍ

وأدفع عنه من شجاعٍ مقاتل

وأحرم منه الدين أشرف صائنٍ

له ولدفع الزيغ أعظم صائل

ولم أر نقص الأرض يوماً كنقصها

بموت إمامٍ عالمٍ ذي فضائل

أبا القاسم الأيام قسمة حاكمٍ

قضى بالفنا فينا قضية عادل

بماذا أعزي المسلمين ولا أرى

عزاءً سوى من قد مضى من أفاضل

عليك سلام الله ما انتفع الورى

بعلمك واستعلى على المتطاول

وقال:

إن كان يحلو لديك قتلي

فزد من الهجر في عذابي

عسى يطيل الوقوف بيني

وبينك الله في الحساب

وقال:

لاموا عليك وما دروا

أن الهوى سبب السعادة

إن كان وصل فالمنى

أو كان هجر فالشهادة

وعكسه فقال:

يا قلب دع عنك الهوى قسراً

ما أنت منه حامد أمرا

أضعت دنياك بهجرانه

إن نلت وصلاً ضاعت الأخرى

وقال:

وللزنبور والبازي جميعاً

لدى الطيران أجنحة وخفق

ولكن بين ما يصطاد بازٍ

وما يصطاده الزنبور فرق

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي