منتهى الطلب من أشعار العرب/عبدة بن الطبيب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عبدة بن الطبيب

عبدة بن الطبيب - منتهى الطلب من أشعار العرب

عبدة بن الطبيب وقال عبدة بن الطبيب واسمه يزيد بن عمرو بن وعلة بن أنس بن عبد الله بن عبد نهم بن جشم بن عبد شمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم:

هل حبلُ خولةَ بعدَ الهجرِ موصولُ

أم أنتَ عنها بعيدُ الدارِ مشغولُ

حلت خويلةُ في دارٍ مجاورةً

أهلَ المدائنِ فيها الديكُ والفيلُ

يقارعونَ رؤوسَ العجمِ ضاحيةً

منهم فوارسُ لا عزلٌ ولا ميلُ

فخامر العقلَ من ترجيعِ ذكرتها

رسٌّ لطيفٌ ورهنٌ منكَ مكبولُ

رسٌّ كرسِّ أخي الحمى إذا غبرت

يوماً تأوبهُ منها عقابيلُ

وللأحبةِ أيامٌ تذكرها

وللنوى قبلَ يومِ البينِ تأويلُ

إنَّ التي ضربت بيتاً مهاجرةً

بكوفةِ الجندِ غالت دونها غولُ

فعدِّ عنها ولا تشغلكَ عن عملٍ

إنَّ الصبابةَ بعدَ الشيبِ تضليلُ

بجسرةٍ كعلاةِ القينِ دوسرةٍ

فيها على الأينِ إرقالٌ وتبغيلُ

عنسٍ تشيرُ بقنوانٍ إذا زجرت

من خصبةٍ بقيت فيها شماليلُ

قرواءُ مقذوفةٌ بالنحضِ يشعفها

فرطَ المراحِ إذا كلَّ المراسيلُ

وما يزالُ لها شأوٌ يوقرهُ

محرفٌ من سيورِ الغرفِ مجدولُ

إذا تجاهدَ سيرُ القومِ في شركٍ

كأنهُ شطبٌ بالسروِ مرمولُ

نهجٍ ترى حولهُ بيضَ القطا قبصاً

كأنه بالأفاحيصِ الحواجيلُ

حواجلٌ ملئت زيتاً مجردةً

ليست عليهنَّ من خوصِ سواجيلُ

وقل ما في أداوي القوم فانجردوا

وفي الأداوى بقياتٌ صلاصيلُ

والعيسُ تدلكُ دلكا عن ذخائرها

ينحزنَ منهنَّ محجونٌ ومركولُ

ومزجياتٍ بأكوارٍ محملةٍ

شوارهنَّ خلالَ القومِ محمولُ

تهدي الركابَ سلوفٌ غيرُ غافلةٍ

إذا توقدتِ الحزانُ والميلُ

رعشاءُ تنهضُ بالذفرى مواكبةٌ

في مرفقيها عن الدفينِ تفتيلُ

عيهمةٌ ينتحي في الأرضِ منسمها

كما انتحى في أديمِ الصرفِ إزميلُ

تخدي به قدماً طوراً وترجعهُ

فحدهُ من ولافِ القبصِ مفلولُ

ترى الحصى مشفتراً عن مناسمها

كما تجلجلُ بالوغلِ الغرابيلُ

كأنها يوم وردِ القوم خامسةٌ

مسافرٌ أشعبُ الروقينِ مكحولُ

مجتابُ نصعٍ جديدٍ فوقَ نقبتهِ

وبالقوائمِ من خالٍ سراويلُ

مسفعُ الوجهِ في أرساغهِ خدمٌ

وفوقَ ذاكَ إلى الكعبينِ تحجيلُ

باكرهُ قانصٌ يسعى بأكلبهِ

كأنهُ من صلاءِ الشمسِ مملولُ

يأوي إلى سلفعٍ شعثاءَ عاريةٍ

في حجرها تولبٌ كالقردِ مهزولُ

يشلي ضواريَ أشباهاً مجوعةً

فليسَ منها إذا أمكنَّ تهليلُ

يتبعنَ أشعثَ كالسرحانِ منصلتاً

لهُ عليهنَّ قيدَ الرمحِ تمهيلُ

فضمهنَّ قليلاً ثم هاجَ بهِ

سفعٌ بآذانها شينٌ وتنكيلُ

فاستثبتَ الروعُ في إنسانِ صادقةٍ

لم تجرِ من رمدٍ فيها الملاميلُ

فانصاعَ وانصعنَ تهفو كلها سدكٌ

كأنهنَّ من الضمرِ المزاجيلُ

فاهتزَّ ينفضُ مذريينِ قد عتقا

مخاوضٌ غمراتِ الموتِ مخذولُ

شروى شبيهينِ مكروباً كعوبهما

في الجنبتينِ وفي الأطرافِ تأسيلُ

كلاهما يبتغي نهكَ القتال بهِ

إنَّ السلاحَ غداةَ الروعِ محمولُ

يخالسُ الطعنَ إيشاغاً على دهشٍ

بسلهبٍ سنخهُ في الشأنِ ممطولُ

حتى إذا مضَّ طعناً في جواشنها

وروقهُ من دمِ الأجوافِ معلولُ

ولى وصرعنَ في حيثُ التبسنَ بهِ

مضرجاتٌ بأجراحٍ ومقتولُ

كأنه بعدَ ما جدَّ النجاءُ بهِ

سيفٌ جلا متنهُ الأصناعُ مسلولُ

مستقبلَ الريحِ يهفو وهو مبتركٌ

لسانهُ عن شمالِ الشدقِ معدولُ

يخفي الترابَ بأظلافٍ ثمانيةٍ

في أربعِ مسهنَّ الأرضَ تحليلُ

مردفاتٍ على أطرافها ذمعاً

كأنها بالعجاياتِ الثآليلُ

له جنابانِ من نقعٍ يثورهُ

ففرجهُ من حصى المعزاءِ مكلولُ

ومنهلٍ آجنٍ في جمهِ بعرٌ

مما تسوقُ إليهِ الريحُ إجفيلُ

كأنهُّ ودلاءُ القومِ إذ نهزوا

حمٌّ على ودكٍ في القدرِ مجمولُ

أوردتهُ القومَ قد رانَ النعاسُ بهم

فقلتُ إذ نهلوا من جمهِ قيلوا

حدَّ الظهيرةِ حتى يرحبوا أصلاً

إنَّ السقاءَ لهُ رمٌّ وتبليلُ

لما وردنا رفعنا ظلَّ أرديةٍ

وفارَ للقومِ باللحمِ المراجيلُ

ورداً وأشقرَ لم ينهئهُ طابخهُ

ما غيرَ الغليُ منهُ فهوَ مأكولُ

ثمتَ قمنا إلى جردٍ مسومةٍ

أعرافهنَّ لأيدينا مناديلُ

ثم ارتحلنا على عيسٍ مخدمةٍ

يزجي رواكعها مرنٌ وتنعيلُ

يد لحنَ بالماءِ في وفرٍ مخربةٍ

منها حقائبُ ركبانٍ ومعدولُ

ترجو فواضلَ ربٍّ سيبهُ حسنٌ

وكلُّ خيرٍ لديهِ فهوَ مقبولُ

ربٌّ حبانا بأموالٍ مخولةٍ

وكلُّ شيءٍ حباهُ اللهُ تخويلُ

والمرءُ ساعٍ لأمرٍ ليسَ يدركهُ

والعيشُ شحٌّ وإشفاقٌ وتأميلُ

وعازبٍ جادهُ الوسميُّ في صفرٍ

تسري الذهابُ عليهِ فهوَ موبولُ

ولم تسمع بهِ صوتاً فيفزعها

أوابدُ الربدِ والعينُ المطافيلُ

كأنَّ أطفالَ خيطانِ النعامِ بهِ

بهمٌ مخالطهُ الحفانُ والحولُ

أفزعتُ منهُ وحوشاً وهيَ ساكنةٌ

كأنها نعمٌ في الصبحِ مشلولُ

بساهمِ الوجهِ كالسرحانِ منصلتٍ

طرفٍ تكاملَ فيهِ الحسنُ والطولُ

خاظي الطريقةِ عريانٌ قوائمهُ

قد شفهُ من ركوبِ البردِ تذبيلُ

كأنَّ فرحتهُ إذ قامَ معتدلاً

شيبٌ يلوحُ بالحناءِ مغسولُ

يغلو بهنَّ ويثني وهو مقتدرٌ

في كفتهنَّ إذا استرغبنَ تعجيلُ

وقد غدوتُ وقرنُ الصبح منفتقٌ

ودونهُ من سوادِ الليلِ تجليلُ

إذ أشرفَ الديكُ يدعو بعضَ أسرتهِ

لدى الصباحِ وهم قومٌ معازيلُ

إلى التجارِ فأعداني بلذتهِ

رخوُ الإزارِ كنصلِ السيفِ مشمولُ

خرقٌ يجدُّ إذا ما الأمرُ جدَّ بهِ

مخالطُ اللهوِ واللذاتِ ضليلُ

حتى أتكأنا على فرشٍ يزينها

من جيدِ الرقمِ أزواجٌ تهاويلُ

فيها الدجاجُ وفيها الأسدُ مخدرةً

من كلِّ شيءٍ يرى فيها تماثيلُ

في كعبةٍ شادها بانٍ وزينها

فيها ذبالٌ يضيءُ الليلَ مفتولُ

لنا أصيصٌ كجذمِ الحوضِ هدمهُ

وطءُ العراكِ لديهِ الزقُّ مغلولُ

والكوبُ أزهرُ معصوبٌ بقلتهِ

فوقَ السياعِ منَ الريحانِ إكليلُ

مبردٌ بمزاجِ الماءِ بينهما

حبٌّ كجوزِ حمارِ الوحشِ مبزولُ

والكوبُ ملآنُ طافٍ فوقهُ زبدٌ

وطابقُ الكبشِ في السفودِ مخلولُ

يسعى بها منصفٌ عجلانُ ينفضهُ

فوقَ الخوانِ وفي الصاعِ التوابيلُ

ثم اصطبحنا كميتاً قرففاً أنفاً

من طيبِ الراحِ واللذاتُ تعليلُ

صرفاً مزاجاً وأحياناً يعللنا

شعرٌ كمذهبةِ السمانِ محمولُ

تذري حواشيهُ جيداءُ آنسهٌ

في صوتها لسماعِ الشربِ ترتيلُ

تغدو علينا تلهينا ونصفدها

تلقى البرودُ عليها والسرابيلُ

وقال عبدة أيضاً وهي مفضلية:

أبنيَّ إني قد كبرتُ ورابني

بصري وفيَّ لمصلحٍ مستمتعُ

فلئن هلكتُ لقد بنيتُ مساعياً

يبقى لكم منها مآثرُ أربعُ

ذكرُ إذا ذكرَ الكرامُ يزينكم

ووراثةُ الحسبِ المقدمِ تنفعُ

ومقامُ أيامِ لهنَّ فضيلةٌ

عندَ الحفيظةِ والمجامعُ تجمعُ

ولهى منَ الكسبِ الذي يغنيكمُ

يوماً إذا احتضرَ النفوسَ المطمعُ

أوصيكمُ بتقى الإلهِ فإنهُ

يعطي الرغائبَ من يشاءُ ويمنعُ

وببرَّ والدكم وطاعةِ أمرهِ

إنَّ الأبرَّ منَ البنينَ الأطوعُ

إنَّ الكبيرَ إذا عصاهُ أهلهُ

ضاقت يداهُ بأمرهِ ما يصنعُ

ودعوا الضغائنَ لا تكن من شأنكم

إنَّ الضغائنَ للقرابةِ توضعُ

واعصوا الذي يزجي النمائمَ بينكم

متنصحاً ذاكَ السمامُ المنقعُ

يزجي عقاربهُ ليبعثَ بينكم

حرباً كما بعثَ العروقَ الأخدعُ

حرانَ لا يشفي غليلَ فؤادهِ

عسلٌ بماءٍ في الإناءِ مشعشعُ

لا تأمنوا قوماً يشبُّ صبيهم

بينَ القوابلِ بالعداوةِ ينشعُ

فضلت عداوتهم على أحلامهم

وأبت ضبابُ صدورهم لا تنزعُ

قومٌ إذا دمسَ الظلامُ عليهم

حدجوا قنافذَ بالنميمةٍ تمزعُ

أمثالُ زيدٍ حينَ أفسدَ رهطهُ

حتى تشتتَ أمره فتصدعوا

إنَّ الذينَ ترونهم إخوانكم

يشفي غليلَ صدورهم أن تصرعوا

وثنيةٍ من أمرِ قومٍ غرةٍ

فرجت يدايَ فكانَ فيها المطلعُ

ومقامِ خصمٍ قائمٍ ظلفاتهُ

من زلَّ طارَ لهُ ثناءٌ أشنعُ

أصدرتهم فيهِ أقومُ درأهم

عضَّ الثقافِ وهم ظماءٌ جوعُ

فرجعتهم شتى كأنَّ عميدهم

في المهدِ يمرثُ ودعتيهِ مرضعُ

ولقد علمتُ بأنَّ قصري حفرةٌ

غبراءُ يحملني إليها شرجعُ

فبكى بناتي شجوهنَّ وزوجتي

والأقربونَ إليَّ ثمَّ تصدعوا

وتركتُ في غبراءَ يكرهُ وردها

تسفي عليَّ الريحُ حينَ أودعُ

فإذا مضيتُ إلى سبيلي فابعثوا

رجلاً لهُ قلبٌ حديدٌ أصمعُ

إنَّ الحوادثَ يخترمنَ وإنما

عمرُ الفتى في أهلهِ مستودعُ

يسعى ويجمعُ جاهداً مستهتراً

جداً وليسَ بآكلٍ ما يجمعُ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي