معجم الأدباء/المحسن بن إبراهيم بن هلال بن زهرون

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

المحسن بن إبراهيم بن هلال بن زهرون

المحسن بن إبراهيم بن هلال بن زهرون الصابئ أبو علي ين أبي إسحاق صاحب الرسائل، ووالد هلال بن المحسن صاحب التواريخ والرسائل.كان أديباً فاضلاً بارعاً، قد لقي الأدباء والعلماء وأخذ عنهم كأبي سعيد السيرافي وأبي علي الفارسي وأبي عبيد الله المرزباني.مات في ثامن محرم سنة إحدى وأربعمائة عن ابنه هلال وله شعر حسن من مثله، وكان بوجهه شامة حمراء فكان بعرف بصاحب الشامة، وابنه هلال بن المحسن أعلى منزلة منه.ومات هذا على دين أبيه، وأما ابنه فأسلم على ما ذكرته في بابه، وكان لأبي إسحاق ابن آخر يقال له أبو سعيد سنان ليس بالنبيه، وآخر كنيته أبو العلاء صاعد.ومات أبو سعيد سنان في حياة أبيه في رجب سنة ثمانين.ولمات قبض على أبيه أبي إسحاق قبض معه على ولديه أبي علي هذا وأبي سعيد.فحدث أبو الحسين هلال قال: حدثني أبو علي والدي قال: أمر عضد الدولة أبا القاسم المطهر بن عبد الله وزيره وقال له: أفرج عن ابن أبي إسحاق صاحب الشامة، فإن له قديم خدمة فتقدم بذاك، فثقل على أبي سعيد أخي إطلاقي من دونه، ودمدم على والدنا دمدمة قال له عندها: أي أمر لنا يا بني في نفوسنا ؟ أم أي ذنب لي فيما لطف به لأخيك وحرمته ؟.ثم عدل إلى مسألتي أن أخرج أسبوعاً ويخرج أسبوعاً، ويقع بيننا مناوبة في ذاك فامتنعت وأبيت ورفق بي رفقاً استحييت معه وأجبت، فكتب أبو إسحاق إلى أبي القاسم المطهر:

ابناي عيناي كف الحبس لحظهما

وعز حسمها عن منظر النور

أطلقت لي منهما عيناً وقد بقيت

عين فصرت من الإبنين كالعور

فسو بينهما في فك أسرهما

مستوفراً منهما من أجر مأجور

يفديك بالأنفس التي مننت بها

أبوهما وهما من كل محذور

فقال المطهر: الأمر إلى الملك، والذي رسم لي إطلاق ولدك صاحب الشامة، ولو كنت مستطيعاً للجمع بينهما لفعلت، بل لم أقنع حتى تكون أنت المطلق، فعاوده وشكره وقال: إذا كان قد أخذ في تخلية واحد فيجوز أن يتناوبا في الخروج وفسح المطهر في ذلك.قال أبو علي: وكانت خدمتي التي راعاها الملك عضد الدولة أن أبا طاهر بن بقية لما أفرج عن أبي إسحاق والدي بعد القبض عليه عقيب خروج عضد الدولة من مدينة السلام استخلفه على أن يعرفه ما يرد عليه من كتبه ويسلم إليه من يجيئه من رسله، فاتفق أن جاء أبو سعد المدبر إليه بكتاب من عضد الدولة وعمل على تسليمه فاجتهدت به ألا يفعل، فخاف وأشفق ولم يقبل وحمله إلى ابن بقية، فتقدم باعتقاله بعد أن ضربه وقرره، وشق ذلك على لما يراعي من عواقبه، وحملني الشباب ونزقه، والاغترار وبواعثه، على أن قمت ليلاً وحملت معي خمسين درهماً في صرة وعشرين درهماً في صرة أخرى، وجئت إلى الحبس متنكراً وعلى رأسي منشفة وقلت للسجان: هذه عشرون درهماً خذها ومكني من الدخول على هذا الجاسوس وأجتمع معه وأخاطبه وأخرج، فأخذها وأدخلني وجئت إلى أبي سعد وتوجعت له مما حصل فيه ووعدته بما أستطيعه من المعاونة على خلاصة ثم قلت له: أنت غريب وربما احتجت إلى شيء وهذه خمسون درهماً اصرفها في نفقتك واستعن بها على أمرك فشكرني وانصرفت، وأظنه ذكر ذلك لعضد الدولة عند خلاصه وعوده إليه، فحصل لي في نفسه ما كانت هذه الحال ثمرته.قرأت بخط أبي علي المحسن في مجموع جمعه لولده هلال ما هذا صورته لبعض المحدثين في عصرنا - وعلى الحاشية بخط ابنه هلال، هذه الأبيات لأبي علي المحسن بن إبراهيم بن هلال رحمه الله -:

أأهجو مجوسياً لو أني أمرته

بنيك أمه جهر إذا تأثما

إذا ذكرت يوماً له ريع قلبه

وأنعظ مشتاقاً إليها متيماً

يحن إليها حنتين لأنه

يكون لها بعلاً وكان لها ابنما

قضاها رضاع الثدي منه بأيره

ففر لها فرجاً وفرت له فما

فإن طرقت بالحمل يوماً فإنما

يكون أخاً وابناً له كلما انتمى

ينيك الاقاصي والأداني محللاً

بذلك ما كان الإله محرما

إذا ماذوو الأديان صلوا لربهم

تقدم يهذي في الصلاة مزمزما

ويخرج مما كلفوا من مشقة

ويحتسب اللذات أجراً ومغنما

وكتب أبو علي إلى أبيه في بعض نكباته:

لا تأس للمال إن غالته غائلة

ففي حياتك من فقد اللهي عوض

إذ أنت جوهرنا الأعلى وما جمعت

يداك من طارف أو تالد عرض

فأجابه أبو إسحاق بأبيات ذكرتها في بابه فأغني.قرأت بخط أبي علي المحسن: أنشدني القاضي أبو سعيد الحسن ابن عبد الله السرافي رحمه الله:

الجواد والغول والعنقاء ثالثة

أسماء أشياء لم تخلق ولم تكن

وأنشدني:

ألهي بني جشم عن كل مكرمة

قصيدة قالها عمرو بن كلثوم

يفاخرون بها مذ كان أولهم

يا للرجال لفخر غيرهم مسؤوم

وأنشدني في المعنى:

كأن وجوه شماس بن لأي

من السوءات ملبسة عصيما

إذا ذكروا الحطيئة لم يعدوا

حديثاً بعد ذاك ولا قديما

وأنشدني:

يا ابن صليبا أين طبك والذي

به كنت تشفي من به مثل دائكا ؟

أأنكرت مما قيل ما قد عرفته

بغيرك أم آثرتهم بشفائكا ؟

بل الموت ميقات النفوس متى يحن

فداء الذي داويته في دوائكا

ومن خط أبي علي المحسن قال: سألت القاضي أبا سعيد السيرافي رحمه الله عن الأخبار التي يرويها عن أبي بكر بن دريد وكنت أقرؤها عليه: أكان يمليها من حفظه ؟ فقال: لا، كانت تجمع من كتبه وغيرها ثم تقرأ عليه.وسألت أبا عبد الله محمد بن عمران المرزباني رحمه الله عن ذلك فقال: لم يكن يمليها من كتاب ولا حفظ، ولكن كان يكتبها ثم يخرجها إلينا بخطه، فإذا كتبناها خرق ما كانت فيه.وقرأت بخط أبي على المحسن: لأبي الحسن محمد بن عبد الله بن سكرة الهاشمي إلي يتقاضاني دفتراً أعطانيه:

كنت يا سيدي استعرت كتاباً

لي فيه قصائد للخليع

في الربيع وهذا ربيع

فتفضل برده يا ربيعي

تغتنم مدحتي وإن جدت أيضاً

لي بفلسين لم يكن ببديع

يا جميل الصنيع لم قد تغير

ت وعملتني بسوء الصنيع ؟

من عذيري يا آل زهرون منكم

من تراه يطفي لهيب ضلوعي ؟

لست في المنع بالملوم تعلم

ت من السيد الجليل الرفيع

كنت أعددتكم لنائبة الده

ر وللحادث الملم الفظيع

ورجوت الغني فخاب رجائي

لم يخب فيك أنت بل في الجميع

واقريضي واخيبتي وأعنائي

واضنائي واذلتي واخضوعي

واشبابي الذي تقضي ضياعاً

واسهادي وافقد طيب هجوعي

واشقائي من ذل بختي عليكم

من إليكم يا قوم كان شفيعي ؟

كنت أبكي منكم فلما نكبتم

قمت أبكي لكم فعزت دموعي

قال أبو علي: وكنت مع أبي الحسن بن سكرة على المائدة فحمل بعض الغلمان غضارة فيها مضيرة فاضطربت يده وانقلب شيء منها على ثياب أبي الحسن فادعى عليه أنه ضرط وهجاه بأبيات لم يبق في حفظي منها غير بيتين وهما:

قليل الصواب كثير الغلط

شديد العثار قبيح السقط

جني بالمضيرة ما قد جنى

ولم يكفه ذاك حتى ضرط

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي