معجم الأدباء/الحسين بن علي بن محمد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الحسين بن علي بن محمد

الحسين بن علي بن محمد ابن ممويه أبو عبد الله المعروف بابن قمٍ الزبيدي اليمني، ولد سنة ثلاثين وخمسمائةٍ، وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائةٍ، كان أديباً كاتباً شاعراً من أفاضل اليمن المبرزين في النظم والنثر والكتابة، ومن شعره:

أأحبابنا من بالقطيعة أغراكم

وعن مستهام في المحبة ألهاكم

صددتم وأنتم تعلمون بأننا

لغير التجني والصدود وددناكم

كشفت لكم سري على ثقةٍ بكم

فصرت بذاك السر من بعض أسراكم

جعلناكم للنائبات ذخيرة

فحين طلبناكم لها ما وجدناكم

قطعتم وصلناكم نسيتم ذكرناكم

عققتم بررناكم أضعتم حفظناكم

وفي النفس سر لا تبوح بذكره

ولو تلفت وجداً إلى يوم لقياكم

فإن تجمع الأيام بيني وبينكم

غفرت خطاياكم لحرمة رؤياكم

وقال:

خير ما ورث الرجال بنيهم

أدب صالح وحسن ثناه

ذاك خير من الدنانير والأو

راق في يوم شدةٍ ورخاء

تلك تفنى والدين والأدب الص

صالح لا يفنيان حتى اللقاء

ولابن قمٍ رسالة كتب بها إلى أبي حمير سبأ بن أبي السعود أحمد بن المظفر بن عليٍ الصليحي اليماني بعد انفصاله عن اليمن، ورواها الحافظ أبو طاهرٍ السلفي سنة ثمانٍ وستين وخمسمائةٍ وهي:كتب عبد حضرة السلطان الأجل مولاي ربيع المجدبين، وقريع المتأدبين، جلوة الملتبس، وجذوة المقتبس، شهاب المجد الثاقب، ونقيب ذوي الرشد والمناقب، - أطال الله بقاءه، وأدام علوه و ارتقاءه، ما قدمت العارية للمستعير، ولزمت الياء للتصغير، - وجعل رتبته في الأولية عالية المقام كحرف الاستفهام، وكالمبتدأ إن تأخر في البنية فإنه مقدم في النية، ولا زالت حضرته من الحادثات حمىً، وللوفود مزدحماً وملتزماً، حتى يكون في العلا بمنزلة حرف الاستعلا وهو من حروف اللين في حصونٍ، وما جاورها من الإمالة مصون، ولا زال عدوه كالألف حالها يختلف، تسقط في صلة الكلام ولاسيما مع اللام، فإنه - أدام الله علوه - أحسن من إلى ابتداءً، ونشر علي من فضله رداءً، أراد أن يخفى وكيف يخفى ؟ لأن من شرف الإحسان، سقوط ذكره عن اللسان، كالمفعول رفع رفع الفاعل الكامل، لما حذف من الكلام ذكر الفاعل، يهدي إليه سلاماً ما الروض ضاحكه النوض، غرس وحرس وسقي ووقي وغيب وصيب، فأخذ من كل نوء بنصيبٍ، زهاه الزهر، وسقاه النهر، جاور الأضا، فحسن وأضا، رتع فيه الشحرور ومرح العصفور، فنظر إلى أقاحيه تفتر في نواحيه وإلى البهار، يضاحك شمس النهار، فجعل فجعل يلثم من ورده خدوداً، ويضم من أغصانه قدوداً، ويقتبس النار من الجلنار ويلتمس العقيق من الشقيق، فتثنى ثملاً، وغنى خفيفاً ورملاً، بأطيب من نفحته المسكية، وأعطر من رائحته الذكية، وإني وإن أهديته في كل أوانٍ، من أداء ما يجب غير وانٍ، أعد نفسي السكيت في السبق لتقصيري لما علي من الحق، أثرت فعثرت، وجهدت فما سعدت، فأنا بحمد الله بخنوعٍ وقنوعٍ، وجنابٍ عن غين العين ممنوعٍ، فارقت المثول ولا أزال، ولزمت الخمول والاعتزال، سعيي سعي الجاهد، وعيشي عيش الزاهد، ببلدٍ الأديب فيه غريب، والأريب مريب، إن تكلم استثقل، وإن سكت استقلل، منزله كبيوت العناكب، ومعيشته كعجالة الراكب، فهو كما قال أبو تمامٍ:

أرض الفلاحة لو أتاها جرول

أعني الحطيئة لاغتدى حراثا

ما جئتها من أي بابٍ جئتها

إلا حسبت بيوتها أجداثا

تصدا بها الأفهام بعد صقالها

وترد ذكران العقول إناثا

أرض خلعت اللهو خلعي خاتمي

فيها وطلقت السرور ثلاثا

وأما حال عبده بعد فراقه في الجلد.فما حال أم تسعةٍ من الولد ذكورٍ، كأنهم عقبان وصقور، كنوا في وكور، اخترم منهم ثمانية، وهي على التاسع حانية، نادى النذير: العربان في البادية للعادية يا للعادية، فلما سمعت الداعي، ورأت الخيل وهي سراع، جعلت تنادي ولدها الأناة الأناة، وهو ينادي العياة العياة:

بطل كأن ثيابه في سرحةٍ

يحذى نعال السبت ليس بتوأم

فحين رأته يختال في غصون الزرد المصون.أنشأت تقول:

نشدت أضبطاً يميل

بين طرفاء وغيل

لباسه من نسج دا

ود كضحضاح يسيل

فعرض له في البادية أسد هصور.كأن ذرعه مسد مضفور:

فتطاعنا وتوافقت خيلاهما

وكلاهما بطل اللقاء مقنع

فلما سمعت صياح الرعيل، برزت من الخدر بصبرٍ قد عيل.فسألت عن الواحد.فقيل لها لحده اللاحد.

فكرت تبتغيه فصادفته

على دمه ومصرعه السباعا

عبثن به فلم يتركن إلا

أديماً قد تمزق أو كراعا

بأشد من عبدك تأسفاً.ولا أعظم كمداً ولا تلهفاً، وإنه ليعنف نفسه دائماً، ويقول لها لائماً، لو فطنت لقطنت.ولو عقلت لما انتقلت.ولو قنعت لرجعت وما هجعت.

يقيم الرجال الموسرون بأرضهم

وترمي النوى بالمقترين المراميا

وما تركوا أوطانهم عن ملالةٍ

ولكن حذاراً من شملتي الأعاديا

أيها السيد: أمن العدل والإنصاف.ومحاسن الشيم والأوصاف.إكرام المهان.وإذلال جواد الرهان يشبع في ساجوره كلب الزبل ويسغب في خيسه أبو الشبل:

إذا حل ذو نقصٍ مكانة فاضلٍ

وأصبح رب الجاه غير وجيه

فإن حياة الحر غير شهيةٍ

إليه وطعم الموت غير كريه

أقول لنفسي الدنية هبي طال نومك، واستيقظي لا عز قومك، أرضيت بالعطاء المنزور ؟ وقنعت بالمواعيد الزور، يقظةً فإن الجد قد هجع، ونجعةً فمن أجدب انتجع.أعجزت في الأدباء عن خلق الحرباء ؟ ولي لسان كالرشاء.تنسم أعلى السماء.ناط همته بالشمس، مع نعدها عن اللمس، أنف من ضيق الوجار، ففرخ في الأشجار، فهو كالخطيب على الغصن الرطيب.

وإن صريح الرأي والحزم لمرئٍ

إذا بلغته الشمس أن يتحولا

وقد أصحب عبده هذه الأسطر شعراً يقصر فيه عن واجب الحمد، وإن بنيت قافيته على المد، وما يعد نفسه إلا كمهدي جلد السبتي الأسمر إلى الديباج الأحمر.أين ذو الحباب من ثغور الأحباب ؟.وأين السراب من الشراب ؟.والركي البكي من الواد ذي المواد.أتطلب الفصاحة من الغنم ؟ والصباحة من المغتم ؟ غلط من رأى الآل في القي فشبهه بهلهال الدبيقي.هيهات مناسج الرياط.تسبق تنيس ودمياط.ولا أقول كما قال القائل:

من يساجلني يساجل ماجداً

يملأ الدلو إلى عقد الكرب

بل أضع نفسي في أقل المواضع، وأقول لمولاي قول الخاضع:

فأسبل عليها ستر معروفك الذي

سترت به قدماً مخازي عوراتي

وها هي هذه:

فيك برحت بالعذول إباء

وعصيت اللوام والنصحاء

فانثنى العاذلون أخيب مني

يوم أزمعتم الرحيل رخاء

من مجيري من فاتر اللحظ ألمي

جمع النار خده والماء ؟

فيه لليل والنهار صفات

فلهذا سر القلوب وساء

لازم شيمة الخلاف فإن لذ

ت قسا أو دنوت منه تناءى

يا غريب الصفات حق لمن كا

ن غريباً أن يرحم الغرباء

من صدودٍ ولوعتي وتجني

ه وإشماته بي الأعداء

وإذا ما كتمت ما بي من وج

دٍ أذاعته مقلتاي بكاء

كعطايا سبأ بن أحمد يخفي

ها فترداد شهرةً ونماء

نرتجيه بهذه المدح الجو

د وإن لم نمدحه جاد ابتداء

ألمعي يكاد ينبيك عما

كان في الغيب فطنةً وذكاء

وإذا أخلف السماء بأرضٍ

أخلفت راحتاه ذاك السماء

بندىً يخجل الغيوث انهمالاً

وجدىً ينهل الرماح الظماء

ما أبالي إذ أحسن الدهر فيه

أحسن الدهر للورى أم أساء

أيها المجدب الضريك انتجعه

فعطاياه تسبق الأنواء

تلق منه المهذب الماجد الند

ب الكريم السميذع الأباء

راحة في الندى تنيل نضاراً

وحسام في الروع يهمي دماء

يا أبا حميرٍ دعوتك للده

ر فكنت امرأً يجيب الدعاء

فأبى البخل أن يكون أماماً

وأبى الجود أن يكون وراء

أنا أشكو إليك جور زمانٍ

دأبه أن يعاند الأدباء

أهملتني صروفه وكأني

ألف الوصل ألغيت إلغاء

إن سطا أرهب الضراغم في الآ

جام أو جاد بخل الكرماء

شيم من أبيه أحمد لا ين

فك عنها تتبعاً واقتفاء

قد تعاطى في المجد شأوك قوم

عجزوا واحتملت فيه العناء

شرفاً شامخاً ومجداً منيفاً

حميرياً وغيرةً قعساء

مال عني بما أؤمل فيه

كلما قلت سوف يأسو أساء

رهن بيتٍ لو استقر به البر

بوع لم يرضه له نافقاء

نفضتني نفض المرجم حتى

خلتني في فم الزامن نداء

منعتني من التصرف منع ال

تعلل التسع صرفها الأسماء

يا أبا حميرٍ وحرمة إحسا

نك عندي ما كان حبي رياء

ما ظننت الزمان يبعدني عن

، ك إلى أن أفارق الأحياء

غير أني فدتك نفسي من السو

ء وإن قلت أن تكون فداء

ضاع سعيي وخبت خابت أعا

ديك ومن يبتغي لك الأسواء

واحتملت الزمان والنقص وال

إبعاد والذل والعنا والجفاء

وتجملت واضطربت فما أب

قى على عودي الزمان لحاء

أعلى هذه المصيبة صبر

لا ولو كنت صخرةً صماء ؟

ولو أني لم أعتمد دون غيري

لتأسيت أن أموت وفاء

غير أن التصريح ليس بخافٍ

عند من كان يفهم الإيماء

غير أني متنٍ عليك وما لم

ت على ما لقيت إلا القضاء

وسيأتيك في البعاد وفي القر

ب مديح يستوقف الشعراء

فبشكرٍ رحلت عنك وألقا

ك به إن قضى الإله لقاء

ليس يبقى في الدهر غير ثناءٍ

فاكتسب ما استطعت ذاك الثناء

وقال:

تشكي المحبون الصبابة ليتني

تحملت ما يلقون من بينهم وحدي

فكانت لنفسي لذة الحب كلها

فلم يدرها قبلي محب ولا بعدي

وقال:

هدايا الناس بعضهم لبعضٍ

تولد في قلوبهم الموده

وتزرع في النفوس هوىً وحباً

لصرف الدهر والحدثان عده

وتصطاد القلوب بلا شراكٍ

وتسعد حظ صاحبها وجده

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي