منتهى الطلب من أشعار العرب/توبة بن الحمير

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

توبة بن الحمير

توبة بن الحمير - منتهى الطلب من أشعار العرب

توبة بن الحمير وقال توبة بن الحمير بن حزن بن خفاجة بن عمرو بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور: الطويل

نأَتكَ بليْلَى دارُها لا تزورهَا

وشطتْ نواهَا واستمرَّ مريرُها

وخفتْ نواهَا منْ جنوبِ عَفيرةٍ

كما خفَّ ممن نيلِ المرامي حفيرها

يقولُ رجالٌ لا يضيركَ نأيها

بلى كلُّ ما شفَّ النفوسَ يضيرُهَا

أليسَ يضيرُ العَينَ أن تكثرَ البُكا

ويمنعُ منها نومُهَا وسروروها

لكلِّ لقاءٍ نلتقيه بشاشةٌ

وإن كانَ حولاً كل يومٍ نزروُها

خليليَّ روحا راشدينَ فقدْ أتتْ

ضيريةُ من دونِ الحبيبِ ونيرهَا

يقرُّ بعيني أنْ أرَى العيسَ تعتلِي

بنا نحو ليلى وهي تجرِي ضفورُها

وما لحقتْ حتى تقلقل غرضها

وسامحَ من بعدِ المراحِ عسيرُهَا

وأشرِفُ بالأرضِ اليفاعِ لعلني

أرى نارَ ليلى أو يراني بصيرها

فناديتُ ليلى والحمولُ كأنها

مواقيرُ نخلٍ زعزعتها دبورها

فقالتْ أرى أنْ لا تفيدكَ صحبتِي

لهيبةِ أعداءٍ تلظى صدورها

فمدَّتْ ليّ الأسبابَ حتى بلغتهَا

برفقي وقدْ كادَ ارتقائي يصورُها

فلمَّا دخلتُ الخدرَ أطلتْ نسوعُهُ

وأطرافُ عيدانٍ شديدٍ أسورُهَا

فأرختْ لنضاخِ القفا ذي منصةٍ

وذي سيرةٍ قدْ كانَ قدماً يسيرها

وإني ليشفيني من الشوقِ أنْ أُرى

على الشرفِ النائي المخوفِ أزورُهَا

وأنْ أتركَ العنسَ الحسيرَ بأرضِهَا

يطيفُ بها عقبانُهَا ونسورُهَا

حمامةَ بطنٍ الواديينِ ترنمي

سقاكِ من الغرِّ الغوادي مطيرها

أبينِي لنا لا زالَ ريشُكِ ناعماً

ولا زلتِ في خضراءَ دانٍ بربرُهَا

وقدْ تذهبُ الحاجاتُ يسترها الفتى

فتخفي وتهوى النفسُ ما لا يضيرُها

وكنتُ إذا ما زرتُ ليلى تبرقعتْ

فقد رابني منها الغداةَ سفورهَا

وقد رابني منها صدودٌ رأيتهُ

وإعراضُها عن حاجتي وبسورُهَا

أرتكَ حياضَ الموتِ ليلى ورَاقنا

عيونٌ نقياتُ الحواشي تديرُها

ألا يا صفيَّ النفسِ كيفَ بقولها

لوَ أنَّ طريداً خائفاً يستجيرهَا

تجيرُ وإنْ شطتْ بها عزبةُ النوَى

ستنعمُ ليلى أو يفادَى أسيرُها

وقالتْ أراكَ اليومَ أَسوَدَ شاحباً

وأنِّي بياضُ الوجهِ حرَّ حرورُها

وغيرني إنْ كنتِ لما تغيري

هواجرُ تكتنينها وأسيرُها

إذا كانَ يومٌ ذو سمومٍ أسيرُهُ

وتقصرُ من دونِ السمومِ ستورها

وقدْ زعمتْ ليلى بأنيَ فاجرٌ

لنفسي تُقاها أم عليها فجورُها

فقلْ لعقيلٍ ما حديثُ عصابةٍ

تكنفَها الأعداءُ ناءٍ نصيرُها

فإلاً تناهوا يركبِ اللهُ نحوها

وحفتْ برجلٍ أو جناحٍ يطيرُها

لعلكَ يا تيساً نزا في مريرةٍ

معذبُ ليلى أن ترانِي أزورُها

وأَدماءَ منْ سرِّ الهجان كأنَّها

مهاةُ صوارٍ غيرَ ما مسَّ كورُها

من الناعباتِ المشِي نعباً كأنما

يناطُ بجذعٍ من أوالٍ جريرُها

من العَركنانيَّاتِ حرفٍ كأنها

مريرةُ ليفٍ شدَّ شزراً مغيرُها

قطعتُ بها موماةَ أرضٍ مخوفةٍ

مخوفٍ ردَاهَا حين يستنُّ مورُهَا

ترى ضعفَاءَ القومِ فيها كأنهمْ

دعاميصُ ماءٍ نشَّ عنها غديرُها

وقسورةِ الليل التي بينَ نصفِهِ

وبينَ العِشاءِ قد دأَبتُ أسيرُها

أبتْ كثرةُ الأعداءِ أن يتجنبُوا

كلابي حتى يستثارَ عقورُها

وما يشتكى جهلي ولكنَّ غرتي

تراها بأعدائِي لبيثاً طورُهَا

أمخترمِي ريبَ المنونِ ولمْ أزُرْ

جوارِيَ منْ همدانَ بيضاً نحورَها

تنوءُ بأعجَازٍ ثقالٍ وأسوق

خدالٍ وأقدامٍ لطافٍ خصورُها

وقال توبة أيضاً: الطويل

ألا هلْ فؤادِي من صبا اليومَ صافحُ

وهل ما وَأتْ ليلى بهِ لكَ ناجِحُ

وهلْ في غَدٍ إنْ كانَ في اليومِ علةٌ

سراحٌ لما تلوِي النفوسُ الشَحائِحُ

ولو أنَّ ليلى الأخيلية سلمتْ

عليَّ ودوني جندلٌ وصفائحُ

لسلمتُ تسليمَ البشاشةِ أو زقا

إليها صداً من جانبِ القبرِ صائحُ

ولوْ أنَّ ليلَى في السماءِ لأصعدَتْ

بطرفي إلى ليلى العيونَ الكواشحُ

ولو أرسلَتْ وحياً إليَّ عرفتهُ

مع الريحِ في موارِهَا المتناوِحُ

آأغبطُ من ليلى بما لا أنالُهُ

ألا كُلّ ما قرتْ به العين صالحُ

سقتني بشربِ المستصافِ فصردتْ

كما صردَ اللوحَ النطافُ الضحاضحُ

فهلْ تبكينْ ليلى إذ متُّ قبلها

وقامَ على قبرِي النساءُ النوائحُ

كما لو أصابَ الموتَ ليلى بكيتُها

وجادَ لها جارٍ من الدَّمعِ سافحُ

وفتيانِ صدقٍ وصلتُ جناحهمْ

على ظهرِ مغبرِّ التنوفةِ نازِحُ

بمائرةِ الضبعينِ معقودةِ النسَا

أمينِ القرافي مجفرٍ غيرِ جانحُ

وما ذُكرتِي ليلى على نَأْي دَارِها

بنجرانَ إلاَّ الترَّهاتُ الصحاصحُ

وقال توبة: الطويل

رمانِي بليلى الأخيلية قومُها

بأشياءَ لم تخلقْ ولم أدرِ ما هيا

فليتَ الذي يلقَى ويحزُنُ نفسَهَا

ويلقونَهُ بيني وبينَ ثيابيَا

فهلْ يبدُرنَّ البابَ قومُكِ أنني

قد أصبحتُ فيهم قاصيَ الدارِ نائيا

تمسكْ بحبلِ الأخيلية واطرِحْ

عدَى الناسِ فيها والوشاةَ الأدَانيا

فإنْ تمنعُوا ليلى وحسنَ حديثها

فلنْ تمنعوا مني البُكا والقوافيا

ولا رَملَ العيسِ النوافخِ في البُرَى

إذا نحنُ رفعنا لهنَّ المثانيَا

فهلاّ منعتمْ إذ منعتمْ كلامها

خيالاً يوافينِي على النأي هادَيا

ولو كنتُ مولى حقِّها لمنعتُها

ولكنَّ من دونِي لليلَى مواليَا

يلومُكَ فيها اللائمونَ فصاحةً

فليتَ الهوى باللائمينَ مكانيا

لو أنَّ الهوى في حبِّ ليلى أطاعَنِي

أطعتُ ولكنَّ الهوى قد عصانيا

وكمْ منْ خليلٍ قدْ تجاوزتُ بذلَهُ

إليكِ وصادٍ لو أتيتُ سقانيا

لعمري لقدْ سهدتنِي يا حمامةَ الْ

عقيقِ وقدْ أبكيتِ منْ كانَ باكيَا

وكنتُ وقورَ الحلمِ ما يستهشني

بكاءُ الصدَى لو نحتِ نوحاً مدانيا

ولوْ أنَّ ليلى في بلادٍ بعيدةٍ

بأقصَى بلادِ الجنِّ والناسِ واديَا

لكانتْ حديثَ الرَّكبِ أو لانتحَى بها

إذا أعلَنَ الرَّكبُ الحديثَ فؤادِيا

تربعُ ليلى بالمضيحِ فالحمى

وتقتاظُ من بطنِ العقيقي السواقيا

ذكرتُكِ بالغورِ التهامي فأصعدَتْ

شجونَ الهوى حتى بلغنَ التراقيا

فما زلتُ أزجي العيسَ حتى كأنما

ترى بالحصى أخفافَها الجمرَ حاميا

بثمدينَ لاحتْ نارُ ليلى وصحبتي

بفرعِ الغضا تزجي القلاصَ الحواميا

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي