منتهى الطلب من أشعار العرب/العديل بن فرخ

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

العديل بن فرْخ

العديل بن فرْخ - منتهى الطلب من أشعار العرب

العديل بن فرْخ وقال العديل بن فرْخ بن معن بن أسود بن عمرو بن عوف بن ربيعة بن شُنَى بن الحارث، وهو السيّاب بن ربيعة بن عجل بن لُجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دُعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وأمّ العديل درْنا من بني مُحلَم، شيبانية:

ما بالُ عينكَ أسبلَتْ إسْبالا

منْ أنْ عرفَتْ لمنزلٍ أطلالا

قبلي وقبلَكَ فاقْبلَنَّ نصيحتي

ضرَبَ الحليمُ لذي الصِّبا أمثالا

إنّي لأكرَمُ شاعرٍ في وائلٍ

عمّاً أغَرَّ إذا نُسبتُ وخالا

وأباً بهِ أعلو وتُعرفُ غُرَّتي

ضخمُ الدَّسيعةِ سيّداً مِفْضالا

فإذا افتخرْتُ فخَرْتُ غيرَ مُغرِّبٍ

بالأكرمينَ الأكثرينَ رجالا

بربيعةَ الأثرَينَ في أيامِها

والأطولينَ فوارعاً وجبالا

تلقاهمُ في الحربِ حينَ تَكمَّشتْ

بيضَ الوجوهِ على العدوِّ ثِقالا

والخيلُ تعلمُ أنّنا فرسانُها

عندَ الصباحِ إذا رأيْنَ قتالا

الضاربينَ إذا أردتَ طِرادَهمْ

والنازلينَ إذا أردتَ نِزالا

والضاربينَ إذا الكتائبُ أحجمَتْ

غرباً يُذبّحُ مِلْ عِدا الأبطالا

فصبَحْنَ من أسدٍ حُلولاً باللِّوى

موتاً أزلْنَ بهِ العدوَّ فزالا

وقتلتُ يربوعاً بهنَّ ودارِماً

وأخذْنَ منهمْ حاجباً وعِقالا

ووطئْنَ يومَ الشيّطينَ بكَلْكَلٍ

عُمَراً ومن سعدٍ أبَرْنَ حِلالا

ومنَ الرِّبابِ لقَيْنَهُ فقتلْنَهُ

زيدَ الفوارسِ بالنِّصالِ فمالا

عن ظهْرِ أجردَ سابحٍ ذي مَيْعةٍ

نقْلٍ إذا ما خالطَ الأجْرالا

وأخذْنَ من أفناءِ قيسٍ كلّها

ساداتِها والسبيَ والأموالا

فَتبدّلتْ منّا سَبايا منهمُ

بعدَ النعيمِ مَدارِعاً وشِمالا

وإذا عددْتُ فَعالَ قومي بيّنوا

فوقَ الخلائقِ بسْطةً وفَعالا

وإذا نطقتُ معَ المقاولِ لمْ أدَعْ

للقائلينَ إذا نطقتُ مَقالا

وقال العُديل:

ألا مَن لهَمٍّ أبى لمْ يرِمْ

ضميركَ باتَ رفيقاً لِهَمْ

أبيتُ أكابدُهُ مَوْهِناً

ونامَ الخَلِيُّ ولمّا أنَمْ

رأيتُ الهمومَ تَشِينُ الفتى

ولو كانَ ذا أمْرةٍ أو عزَمْ

أرى الدهرَ يُومِن رُذّالَهُ

فيَوماً بَئيساً ويوماً نِعَمْ

رهينَ المنايا فإنْ عِفْنَهُ

وأخطأْنَهُ لمْ يدعْهُ الهرَمْ

كأنْ لم يعِشْ قبلَها ساعةً

إذا كانتِ النفسُ عندَ الكِظمْ

وأيقنَ أصحابُهُ بالفِراقِ

وأضحى ثَويَّ ضريحِ الرَّجَمْ

فإنْ أكُ ودّعتُ جهلَ الصِّبا

ورَثَّ قُوى حبلِهِ فانْجَذَمْ

تَناسيْتُهُ بعدَ أجدادِهِ

ليخْلِقَ حتى وهى فانصرَمْ

فقدْ استَبي البيضَ مثلَ الدمى

عليهنَّ خَزُّ فريدِ العجَمْ

يجُدْنَ لنا بلذيذِ الحديثِ

وهُنَّ لنا غيرُ ذاكُمْ حُرُمْ

أوانسُ من يلتمسْ سِترَها

يجدْ ذاكَ حَلَّ مَحلَّ العُصُمْ

بكلِّ قَطُوفٍ أناةِ القيامِ

رَقُودِ الضُّحى عَبلةٍ كالصنَمْ

رداحِ التوالي إذا أدبرَتْ

هَضيم الحشا شَختَة المُلتزَمْ

مُنعّمةٌ لم تُلْحِها السَّمُومُ

يُضيءُ سنا وجهِها في الظُّلَمْ

تَغوَّلُ حتى تروقَ الحليمُ

وذا الجهلِ تُورثُ خَبْلَ السقَمْ

تكونُ أمانيّةٌ إنْ نأتْ

وإنْ تدْنُ منهُ يكُنْ كالسدَمْ

وتَبسِمُ عن واضحٍ لونُهُ

شَتيتٍ كلونِ أقاحي الرِّهَمْ

كأنَّ الجُمانَ على مُغْزِلٍ

خَذولٍ لها رَشأٌ قدْ قرَمْ

تظلُّ تُصفِّقُ من حولِهِ

وتحنو إليهِ إذا ما بَغَمْ

وقد أُعمِلُ العِيسَ حتى تَؤوبَ

حَسيراً تجُرُّ نِعالَ الخدَمْ

بدأتُ بها وهي ملمومةٌ

كِنازُ البَضيعِ وآةٌ زِيَمْ

فما أُبْتُ حتى ارعوى جهلُها

وآضتْ لهَيْداً كعُودِ السلَمْ

ركبتُ بها كلَّ مجهولةٍ

قِفارٍ وهاجرةٍ كالضَّرَمْ

يَحارُ الدليلُ نهاراً بها

إذا ما التوى آلُها بالعلَمْ

إذا ما تَوقَّلَ حِرباؤُها

على الجِذْلِ ثمَّ نما واطَّخَمْ

فأبقى على ذاكَ منّي الزمانُ

كريمَ الإخاءِ رَكوبَ البُهَمْ

سَبوقاً لغاياتِ يومِ المدى

إذا ما الجيادُ علَكْنَ اللُّجَمْ

فما المُتَجرِّدُ في عصرِهِ

إذا ما ارتدى زبَداً واستحَمْ

بأجوَدَ منّي لدى غايةٍ

ومَدِّ اليدَيْنِ ونَعتِ الكرَمْ

أجيءُ إليها أمامَ الجِيادِ

إذا ما البطيءُ كَبا أو قحَمْ

هنّي العِنانِ ولم أجتهِدْ

إذا رفعوا فوقَهُنَّ الجِذَمْ

منازلَ أنزلَنِيها أبي

ومنْ يَبتَني مثلَها لا يُلَمْ

عليَّ تعطّفَ من وائلٍ

إذا قمتُ كلُّ جَوادٍ خِضَمْ

بهمْ يُكسرُ العظمُ من غيرِهمْ

ويُرأبُ منهمْ إذا ما انفصَمْ

نَحُلُّ على الثِّغرِ عندَ الحروبِ

فننْكي العدوَّ ونحوي الغُنُمْ

لنا سُرّةُ الأرضِ قد تعلمونَ

ونارُ الملوكِ وأرضُ النِّعَمْ

نفَيْنا القبائلَ عن حرِّها

بأرعَنَ ذي غابةٍ كالأجَمْ

كثير الدواعي بَعيدِ المسيرِ

كمثلِ الظلامِ إذا ما ادلهَمْ

متى تَتتابعُ أخاديدَهُ

تجدْهُ يُسَعِّرُ أعلى الأكُمْ

ومَلْكٍ أقمْنا له رأسَهُ

وإنْ كانَ من قبلَنا لم يَقُمْ

عدلْنا صَراهُ بنَشّاجةٍ

تَمُجُّ النَّجيعَ كشِدْقِ الأصَمْ

وجيشٍ غزانا كثير الصَّهيلِ

فلاقى الذي كانَ منّا اجترَمْ

قَريْنا النسورَ صانديدَهُ

ووَكْنَ البُغاثِ وجُونَ الرَّخَمْ

ونحنُ إذا سَنَةٌ أمحلَتْ

وآضَتْ مُحولاً كلَونِ الأدَمْ

وزَفَّ القَريعُ أمامَ الإفالِ

وينسى التخيُّلَ عندَ القطَمْ

ورُوِّحَتِ الشَّوْلُ في إثرِهِ

وصَفَّ الإماءُ عليها الحُزُمْ

وأمسَتْ تَروَّحُ خُطّابُها

بنَكباءَ عاريةٍ في شبَمْ

نُقيمُ فنُطعمُ لحمَ السَّنامِ

إذا ما الشتاءُ علينا أزَمْ

وقال العُديل أيضاً يمدح محمد بن الحَجّاج:

هل للظعائنِ قبلَ البَينِ تَكليمُ

أمْ حبلُهنَّ غَداةَ البَينِ مَصرومُ

ولَّيْنَ منّا برَهنٍ لا فَكاكَ لهُ

وعَبرةٍ جشأتْ منها الحَيازيمُ

من لوعةِ البَينِ إذ راحَ القَطينُ بهمْ

ومُضمَرٌ من دَخيلِ الحُبِّ مَكتومُ

أعرضْنَ لمّا رأينَ الشيبَ شامِلَهُ

والشَّيبَ عندَ كِعابِ الخِدرِ مَصرومُ

زُرناكَ والعِيسُ خُوصُ في أزِمَّتِها

هُوجُ الرياحِ لحاديها هَماهيمُ

منْ كلِّ صَهباءَ نَسْتَجْري الزِّمامَ بها

تَبْري لها سَهوةُ الضَّبعَيْنِ عُلْكومُ

تنفي الحصى عن أظَلَّيْها بمُشتبَهٍ

منَ المفاوزِ يستَعوي بهِ البُومُ

كأنَّ حاديها مما تُكلِّفُهُ

أعضادُها منْ سوادِ الليلِ مأمومُ

كلَّفتُهُ السيرَ حتى في مفاصلِهِ

ربْوٌ وحتى صَميمُ العظْمِ مَوصومُ

والعيسُ جائلةُ الأنْساعِ يَسعَفُها

حامي الأجيجِ من الأيامِ مَسمومُ

بمُستوىً من ردى الدوِيِّ ليسَ بهِ

للقومِ إلاّ سُرى البِيضِ المَتاهيمُ

تَعريجَ منزلةٍ إلاّ على عُرُضٍ

ثمَّ انجذابٌ بسَيرٍ فيهِ تَقحيمُ

ينفُضْنَ تحتَ الحصى في كلِّ منزلةٍ

أزرارُ مُعْلَقةٍ فيها الخَياشيمُ

بسابغاتٍ من الألحَيْ كأنَّ بها

سُبوتَ حَضْرَمَ تثنيها الأباهيمُ

ينوِينَ فرْجَ ثَقيفٍ في أرُومَتِها

إذا ثقيفٌ سمَتْ منها الخراشيمُ

ينوِينَ أبيضَ مثلَ السيفِ أورثَهُ

أبو عَقيلٍ ثناءً ليسَ مَهدومُ

بحرٌ أجادَتْ بهِ غرّاءُ مُنجِبةٌ

من فرعِ سعدٍ لها مجدٌ وتكريمُ

كمْ من أبٍ لكَ يُسْتسقى الغَمامُ بهِ

جزْلٍ مواهبُهُ بالخيرِ مَوسومُ

ونائلٍ منكَ جزْلٍ لا تُتَبِّعُهُ

مَنّاً ولا فيهِ إنْ أعطيْتَ تأثيمُ

الواهبُ المائةَ الأشباهَ حاديةً

والجُردُ تتْبعُها البيضُ الرغاميمُ

والمشتري الحمدَ إنَّ الحمدَ ذو مهَلٍ

والتاركُ البخلَ إنَّ البخلَ مذمومُ

يغدو إذا ما غدا تنْدى أناملُهُ

في باذخٍ قصُرَتْ عنهُ السَّلاليمُ

نِعمَ المُناخُ أنخْنا بعدَ شُقَّتِنا

والوفدُ مُعطىً فمَحْبُوٌّ ومحرومُ

لقدْ بسطْتَ لساني بعدَ غُصتِهِ

وقدْ جبرْتَ جناحي وهْوَ مهضومُ

وقدْ أتيتَ الذي كانتْ تُحدِثُني

نفسي فأكتمُهُ والسرُّ مكتومُ

بحقِّ منْ عَدَّ آباءً تَعدُّهمُ

إنَّ اللَّهاميمَ منهنَّ اللهاميمُ

أعطاكَ ذو العرشِ ما أعطى كرامَتَهُ

رَبُّ الرسولُ لهُ سِيمى وتَسْويمُ

ما مُزْبِدٌ من خليجِ البحرِ مُنجَرِدٌ

جَوْنُ الأواذِيِّ تعلوهُ العَلاجيمُ

يوماً بأجوَدَ منهُ حينَ تسألُهُ

إذا الصَّبا حارَدَتْ واعتَلَّتِ الكُومُ

ما زلتَ تركبُ مكروهَ الأمورِ لها

حتى زجَتْ لكَ بالملْكِ الخواتيمُ

أنتَ الربيعُ الذي جادتْ مَواطِرُهُ

وكلُّ منْ لمْ يصبْهُ الغيثُ محرومُ

قِيسوا المئينَ فإنّي قد بقيتُ لكمْ

غَمْرَ الجِرّاءِ إذا التفَّ الأضاميمُ

مُستَعفي السَّوطِ خَرّاجاً على مهَلٍ

في مَبْرَكٍ ثَبتَتْ فيهِ الجراثيمُ

وقال العُديل يفتخر:

صرَمَ الغواني فاستراحَ عواذلي

وصحَوتُ بعدَ صَبابةٍ وتَمايُلِ

وذكرتُ يومَ لِوى عُنيْقٍ نِسوةً

يأررَجْنَ بينَ أكِلّةٍ ومراحلِ

لعبَ النعيمُ بهنَّ في أطلالِهِ

حتى لبسْنَ زمانَ عيشٍ غافلِ

يأخذْنَ زينتَهُنَّ أحسنَ ما ترى

وإذا عطَلْنَ فهنَّ غيرُ عواطلِ

وإذا خَبأنَ خدودَهُنَّ أرَيْنَنا

حدَقَ المها وأخذنَ نبْلَ النابلِ

يَلبسْنَ أرديَةَ الشبابِ لأهلِها

ويمُدُّ بالحبلَيْنِ حبلَ الباطلِ

بَيضُ الأنُوقِ كَسِرِّهِنَّ ومنْ يُرِدْ

بَيضَ الأنوقِ فوكرُها بمعاقلِ

زعمَ الغواني أنَّ جهلَكَ قد صحا

وسَوادَ رأسِكَ قصدَ شَيبٍ شاملِ

ورأكَ أهلُكَ منهمُ ورأيتَهمْ

ولقدْ يكونُ معَ الشبابِ الخاذلِ

فإذا تطاولَتِ الحبالُ رأيتَنا

بفروعِ أرعنَ فوقَها مُتطاوِلِ

وإذا سألْتَ ابْنَيْ نزارٍ بَيَّنا

مجدي ومنزلَتي من ابْنَيْ وائلِ

حدبَتْ بنو بكرٍ عليَّ وفيهمِ

كلُّ المكارمِ والعديدِ الكاملِ

خطَروا ورائيَ بالقَنا وتجمَّعتْ

منهمْ قبائلُ أُردِفَتْ بقبائلِ

إنَّ الفوارسَ من لُجَيْمِ لم يزَلْ

فيهمْ مَهابةُ كلِّ أبيضَ فاعلِ

مُتعَمِّمٌ بالتاجِ يسجدُ حولَهُ

منْ أهلِ هَوْذةَ للمكارمِ حاملِ

أو رهْطُ حنظلةَ الذينَ رماحُهمْ

سَمُّ الفوارسِ حتْفَ موتٍ عاجلِ

قومٌ إذا شهروا السيوفَ رأوا لها

حقاً ولمْ يكُ سَلُّها بالباطلِ

ولئن فخرْتَ بهمْ لمثلِ قديمِهمْ

بسطَ المفاخرَ من لسانِ القائلِ

أولادَ ثعلبةَ الذين بمثلِهمْ

حلمَ الحليمُ ورُدَّ جهلُ الجاهلِ

أهلُ العرارةِ والنُّبوحِ ترى لهمْ

حلقَ المجالسِ بالصعيدِ القابلِ

ولمَجْدِ يَشْكُرَ سَورةٌ عاديّةٌ

وأبٌ إذا ذُكرَ وليسَ بخاملِ

وبنو القُدارِ إذا عددْتَ صَنيعَهمْ

وضَحَ القُدارُ لهمْ بكلِّ مَحافلِ

وإذا فخرْتَ بتَغلِبَ ابنةَ وائلٍ

فاذكُرْ مكارمَ من ندىً وأوائلِ

ولتَغلِبَ الغَلْباءَ عِزٌّ بَيِّنٌ

عاديّةٌ ويَزيدُ فوقَ الكاهلِ

قسَطوا على النعمانِ وابنِ مُحرِّقِ

وابنَيْ قَطامِ بعزّةٍ وتَناوُلِ

بالمُقْرباتِ يبِتْنَ دونَ رحالِهمْ

كالقدِّ بينَ أجِلّةٍ وصَواهلِ

أولادِ أعوجَ والصَّريح كأنّها

عِقْبانُ يومَ دُجُنّةٍ ومَخائلُ

يلفِظْنَ بعدَ أُزومِهِنَّ على الشبا

علَق الشكيم بألسُنٍ وجَحافلِ

قومٌ همُ قتلوا ابنَ هندٍ عَنوةً

وقَنا الرماحِ يذُدْنَ وِردَ الناهلِ

منهمْ أبو حنَشٍ وكانَ بكفِّهِ

رِيُّ السِّنانِ ورِيُّ صدرِ العاملِ

ومُهلهَلُ الشعراءِ إنْ فخروا بهِ

وندى كُلَيْبٍ عندَ فضلِ النائلِ

حجبَ المنيّةَ دونَ واحدِ أمِّهِ

منْ أنْ تبيتَ وصدرها ببلابلِ

وكفى مُجالسةَ السِّبابِ ولم يكنْ

يَستَبُّ مجلسُهُ وحقّ النازلِ

حتى يُجيرَ على الملوكِ فلمْ يرمْ

حدَباً ولا صَعراً لرأسٍ مائلِ

في كلِّ حيٍّ للهُذَيلِ ورَهْطِهِ

نَعَمٌ وأخْذُ كريمةٍ وتناوُلِ

بِيضٌ كرامٌ رَدَّهنَّ لعنوةٍ

أسَلُ القَنا وأُخذْنَ غيرَ أراملِ

أبناؤُهن من الهُذيلِ ورهطِهِ

مثلُ الملوكِ وعِشْنَ غيرَ عواملِ

وقال العُديل أيضاً:

صحا من طِلابِ البِيضِ قبلَ مَشيبِهِ

وواضعِ طرْفِ العينِ فهوَ خَفيضُ

كأنْ لمْ أكنْ أرعى الصِّبا ويقودُني

منَ الحيِّ أحوى المُقلتَيْنِ غَضيضُ

دعاني لهُ يوماً هوىً فأجابَهُ

فؤادٌ إذا يلقى المِراضَ مريضُ

لمُستأنِساتٍ بالحديثِ كأنّها

تَهلُّلُ غُرٍّ بَرقُهنَّ وَمِيضُ

وإنَّ لساني عنكمُ قدْ علمتمُ

لعَفٌّ وإنّي دونَكمْ لعَضوضُ

وإنّي لِما حمَّلْتُمُ من مُلمّةٍ

تضيقُ بها أعطانُكمْ لنَهوضُ

يُخَشُّونَني الحَجّاجَ حتى كأنّما

يُحرَّكُ عظمٌ في الفؤادِ مَضيضُ

إذا ذُكرَ الحجاجُ أضمرتُ خِيفةً

إلى القلبِ حتى في الفؤادِ مَضيضُ

ودونَ يدِ الحجاج منْ أنْ تنالَني

بساطٌ أيدي الناعِجاتِ عريضُ

مَهامِهُ أشباهٌ كأنَّ سرابَها

مُلاءٌ بأيدي الغاسلاتِ رَحيضُ

إذا كُلِّفَتْها العِيسُ زَيَّلَ بينَها

حَزابِيّ يجري آلُها وغُموضُ

إذا استوقدَتْ منها الأماعزُ غادرَتْ

بها جُندَبَ المَعْزاءِ وهْوَ رَكوضُ

قليلٌ بها السارونَ إلاّ تَعِلّةٌ

مَطِيٌّ جرتْ أحقابُهُ وغُروضُ

إذا قَلَّصَتْ خُوصَ العيونِ كأنّها

قِداحٌ نَحاها باليدَيْنِ مُفِيضُ

ترى الحُرّةَ الوَجناءَ يضربُ حاذَها

ضئيلٌ كفرّوج الدجاجِ جَهيضُ

وقال العُديل أيضاً:

لَعمرُكَ إنّي يومَ بَينِ ظعائنٍ

غدَوْنَ ولمْ يَنظُرْنَني لحزينُ

ظعائنُ يَنوينَ الكثيبَ وأهلَهُ

غدَونَ وقلبي عندهنَّ رهينُ

كما حاجةٌ منْ أمِّ زيدٍ تعودُني

وقد غالَني لو تعلمينَ شُؤونُ

تقولُ بذلْتُ الوُدَّ منكَ لغيرِنا

وقطّعتَ حبلَ الوصْلِ وهو متينُ

أراكَ تَخطّانا إذا جئتَ زائراً

وقدْ شهَرَتْنا في هواكَ عيونُ

لججْتَ بهِجرانِ البيوتِ كأنّما

عليكَ بهِجرانِ البيوتِ أمينُ

تراجعْنَ بالأيدي السلامُ وكلُّنا

بصاحبِهِ يومَ الفِراقِ ضَنينُ

كأنَّ الخُدورَ ألجأتْ في ظلالِها

نِعاجَ الملا ليستْ لهنَّ قرونُ

قطعْتُ حبالَ الوصْلِ منهنَّ بعدَما

تَطاوحْنَ حتى ما لهنَّ قرينُ

منَ الأنسِ إلاّ مستفيدٌ لقولِنا

ولا الجنّ إلاّ قد ألمَّ يَدِينُ

وقدْ قيلَ حتى ما أبالي حديثَهُ

أقاويلَ مِينَتْ باطلٌ وظنونُ

أقاويلُ أقوامٍ وقالَةُ نسوةٍ

يقُلْنَ ولمّا يأتِهنَّ يقينُ

فإنَّ الذي حُدّثْتِ رَقَّى حديثَهُ

عدوٌّ لحبلِ المسلمينِ لَعينُ

معَ الشانئِ الغَيرانِ شيءٌ كأنّهُ

منَ الوجْدِ مَبهوتُ الفؤادِ طَعينُ

يُرائيكَ إلاّ إن سألتُكَ مالَهُ

ويُمسي منَ الشَّنآنِ وهْوَ بَطينُ

وليسَ بمُعطيكَ المُواخاةَ كلَّها

أخٌ لكَ ما لمْ يرْعَ حينَ تَبينُ

بعينَيْكَ أحداجٌ لدَوْمةَ إذْ غدَتْ

لها نِيبَّةٌ تُنئي الحبيبَ شَطُونُ

غدَتْ من رَجا الوادي كأنَّ حُمولَها

لعينِ البصيرِ المُستَبينِ سَفينُ

على كلِّ نَعّابٍ يُباري زِمامَهُ

بهِ من أغاني الحُداةِ جنونُ

إذا خضَلَتْ أعطافُهُ غضِبتْ لهُ

قوائمُ عُوجٌ تنتَحي وتَلينُ

ورأسٌ كبِرْطيلِ الحديدِ يَزِينُهُ

مَشافرُ مَضبوحِ الجِرانِ ذَقُونُ

وما كانَ ضَرَّ العامِريّاتِ لو بدا

لنا يومَ فلْجٍ أسْؤُقٌ وعيونُ

وقال العُديل أيضاً:

أجِدَّكَ لا تَنهى وإنْ كنتَ أشْيبا

فؤادَكَ ذا الأهواءِ أنْ يَتطرَّبا

وقدْ كانَ أحياناً إذا اقتادَهُ الهوى

عصا في هواهُ العاذلينَ فأصحبا

فأصبحتُ ذا صغْوٍ إلى اللهوِ بعدَما

وهى منكَ باقي حبلِهِ فَتقضَّبا

تمنّى المَنى القلبُ اللَّجوجُ وقدْ ترى

بعينِكَ إنْ لمْ يطلُبِ اللهوَ مَطْلَبا

وكيفَ طِلابُ البِيضِ أو تَبَعُ الصِّبا

وقد صِرتُ من شيبٍ تَغشّاكَ أشيبا

وكان طلاب الغانيات كأنما

تباعده منهن أن يتقربا

على أنَّ من سلمى خيالاً إذا نأتْ

بها الدارُ لم يُخلِفْكَ أنْ يتأوَّبا

يُلمُّ فيأتي بالسلامِ ودونها

بلادٌ ترى أعلامَها الغُبْر نضبّا

إذا كُلِّفَتْها العيسُ قطَّعَ بَينَها

فيافيَ يترُكْنَ الأيانقَ لُغَّبا

تراهُنَّ بعدَ البُدْنِ من شدّةِ السُّرى

دقاقاً كأقواسِ المعَطَّفِ شُزَّبا

عرفتُ لها داراً بمدفَعِ داحِسٍ

قِفاراً عفَتْ إلاّ نَعاماً ورَبْرَبا

رعَيءنَ الندى حتى إذا يبِسَ الثَّرى

وخفَّتْ رياحُ الصيفِ شرقاً ومغرِبا

ولاحَتْ منَ الصبحِ الثريّا ولم يجِدْ

صدى إبلٍ إلاّ المهايعَ مَشرَبا

دعَتْ بالجِمالِ البُزْلِ للظعنِ بعدَما

تَجذَّبَ راعي الإبلِ ما قدْ تَحلَّبا

بكلِّ سَنيدِ المَنكبَيْنِ تَخالُهُ

منَ البُدنِ لمّا زالَ بالحملِ أغلبا

عَلَنْدىً كأنَّ الحُصَّ لونَهُ

إذا الخطْوُ عن أعلى صلاهُ تَقوَّبا

مُنعَّمةٌ كالريمِ لمْ تخشَ فاقةً

عليها ولم تتْبَعْ شقيّاً مُعذَّبا

رمَتْهُ بسهمِ الجهلِ فاصطادَ قلبَهُ

سُلَيمى وقدْ مالوا بعزَّى وجرَّبا

فلمْ أرَ ممّنْ يسكُنْ المِصرَ مثلَها

جمالاً ولا اللائي رمَيْنَ المحَصَّبا

تُكرِّمُهُ بالوُدِّ وهْوَ يَشُفُّهُ

إليها هوىً مما بدا أو تغيَّبا

إذا حدَّثَ الركبَ العِجالَ بذِكرِها

طَرُوقاً وقد ملُّوا الجبالَ وأطْنبا

تَهدَّى شبابٌ بالغواني وإنّني

لمثْنٍ وما أخشى بهِ أنْ أكذَّبا

على الصيدِ من بكرٍ ذوي التاجِ إنّهمْ

كِرامُ القِرى حشدٌ إذا السرْحُ أجدبا

إذا قطْرُ آفاقِ السماءِ رأيتَهُ

منَ المحْلِ مُحمرَّ الجوانبِ أصهبا

وجدْتَ الجفانَ الرُّوحَ حولَ بيوتِهمْ

لمنْ باتَ في ناديهمِ أنْ يُحَجَّبا

مُبرَّزةً فيها البوائكُ كلّما

خلَتْ جَفْنةٌ عُلَّتْ سَديفاً مُشَطّبا

أولئكَ قومي من يَقِسْهُمْ بقومِهِ

يُلاقِ وعُوراً دونَهمْ إذْ تذَبْذَبا

لنا عددٌ أربى على عددِ الحصى

ومجدٌ تِلادٌ لمْ يكنْ مُتأشّبا

لنا باذخٌ نالَ السماءَ فروعُهُ

جَسيمٌ أبَتْ أركانُهُ أنْ تَصوَّبا

فنحنُ حُدَيّا الجِنِّ والإنسِ كلِّها

فِصالاً لمنْ عدَّ القديمَ ومَحْسَبا

وإنّا أحقُّ الناسِ بالباعِ والندى

وأكثرَهُ قوماً إذا عُدَّ مُصعَبا

وأكثرَهُ بيتاً طويلاً عِمادُهُ

وأكثرهمْ بَدءاً إذا هُزَّ مِحْرَبا

كريماً ترى الأبطالَ تعلم أنّهُ

أخو نجدةٍ ماضٍ إذا ما تَلبَّبا

منيعاً تفادى الخيلُ منهُ كأنّما

يُحاذِرْنَ وطّاءَ الفَريسِ مُهَيَّبا

غَذِيّاً أبا شِبْلَيْنِ يشغَلُ قِرنَهُ

إذا عضَّ لمْ يَنْكُلْ حشاها ونَيَّبا

بنا يُتَّقى الثغرُ المخوفُ لقاؤُهُ

إذا ما دعا داعي الصباحِ وثَوَّبا

وكمْ من رئيسٍ قد غزانا فلمْ يؤُبْ

إلى قومِهِ إلاّ طليقاً مُسَيَّبا

أتاهُمْ بلا نهبٍ وأسلَم جيشَهُ

أسيراً مُهاناً أو قتيلاً مُلَحّبا

ونحنُ عبأْنا يومَ حِنْوِ قُراقِرٍ

لحَلْبَةِ كِسرى والذي كانَ أشَّبا

فوارسَ صدقٍ لا يبالونَ من ثَوى

إذا كسَفوا يوماً أغرَّ مُحبَّبا

على كلِّ شَوهاءِ العَنانِ كأنّها

عُقابٍ إذا ما العِطفُ منها تَحلَّبا

وأجردَ عُريانٍ كأنَّ لجامَهُ

إذا ما تراقى علْقَ جِذْعاً مُشَذّبا

إذا اغْتربَتْ منّا هِجانٌ كريمةٌ

وجدْتَ ابنَها إذا عُدَّ خالاً ومُنجِبا

تَمجَّدَ ما يعلو الرجالَ وينتمي

إذا قامَ في يومِ الحفيظةِ مُغْضَبا

وإنْ كانَ من حيٍّ كرامٍ أعزّةٍ

وكانَ خِيارُ الحيِّ منهمْ مُرَكّبا

وكانتْ سَراةُ الحيِّ تعلمُ أنّهُ

أعزَّهُمُ عزّاً وأكرمَهمْ أبا

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي