منتهى الطلب من أشعار العرب/خداش بن زهير

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

خداشُ بن زهير

خداشُ بن زهير - منتهى الطلب من أشعار العرب

خداشُ بن زهير وقال خداشُ بن زهير بن ربيعة بن عامر فارس الضّحياء بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وخداش هو ذو الشّامة:

عفا واسطٌ أكلاؤهُ فمحاضرهُ

إلى جنبِ نهيَ سيلهُ فصدائرهْ

فشركٌ فأمواهُ اللَّديدِ فمنعجٌ

فوادي البديِّ غمرهُ فظواهرهْ

منازلُ من هندٍ وكان أميرها

إذا ما أحسَّ القيظَ تلكَ مصايرهْ

صلي مثلَ وصلي أمَّ عمرٍو فإنَّني

إذا خفتُ أخلاقَ النَّزيعِ أُدابرهْ

وأبيضَ خيرٍ منكِ وصلاً كسوتهُ

ردائي فيما نلتقي وأسايرهْ

وإنّي لتغشى حجرةَ الدّارِ ذمَّتي

ويدركُ نصري المرءَ أبطأ ناصرهْ

وإنّي إذا ابنُ العمِّ أصبحَ غارماً

ولو نالَ منِّي ظنَّةً لا أهاجرهْ

يكونُ مكانَ البرِّ منِّي ودونه

وأجعلُ مالي ماله وأُؤامرهْ

فإنَّ ألوكَ اللَّيلِ معطًى نصيبهُ

لديَّ إذا لاقى البخيلَ معاذرهْ

وإنِّي لينهاني الأميرُ عن الهوى

وأصرمُ أمري واحداً فأهاجرهْ

بأدماءَ من سرِّ المهارى كأنَّها

أقبُّ شنونٌ لم تخنهُ دوابرهْ

تصيَّفَ أطرافَ الصُّوى كلَّ صيفةٍ

وواردَ حتَّى ما يلثّمُ حافرهْ

ولاحتهُ هيفُ الصَّيفِ حتَّى كأنهُ

صليفُ غبيطٍ لاءمتهُ أواسرهْ

تلا سقبةً قوداءَ أفردَ جحشها

فقد جعلتْ تاذي به وتناكرُهْ

رباعيَّةً أو قارحَ العامِ ضامراً

يمائرها في جريهِ وتُمائرُهْ

إذا هبطا أرضاً حزوناً رأيتها

بجانبهِ إلاَّ قليلاً تواترهْ

فحلأها حتَّى إذا ما توقَّدتْ

عليهِ من الصَّمّانتينِ ظواهرهْ

وخالطَ بالأرساغِ من ناصلِ السَّفى

أنابيشَ مرميّاً بهنَّ أشاعره

أرنَّ عليها قارباً وانتحتْ لهُ

خنوفٌ إذا تلقى مصيفاً تبادرُهْ

فأوردها والنَّجمُ قد شالَ طالعاً

رجا منهلٍ لا يخلفُ الماءَ حائرهْ

فجاءتْ ولم تملكْ من الماءِ نفسها

وسافَ الشَّريعَ أنفهُ ومشافرهْ

فرادَ قليلاً ثمَّ خفَّضَ جأشهُ

على وجلٍ من جانبٍ وهو حاذرهْ

فدلَّى يديهِ بينَ ضحلٍ وغمرةٍ

تخالجُ من هولِ الجنانِ بوادرهْ

وأوسٌ لدى ركنِ الشَّمالِ بأسهمٍ

خفافٍ وناموسٍ شديدٍ حمائرهْ

إذا رابهُ من سهمهِ زيغُ قذَّةٍ

يعوذُ بمبراةٍ له فهو حاشرهْ

فأوردهُ حتَّى إذا مدَّ صلبهُ

وباشرَ بردَ الماءِ منه مناخرهْ

تنحَّى بمذروبٍ فأخلفَ ظنَّهُ

وويَّلَ ملهوفاً وخيِّبَ طائرهْ

فأصدرها تعلو النِّجادَ وينتحي

بها كلَّ ريعٍ متلئبٍّ مصادرهْ

يجنِّبُ رجليها يديهِ ورأسهُ

شديدٌ عليها وقعهُ وغشامرُهْ

فأصبحَ ذو حسمٍ ودورانُ دونهُ

وحسيُ القرانِ دونهُ وحزاورهْ

بعيدُ مدى صوتِ النُّهاقِ يردُّهُ

إلى جوفهِ منهُ صحيحاً نواظرهْ

أقبٌّ قليلُ العتبِ توبعَ خلقهُ

فأُفرغَ هاديهِ وأُرمحَ سائرهْ

كأنَّ ضئيَّيْ رأسهِ شجرُ واسطٍ

تفاقمَ حتَّى لا حكتهُ مسامرهْ

فتلكَ بها أقضي همومي وحاجتي

إذا ما التوتْ والهمُّ جمٌّ خواطرهْ

وقال خداشٌ أيضاً:

صبا قلبي وكلَّفني كنودا

وعاودَ داءهُ منها التَّليدا

ولم يكُ حبُّها عرضاً ولكنْ

تعلَّقَ داءهُ منها وليدا

ليالي إذ تربَّعُ بطنَ ضيم

فأكنافَ الوضيحةِ فالبرودا

وإذ هيَ عذبةُ الأنيابِ خودٌ

تُعيشُ بريقها العطشَ المجودا

ذريني أصطبحْ كأساً وأودي

مع الفتيانِ إذ صحبوا ثمودا

فإنِّي قد بقيتُ بقاءَ حيٍّ

ولكن لا بقاءَ ولا خلودا

وإنَّ المرءَ لم يخلقْ سلاماً

ولا حجراً ولم يخلقْ حديدا

ولكن عائشٌ ما عاشَ حتَّى

إذا ما كادهُ الأيّامُ كيدا

لحتْ عذَّالتايَ فقلتُ مهلاً

ألمّا تبصرا الرّأيَ الرَّشيدا

فما إن أمرتما إلاَّ بنحلٍ

فهلاَّ أن أُثمِّرَ أو أفيدا

سأحضرها التِّجارَ إذا أتوني

بخمرهمِ وأمنحها المُريدا

وأروي الفتيةَ النُّدماءَ منها

ذوي شركٍ يعدُّونَ الفقودا

رأيتُ الله أكثر كلِّ شيءٍ

محاولةً وأكثرهُ جنودا

تقوهُ أيُّها الفتيانُ إنِّي

رأيتُ اللهَ قد غلبَ الجدودا

رأيتُ الخادرَ المحجوبَ منّا

يلقَّى حتفهُ والمستريدا

ولمّا يُبقِ من سرواتِ فهرٍ

وخندفِ هذه إلاَّ شريدا

تولَّوا نضربُ الأقفاءَ منهمْ

بما انتهكوا المحارمَ والحدودا

وأبرحُ ما أدامَ اللهُ رهطي

رخيَّ البالِ منتطقاً مجيدا

بساهمةٍ أهنتُ لها عيالي

وأمنحها الخليَّةَ والصَّعودا

وأُلحفها إذا ما الكلبُ ولَّى

براثنهُ وجبهتهُ الجليدا

ردائيَ فهيَ صافنةٌ إلينا

تشيمُ بطرفها البلد البعيدا

منَ المتلفِّتاتِ لجانبيها

إذا أخضلنَ بالعرقِ اللَّبُّودا

أقدتُ بثابتٍ وإلى زيادٍ

رضختُ بنعمةٍ وإلى يزيدا

وفي النَّجارِ قد أسديتُ نعمى

وأجدرْ في النَّوائبِ أن أعودا

إذِ الأشهادُ من عمرو بن عوفٍ

قعودٌ في الرِّفاقِ وفي يهودا

أثيبوني القيانَ إذا انتديتمْ

وبزلَ الشَّولِ تحدى والبرودا

وجرداً في الأعنَّةِ مصغياتٍ

حدادَ الطَّرفِ يعلكنَ الحديدا

فأبلغْ إن عرضتَ بنا هشاماً

وعبد الله أبلغْ والوليدا

أولئكَ إن يكنْ في القومِ خيرٌ

فإنَّ لديهمِ حسباً وجودا

همُ خيرُ المعاشرِ من قريشٍ

وأوراها إذا قدحتْ زنودا

بأنّا يومَ شمظةَ قد أقمنا

عمودَ المجدِ إنَّ له عمودا

جلبنا الخيلَ ساهمةً إليهمْ

عوابسَ يدَّرعنَ النَّقعَ قودا

وبتنا نعقدُ السِّيما وباتوا

وقالوا صبِّحوا الأنسَ الحريدا

وقد حتموا القضاءَ ليجعلنّا

مع الإصباحِ جاريةً وئيدا

فجاؤوا عارضاً برداً وجئنا

كما أضرمتَ في الغابِ الوقودا

فقالوا يالَ عمرٍو لا تفرُّوا

فقلنا لا فرارَ ولا صدودا

فعاركنا الكماةَ وعاركونا

عراكَ النُّمرِ واجهتِ الأسودا

علوناهمْ بكلِّ أفلَّ عضبٍ

تخالُ جماءَ وقعتهِ خدودا

فلمْ أرَ مثلهمْ هزموا وفُلُّوا

ولا كذيادنا غبقاً مذودا

عددتمْ عطفتينِ ولم تعدُّوا

وقائعَ قد تركنكمُ حصيدا

تركنا البيدَ والمعزاءَ منهمْ

تخالُ خلالها معزًى صريدا

تركنا عامريهمْ مثلَ عادٍ

ومرَّةَ أُهلكوا إلاَّ الشَّريدا

وعبدَ الله قد قتلوا فصاروا

همُ الأنكاسَ يرعونَ النَّقيدا

أنا الحامي الذِّمارَ وليثُ غابٍ

أشبُّ الحربَ أشعلها وقودا

أهمُّ فلا أقصِّرُ دونَ همِّي

أنالُ الغنمَ والبلد البعيدا

بتجهيزي المقانبَ كلَّ عامٍ

وغاراتي على جبليْ زرودا

على الأحلافِ من أسدٍ وطيْئٍ

وفي غطفانَ أجدرُ أن أعودا

وقال خداشٌ أيضاً:

إذا ما الثُّريا أشرفتْ في قتامها

فُويقَ رؤوسِ النّاسِ كالرُّفقةِ السَّفْرِ

وأردفتِ الجوزاءُ يبرقُ نظمها

كلونِ الصِّوارِ في مراتعهِ الزُّهرِ

إذا أمستِ الشِّعرى استقلَّ شعاعها

على طلسةٍ من قرِّ أيّامها الغُبْرِ

وبادرتِ الشَّولُ الكنيفَ وفحلها

قليلُ الضِّرابِ حينَ يرسلُ والهدرِ

ألم تعلمي والعلمُ ينفعُ أهلهُ

وليسَ الذي يدري كآخرَ لا يدري

بأنّا على سرّائنا غيرُ جهَّلٍ

وأنّا على ضرّائنا من ذوي الصَّبرِ

وأنَّ سراةَ الحيِّ عمرو بن عامرٍ

مقارٍ مطاعيمٌ إذا ضنَّ بالقطرِ

وكم فيهمِ من سيِّدٍ ذي مهابةٍ

وحمّالِ أثقالٍ وذي نائلٍ غمرِ

ومن قائلٍ لا يفضلُ النّاسُ حلمهُ

إذا اجتمعَ الأقوامُ كالقمرِ البدرِ

ونلبسُ يومَ الرَّوعِ زغفاً مُفاضةً

مضاعفةً بيضاً لها حببٌ يجري

ونفري سرابيلَ الكُماةِ عليهمِ

إذا ما التقينا بالمهنَّدةِ البترِ

ونصبرُ للمكروهِ عندَ لقائنا

ونرجعُ منهُ بالغنيمةِ والذِّكرِ

وقد علمتْ قيسُ بن عيلانَ أنَّنا

نحلُّ إذا خافَ القبائلُ بالثَّغرِ

بحيٍّ يراهُ النّاسُ غير أُشابةٍ

لهمْ عرضُ ما بينَ اليمامةِ والقهرِ

ترى حينَ تأتيهمْ قباباً وميسراً

وأخبيةً من مستجيرٍ ومن تجرِ

ولا يمنعُ الحانوتَ منّا زعانفٌ

من النَّاسِ حتَّى نستفيقَ من الخمرِ

أنا ابن الذي لاقى الهمامَ فردَّهُ

على رغمهِ بينَ المثامنِ والصَّخرِ

أقمنا بقاعِ النَّخلِ حينَ تجمَّعتْ

حلائبُ جعفيٍّ على محبسِ النَّفرِ

ضربناهمُ حتَّى شفينا نفوسنا

من السَّيِّدِ العاتي الرَّئيسِ ومن دهرِ

وفي شعبى يومٌ لنا غيرُ وابطٍ

ويومُ بني وهيٍ ويومُ بني زحرِ

نعاورهمْ ضرباً بكل مهنَّدٍ

ونجزيهمِ بالوترِ وتراً على وترِ

دروعٌ وغابٌ لا يرى من ورائهِ

سنا أفقٍ بادٍ ولا جبلٍ وعرِ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي