منتهى الطلب من أشعار العرب/امرؤ القيس بن جبلة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

امرؤ القيس بن جبلة

امرؤ القيس بن جبلة - منتهى الطلب من أشعار العرب

امرؤ القيس بن جبلة وقال امرؤ القيس بن جبلة السَّكونيّ:

إنِّي على رغمِ الوشاةِ لقائلٌ

سقى الجارتينِ العارضُ المتهلِّلُ

من الهيفِ صفراوانِ أنَّى أُتيحتا

لعينيَّ إنِّي مهتدٍ أو مضلَّلُ

فما زلتُ أدعو اللهَ حتَّى استماهما

من العينِ جونٌ ذو عثانينَ مسبلُ

به بردٌ صافي الجنوبِ تمدُّهُ

بناتُ مخاضِ المزنِ أبيضُ مُنزلُ

ودونهما من تلعِ بسيانَ فاللِّوى

أخاقيقُ فيها صلِّيانٌ وحنظلُ

نباتانِ أمّا الصِّلِّيانُ فظاهرٌ

وحنظلهُ في باطنِ التَّلعِ مسهلُ

وقد أذعرُ الوحشَ الرُّبوضَ بعرمسٍ

مضبَّرةٍ حرفٍ تخبُّ وترقلُ

كأني على حقباءَ خدَّدَ لحمها

إرانٌ وشحّاجٌ من الجونِ معجلُ

صهابيَّةُ العُثنونِ مخطوفةُ الحشا

تخيَّلُ للأشباحِ غرباً فتجفلُ

تضمَّنها حتَّى تكاملَ نسئُها

إرانٌ فمرفضُّ الرِّداهِ فأيَّلُ

يجدُّ بها في خفضهِ وهبابه

أحذُّ جماديٌّ من الحقبِ صلصلُ

يصرِّفها طوعاً وكرهاً إذ أبتْ

مصكٌّ جلتْ عنهُ العقايقُ صندلُ

ألدُّ شديدُ الأخدعينِ بليتهِ

من الزَّرِّ أبلادٌ جليبٌ ومُخضلُ

يعارضُ تسعاً قد نحاها لموردٍ

يجورُ بذاتِ الضِّغْنِ منها ويعدلُ

فلاقى أبا بشرٍ على الماءِ راصداً

به من زماعِ الصَّيدِ وردٌ وأفكلُ

يقلِّبُ أشباهاً كأنَّ نصالها

بعيجةُ جمرٍ أو ذبالٌ مفتَّلُ

فلمّا رضى إعراضها واغترارها

وواجههُ من منبضِ القلبِ مقتلُ

رماها بمذروبِ المكفِّ كأنَّهُ

سوى عودهِ المخشوشِ في الرأسِ مغولُ

فأنفذَ حضنيها وطرَّ وراءها

بمعتقبِ الوادي نضيٌّ مرمَّلُ

وغادرها تكبو لحرِّ جبينها

يناطحُ منها الأرضَ خدٌّ وكلكلُ

ومارَ عبيطٌ من نجيعٍ كأنَّهُ

على مستوى الإطلينِ نيرٌ مرحَّلُ

وأجفلنَ من غيرِ ائتمارٍ وكلُّها

له من عبابِ الشَّدِّ حرزٌ ومعقلُ

يؤمِّلُ شرباً من ثميلٍ وماسلٍ

وما الموتُ إلاَّ حيثُ أرَّكَ ماسلُ

عليهِ أُبيرٌ راصداً ما يروقهُ

من الرَّميِ إلاَّ الجيِّدُ المتنخَّلُ

ولاقينَ جبّارَ بن حمزةَ بعدما

أطابَ بشكٍّ أيَّ أمريهِ أفعلُ

يقلِّبُ أشباهاً كأنَّ نصالها

خوافي حمامٍ ضمَّها الصَّيفَ منزلُ

وصفراءَ من نبعٍ رنينٌ خُواتها

تجودُ بأيدي النّازعينَ وتبخلُ

وباتَ يرى الأرضَ الفضاءَ كأنَّها

مراقبُ يخشى هولها المتنزِّلُ

يؤامرُ نفسيهِ أعين غُمازةٍ

يغلِّسُ أم حيثُ النِّباجُ وثيتلُ

فلمّا ارجحنَّ اللَّيلُ عنهُ رمى بها

نجادَ الفلا يعلو مراراً ويسفلُ

فغامرَ طحلاءَ الشَّرائعِ حولهُ

بأرجائها غابٌ ألفُّ وثيِّلُ

فغمَّرها مستوفزاً ثمَّ حاذها

يشجُّ الصُّوى من قربها الشَّدُّ من علُ

وأضحتْ بأجوازِ الفلاةِ كأنَّها

وقد راخت الشَّدَّ الحنيُّ المعطَّلُ

ألا هذه أمُّ الصَّبيَّينِ إذ رأتْ

شحوباً بضاحي الجسمِ منِّي تهزَّلُ

تقولُ بما قد كانَ أفرعَ ناعماً

تغيَّرَ واستولى عليهِ التَّبدُّلُ

فإنْ تسألي عنِّي صحابي تُنبَّئي

إذا ما انفرى سرباليَ المترعبلِ

تنبَّيْ بأنّي ماجدٌ ذو حفيظةٍ

أخو القومِ جوّابُ الفلاةِ شمردلُ

تريني غداةَ البذلِ أهتزُّ للنَّدى

كما جرَّدَ السَّيفَ اليمانيَّ صيقلُ

فلا يهنئنَّ الشّامتينَ اغتباطهمْ

إذا غالَ أجلادي ترابٌ وجندلُ

وإضتُ هميداً تحتَ رمسٍ بربوةٍ

تعاورني ريحٌ جنوبٌ وشمألُ

تمنَّى ليَ الموتَ الذي لستُ سابقاً

معاشرُ من ريبِ الحوادثِ جهَّلُ

معاشرُ أضحى ودُّهمْ متبايناً

وشرُّهمُ بادٍ يدَ الدَّهرِ مقبلُ

أقرَّ وقاعي أنفساً ليسَ بينها

وبينَ حياضِ الموتِ للشّربِ منهلُ

كما راعَ ممسى اللَّيلِ أو مستوى الضُّحى

عصافيرُ حجرانِ الجُنينةِ أجدلُ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي