معجم الأدباء/الحكم بن عبدل بن جبلة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الحكم بن عبدل بن جبلة

الحكم بن عبدل بن جبلة ابن عمرو بن ثعلب بن عقال بن بلال بن سعد بن حبال بن نصر بن غاضرة، وينتهي نسبه إلى خزيمة بن مدركة، الأسدي الفاخري الكوفي، شاعر مجيد هجاء من شعراء الدولة اللأموية، كان ممن نفاه ابن الزبير من العراق كما نفى منها عمال بني أمية، فقدم دمشق ونال من عبد الملك بن مروان حظوةً فكان يدخل عليه ويسمر عنده، فقال ليلةً لعبد الملك:

يا ليت شعري وليت ربما نفعت

هل أبصرن بني العوام قد شملوا

بالذل والأسر والتشريد إنهم

على البرية حتف حيثما نزلوا

أم هل أراك بأكناف العراق وقد

ذلت لعزك أقوام وقد نكلوا ؟

فقال عبد الملك:

إن يمكن الله من قيسٍ ومن جدسٍ

ومن جذامٍ ويقتل صاحب الحرم

نضرب جماجم أقوامٍ على حنقٍ

ضرباً ينكل عنا غابر الأمم

ودخل يوماً على عبد الملك فقعد بين السماطينوقال: - أصلح الله الأمير -، رؤيا رأيتها بالمنام أقصها عليك ؟ فقال: هات، فأنشا يقول:

طلعت الشمس بعد غضارةٍ

في نومةٍ ما كنت قبل أنامها

فرأيت أنك جدت لي بوليدةٍ

مغنوجةٍ حسنٍ علي قيامها

وببدرةٍ حملت إلي وبغلةٍ

شهباء ناجيةٍ يصل لجامها

فسألت ربي أن يثيبك جنةً

يلقاك فيها روحها وسلامها

فقال: كل ما رأيت عندنا إلا البغلة فإنها دهماء فارهة فقال: امرأته طالق إن كان رآها إلا دهماء، ولكنه نسي فأمر عبد الملك أن يحمل إليه كل ما ذكر في شعره.ودخل ابن عبدلٍ على محمدٍ بن حسان بن سعدٍ وكان على خراج الكوفة، فكلمه في رجلٍ من العرب أن يضع عنه ثلاثين درهماً من خراجه، فقال محمد بن حسانٍ: أماتني الله إن كنت أقدر أن أضع من خراج أمير المؤمنين شيئاً، فانصرف ابن عبدلٍ وهو يقول:

دع الثلاثين لا تعرض لصاحبعا

لا بارك الله في تلك الثلاثينا

لما علا صوته في الدار مبتكراً

كإشتفانٍ يرى قوماً يدوسونا

أحسن فإنك قد أعطيت مملكةً

إمارةً صرت فيها اليوم مفتونا

لا يعطك الله خيراً مثلها أبداً

أقسمت بالله إلا قلت آمينا

ولما لم يضع من خراج الرجل شيئاً، قال ابن عبدلٍ فيه:

رأيت محمداً شرهاً ظلوماً

وكنت أراه ذا ورعٍ وقصد

يقول أماتني ربي خداعاً

أمات الله حسان بن سعد

ركبت إليه في رجلٍ أتاني

كريمٍ يبتغي المعروف عندي

فقلت له وبعض القول نصح

ومنه ما أسر له وأبدي

توق كرائم البكري إني

أخاف عليك عاقبة التعدي

فما صادفت في قحطان مثلي

ولا صادفت مثلك في معد

أقل براعةً وأشد بخلاً

وألأم عند مسألةٍ وحمد

فقدت محمداً ودخان فيه

كريح الجعر فوق عطين جلد

فأقسم غير مستنٍ يميناً

أبا بخرٍ لتتخمن ردى

فلو كنت المهذب من تميمٍ

لخفت ملامتي ورجوت حمدي

نكهت علي نكهة أخدريٍ

شتيمٍ أعصل الأنياب ورد

فما يدنو إلى فمه ذئاب

ولو طليت مشافره بتند

فإن أهديت لي من فيك حتفاً

فإني كالذي أهديت مهدي

ولولا ما وليت لكنت فسلاً

لئيم الكسب شأنك شأن عبد

وخطب محمد بن حسانٍ هذا بنتاً لطلبة بن قيس بن عاصمٍ المنقري فقال ابن عبدلٍ:

لعمري ما زوجتها لكفاءةٍ

ولكنما زوجتها للدراهم

وما كان حسان بن سعدٍ ولا ابنه

أبو البخر من أكفاء قيس بن عاصم

ولكنه رد الزمان على استه

وضيع أمر المحصنات الكرائم

له ريقة بخراء تصرع من دنا

وتنتن خيشوم الضجيع الملازم

خذي ديةً منه تكوني غنيةً

وروحي إلى باب الأمير فخاصمي

وكان بالكوفة امرأة موسرة لها على الناس ديون كثيرة بالسواد، فأتت الحكم بن عبدلٍ وعرضت له بأنها تتزوجه إذا اقتضى لها ديونها، فقام ابن عبدلٍ بدينها حتى اقتضاه ثم طالبها بالوفاء فكتبت إليه:

سيخيطك الذي حاولت مني

فقطع حبل وصلك من حبالي

كما أخطاك معروف ابن بشرٍ

وكنت تعد ذلك رأس مال

وكان ابن عبدلٍ يأتي ابن بشرٍ بن مروان بالكوفة فيسأله فيقول له: أخمسمائةٍ أحب إليك العام أم ألف في قابلٍ ؟ فيقول ألف في قابلٍ، فإذا أتاه من قابلٍ قال له: ألف إليك العام أم ألفان في قابلٍ ؟ فيقول ألفان، فلم يزل كذلك حتى مات ابن بشرٍ ولم يعطه شيئاً.فدخل ابن عبدلٍ على عبد الملك بن مروان بعد ما جرى من المرأة، فقال له عبد الملك: ما أحدثت بعدي، قال: خطبت امرأةً من قومي فردت علي ببيتي شعرٍ، قال: وما هما ؟ قال: قالت:

سيخيطك الذي حاولت مني

البيتان، فضحك عبد الملك وقال له: - لحاك الله - أذكرت بنفسك، وأمر له بألفي درهمٍ.وعن ابن الكلبي قال: كان الحكم بن عبدلٍ منقطعاً إلى بشر بن مروان وكان يأنس به ويقربه، وأخرجه معه إلى البصرة لما وليها، فرأى منه الحكم جفاءً لشغلٍ عرض عرض له فانقطع عنه شهراً ثم أتاه، فلما دخل عليه قال له بشر: يابن عبدلٍ ما لك انقطعت عنا وقد كنت لنا زواراً، فقال ابن عبدلٍ:

كنت أثني عليك خيراً فلما

أضمر القلب من نوالك ياسا

كنت ذا منصبٍ قنيت حيائي

لم أقل غير أن هجرتك باسا

لم أطق ما أردت بي يابن مروا

ن ستلقى إذا أردت أناسا

يقبلون الخسيس منك ويثنو

ن ثناء مدخمساً دخماسا

فقال له: لا نسومك الخسي ولا نريد منك ثناءً مدخمساً ووصله وكساه، ولما مات بشر جزع ابن عبدلٍ فقال يرثيه:

أصبحت جم البلابل الصدر

متعجباً لتصرف الدهر

ما زلت أطلب في البلاد فتىً

ليكون لي ذخراً من الذخر

ويظل يسعدني وأسعده

في كل نائبةٍ من الأمر

حتى إذا ظفرت يداي به

جاء القضاء بحينه جري

إني لفي همٍ يباكرني

منه وهمٍ طارقٍ يسري

فلأصبرن وما رأيت دوا

للهم غير عزيمة الصبر

والله ما استعظمت فرقته

حتى أحاط بفضله خبري

وعن النضر بن شميلٍ قال: دخلت على أمير المؤمنين المأمون بمرو فقال: أنشدني أقنع بيتٍ للعرب، فأنشدته قول الحكم بن عبدلٍ:

إني امرؤ لم أزل وذاك من ال

له أديباً علم الأدبا

أقيم بالدار ما اطمأنت بي الد

دار وإن كنت نازعاً طربا

لا أحتوي خلة الصديق ولا

أتبع نفسي شيئاً إذا ذهبا

أطلب ما يطلب الكريم من الر

رزق بنفسي وأجمل الطلبا

وأحلب الثرة الصفي ولا

أجهد أخلاف غيرها حلبا

إني رأيت الفتى الكريم إذا

رغبته في صنيعةٍ رغبا

والعبد لا يحسن العطاء ولا

يعطيك شيئاً إلا إذا ذهبا

مثل الحمار الموقع السوء لا

يحسن مشياً إلا إذا ضربا

ولم أجد عزة الخلائق إل

لا الدين لما اعتبرت والحسبا

قد يرزق الخافض المقيم وما

شد بعنسٍ رحلاً ولا قتبا

ويحرم الرزق ذو المطية والر

رحل ومن لا يزال مغتربا

وكان الحكم بن عبدلٍ أعرج، فدخل على عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو أعرج أيضاً وكان صاحب شرطته أعرج كذلك فقال:

ألق العصا ودع التعارج والتمس

عملاً فهذي دولة العرجان

لأميرنا وأمير شرطتنا معاً

لكليهما يا قومنا رجلان

فإذا يكون أميرنا ووزيرنا

وأنا فجئ بالرابع الشيطان

وقال في بشر بن مروان:

ولو شاء بشر كان من دون بابه

طماطم سود أو صقالبة حمر

ولكن بشراً سهل الباب للتي

يكون لبشرٍ بعدها الحمد والأجر

بعيد مراد العين ما رد طرفه

حذار الغواشي باب دارٍ ولا ستر

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي