منتهى الطلب من أشعار العرب/رقيع

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

رقيع

رقيع - منتهى الطلب من أشعار العرب

رقيع وقال رقيع، واسمه عمارة بن حبيب أخو بني أسامة بن نمير بن والبة، وهو إسلامي في أول زمن معاوية بن أبي سفيان:

أمنْ دمنةٍ مِن آلِ ليلى غَشيتها

على تمِّ حولٍ ماءُ عينيكَ سافِحُ

كإرشاشِ غربٍ بينَ قرنَيْ محالةٍ

مقحَّمهُ دامي السَّلائقِ ناضِحُ

على جربةٍ تسنو فللغربِ مفرغٌ

حثيثٌ وماءُ البئرِ في الدَّبرِ سائِحُ

لعمري وما عمري عليَّ بهيِّنٍ

لقدْ طوَّحتْ ليلى الدِّيارُ الطَّوارِحُ

ومرَّ ببينٍ عاجلٍ مِن وصالِها

سوانحُ طيرٍ غدوةً وبوارِحُ

فقلتُ لأصحابي أُسرُّ إليهم

عزاءً كأنِّي بالذي قلتُ مازِحُ

صحا القلبُ عنْ ذكرِ الصِّبا غيرَ أنَّني

تذكرني ليلى البروقُ اللَّوامِحُ

وعنَّ الهوى والشَّوقُ أمسى جميعهُ

بليلى وممساها منَ الأرضِ نازِحُ

فيا ليتَ ليلى حينَ تنأى بها النَّوى

يخبِّرنا عنها الرِّياحُ النَّوائِحُ

فتخبرنا ما أحدثَ الدَّهرُ بعدَنا

وإنَّ الذي بيني وبينكِ صالِحُ

بعيدٌ عنِ الفحشاءِ عفٌّ عنِ الأذى

ذليلُ دلالٍ عندَ ذي اللُّبِّ رابِحُ

عزيزٌ منعْنا بابهُ لا ينالهُ

صديقٌ ولا بادي العداوةِ كاشِحُ

ودويَّةٍ من دونِ ليلى مظنَّةٍ

بها مِن غواةِ النَّاسِ عاوٍ ونابِحُ

قطعتُ بموارِ الملاطينِ ممعجٍ

إذا بلَّ ليتَيْهِ منَ الماءِ ناتِحُ

هبلٍّ مشلٍّ أرحبيّ كأنَّهُ

إذا ما علا سهباً منَ الأرضِ سابِحُ

سريعُ لحاقِ الرَّحلِ غالٍ بصدرهِ

إذا اغتالتِ السَّيرَ الصَّحاري الصَّحاصِحُ

وشعثٍ نشاوَى بالكرى قدْ أملَّهمْ

ظهورُ المطايا والصَّحاري الصَّرادِحُ

أناخوا وما يدرونَ مِن طولِ ما سرَوا

بحقٍّ أقفٌّ أرضمٌ أمْ أباطِحُ

فناموا قليلاً خلسةً ثمَّ راعهمْ

ندايَ وأمرٌ يفصلُ الشَّكَّ جارِحُ

لذكرى سرتْ منْ آلِ ليلى فهيَّجتْ

لنا حزَناً برحٌ منَ الشَّوقِ بارِحُ

وقد غابَ غوريٌّ من النَّجمِ لو جرى

لغيبوبةٍ حتَّى دنا وهوَ جانِحُ

فقامُوا بظئرانٍ فشدُّوا نسوعَها

على يعملاتٍ منعلاتٍ طلائِح

كماشٍ تواليها صيابٍ صدورُها

عياهيمُ أيديها كأيدي النَّوائِح

تشكَّى الوجى من كلِّ خفٍّ ومنسمٍ

على أنَّها تُؤتي الحصى بالسَّرائِح

وداعٍ مضافٍ قدْ أطفْنا وراءه

وجانٍ كفيْنا البأسَ والبأسُ طالِحُ

وحيٍّ حلالٍ قد أبحْنا حماهمُ

بوردٍ ووردٍ قدْ لقينا بناطِح

وجمعٍ فضضناهُ وخيلٍ كأنَّها

جرادٌ تلقَّى مطلعَ الشَّمسِ سارحُ

صبرْنا لهمْ والصَّبرُ منَّا سجيَّةٌ

بفتيانِ صدقٍ والكهولُ الجحاجِح

ففاؤوا بطعنٍ في النُّحورِ وفي الكُلى

يجيشُ وضربٍ في الجماجمِ جارِح

ففزْتا بها مجداً وفاءَ عدوُّنا

بحقدٍ وقتلٍ في النُّفوسِ الأوانح

فوارسُنا الحامُو الحقيقةَ في الوغى

وأيسارُنا البيضُ الوجوهِ المسامحُ

وما سبَّ لي خالٌ ولا سبَّ لي أبٌ

بغدرٍ وما مسَّتْ قناتي القوادحُ

وإنِّي لسبَّاقُ الرِّهانِ مجرِّبٌ

إذا كثرتْ يومَ الحفاظِ الصَّوائحُ

أعاذلَ مهلاً إنَّما المرءُ عاملٌ

فلا تُكثري لومَ النُّفوسِ الشَّحائح

دَعيني وهمِّي إنْ هممتُ وبُغيتي

أعشْ في سوامٍ أوْ أطحْ في الطَّوائِح

فلَلمرءُ أمضى مِن سنانٍ إذا مضى

وللهمُّ أكمى منْ كميّ مشايِح

فإنْ أحيَ يوماً ألقَ يوماً منيَّتي

ولا بدَّ منْ رمسٍ عليهِ الصَّفائحُ

وقال رقيعٌ أيضاً:

عفتْ فردةٌ من أهلِها فشطيبُها

فجزعُ محيَّاةٍ عفا فكثيبُها

عفوَّ التي أمّا بلاداً تبدَّلتْ

وأمّا نهى شوقَ النُّفوسِ مشِيبُها

ولمْ تدرِ نفسُ المرءِ ما يجلبُ الهوى

إليها ولا في أيِّ حيٍّ نصِيبُها

أفي الكرهِ أو فيما يحبُّ وإنَّما

يعاقبُ أو يعفي النُّفوسَ حسِيبُها

يساقُ فيُلقى أو يُقادُ فينبَري

إليه بمقدارٍ حمامٌ يصِيبُها

نعمْ ليسَ عندَ اللهِ ظلمٌ لتائبٍ

يتوبُ ولا ذي قربةٍ يستثِيبُها

فقدْ طالَ ما ميَّلتُ بالغيِّ حقبةً

وبالرُّشدِ والأخلاقُ جمٌّ ضرُوبُها

وقدتُ وقادتْني رياضٌ بهيجةٌ

جميلٌ تناهيها طويلٌ عزُوبُها

وأبلتْ وأبقتْ مِن حياتي قصائداً

يفدِّي ويستبكي الرُّواةُ غرِيبُها

هلِ الحلمُ ناهي الجهلِ أو رائدُ الصِّبا

ينجِّيكَ منهُ توبةٌ أو تتُوبُها

وقدْ كانَ أيَّامُ الغواني ضمانةً

منَ الدَّاءِ يعيا بالشِّفاءِ طبِيبُها

ولا مثلَ يومٍ من جنوبَ تضعَّفتْ

فؤادكَ والأيَّامُ جمٌّ عجِيبُها

دعتهُ جنوبُ النَّوفليّينَ بالهوى

فما للشَّذى المدعوِّ هلاَّ يجِيبُها

بلبَّيكَ أو يُهدي لها حسنَ مدحةٍ

تصبِّحها في أرضِها وتؤُوبُها

هجانٌ تنمَّتْ في الرَّوابي وزُيِّنتْ

بخلقٍ وخلقٍ كاملٍ لا يعِيبُها

كأنَّ نقاً منْ عالجٍ تلتَقي

ملاحفُها إذْ أُزرَّتْ وسبُوبُها

وما بعدتْ منَّا وفي اليأسِ راحةٌ

وما اقتربتْ إلاَّ بعيداً قرِيبُها

مرادُ شموسِ الخيلِ تدنو وتتَّقي

يدَ الرَّبِّ حتَّى لا ينالَ سبِيبُها

فقدْ أُعطيتْ فوقَ الغواني محبَّةً

جنوبُ كما خيرُ الرِّياحِ جنُوبُها

إذا هيَ هبَّتْ زادتِ الأرض بهجةً

يمانيَّةً يستنشرُ الميتَ طِيبُها

أدلَّ دليلُ الحبِّ وهناً فزارَنا

وأحجِ بنفسٍ أنْ يلمَّ حبِيبُها

بِغيدٍ على قودٍ سرَوا ثمَّ هوَّموا

بدويَّةٍ يعوي منَ الفقرِ ذئبُها

بعيدة ماءِ الرّكب يغتالُ سيرهمْ

إذا قرَّبوا غيطانَها وسهُوبُها

إذا ما تدلَّى النَّجمُ واعصوصبتْ بهمْ

نجائبُ صهبٌ ضمَّرٌ ونجِيبُها

ترامتْ بهمْ أرضٌ وأرضٌ فأصبحوا

بحيثُ تلاقَى قفُّها وكثِيبُها

وقالوا دلوكَ الشَّمسِ ما يوردنَّكمْ

بجهدٍ ومنهمْ مَن يقولُ غرُوبُها

فجاؤوا ولا وردٌ على الماءِ غيرهمْ

ولا الماءُ مأمونُ الحياضِ شرِيبُها

فأدلَوا فردُّوا سجلَ أجنٍ كأنَّما

بهِ غسلةٌ حنَّاؤها وصبِيبُها

فعادوا فساموها لكلِّ مطيَّةٍ

منَ الشَّربِ ما أدَّى إليها ذنُوبُها

فلمَّا سقَوها واستقَوا قلَّصتْ بهمْ

تخطَّى أهاويّاً لأُخرى تجُوبُها

تراعى بأثلامِ الرِّعانِ كأنَّها

على مستوًى إصعادُها وصبُوبُها

تُقاسي أولاتَ الظَّعنِ منها فترعوي

وبالنَّقرِ والأشلاءِ يرقى أدِيبُها

متى ما تدعْنا أو ندعْها لغيرِنا

فقدْ أُعملتْ حيناً وحلَّتْ لحوبُها

وقال رقيع أيضاً:

أجدَّكَ شاقتكَ الحمولُ البواكرُ

نعمْ ثمَّ لمْ يعذركَ بالبينِ عاذِرُ

بلى إنَّ نفسي لمْ تلمني ولمْ أبتْ

على غدرةٍ والخائنُ العهدِ غادِرُ

ولمْ أدرِ ما المكرُ الذي أزمعوا بنا

فأحذرهُ حتَّى أُمرَّ المرائِرُ

وحتَّى رأيتُ الآلَ يُزهي حمولهمْ

كما استنَّ من فوقِ الفراتِ القراقِرُ

فسبَّحتُ واسترجعتُ والبينُ روعةٌ

لمنْ لم يكنْ ترعي عليهِ المقادِرُ

وآنستُ في الأعداءِ حولي شماتةً

بها نظرتْ نحوي العيونُ النَّواظِرُ

وقال الخليُّونَ انتظرْ أنْ يصورهمْ

إليكَ إذا ما الصَّيفُ صارَ المصابِرُ

فقلتُ لأصحابي ارحلوا إنَّما المُنى

لحاقٌ بهمْ إنْ بلَّغتنا الأباعِرُ

تودِّعْ وداعَ البينِ أو ترتجعْ هوًى

جديداً على عصيانِ مَن لا يوامِرُ

فما ألحقتنا العيسُ حتَّى تفاضلتْ

وحتَّى على طيَّ البرينِ المكاوِرُ

وحتَّى اعتممنَ البرسَ من خلجِها البُرى

يكونُ لثاميهِ الذي لا يطايِرُ

إذا ما تغنَّى راكبٌ أجمزتْ بهِ

جماهرةٌ خطّارةٌ أو جماهِرُ

نسوفُ لطرفِ العينِ أمّاً ورقبةً

شديد حزيمِ الزَّورِ بالسَّيرِ ماهِرُ

مجدٌّ كقدحِ الفرضِ بالكفِّ صكّهُ

على عادةٍ منهُ خليعٌ مقامِرُ

بحيثُ التقتْ أحلاسهُ مِن دفوفهِ

مواردُ مِن أنساعهِ ومصادِرُ

إذا شكَّ لحييهِ لغامٌ أزالهُ

سديسٌ ونابٌ كالشَّعيرةِ فاطِرُ

وحبّ حبيبٍ قدْ دعاني لهُ الهوى

وراحلةٍ قد أعملتْها تماضِرُ

عشيَّةَ سلَّمنا عليها فسلَّمتْ

فماذا ترى أن أيَّ شيءٌ تحاذِرُ

فقلتُ لها عنْ غيرِ سخطٍ ولا الرّضا

أغيريَ أمْ إيَّايَ غيثكِ ماطِرُ

فقالتْ تعلَّمْ أهلنا ليسَ فيهمِ

بكلِّ الذي تلقى منَ الوجدِ عاذِرُ

فكنْ منهمُ إنْ كنتَ ترجو هوادةً

على حذرٍ ما دامَ للزَّيتِ عاصِرُ

وكيفَ ولا أنساكَ عنْ طولِ هجرةٍ

فأسلو إلاَّ ريثَ ما أنا ذاكِرُ

طوالَ اللَّيالي ما تغنَّتْ حمامةٌ

يميحُ بها غصنٌ وبالرِّيحِ ناضِرُ

تثنِّي جناحيها إذا آدَ غصنُها

حذاراً وهولاً أنْ تزلَّ الأظافِرُ

يجاوبُها في الأيكِ منْ بطنِ بيشةٍ

على هدبِ الأفنانِ ورقٌ نظائِرُ

صوادحُ مثلُ الشَّربِ يُبدي رنينُها

منَ الشَّوقِ ما كانت تسرُّ السَّرائِرُ

كأنَّ الذي ننعَى لها الميتَ ملعبٌ

لإصبهبذٍ تُجبى إليهِ الدَّساكِرُ

وقال رقيع:

غدتْ عذَّالتايَ فقلتُ مهلاً

أفي وجدٍ بليلى تعذُلاني

أعاذلتيَّ مهلاً بعضَ لومي

كفاني منْ عنائِكما كفانِي

أقلِّي اللَّومَ قدْ حرَّبتُ عيشي

وقد علِّمتُ إنْ علمٌ نهاني

إذا طاوعتُ علمَكما فمنْ لي

منَ الغيبِ الذي لا تعلَماني

خليليَّ انظُراني علَّني

أُقضِّي حاجتي لوْ تربعانِ

ألمَّا بي على رسمٍ قديمٍ

لليلى بينَ صارةَ والقنانِ

وقفتُ بها فظلَّ الدَّمعُ يجري

على خدَّيَّ أمثالَ الجمانِ

نسائلُ أينَ صارت دارُ ليلى

فضنَّ الرَّبعُ عنَّا بالبيانِ

نأتْ ليلى فلا تدنُو نواها

ولو أُشفى بمنطقِها شفاني

وموماةٍ تملُّ العيس حتَّى

تقطِّعها بغيطانٍ بطانِ

وهمٍّ قدْ قريتُ زماعَ أمرٍ

إذا ما الهمُّ بالنُّصبِ اعتراني

قطعتُ بناتحِ الذِّفرى سبنتًى

سبوحِ المشيِ عوَّامِ الحرانِ

أشجُّ بهِ رؤوسَ البيدِ شجّاً

إذا ما الآلُ ألوى بالرِّعانِ

إذا ما القومُ منَّوا حادييهمْ

دنوَّ الشَّيءِ ليسَ لهمْ يدانِ

هناكَ أُهينُ راحلتي ورحلي

وما لرفيقِ رحلي منْ هوانِ

فذرْ هذا ولكنْ غيرَ هذا

عنيتُ منَ المقالةِ أوْ عناني

فإنْ كانَ العداوةُ منكَ حقّاً

تجدِّدُ لي إذنْ حتَّى تراني

فننظرُ ما لديكَ إذا التقيْنا

وتنزعُ إنْ جريتَ وأنتَ وانِ

فإنْ تعجزْ فقدْ أبليتُ عجزاً

وإنْ تصبرْ فأنتَ على مكانِ

توارثَني الغواةُ فجرَّبوني

حفيظَ العقبِ جيَّاشَ العنانِ

ليَ السَّبقُ المبرِّزُ كلَّ يومٍ

إذا صاحَ الجوالبُ بالرِّهانِ

أصابَ الدَّهرُ منْ جسدي وأبقى

كما يبقى منَ السِّيفِ اليماني

وقدْ ضحكتْ زنيبةُ منْ شحوبي

وشيبٍ في المفارقِ قدْ علاني

وماذا الشَّيبُ عنْ قدمٍ ولكنْ

أشابَ الرَّأسَ روعاتُ الزَّمانِ

وهمٍّ داخلٍ أفنى ثناهُ

سوادَ اللحمَ منِّي فابتراني

وما قالتْ مقالَتها بغشٍّ

ولكنْ هوِّلتْ منْ أنْ تراني

وكانَ ليَ الشَّبابُ خليلَ صدقٍ

فبانَ وما قليتُ ولا قلاني

كذلكَ كلُّ ندمانيْ صفاءٍ

إلى أجلٍ هما متفرِّقانِ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي