مقابلة تلفزيونية مع (غودو) عربى

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة مقابلة تلفزيونية مع (غودو) عربى لـ نزار قباني

1
مُنْتَظِرٌ أن يَرْحَلَ القِطَارْ
أيُّ قطارٍ كانَ ..
لا يهمُّني .
أيُّ اتجاهٍ كانَ ..
لا يهمني ..
للشرقِ .. أو للغربِ ..
لا يهمُّني ..
لجنّةِ الفردَوْسِ ، أو للنارْ ..
أنا كغودو ..
أسْمعُ الصفيرَ في الليلِ ،
ولكنْ .. لا أرى محطَّةً ..
ولا أرى أرْصِفَةً ..
ولا أرى قطارْ …

2
وقفتُ في الطابورِ مليونَ سَنَهْ
كي أشتري تذكرةً
نِمْتُ على حقائبي .
نِمْتُ على متاعبي .
قرأتُ ألفَ مرةٍ جريدتي.
ما أسْخَفَ الأخبارْ ..
نَظَرْتُ ألفَ مَرَّةٍ لساعتي .
وَجَدتُها واقفةً
عَدَدْتُ ألفَ مَرَّةٍ أصابعي
وجدتها ناقصةً
فَكَّرتُ أن أذهبَ للمرْحَاضِ ..
لكنْ .. خفتُ أن يفوتني القِطَارْ …

3
أتعبنى صقيع نصف الليل..
والتحديقُ في القُضْبَانِ ،
والجلوسُ أعواماً على مقهى الضَجَرْ
أتعَبَني انتِظارُ ما لا يُنْتَظَرْ ….
بحثتُ في صحيفة الأبراجِ
عن (بُرج الحَمَلْ)…
فلم أجدْ حمامةً قادمةً
ولا طريقاً للسفرْ ..
بحثتُ عن كأسٍ من الكونياكِ ..
عن سَجَائرٍ ..
بحثتُ عن سيّدةٍ أشمُّ عِطْرَ جِسْمِهَا
قُبَيْلَ أن أسافِرْ ..
وجدتُ صرصاراً على حقيبتي .
سألته من أنتَ؟ قالَ إنني مهاجرْ
وكان مثلي .. يرتدي قُبَّعةً ومعطفاً .
وكان مثلي جالساً ..
ينتظرُ القطار …

4
غودو أنا ..
ليس معي تأشيرة إلى بلد
وليس في العالم من مدينةٍ
يَعْرِفُني فيها أحدْ .
كلُّ المحطاتِ التي أقْصُدُها
مُطْفَأةُ الأنوارْ .
كلُّ القطاراتِ التي أسمَعُها
تمرُّ فوقَ جُثَّتي
هل القطاراتُ هي الأقدارْ ؟
غودو أنا .
غودو أنا .
تسلَّقَ العُشْبِ على حقائبي
تسلَّقَ العُشبُ على ذاكرتي
والوقتُ فوق رَقْبَتي
يَمُرُّ كالمِنْشَارْ ..
لا تترُكي رأسي في الهواءِ ، يا سيِّدتي
فهذه الدنيا ..
بلا سقفٍ .. ولا جِدارْ ..
لا تترُكيني أبداً ..
فالقلبُ إبريقٌ من الفُخَّارْ …

5
مُنْتَظِرٌ ، صفَّارةَ القِطَارْ
مُنْتَظِرٌ من يوم أن وُلِدْتُ ،
لحظة الخروج من مدائن الغبار
منتَظِرٌ أن يزحفَ البحرُ على قصائدي ،
وتهطلَ الأمطارْ ..
مُنْتَظِرٌ معجزةً ، تُخرِجُني نحو مدار آخرٍ ..
نحو فضاءٍ آخرٍ ..
يؤمِنُ في بَنَفْسجِ البحرِ ،
وفي حرية الحُبِّ …
وفي تعدُّدِ الحِوَارْ …

6
من ألفِ عامٍ ..
وأنا منتظرٌ إجازتي
مُنْتَظِرٌ جزيرةً في البحرِ ..
لا تعرفها البحار
مُنْتَظِرٌ قصيدةً ، خاتَمُها من ذَهَبٍ ..
وخَصْرُها من نارْ ..
مُنْتَظِرٌ فاطمةً .. تأتي ومِنْ ورائِها
جيشٌ من الأشجار
وفي مياه ناهديْها .. تسبحُ الأسماكُ والأقمارْ
مُنتظرٌ فاطمةً .. تحمِلُ في كلامها ،
حضارةَ الوردةِ ، لا حضارةَ الصبَّارْ …
لولا يَدَا فاطمةٍ ..
ما كان تشكَّلَ النَهَارْ …

7
غُودُو أنا ..
ولم أزَلْ أبحثُ فوق الرَمْل ، عن بقية اخْضرارْ
ولم أزَلْ أبحثُ في الرُكَامِ عن زَهْرَة جُلَّنارْ
ولم أزلْ أؤمِنُ بالشعر الذي يَطْلَعُ كالوردة
من خاصرة الدمار

8
غودو أنا ..
ولا يزالُ الرومُ يسجِنُونَني
ويفرضونَ حالةَ الحصارْ .
ولا يزالُ البَدوُ يكرهونني
ويكرهون الماءَ ..
والخضرة ..
والبِذَارْ ..
فمن سوى فاطمةٍ ؟
تَرُدُّ عنّي هَجْمَةَ التَتَارْ .
ومن سوى فاطمةٍ تُحولُ الفحمَ إلى حدائقٍ
وتقلبُ الليل إلى نَهَارْ ؟..

9
ما زالَ (غُودُو) منذُ مليون سَنَهْ ..
مُرْتدياً مِعْطَفَهُ ،
وحاملاً أكياسَهُ ،
وقانِعاً أن هُناكَ في المدى محطَّةً
وأنَّ في إمكانِهِ ، لو شاءَ ،
أن يخترعَ القِطارْ …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي