منتهى الطلب من أشعار العرب/زياد بن زيد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

زياد بن زيد

زياد بن زيد - منتهى الطلب من أشعار العرب

زياد بن زيد وقال زياد بن زيد العذري بن مالك بن عامر بن ثعلبة بن قرَّة بن خنيس بن ثعلبة بن ذبيان بن الحارث بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن إلحاف بن قضاعة:

أراكَ خليلاً قدْ عزمتَ التَّجنُّبا

وقطَّعتَ أوطارَ الفؤادِ المحجَّبا

فوصلاً ولا تقطعْ علائقَ خلَّةٍ

أُميمة حتَّى بتَّها فتقضَّبا

ولا تكُ كالنَّاسي الخليل إذا دنتْ

بهِ الدَّارُ والباكي إذا ما تغيَّبا

فسلِّ الهوى أو كنْ إذا ما لقيتَها

كذي ظفرٍ يرمي إذا الصيدُ أسقَبا

فقدْ أعذرتْ صرفُ الدِّيارِ بأهلِها

وشحطُ النَّوى بيني وبينكَ مطلَبا

فأصبحَ منْ بعدِ الفراقِ عميدُها

خليلاً إذا ما النَّأي عنها تطرَّبا

فلا هيَ تألو ما نأتْ وتباعدتْ

ولا هوَ يألو ما دنا وتقرَّبا

فكيفَ تلومُ النَّفسَ فيما هجرتَها

وللقلبُ فيما لمتَها كانَ أذنَبا

أطعتُ بها قولَ الوشاةِ فما أرى ال

وشاةَ انتهُوا عنَّا ولا الدَّهرَ أعتَبا

فهلاَّ صرمْت والجبالُ متينةٌ

أُميمةَ إنْ واشٍ غويٌّ تكذَّبا

وشعثٍ يجدُّونَ النِّعالَ لضمَّرٍ

سواهمَ يقطعنَ المليعَ المذبذَبا

جنوحاً كأسرابِ القطا راحَ مقصراً

روايا فراخٍ بالفلاةِ فأطنَبا

عسفتُ بهمْ داويَّةً ما ترى بها

هدًى راكبٌ إلاَّ صفيحاً منصَّبا

وكمْ دونها من مهمهٍ وتنوفةٍ

ومنْ كاشحٍ قدْ جاءَ بعدي فعقَّبا

وراحلةٍ تشكو الكلالَ زجرتُها

إذا اللَّيلُ عنْ ضوءِ الصَّباحِ تجوَّبا

جماليَّةٍ قدْ غادرتْ في مناخِها

لدى مجهضٍ كالرَّألِ ذئباً وثعلَبا

وأذهبَ منها النَّصَّ في كلِّ مهمهٍ

سناماً منَ العاميِّ قدْ كانَ أوصَبا

فصارتْ كجفنِ السَّيفِ حرفاً رذيَّةً

برى النّي عنها والسَّديفَ الملحَّبا

وأسطعَ نهَّاضٍ أمينٍ فقارهُ

يعومُ بصلبٍ كالقناطرِ أحدَبا

قذوفٍ إذا ما استأنستْ منْ مناخِها

سما طرفُها واستوفزتْ لتقرَّبا

تواترُ بينَ الحرَّتينِ كأنَّها

فريدٌ يراعي بالجنينةِ ربرَبا

إذا خفتَ شكَّ الأمرِ فارمِ بعزمةٍ

غيابتهُ يركبْ بكَ العزمُ مركبا

وإنْ وجهةٌ سدَّتْ عليكَ فروجُها

فإنَّكَ لاقٍ لا محالةَ مذهَبا

ولمْ يجعلِ اللهُ الأمورَ إذا اجتدتْ

عليكَ رتاجاً لا يرامُ مضبَّبا

كذاكَ الفتى يوماً إذا ما تقلَّبتْ

بهِ صيرفيَّاتُ الأمورِ تقلَّبا

يلامُ رجالٌ قبلَ تجريبِ أمورهمْ

وكيفَ يلامُ المرءُ حتَّى يجرَّبا

وإنِّي لمعراضٌ قليلٌ تعرُّضي

لوجهِ امرئٍ يوماً إذا ما تجنَّبا

قليلٌ عِدادي حينَ أُذعرُ ساكناً

جناني إذا ما الحربُ هرَّتْ لتكلَبا

وحشَّ الكماةُ بالسِّيوفِ وقودَها

حفاظاً وبالخطّيّ حتَّى تلهَّبا

فلمْ ينسِني الجهلُ الحياءَ ولمْ أكنْ

أميناً ولمْ أُرسلْ لساني ليخدبا

على النَّاسِ إلاَّ أنْ أرى الدَّاءَ بارزاً

فأقمعَ نجمَ الدَّاءِ عنِّي فيجلبا

حؤوطٌ لأقصى الأهلِ أُخشى وراءهُ

مذبٌّ ومثلي عنْ حمى الأصلِ ذبَّبا

وما باتَ جهلي رائحاً مذْ تركتهُ

وليداً ولا حلمي يبيتُ معزّبا

بحسبكَ ما يُلقيكَ فاجمعْ لنازلٍ

قراهُ ونوِّبهُ إذا ما تنوَّبا

ولا تنتجعْ شرّاً إذا حيلَ دونهُ

بسترٍ وهبْ أستارهُ ما تغيَّبا

أنا ابنُ رقاشٍ وابنُ ثعلبةَ الذي

بنى هادياً يعلو الهواديَ أغلَبا

منَ الغرِّ بنياناً لقومٍ تماصَعوا

بأسيافهمْ عنهُ فأصبحَ مصعَبا

فما إنْ ترى في النَّاسِ أُمّاً كأُمِّنا

ولا كأبينا حينَ ننسبهُ أبا

أتمَّ وأنمى بالبنين إلى العُلا

وأكرمَ منَّا في القبائلِ منصِبا

وأخصبَ في المقرَى وفي دعوةِ النَّدى

إذا طائفُ الرُّكبانِ طافَ فأحدَبا

ملكْنا ولمْ نُملكْ وقُدنا ولمْ نُقدْ

وكانَ لنا حقّاً على النَّاسِ ترتَبا

بآيةِ أنَّا لا نرى متتوِّجاً

منَ النَّاسِ يعلونا بتاجٍ معصَّبا

ولا ملكاً إلاَّ اتَّقانا بمُلكهِ

ولا سوقةً إلاَّ على الخرجِ أُتعبا

ولدْنا ملوكاً واستبحْنا حماهمُ

وكنَّا لهمْ في الجاهليَّةِ موكبا

ندامَى وأردافاً فلمْ نرَ سوقةً

توازنُنا فاسألْ إياداً وتغلبا

وقال زيادة أيضاً:

ألِمَّا بليلى يا خليليَّ واقْصرا

فما لمْ تزوراها بنا كانَ أكثَرا

وعُوجا المطايا طالَ ما قدْ هجرتُما

عليها وإنْ كانَ المعوِّجُ أعسَرا

كفى حزناً أن تجمعَ الدَّارُ بينَنا

بصرمٍ لليلى بعدَ ودٍّ وتهجُرا

ولمْ أرَ ليلى بعدَ يوم لَقيتها

تكفُّ دموعَ العينِ أنْ تتحدَّرا

منعَّمةٌ يُصبي الحليمَ كلامُها

تمايلُ في الرُّكنينِ منها تبختُرا

متى يرَها العجلانُ لا يثنِ طرفهُ

إلى عينهِ حتَّى يحارَ ويحسرا

ولو جُليتْ ليلى على اللَّيلِ مظلماً

لجلَّتْ ظلامَ اللَّيلِ ليلى فأقمرا

إذا ما جعلْنا منْ سنامٍ مناكباً

وركناً منَ البقّارِ دونكِ أعفَرا

فقدْ جدَّ جدُّ الهجرِ يا ليلَ بينَنا

وشحْط النَّوى إلاَّ الهوى والتَّذكُّرا

وكمْ دونَ ليلى بلدةً مسبطرَّةً

تقودُ فلاها العيسَ حتَّى تحسَّرا

تنفَّذتُ حضنَيها بأمرٍ منضَّخٍ

وخطّارةٍ تُشري الزِّمامَ المزرَّرا

كأنَّ بذفْراها وبلدةِ زورِها

إذا نجدتْ نضخَ الكحيلِ المقيَّرا

كأنَّ لها في السَّيرِ لهواً تلذُّهُ

إذا افترشتْ خبتاً منَ الأرضِ أغبَرا

خبوبُ السُّرى عيرانةٌ أرحبيَّةٌ

عسوفٌ إذا قرنُ النَّهارِ تدبَّرا

تليحُ بريَّانِ العسيبِ كأنَّهُ

عثاكيلُ قنوٍ منْ سميحةَ أيسَرا

تسدُّ بهِ طوراً خوايةَ فرجِها

وطوراً إذا شالتْ تراهُ مشمِّرا

فأجمعتْ جدّاً يا بنَ زيدِ بنِ مالكٍ

بما كنتَ أحياناً إلى اللَّهوِ أصوَرا

أفاقَ وجلَّى عنْ وقارٍ مشيبهُ

وأجلى غطاءُ الدَّهرِ عنهُ فأبصَرا

وكنتَ امرءاً منكَ الأناةُ خليقةً

وشهماً إذا سيمَ الدَّنيَّةَ أنكَرا

أناةَ امرئٍ يأتي الأمورَ بقدرةٍ

متى ما يردْ لا يعيَ منْ بعدُ مصدَرا

وقدْ غادرتْ منِّي الخطوبُ ابنَ حقبةٍ

صبوراً على وقعِ الخطوب مذكّرا

إذا ما انتهى عِلمي تناهيتُ عندهُ

أطالَ فأملَى أو تناهَى فأقصَرا

ولا أركبُ الأمرَ المدوِّيَ علمهُ

بعميائهِ حتَّى أرونَ وأنظُرا

وما أنا كالعشواءِ تركبُ رأسَها

وتبرزُ جنباً للمُعادينَ مصحِرا

ويخبرُني عنْ غائبِ الدَّهرِ هديهُ

كفى الهديُ عمَّا غيَّبَ المرءُ مخبِرا

سبقتَ ابنَ زيدٍ كلَّ قومٍ بقدرةٍ

فأنتَ الجوادُ جارياً ومغمّرا

هوَ الفيضُ وابنُ الفيضِ أبطأَ جريهُ

إذا الخيلُ جاءتْ أنْ يجيءَ مصدّرا

وإنْ غلاماً كانَ وارثَ عامرٍ

ووارثَ ربعيٍّ لأهلٌ ليفخَرا

بنو الصَّالحينَ الصَّالحونَ ومنْ يكنْ

لآباءِ صدقٍ يلقَهمْ حيثُ سيَّرا

وما المرءُ إلاَّ ثابتٌ في أرومةٍ

أبى منبتُ العيدانِ أن يتغيَّرا

وأعمامهُ يومَ الهباءةِ أطلقُوا

أسارى ابنِ هندٍ يومَ تُهدى لقيصَرا

وهمْ رؤساءُ الجمعِ غيرَ تنحُّلٍ

بثهمدَ إذْ هاجوا بهِ الحيَّ حضَّرا

دفعتُ وقد أعيا الرِّجالُ بدفعِها

وأصبحَ منِّي مدرهُ القومِ أوجَرا

ومنَّا الذي للحمدِ أوقدَ نارهُ

يرى ضوءها منْ يافعٍ مَن تنوَّرا

وآذنَ أنْ مَن جاءنا وهوَ خائفٌ

فإنَّ لهُ مَن كانَ أنْ يتخفَّرا

إذا شاءَ أنْ يرعى معَ النَّاسِ آمناً

لهُ السَّربُ لا يخشى من النَّاسِ معشَرا

هوَ العودُ إلاَّ ثابتٌ في أرومةٍ

أبى صالحُ العيدانِ أنْ يتغيَّرا

أُولئكَ قومي كانَ يأمنُ جارهمْ

ويُحرزُ مولاهمْ إذا السَّرحُ نفِّرا

إذا أبصرَ المولى بحيَّةِ مأزقٍ

منَ الأرضِ يخشاها أهلَّ وأسفَرا

مطاعيمُ للأضيافِ في كلِّ شتوةٍ

سِنينَ الرِّياحِ ترجعُ اللِّيطَ أغبَرا

إذا صارتِ الآفاقُ حمراً كأنَّما

يجلِّلنَ بالنَّوءِ الملاءَ المعصفَرا

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي