منتهى الطلب من أشعار العرب/دريد بن الصمة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

دريد بن الصمة

دريد بن الصمة - منتهى الطلب من أشعار العرب

دريد بن الصمة وقال دريد بن الصمة الجشمي من جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن يرثي عبد الله أخاه وقتله بنو عبس:

أرثَّ جديدُ الحبلِ من أمَّ معبدِ

بعاقبةٍ وأخلفت كلَّ موعدِ

وبانت ولم أحمد إليكَ نوالها

ولم ترجُ فينا ردةَ اليومِ أو غدِ

كأنَّ حمولَ الحيِّ إذ تلعَ الضحى

بناصفةِ السحناءِ عصبةُ مذودِ

أو الأثأبُ العمُّ المحزمُ سوقهُ

بشابةَ لم يخبط ولم يتعضدِ

أعاذلَ مهلاً بعضَ لومكِ واقصدي

وإن كانَ علمُ الغيبِ عندكِ فارشدي

وقلتُ لعارضٍ وأصحابِ عارضِ

ورهطِ بني السوداءِ والقومُ شهدي

وقلتُ لهم إنَّ الأحاليف أصبحت

مطنبةٌ بينَ الستار وثهمدِ

علانيةً ظنوا بألفي مدحجٍ

سراتهم في الفارسي المسردِ

ولما رأيتُ الخيلَ قبلاً كأنها

جرادٌ تباري وجهةَ الريحِ مغتدِ

أمرتهمُ أمري بمنعرجِ اللوى

فلم يستبينوا النصحَ إلا ضحى الغدِ

فلما عصوني كنتُ منهم وقد أرى

غوايتهم وأنني غيرُ مهتدي

وهل أنا إلاَّ من غزيةَ إن غوت

غويتُ وإن ترشد غزيةُ أرشدِ

دعاني أخي والخيلُ بيني وبينهُ

فلما دعاني لم يجدني بقعددِ

أخي أرضعتني أمهُ بلباتها

بثديِ صفاءٍ بيننا لم يجددِ

فجئتُ إليهِ والرماحُ تنوشهُ

كوقعِ الصياصي في النسيجِ الممددِ

وكنتُ كأمِّ البوِّ ريعت فأقبلت

إلى جلدٍ من مسكِ سقبٍ مقددِ

فطاعنتُ عنهُ الخيلَ حتى تنهنهت

وحتى علاني حالكُ اللونِ أسودِ

قتالَ امرئٍ آسى أخاهُ بنفسهِ

ويعلمُ أنَّ المرءَ غيرُ مخلدِ

تنادوا فقالوا أردتِ الخيلُ فارساً

فقلتُ أعبدُ اللهِ ذلكمُ الردي

فإن يكُ عبدُ اللهِ خلى مكانهُ

فما كانَ وقافاً ولا طايشَ اليدِ

ولا برما إذا الرياحُ تناوحت

برطبِ العضاهِ والهشيمِ المعضدِ

كميشُ الإزارِ خارجٌ نصفُ ساقهِ

صبورٌ على العزاءِ طلاعُ أنجدِ

قليلٌ تشكيهِ المصيباتِ حافظٌ

من اليوم أعقابَ الأحاديثِ في غدِ

إذا هبطَ الأرضَ الفضاءَ تزينت

لرؤيتهِ كالمأتمِ المتبددِ

وكنتُ كأني واثقٌ بمصدرٍ

يمشي بأكنافِ الخبيبِ بمشهدِ

وهونَ وجدي أنني لم أقل لهُ

كذبتَ ولم أبخل بما ملكت يدي

وغارةِ بينِ الليلِ واليومِ فلتةٍ

تداركتها ركضاً بسيدٍ عمردِ

سليم الشظا عبلِ الشوى شنجِ النسا

طويلِ القرى نهدٍ أسيلِ المقلدِ

يفوتُ طويلَ القومِ عقدُ عذارهِ

منيفٍ كجذعِ النخلةِ المتجردِ

فإن تمكنِ الأيامُ والدهرُ تعلموا

بني قاربٍ أنا غضابٌ بمعبدِ

وقال دريد أيضاً:

هل مثلُ قلبكَ في الأهواءِ معذورُ

والشيبُ بعدَ شبابِ المرءِ مقدورُ

قد خفَّ صحبي وأشكوني وأرقني

خودٌ ترببها الأبوابُ والدورُ

لما رأيتُ بأن جدوا وشيعني

يومَ الصبابةِ والمنصورُ منصورُ

واكبتهم بأمونٍ جسرةٍ أجدٍ

كأنها فدنٌ بالطينِ ممدورُ

وجناءَ لا يسأمُ الإيضاعَ راكبها

إذا السرابُ اكتساهُ الحزنُ والقورُ

كأنها بينَ جنبي واسطٍ شببٌ

وبينَ ليانَ طاوي الكشحِ مذعورُ

يا آلَ سفيانَ ما بالي وبالكمُ

أنتم كثيرٌ وفي الأحلامِ عصفورُ

إذا غلبتم صديقاً تبطشونَ بهِ

كما تهدمُ في الماءِ الجماهيرُ

وأنتمُ معشرٌ في علوكم شنجٌ

بزخُ الظهورِ وفي الأستاهِ تأخيرُ

يا آلَ سفيانَ إني قد شهدتكمُ

أيامَ أمكمُ حمراءُ مئشيرُ

هلاَّ نهيتم أخاكم عن سفاهتهِ

إذ تشربونَ وغاوي الخمرِ مزجورُ

لن تسبقوني ولو أمهلتكم شرفاً

عقبي إذا أبطأ الفحجِ اليحاميرُ

إلى الصراخِ وسربالي مضاعفةٌ

كأنها مفرطٌ بالسيءِ ممطورُ

بيضاءُ لا ترتدى إلا على فزعٍ

من نسجِ داوودَ فيها السكُ مقتورُ

قد علمَ القومُ إني من سرانهم

إذا تقلصَ في البطنِ المذاكيرُ

إذا طردنا كسونا الخيلَ أنضيةً

وإن طردنا كأنا خلفنا زورُ

قومٌ إذا اختلفَ الهيجاءُ واختلفت

صبرٌ إذا عردَ العزلُ العواويرُ

لقد أروعُ سوامَ الخيلِ ضاحيةً

بالجردِ يركضها الشعثُ المغاويرُ

يحملنَ كلَّ هجانٍ صارمٍ ذكرٍ

وتحتهمُ شزبٌ قبٌّ محاضيرُ

أوعدتمُ إبلي كلاَّ سيمنعها

بنو غزيةَ لا ميلُ ولا عورُ

كأنَّ ولدانهم لما اختلطنَ بهم

تحتَ العجاجةِ بالأيدي العصافيرُ

تنجو سوالفها من ساطعٍ كدرٍ

كما تجللتِ الوعثَ اليعافيرُ

متنطقاً بحسامٍ غيرِ منقضمٍ

عضبِ المضاربِ فيهِ السمُّ مذرورُ

وعاملٍ مارنٍ صُمِّ معاقمهُ

فيهِ سنانٌ حديدُ الحدِّ مطرورُ

وقال دريد أيضاً:

إن يكُ رأسي كالثغامةِ نسلهُ

يطيفُ بي الولدانُ أحدبَ كالقردِ

رهينةَ قعرِ البيتِ كلَّ عشيةٍ

كأني أرادى أن أصوبَ في مهدِ

فمن بعدَ فضلٍ في شبابٍ وقوةٍ

ورأسٍ أثيثٍ حالكِ اللونِ مسودِ

فقد أبعثُ الوجناءَ يدمى أظلها

على ظهرِ سبسابٍ كحاشيةِ البردِ

فأوردتها ماءً قليلاً أنيسهُ

حديثاً بعهدِ الناسِ أو غيرَ ذي عهدِ

فأعكسها في جمةٍ فنضأتها

فآنستُ ما أبغي وأتعبتها تردي

إلى علمٍ ناءٍ كأنَّ مسافهُ

مخللُ كتانٍ من النأي والبعدِ

وخيلٍ كأسرابِ القطا قد وزعتها

على هيكلٍ نهدِ الجزارةِ مرمدِ

سوابقها يخرجنَ من متنصفٍ

خروجَ القواري الخضرِ من سبلِ الرعدِ

وغيثٍ من الوسميِّ حوِّ تلاعهُ

علتهُ جمادى بالبوارقِ والرعدِ

تبطنتهُ تعدو ببزيَ نهدةٌ

جلالةُ ما بينَ الشراسيفِ واللبدِ

وتخطو على صمٍّ كأنَّ نسورها

نوى القسبِ يستوقدنَ في الظربِ الصلدِ

لها حضرٌ كيفَ الحريقُ وعقبها

كجمِّ الخسيفِ بعدَ معمعةِ الوردِ

قليلُ البتاتِ غيرَ قوسٍ وأسهمٍ

وأبيضَ قصالِ الضريبةِ محتدِّ

وأسمرَ مربوعٍ متلٍّ كعوبهُ

يصرفُ فيهِ لهذماً وادقَ الحدِّ

وقال دريد أيضاً في الخنساء وخطبها فكرهته لكبره:

وقاكِ اللهُ يا ابنةَ آلِ عمرو

من الفتيانِ أمثالي ونفسي

ولا تلدي ولا ينكحكِ مثلي

إذا ما ليلةٌ طرقت بنحسِ

إذا عقبُ القدورِ تكونُ ماءً

تحبُّ حلائلُ الأبرامِ عرسي

وقد علمَ المواضعُ في جمادى

إذا استعجلنَ عن حزٍّ بنهسِ

بأني لا أبيتُ بغيرِ لحمٍ

وأبدأُ بالأراملِ حينَ أمسي

وأني لا ينادي الحيُّ ضيفي

وضيفي لا يبيتُ خبيثَ نفسي

وتزعمُ أنني شيخٌ كبيرٌ

وهل نبأتها أني ابنُ أمسِ

تريدُ أفيحجَ القدمينِ شثناً

يبادرُ بالجدايرِ كلَّ كرسِ

وأصفرُ من قداحِ النبعِ صلبٌ

خفيُّ الوسمِ من ضرسِ ولمسِ

دفعتُ إلى المفيضِ إذا استقلوا

على الركباتِ مطلعَ كلِّ شمسِ

وإن أكدي فتامكةٌ تؤدي

وإن أوري فإني غيرُ شكسِ

ومرقصةٍ رددتُ الخيلَ عنها

بموزعةِ التوالي ذاتِ فلسِ

وما قصرت يدي عن عظمِ أمرٍ

أهمُّ بهِ وما سهمي بنكسِ

وما أنا بالمزجي حينَ يسمو

عظيمٌ مل أمورِ ولا بوهسِ

وقد أجتازُ عرضَ الخرقِ ليلاً

بأعيسَ من جمالِ العيدِ جلسِ

كأنَّ على تنائفهِ إذا ما

أضاءت شمسهُ أثوابَ برسِ

وقال دريد أيضاً:

غشيتُ برابغٍ طللاً محيلاً

أبت آياتهُ إلاَّ تحولا

تعفت غيرُ سفعٍ ماثلاتٍ

يطيرُ سواده سملاً جفولا

سواكنهُ جوامعُ بينَ جأبٍ

يساقطُ بينَ سمنتهِ النسيلا

إذا ما صاحَ حشرجَ في سحيلٍ

وإرنانٍ فأتبعهُ سحيلا

وظلمانٍ مجوفةٍ بياضاً

وعينٍ ترتعي منهُ بقولا

وقفتُ بها سراةَ اليومِ صحبي

أكفكفُ دمعَ عيني أن يسيلا

ألا أبلغ وشاةَ الناسِ أني

أكونُ لهم على نفسي دليلا

بأني قد تركتُ وصالَ هندٍ

وبدلَ ودها عندي ذهولا

فإني آتي التي تهوونَ منها

فقد عاصيتها زمناً طويلا

فلا تلدي ولا ينكحكِ مثلي

إذا طردَ السفا هيفاً نصولا

وأجدبتِ البلادُ فكنَّ غبراً

وعادَ القطرُ منزوراً قليلا

فإنكِ إن سألتِ سراةَ قومي

إذا ما حربهم نتجت فصيلا

ألستُ أعدُّ سابغةً ونهداً

وذا حدينِ مشهوراً صقيلا

وأعفو عن سفيههمِ وأرضى

مقالةَ من أرى منهم خليلا

بجنبِ الشعبِ يرهقني إذا ما

مضى فيهِ الرعيلُ رأى رعيلا

ونحنُ معاشرٌ خرجوا ملوكاً

تفكُّ عن المكبلةِ الكبولا

متى ما تأتِ نادينا تجدنا

جحاجحةً خضارمةً كهولا

وشباناً إذا فزعوا تغشوا

سوابغَ يسحبونَ لها ذيولا

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي