معجم الأدباء/- هبة الله بن صاعد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

- هبة الله بن صاعد

- هبة الله بن صاعد بن هبة الله بن ابراهيم بن علي موفق الملك أمين الدولة، أبو الحسن بن أبي العلاء المعروف بابن التلميذ البغدادي الطبيب الحكيم الأديب، كان واحد عصره في صناعة الطب متفننا في علوم كثيرة، حكيماً أديباً شاعراً مجيداً، وكان يكتب خطا منسوباً في نهاية الحسن، وكان عارفاً بالفارسية واليونانية والسريانية متضلعاً بالعربية، وله النظم الرائق والنثرالفائق، ونثره أجود من شعره، وكان ساعور البيمارستان العضدي تولاه إلى أن توفى، وكان حاذقاً في المباشرة والمعالجة موفقاً في صناعته، خدم الخلفاء من بني العباس وتقدم عندهم وعلت مكانته لديهم وعمر طويلا، نبيه الذكر جليل القدر معروف المكانة.وكان مقدم الناصري في بغداد ورأسهم ورئيسهم وقسيسهم، وكان حسن العشرة كريم الأخلاق ذا مروءة وسخاء، حلو الشمائل كثير النادرة، وكان يميل إلى صناعة الموسيقى ويقرب أهلها، وكانت دار القوارير ببغداد من اقطاعاته، فلما ولى يحيى بن هبيرة الوزارة حلها وأخذها منه فحضر ابن التلميذ يوما عند الخليفة المقتفي على عادته، فلما أراد الانصراف عجز عن القيام وكان قد ضعف من الكبر، فقال المقتفي: كبرت يا حكيم.قال نعم كبرت وتكسرت قواريري، وهذا مثل يتماجن به أهل بغداد.فقال الخليفة: رجل عمر في خدمتنا وما تماجن قط بحضرتنا فلهذا التماجن سر، ثم فكر ساعة وسأل عن دار القوارير فقيل له: قد حلها الوزير وأخذها منه، فأنكر عليه المقتفي أخذها إنكاراً شديداً، وردها على ابن التلميذ وزاده إقطاعاً آخر، وكان ابن التلميذ هو أوحد الزمان أبو البركات هبة الله المعروف بابن ملكا في خدمة المستضيء بأمر الله، كان بينهما شنآن وعداوة، فأراد أوحد الزمان أن بوقع ابن التلميذ في تهلكة فكتب رقعة يذكر فيها عن ابن التلميذ عظائم لاتصدر عن مثله، ووهب لبعض خدم القصر مالا ورغب إليه أن يلقي الرقعة في مجلس من مجالس الخليفة ففعل.فلماأخذالخليفة الرقعة وقرأها هم أن يوقع بأمين الدولة، فأشير عليه أن يتبصر ويستقصي عن ذلك فأخذ يقرر من يتهمه من الخدم عن الرقعة، فظهر الأمر وعلم أن ذلك تدبير أوحد الزمان لإهلاك ابن التلميذ، فغضب وأباح أمين الدولة ابن التلميذ دم أوحد الزمان وماله وكتبه، فكان من كرم أخلاق أمين الدولة أنه لم يتعرض له بسوء وصفح عنه غير أنه قال:

لنا صديق يهودي حماقته

إذا تكلم تبدو فيه من فيه

يتيه والكلب أعلى منه منزلةً

كأنه بعد لم يخرج من التيه

وصنف ابن التلميذ حاشية على القانن لابن سينا، حاشية على المنهاج لابن جزلة، حاشية على كتاب المائة للمسيحي، شرح مسائل حنين بن إسحاق، شرح أحاديث نبوية تشتمل على مسائل طبية، مختصر الحاوي لأبي بكر الرازي، تتمة جوامع الإسكندرانيين لكتاب حيلة البرء، مختصر تفسيرتقدمة المعرفة لأبقراط، تفسير جالينوس، مختصر تفسير فصول أبقراط الجالينوس، مختصر كتاب الأشربة لمسكويه، مختار كتاب أبدال الأدوية لجالينوس، مختار كتاب المائة للمسيحي، الكناش في الطب، المقالة الأمينية في الأدوية البمارستانية، مقالة في الفصد، الأقراباذين الكبير، الأقراباذين الصغير، ديوان رسائل مجلد ضخم، ديوان شعر مجلد صغير وغير ذلك. مات في اليوم الثامن والعشرين من ربيع الأول سنة ستين وخمسمائة وله أربع وتسعون سنة، وخلف مالاً عظيماً ومتاعاً حسناً كثيراً وكتباً كثيرة لانظير لها، ومن نثر أمين الدولة ماكتبه إلى ولده رضي الدولة أبينصر من رسالة قال: الفت ذهنك عن الترهات إلى تحصيل مفهوم تتميز به، و خذ نفسك من الطريقة بما كررت تنبيهك عليه وإرشادك إليه، و اغتنم الإمكان واعرف قيمته، و اشتغل بشكر الله تعالى عليه، وفز بحظ نفيس من العلم تثق من نفسك بأنك عقلته و ملكته لا قرأته و رويته، فإن بقية الحظوظ تتبع هذا الحظ و تلزم صاحبه، و من طلبها بدونه فإما ألا يجدها، و إما ألا يعتمد عليها إذا وجدها و لا يثق بدوامها، و أعوذ بالله أن ترضى لنفسك إلا بما يليق بمثلك أن يتسامى إليه بعلو همته، و شدة أنفته و غيرته على نفسه، و مما قد كررت عليك الوصاية به:أن تحرص على ألا تقول شيئاً لا يكون مهذباً في لفظه و معناه و يتعين عليك إيراده، و أن تتصرف معظم حرصك إلى أن تسمع ما يفيدك لا ما يلهيك مما يلذ للأغمار وأهل الجهالة- رفعك الله - عن طبقتهم، فإن الأمر كما قال أفلاطون:الفضائل مرة الورد حلوة الصدر، و الرذائل حلوة الورد مرة الصدر، و قد زاد أرسطاطاليس في هذا المعنى فقال: إن الرذائل لاتكون حلوة الورود عند ذي فطرة سليمة بل يؤذيه تصور قبحها إذا يفسد عليه مايستلذ من غيرها بها، وكذلك يكون صاحب الطبع السليم قادرا على معرفة ما يتوخى وما يتجنب، كالتام الصحة يكفي حسه تعريفه النافع والضار، فلا ترضى لنفسك - حفظك الله - إلا بما تعلم أنه يناسب طبقة أمثالك، واغلب خطرات الهوى بعزائم الرجال الراشدين، وامح بنفسك إلى المعالي بإطاعة عقلك فإنك تسر بنفسك، وتراها في كل يوم مع الاعتماد على ذلك في رتبة علية، ومرقاة من سمو في السعادة إن شاء الله تعالى.ومن شعر أمين الدولة قوله:

لو كان يحسن غصن البان مشيتها

تأوداً لحكاها غير محتشم

في صدرها كوكباً نور أقلهما

ركنان مالمسا من كف مستلم

صانتهما في حرير من غلائلها

فتلك في الحل والركنان في الحرم

وقال:

أبصره عاذلي عليه

ولم يكن قبل ذا رآه

فقال لو عشقت هذا

مالامك الناس في هواه

قل لي إلى من عدلت عنه

وليس أهل الهوى سواه

فظل من حيث ليس يدري

يأمر بالعشق من نهاه

وقال:

لاتعجبوا من حنين قلبي

إليهم واعذروا غرامي

فالقوس مع كونها جماداً

تئن من فرقة السهام

وقال:

لولا حجاب أمام النفس يمنعها

عن الحقيقة عما كان في الأزل

لأدركت كل شيء عز مطلبه

حتى الحقيقة في المعلول والعلل

وقال:

ألعلم للرجل اللبيب زيادة

ونقيصة للأحمق الطياش

مثل النهار يزيد أبصار الورى

نوراً ويعمى مقلة الخفاش

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي