منتهى الطلب من أشعار العرب/خفاف بن ندبة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

خفاف بن ندبة

خفاف بن ندبة - منتهى الطلب من أشعار العرب

خفاف بن ندبة وقال خفاف بن عمير بن الحرث بن عمرو بن الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عضية السلمي: الطويل

ألا طرقتْ أسماءُ منْ غيرِ مطرقِ

وأنِّى إذا حلتْ بنجرانَ نلتقي

سرتْ كلَّ وادٍ دونَ رهوةَ دافعٍ

فجلذانَ أو كرمٍ بليةٍ مغدقِ

تجاوزتِ الأعراص حتى توسدتْ

وسادِي لدى بابٍ منا لدور مغلقِ

بغرِّ الثنايا خيفَ الظلمُ بينهُ

وسنةِ رئمٍ بالجُنيْنَةِ موثَقِ

ولمْ أرهَا إلاَّ تَئيةَ ساعةٍ

على ساجرٍ أو نظرةً بالمشرقِ

ويومَ الجميعُ الحابسونَ براكِسٍ

وكانَ المحاقُ موعداً للتفرقِ

بوجٍّ وَما بالِي بوجٍّ وبالُها

ومنْ يلقَ يوماً جدَّةَ الحُبِّ يخلَقِ

وأبدَى بئيسُ الحجِّ منها معاصماً

ونحراً متى يحللْ به الطيبُ يشرقِ

فأمّا تريني اليوم أقصرَ باطلي

ولاحَ بياضُ الشيبِ في كلِّ مفرقِ

وزايلني زينُ الشبابِ ولينهُ

وبدلتُ منه جردَ آخرَ مخلقِ

فعثرةِ مولى قدْ نعشتُ بأسرةٍ

كرامٍ على الضراءِ في كلٍّ مصدقِ

وغمرةِ مخمورٍ نغشتُ بشربةٍ

وقدْ ذمَّ قبلي ليلُ آخرَ مطرقِ

ونهبٍ كجماعِ الثريَّا حويتُهُ

غشاشاً بمحتاتِ الصفاقين خيفقِ

ومعشوقةٍ طلقتُها بمرشةٍ

لها سننٌ كالأتحميِّ المُخرَّقِ

فآبتْ سليباً منْ أناسٍ تحبُّهمْ

كئيباً ولولا طلعتِي لمْ تطلقِ

بخيلٍ تنادَى لا هوادةَ بينَها

شهدتُ بمذلولِ المعاقمِ محنقِ

عظيمٍ طويلٍ غيرِ جافٍ نما بهِ

سليمُ الشظا في مكرباتِ المطبقِ

معرضُ أطرافِ العظامِ مشرفٌ

شديدُ مشكِّ الجنبِ فعمُ المنطقِ

من الكاتماتِ الرَّبوَ ينزعُ مقدِماً

سبوقٌ إلى الغاياتِ غيرُ مسبقِ

إذا ما استحمتْ أرضهُ من سمائه

جرى وهو مودوعٌ وواعدُ مصدقِ

وناصَ الشمالَ طعنُهُ في عنانهِ

وباعَ كبوعِ الخاضبِ المتطلقِ

وعتهُ جوادٌ لا يباعُ جنينُها

لمنسوبةٍ أعراقهُا غيرُ محمِقِ

بصيرٍ بأطرافِ الحدابِ ترى لهُ

سراةً تساوي بالطرافِ المروقِ

ومرقبةٍ يزلُّ عنها قتامُها

يمامتُها منها بضاحٍ مذلقِ

تبيضُ عتاقُ الطيرِ في قذفاتهِ

كطرةِ بابِ الفارسيِّ المغلّقِ

رَبأتُ وحرجوجٌ جهدتُ رواحَها

على لاحِبٍ مثلَ الحصيرِ المنمَّقِ

تبيتُ إلى عدٍّ تقادمَ عهدهُ

برودٍ تقا حرَّ النهارِ بغلْفَقِ

كأنَّ محافيرَ السِّباعِ حياضهُ

لتعريسِها جنبَ الإزاءِ المُخرَّقِ

معرسُ ركبٍ قافلينَ بضرةٍ

صرادٍ إذا ما نارهُم لمْ تحرَّقِ

فدعْ ذا ولكنْ هلْ ترى ضوءَ بارقٍ

يضيءُ حبياً في ذرأتي متألقِ

على الأتمِ منهُ وابلٌ بعدَ وابلٍ

فقدْ رهقتْ قيعانهُ كلَّ مرهقِ

وجرَّ بأكنافِ البحارِ إلى الصِّلا

رباباً لهُ مثل النعامِ المعلّقِ

فأبلَى سقاً يعلو العضَاه غُشاؤُهُ

يصفق منها الوحشُ كلَّ مصفقِ

فجادَ شرورَى فالستارَ فأصبحَتْ

تعارُ له فالوادِيانِ بمودِقِ

كأنَّ الضبابَ بالصحارى غديةً

رجالٌ دعاهُم مستضيفٌ لموسقِ

لهُ حدبٌ يستخرجُ الذئبَ كارِهاً

يهزُّ الغُثاءَ عندَ غانٍ بمطْلَقِ

يخرجُها رأسٌ خَسيفٌ كأنهُ

مخامرُ طلعٍ في ذراعٍ ومرفقِ

كأنَّ الحداةَ والمشايعَ وسطَه

وعوذاَ مطافيلاً بأمعزَ تصدُقِ

وقال خفاف: المتقارب

ألا تلكَ عرسيَ إذْ أمعرَتْ

أساءَتْ ملامَتَنَا والإمارَا

وقالتْ أرَى المالَ أهلكتَهُ

وأحسبُهُ لو تراهُ معارَا

ويمنعُ منها نَماءَ الإِفالِ

مشيُّ القداحَ ونقدي التجارا

وقولُ الألدَّةِ عندَ الفصالِ

إذا قمتُ لا تتركنّا حِرارِا

غشيتُ حروناً ببطنِ الضباعِ

فألمحُ منْ آلِ سلمى دثارا

نظرتُ وأهلي على صائفٍ

هدواً فآنستُ بالفردِ نارا

عليها خذُولٌ كأمِّ الغَزَا

لِ تقرُو بذروَة ضالاً قِصَارا

تنضُّ لروعاتهِ جيدها

إذا سمعتْ منْ مغمٍّ جُؤَارا

أصاحِ ترى البرقَ لمْ يغتمِضْ

إذا زعزعتْهُ الجنوبُ استطارا

فسلَّ مصابيحهُ بالعشاءِ

تحسبُ في حافتيهِ المنارا

كأنَّ تكشفهُ بالنشاصِ

بلقٌ تكشفُ تحمي مهارا

أقامَ بذي النخلِ رَيعانهُ

وجادَ مسلحةً فالستارا

وحططَ أحمرَ بالدوْنَكَيْنِ

يغشَيْنَ معتصِماتٍ تعارا

فأضحَى بمعتلجِ الواديينِ

يبرقُ منهُ صبيرٌ نهارا

خسيفٌ يزيفُ كزيفِ الكَسيرِ

ينهمرُ الماءُ منهُ انهمارا

وغيثٍ تبطنتُ قريانهُ

يحاوبُ فيه نهيقٌ عرارا

ذعرتُ عصافيره بالسوادِ

أوزعُ ذا ميعةٍ مستطارا

منَ الممعضاتِ لفضِّ القرونِ

إذا كرَّ فيهِ حميمٌ غرارا

إذا نزَّعتهُ إليَّ الشَّمالُ

راجعَ تقريبَهُ ثمَّ غَارا

كما جاشَ بالماءِ عندَ الوقُو

دِ مرجلُ طَبّاخهِ ثمَّ فارا

يعزَّ القوافلَ سهلَ الطريقِ

إذا طابقتْ وعثهُنَّ الحرارا

يفينَ ويحسبُهُ قافلاً

إذا اقْورَّ حِملاجَ ليفٍ مُغارا

ومُفرِهَةٍ تامِكٍ نيها

إذا ما تساقُ تزينُ العشارا

لقيتُ قوائمها أربعاً

فعادتْ ثلاثاً وعادتْ ضمارَا

فجاءَ إلينا ألدُّ الرجالِ

يقسمُ يأخذُ منها اليسارا

تفلتُ عن غلمةٍ شاربينَ

لو طارَ شيءٌ من الجهلِ طَارا

فلما تبينَ مكروهنا

وأيقنَّ أنَّا نهينُ السيارَا

تصدَّى لنجزيهُ مثلها

وننظرَ ماذا يكونُ الحوارا

وقال خفاف أيضاً: المنسرح

أوحشَ النخلُ منْ نعاملَ فالرَّ

وضاتُ بينَ الغِياءِ فالنُّجُدِ

بدلتِ الوحشَ بالأنيسِ لمَا

مرَّ عليها من سالفِ الأبدِ

بعدَ سوامٍ تعلُو مسارحهُ

تسمعُ فيهِ جوائزَ النقدِ

يحرسُ أكلاءهُ ويحفظهُ

كلَّ عنودِ القيادِ كالمسدِ

وسابحٍ مدمجٍ نحيزتهُ

طرفٌ كتيس الظباء منجرد

ليستْ لهُ نبوةٌ فنكرهها

يومَ رهانٍ منهُ ولا طردِ

يا هلْ ترى البرقَ بتُّ أرقبُهُ

في مكفهرٍّ نشاصُهُ قردِ

مالَ على قبَّةِ البَثاءِ فعزَّ ال

مترُ بينَ الرجلاءِ فالجمدِ

يتركُ منها النهاءَ مفرطةً

مثل الرياطِ المنشورةِ الجددِ

إذا مرتْهُ ريحٌ يمانيةٌ

يردُّ ريعانُهُ إلى نضدِ

إنْ أمْسِ رمساً تحتَ الترابِ فهل

تصرفُ بعدي المنونُ عن أحدِ

كل امرئٍ فاقدٌ أحبتهُ

ومسلِمٌ وجههُ إلى البلدِ

وقد أغادي الحانوتَ أنشرهُ

بالرحلِ فوق العيرانةِ الأجدِ

تنفذُ عيني إلى الكياسِ ولا

أسكرُ من ريحها ولم أكدِ

وأتركُ القرنَ في المكرّ وقدْ

أقتلُ جوعَ المحولِ الصردِ

وأهبطُ العازبَ المخوفَ بهِ

الموتُ نهاراً بسابحٍ نهدِ

أجردَ مدلوكةٌ معاقمهُ

فقمٌ كشاةِ الصريمةِ العتدِ

لمْ يتخاوش من النقابِ ولمْ

يزرِ بهِ قيظهُ ولمْ يردِ

وقال خفاف: البسيط

ما هاجَكَ اليومَ من رسمٍ وأطلالِ

منها مبينٌ ومنها دارسٌ بالِ

بينَ سنامٍ وهضميهِ وذي بقرٍ

كأنها صحفٌ يخطها تالي

دارٌ لقيلَةَ إذْ قلبي بها كلفٌ

أقوت منازلُها من ْ بعدِ أحوالِ

تمشي النعاجُ بها والعينُ مطفلةٌ

إلى رواشحَ قد حفتْ وأطفالِ

ظللتُ فيها كيئباً غيرَ مضطلعٍ

همي وأسبلَ دمعي أيَّ إسبالِ

وجسرةِ الخلقِ منفوجٍ مرافقُها

عيرانةٍ كوبيلِ القسِّ شملالِ

تعدو إذا وقعت منْ غرزها قدَمي

عدو شتيمٍ على حقباءَ مجفالِ

صعلٌ أتاهُ بياضٌ من شواكلهِ

جونَ السراةِ أجشَّ الصوتِ صلصالِ

يغدُو على شُسُبٍ شُعثٍ عقايقُها

كأنَّ تصويته تصويتُ إهْلالِ

أو فوقَ أحقبَ يقرو رملَ واقصةٍ

في رعلةٍ كشقيق التجرِ أمْثالِ

قد خضبَ الكعبُ من نسفِ العروقِ بهِ

من الرُّخامى بجنبيْ حزمِ أورَالِ

هبتْ عليهِ سمومُ الصيفِ لاهبةً

وكفتِ الماءَ عنهُ صدرَ شوالِ

إلا التمادَ فما ينفكُّ يحفرُها

أو طحلُباً بأعالي اللصبِ أو شالِ

خضراَ كسينَ دوينَ الشمسِ عرمضهُ

في رأسِ شاهقةٍ عيطاءَ مضلالِ

كأنَّ كوكبَ نحسٍ في معرَّسةٍ

أو فارسيَّاً عليه سَحْق سِرْبالِ

فَعارضتْ بكَ في خرْقٍ لهُ قَتَمٌ

تزقُو بهِ الهَامُ ذي قوزٍ وأميالِ

تنادِي الرَّكب جَاروا عنْ طريقهمُ

ويتقونَ بهادٍ غيرِ مضلالِ

إنْ تعرِضي وتضني بالنوالِ لنَا

فواصِلنَّ إذا واصلتِ أمثالِي

إني صبورٌ على مانابَ معترفٌ

أصرفُ الأمرَ من حالٍ إلى حالِ

أنمِي إلى مجدِ أجدادٍ لهمْ عددٌ

مذللينَ لوطءِ الحقِّ أزوالِ

القائمينَ لأمرٍ لا يقُومُ لَهُ

إلا هُمُ ومحاميلٌ لأثقالِ

والمطعمينَ إذا هبتْ شآميةٌ

تذري الهشيمَ وثمَّ الدندنِ البالي

ومرصدٍ خائفٍ لا يستطيفُ بهِ

من المسامحِ إلاّ المُشفِقِ الخَالي

قدْ عودُوهُ قياداً كُلَّ سلْهَبةٍ

تنطو الخَميْسَ ونِعْمَ الجَوْز ذَيّالِ

يُجْذَبْنَ في قِددِ الأَرسانِ قافلةً

مثلَ القسيِّ بَرَا أعطافها الفَالي

وقال خفاف أيضاً: الوافر

ألا صرمتُ منْ سلْمَى الزمامَا

ولمْ تنجدْ لمَا يبغَى قواما

وفاجأنِي فراقُ الحيِّ لمَّا

أشطَّ نواهُمُ إلاّ لمامَا

وما إنْ أحورُ العينينِ طفلٌ

تتبعَ روضةً يقرُو السلامَا

بوجْرةَ أو ببطنِ عقيقِ بُس

يقيلُ بهِ إذا ما اليومُ صَامَا

إذا ما اقتافَها فحنتْ عليهِ

دنتْ من وهْدِ دانيةٍ فنَاما

بأحسنَ منْ سليمَى إذْ تراءتْ

إذا ما ريعَ منْ سَدَفٍ فَقَامَا

وما إنْ يخلُ وجرُ إذا استقلتْ

مكممةً وقاربتِ الصراما

لها سحقٌ ومنها دانياتٌ

جوانحُ يزدحمنَ بها ازدحامَا

بأحسنَ من ظعائنَ آلِ سلمى

غداةَ نهلنَ ضاحيةَ سنامَا

فيممنَ اليمامةَ معرقاتٍ

وشِمْنَ بروضِ عالجَة الغمامَا

فإمَّا تعرضِي يا سلمَ عني

وأصبِحُ لا أكلمُكُمْ كلامَا

فربَّ نجيبةٍ أعملتُ حتى

تقومَ إذا لويتُ لها الزمامَا

وحتى تتبعَ الغربانُ منها

ندوبَ الرَّحلِ لا تُعدي سنامَا

فتوردَني لربعٍ أو لخمسٍ

مياةَ القيظِ طاميةً جماما

قليلاً من عليها غيرَ أني

أثورُ من مدارجِهَا الحَمَاما

ذعرتُ الذئبَ يحفرُ كلَّ حوضٍ

ويقضمُ من معاطنِهَا العظامَا

ويومٍ قد شهدتُ به صحابي

يقضي القومَ غنماً واقتسامَا

تخالُ ركابهُمْ في كلِّ فَجٍّ

إذا قامتْ مخطمةً قِعامَا

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي