معجم الأدباء/الفضل بن إسماعيل التميمي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الفضل بن إسماعيل التميمي

الفضل بن إسماعيل التميمي أبو عامر الجرجاني أديب أريب فاضل لبيب، أحد أصحاب عبد القاهر الجرجاني النحوي، وكان مليح الخط صحيح الضبط رائق النظم فصيح النثر، جيد التصنيف، حسن التأليف، ذكره محمد بن محمود في كتاب سر السرور فقال: رباع الفضل بتصانيفه عامرة، ورياض الأدب بكلماته ناضرة، فكان الربيع فضلة من بدائعها، والزهر ضرة لروابعها، وشعره يطرق السحر بين يديه، ويهتف الملح بحفافيه تقرأ آيات الإحسان من أبياته.وتخفق عذبات الإبداع من راياته. وله تصنيفات باسم الشيخ الأجل عبد الحميد أهداها إليه بغزنة فأشرقت بها أرجاؤها، وأغدقت أنواؤها منها: كتاب البيان في علم القرآن.وكتاب عروق الذهب من أشعار العرب.وكتاب سلوة الغرباء وغيرها.وقال عبد الغافر في كتاب السياق: الفضل بن إسماعيل التميمي الشيخ أبو عامر الجرجاني النحوي الكاتب الأديب الشاعر من أفاضل عصره، وأفراد دهره، حسن النظم والنثر، متين في الفضل: كتب مدة للشيخ الرئيس أبي المحاسن الجرجاني وغيره، وصحب الكتاب والمشايخ، سمع الحديث من المشايخ الذين سمعنا منهم، مثل الشيخ أبي سعد بن رامش، وأبي نصر بن رامش المقرئ، وأبي بكر احمد بن علي بن خلف الشيرازي، وأبي القاسم إسماعيل بن زاهر النوقاني، وسمع من الشيخ أبي بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وسمع من المشايخ الإسماعيلية وغيرهم في شبابه، ولم يذكر وفاته لكنه كان قد مات في حياة عبد الغافر.وكان ورد نيسابور واجتمع به الأديب يعقوب بن أحمد المذكور في بابه، وسأله أن يكتب له بخطه في كتابه الذي سماه: جونة الند.وهو مجموع جمع فيه يعقوب من أشعار نفسه وغيره من اهل عصره ومن تقدمه، وظفرت أنا بأصل يعقوب الذي بخطه وفيه بخط أبي عامر الذي لا أرتاب به ما نقلته بصورته بعد أن أسقطت بعض النظم، وأما النثر فلا.وهذا نسخة خطه: سألني الشيخ الجليل الأديب - أدام الله نعمته - أن أكتب له في هذا الدفتر شيئاً من هاذوري، فترجحت بين صوارف تنهاني عن الإجابة ستراً لعورتي، ودواع تحثني على امتثال رسمه إظهاراً لطاعتي، وأنا على كل حال واثق بكرمه، ساكن إلى حسن شيمه، وعالم أنه يحرص على إقالة عثرة الإخوان، وستر عيوبهم بقدر الإمكان، والله أسأل أن يجبر نقيصتنا بفضيلته، ويمحو إساءتنا بحسنته فإنه عليه قدير، وهاهو الهاذور:

بالله يا حتفي أما تستحي

حتى متى توردني حتفي ؟

تحلف لي أنك في كفي

وعض كفي منك في كفي

وأنت يا قلبي إلى كم وكم

تحيل بالذنب على طرفي !

وأيضاً:

خده الياسمين والخط فيه

سنبل نابت على ياسمين

سمته قبلة فقال تحرز

بين صدغي عقدنا التنين

وأيضاً:

إذا حفزتك نائبة لأمر

فجئت إلى صغير أو كبير

فكاثره بهز بعد هز

فإن الزبد بالمخض الكثير

وأيضاً في الرئيس أبي الفضل - أدام الله علوه -:

تولى الغانيات فليس عندي

لهن سوى هوى أخفي وأبدي

رأين الشيب ألبسني قتيراً

على حد البلى فنقضن عهدي

وسالمني الغيور فكل يوم

يوازن بيننا، ود بود

وقنعني الزمان فلست آس

على فوت الثراء وأنت عندي

وكل تعجبي طول الليالي

لذلة ماجد يسعى لوغد !

فشكراً للإله فقد كفاني

تولى غير عباس بن سعد

له قلبي وخالصتي وودي

وفيه ترددي وإليه قصدي

ومنه معيشتي وصلاح حالي

ومنصوب به غيي ورشدي

وكل الناس يشرك في هواه

وقد أفردته بهواي وحدي

فإن أفزع فكهف علاه حرزي

وإن أعطش فبحر نداه وردي

فضلت الناس مأثرة وفخراً

وطلتهم بإحسان ومجد

ولما صرت عبدك صار يرضى

أنوشروان لو أرضاه عبدي

أدل عليك إدلال الموالي

فلا نكر لديك ولا تعدي

وتلك مزية لي ليس تخفى

ورثت مكانها من أبي وجدي

فعش ألفً معي في خير حال

وألفاً بعدها ألفان بعدي

فكل الناس دونك آل قفر

يغر بلمعة من غير رفد

وأنت الفرد مكرمة فكن لي

تكن فرداً بلا شك لفرد

وأيضاً:

نشد على الموت مستبسلين

غلاظ الرقاب غلاظ الكبود

ونفترع البيض سود القرو

ن صفر الترائب حمر الخدود

وله أيضاً:

عذيري من شاطر أغضبوه

فجرد لي مرهفاً باتكا

يقول: أنا لك يا بن الوكيل

وهل لي رجاء سوى ذلكا ؟

وأيضاً:

إني بليت بشادن

بلواه عندي تستحب

فإذا بلوت طباعه

فالماء يشرب وهو عذب

وإذا نضوت ثيابه

فاللوز يقشر وهو رطب

وقصارى وصفي أنه

فيما أحب كما أحب

وأيضاً:

قد ضاق صدري من صدور زماننا

فهم جماع الشر بالإجماع

يتضارطون فإن شكوت ضراطهم

شفعوا سماع الضرط بالإسماع

هذا يفرقع في الضراط وذاكم

يرمي بمثل حجارة المقلاع

ومن البلية أن تعاشر معشراً

يتضارطون الدهر بالإيقاع

وله:

مللت مكافحة الحادثات

وكنت بها معجباً عاجبا

وحيرني الدهر حتى نشدت

حماري وكنت له راكبا

وأياً:

أصبحت مثل عطارد في طبعه

إذ صرت مثل الشمس في الإشراق

فلذاك ما ألقاك يوماً واحداً

إلا قضيت علي بالإحراق

الشيخ الجليل الأديب - أدام الله نعمته -، وأنعم علي بقراءة ما علقه عن دفتري علي، والله يمتعه به وبفضله، ويقر عين العلم بحراسته.وسمع معه ابنه الشيخ الفاضل أبو بكر الحسن، والفقيه الفاضل العالم أبو المجد محمد بن أبي القاسم - أبقاهما الله - وكذلك سمعوا جميعاً ما أبنته من هاذوري بخطي.وكتب الفضل بن إسماعيل أبو عامر الجرجاني ومن خطه نقلت: كتب إلى الكيا الأجل أبو الفتح رحمه الله:

أبا عامر إن الرتائم إنما

تذكر بالأمر، العبام المغمرا

ولكن من عيناه درج فؤاده

فليس بمحتاج إلى أن يذكرا

وكتب أيضاً إلى الشيخ الإمام أبي بكر عبد القاهر:

ما أبو عامر سوى اللطف شيء

إنه جملة كما هو روح

كل ما لا يلوك من سر معنى

عند تفكيره فليس يلوح

قال المؤلف: هذا آخر ما نقلته من خط أبي عامر رحمه الله -.وله من التصانيف: كتاب عروق الذهب في الشعر واختياره، كتاب قلائد الشرف في الشعر أيضاً، كتاب البيان في علم القرآن، كتاب سلوة الغرباء. ونقلت من خط الأديب يعقوب بن أحمد النيسابوري وتصنيفه رقعة كتبها الشيخ الفقيه الجليل أبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني - أدام الله تأييد - إلى الشيخ الرئيس الشهيد أبي المحاسن سعد - رحمه الله -.قال يعقوب: وكتبتها من خطه إبان مقدمه نيسابور في شعبان سنة ثمان وخمسين وأربعمائة: أنا في هذه السنة - أطال الله بقاء الشيخ - من الاختلال والتكشف والاعتلال والتشعث، على صورة أستحيي من عرضها، وآنف من شرحها، وقد رحب عامتها بما أشكر الله تعالى عليه، وأدرع الصبر في كل ما يمتحن عباده به، وأعمل الحيلة من الآن في استقراض ما عسى أن يبلغني المحل، ولكن من يقرض أبا فرعون بعد وقوفه بالأبواب مع العصا والجراب ؟ وأسأل الله تعالى السلامة، ثم أسأل سيدنا أن ينظر واحدة فيما أقول من قبل أن يعضل الداء فلا ينفع الدواء، ويعظم النقب فلا ينجع الهناء، وأن يجعل عنوان بره ألا يرى تعليق هذه الرقعة ضراعة أو رفاعة، فما في شرط الحكمة أن أكتم عنه متربة، وأتضور جوعاً ومسغبة.ولولا مكاني من خدمته، ومكاني من شفقته، لكان استفاف الملة أحب إلي من إظهار الخلة، والسلام. ومن كتاب مرو لأبي سعد السمعاني لأبي عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني التميمي يصف هرة:

إن لي هرة خضبت شواها

دون ولدان منزلي بالرقون

ثم قلدتها لخوفي عليها

ودعات ترد شر العيون

كل يوم أعولها قبل أهلي

بزلال صاف ولحم سمين

وهي تلعابة إذا ما رأتني

عابس الوجه وارم العرنين

فتغني طوراً وترقص طوراً

وتلهى بكل ما يلهيني

لا أريد الصلاء إن ضاجعتني

عند برد الشتاء في كانون

وإذا ما حككتها لحستني

بلسان كالمبرد المسنون

وإذا ما جفوتها استعطفتني

بأنين من صوتها ورنين

وإذا ما وترتها كشفت لي

عن جراب ليست متاع العيون

أملح الخلق حين تلعب بالفا

ر فتلقيه في العذاب المهين

وإذا مات حسه أنشرته

بشمال مكروبة أو يمين

وتصاديه بالغفول فإن را

م انحجاراً علته كالشاهين

وإذا ما رجا السلامة منها

عاجلته بنشطة التنين

وكذاك الأقدار تفترس المر

ء وتغتاله بقطع الوتين

بينما كان في نشاط وأنس

إذ سقاه ساق بكاس المنون

ويروى له.

علقتها بيضاء ظامية الحشا

تسبي القلوب بحسنها وبطيبها

مثل الشقائق في احمرار خدودها

للناظرين وفي اسوداد قلوبها

وله:

وقد يستقيم المرء فيما ينوبه

كما يستقيم العود في عرك أذنه

ويرجح من فضل الكلام إذا مشى

كما يرجح الميزان من فضل وزنه

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي