معجم الأدباء/الحسين بن مطير بن مكملٍ

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الحسين بن مطير بن مكملٍ

الحسين بن مطير بن مكملٍ الأسدي مولى بني أسد بن خزيمة، وكان جده مكمل عبداً فعتق وقيل كوتب.وابن مطيرٍ من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، فصيح متقدم في الرجز والقصيد يعد من فحول المحدثين، يشبه كلامه كلام الأعراب وأهل البادية، وفد على الأمير معن بن زائدة الشيباني لما ولي اليمن، فلما دخل عليه أنشده:

أتيتك إذ لم يبق غيرك جابر

ولا واهب يعطي اللها والرغائبا

فقال له: يا أخا بني ليس أسدٍ هذا بمدحٍ، إنما المدح قول نهار بن توسعة في مسمع بن مالكٍ:

قلدته عرى الأمور نزار

قبل أن يهلك السراة البحور

فغدا إليه بأرجوزةٍ يمدحه بها فاستحسنها وأجزل صلته.وحدث جعفر بن منصورٍ قال: حدثني أبي قال: حج المهدي فنزل زبالة فدخل الحسين بن مطيرٍ الأسدي عليه فقال:

أضحت يمينك من جودٍ مصورةً

لا بل يمينك منها صورة الجود

من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقةً

ومن بنانك يجري الماء في العود

فقال المهدي كذبت، قال ولم يا امير المؤمنين ؟ قال: هل تركت في شعرك موضعاً لأحدٍ بعد قولك في معنٍ بن زائدة:

ألما على معنٍ وقولا لقبره

سقتك الغوادي مربعاً ثم مربعا

فيا قبر معنٍ أنت أول حفرةٍ

من الأرض خطت للمكارم وضجعا

ويا قبر معنٍ كيف واريت جوده

وقد كان من البر والبحر مترعا ؟

بلى قد وسعت الجود والجود ميت

ولو كان حياً ضقت حتى تصدعا

ولما مضى معن مضى الجود وانقضى

وأصبح عرنين المكارم أجدعا

وما كان إلا الجود صورة وجهه

فعاش ربيعاً ثم ولى وودعا

وكنت لدار الجود يا معن عامراً

وقد أصبحت قفراً من الجود بلقعا

فتى عيش في معروفه بعد موته

كما كان بعد السيل مجراه مرتعا

تمنى أناس شأوه من ضلالهم

فأضحوا على الأّذقان صرعى وظلما

تعز أبا العباس عنه ولا يكن

جزاؤك من معنٍ بأن تتضعضعا

أبى ذكر معنٍ أن يميت فعاله

وإن كان قد لاقى حماماً ومصرعها

فما مات من كنت ابنه لا ولا الذي

له مثل ما أبقى أبوك وما سعى

فقال: يا أمير المؤمنين إنما معن حسنة من حسناتك، وفعلة من فعلاتك، فأمر لع بألف دينارٍ ثم قال: سل حاجتك فقال:

بيضاء تسحب من قيامٍ فرعها

وتغيب فيه وهو جعد أسحم

فكأنها منه نهار مشرق

وكأنه ليل عليها مظلم

قال: خذ بيدها لجاريةٍ كانت على رأسه فأولدها مطير بن الحسين بن مطيرٍ. وقال الرياشي: حدثني أبو العالية عن أبي عمران المخزومي قال: أتيت مع أبي والياً كان بالمدينة من قريشٍ، وعنده ابن مطيرٍ، وإذا بمطرٍ جودٍ، فقال له الوالي: صف لي هذا المطر، قال: دعني أشرف عليه، فأشرف عليه ثم نزل فقال:

كثرت لكثرة قطره أطباؤه

فإذا تحلب فاضت الأطباء

وله رباب هيدب لدفيفه

قبل التبعق ديمة وطفاء

وكأن ريقه ولما يحتفل

ودق السماء عجاجة كدراء

وكأن بارقه حريق تلتقي

ريح عليه عرفج وألاء

مستضحك بلوامعٍ مستبصر

بمدامعٍ لم تمرها الأقذاء

فله بلا حزنٍ ولا بمسرةٍ

ضحك يؤلف بيته وبكاء

حيران متبع صباه تقوده

وجنوبه كنف له ووعاء

غدق ينتج في الأباطح فرقاً

تلد السيول وما لها أسلاء

غر محجلة دوالج ضمنت

حمل اللقاح وكلها عذراء

سحم فهن إذا كظمن سواجم

سود وهن إذا ضحكن وضاء

لو كان من لجج السواحل ماؤه

لم يبق في لجج السواحل ماء

وقال ابن دريدٍ: أنشدنا أبو حاتمٍ السجستاني، وعبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، عن عمه للحسين بن مطيرٍ الأسدي، وقال عبد الرحمن قال عمي: لو كان شعر العرب هكذا ما أثم منشده:

ألا حبذا البيت الذي أنت هاجره

وأنت بتلماحٍ من الطرف ناظره

لإنك من بيتٍ لعيني معجبٍ

وأملح في عيني من البيت عامره

أصد حياء أن يلم بي الهوى

وفيك المنى لولا عدو أحذره

وفيك حبيب النفس لو تستطيعه

لمات الهوى والشوق حين تجاوره

فإن آته لم أنج إلا بظنةٍ

وإن يأته غيري تنط بي جزائره

وكان حبيب النفس للقلب واتراً

وكيف يحب القلب من هو واتره

فإن يكن الأعداء أحموا كلامه

علينا فلن يحمى علينا مناظره

أحبك يا سلمى على غير ريبةٍ

ولا بأس في حبٍ تعف سرائره

ويا عاذلي لولا نفاسة حبها

عليك لما باليت أنك خائره

بنفسي من لا بد أني هاجره

وما أنا في الميسور والعسر ذاكره

ومن قد لحاه الناس حتى اتقاهم

ببغضي إلا ما تجن ضمائره

أحبك حباً لن أعنف بعده

محباً ولكني إذا ليم عاذره

لقد مات فبلي أول الحب فانقضى

ولو مت أضحى الحب قد مات آخره

كلامك يا سلمى وإن قل نافعي

فلا تحسبي أني وإن قل حاقره

ألا ل أبالي أي حيٍ تحملوا

إذا أثمد البرقاء لم يخل حاضره

وحدث المرزباني عن الأخفش قال: أنشدنا أبو العباس ثعلب عن ابن الأعرابي لحسين بن مطيرٍ الأسدي:

لقد كنت جلداً قبل أن توقد النوى

على كبدي ناراً بطيئاً خمودها

ولو ترتكت نار الهوى لتصرمت

ولكن شوقاً كل يومٍ وقودها

وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي

إذا قدمت أيامها وعهودها

فقد جعلت في حبة القلب والحشا

عهاد تولاها بشوقٍ يعيدها

بمرتجة الأرداف هيف خصورها

عذاب ثناياها عجاف قيودها

وصفر تراقيها وحمر أكفها

وسود نواصيها وبيض خدودها

مخصرة الأوساط زانت عقودها

بأحسن مما زينتها عقودها

يمنينا حتى ترف قلوبنا

رفيف الخزامى بات طل يجودها

وفيهن مقلاق الوشاح كأنها

مهاة بتزبانٍ طويل عقودها

وكنت أذود العين أن ترد البكا

فقد وردت ما كنت عنه أذودها

هل الله عافٍ عن ذنوبٍ تسلفت

أم الله إن لم يعف عنها معيدها ؟

وقال:

رأت رجلاً أودى بوافر لحمه

طلاب المعالي واكتساب المكارم

خفيف الحشا ضرباً كأن ثيابه

على قاطعٍ من جوهر الهند صارم

فقلت لها لا تعجبن فإنني

أرى سمن الفتيان إحدى المشائم

وأنشد له ابن قتيبة:

يضعفني حلمي وكثرة جهلهم

علي وأني لا أصول بجاهل

دفعتكم عني وما دفع راحةٍ

بشيءٍ إذا لم تستعن بالأنامل

وأنشد له المبرد:

ولي كبد مقروحة من يبيعني

بها كبداً ليست بذات قروح ؟

أباها على الناس لا يشترونها

ومن يشتري ذا علةٍ بصحيح ؟

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي