منتهى الطلب من أشعار العرب/عبيد الله بن الحر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عبيد الله بن الحر

عبيد الله بن الحر - منتهى الطلب من أشعار العرب

عبيد الله بن الحر وقال عبيد الله بن الحر بن عمرو بن خال بن المجمع بن مالك بن كعب ابن سع بن عوف بن حريم بن جعفي الجعفي، وجعله السكري مع اللصوص ولم يكن لصاً، إنما كان لا يعطي الأمراء طاعة، وكان يضم إليه جماعة ويغير بهم:

ألم تعلمي يا أمَّ توبةَ أنني

على حدثانِ الدهرِ غيرُ بليدِ

فإن لم أصبحِ شاكراً بكتييةٍ

فعالجتُ بالكفين غلَّ حديدِ

وقد علمت خيلي بساباطَ أنني

إذا حيلَ دونَ الطعنِ غيرُ عنودِ

أكرُّ وراءَ المحجرينَ وأدعي

مواريثَ آباءٍ لنا وجدودِ

إذا فرغت أسيافنا من كتيبةٍ

نبذنا بأخرى في الصباحِ ركودِ

وإن خرجوا من غمرةٍ ردها لهم

دعايَ وتحريضي لهم ونشيدي

أقولُ لهم تموا فدىً والدي لكم

ومالي جميعاً طارفي وتليدي

أفديهم بالوالدين وفيهمِ

نوافذُ طعنٍ مثلُ حرِّ وقودِ

ترى النضخَ من وقعِ الأسنةِ بينهم

جسيداً بلباتٍ لهم وخدودِ

وغيرَ ألوانَ الأسنةِ بيننا

بأحمرَ من صونِ العروقِ فصيدِ

فدارت رحانا واستدارت رحاهمُ

وكانَ جلادٌ دونَ كلِّ وعيدِ

وأبسلَ أهلُ المأقطين نفوسهم

مضاربةً إذ طارَ كلُّ شرودِ

دعوني إلى مكروهها فأجبتهم

وما أنا إذ يدعونني ببعيدِ

أقدمُ مهري في الوغا ثمَّ أنتحي

على قربوسِ السرجِ غيرَ صدودِ

إذا ما اتقوني بالسيوفِ غشيتهم

بنفسٍ لما تخشى النفوسَ ورودِ

فما رمتُ حتى صرعَ القومُ نشوةً

سكارى وما ذاقوا شرابَ حدودِ

ولكنَّ وقعَ المشرفيةٍ بينهم

لتجهزَ من يدنو لدارِ خلودِ

كأنَّ رؤوسَ الدارعينَ عشيةً

من الحنظلِ الملقى بكلِّ صعيدِ

فأقلعتِ الغماءُ عنهم وفرجت

ونحنُ بها من كاتمٍ وشهيدِ

وقال عبيد الله بن الحر أيضاً، وقد أخرج امرأته من السجن، وكان في مائة وثمانين فارساً معهم الفؤوس والكلاليب لمكابرة السجن، وقاتلهم يومئذ بالكوفة، وخرج آخر النهار منها، وأودع امرأته في بيوت جعفي:

ألم تعلمي يا أمَّ توبةَ أنني

أنا الفارسُ الحامي حقائقَ مذحجِ

وأني صبحتُ السجنَ في رونقِ الضحى

بكلِّ فتىً حامي الذمار مدججِ

فما إن برحنا السجنَ حتى بدا بنا

جبينٌ كقرنِ الشمسِ غيرُ مشنجِ

وخدٌّ أسيلٌ من فتاةٍ حييةٍ

ألا فسقاها كلُّ مزنٍ مبعجِ

فما العيشُ إلا أن أزوركِ خالياً

كعادتنا من قبلِ حربي ومخرجيِ

وما أنتِ إلاَّ منيةُ النفس والهوى

عليكِ سلامٌ من حبيبٍ مسحجِ

وما زلتُ محزوناً بحبسكِ واجماً

وإني لما تلقينَ من بعدهِ شجي

فبالله هل أبصرتِ مثليَ فارساً

وقد ولجوا عليكِ من كلِّ مولجِ

ومثليَ حامي دونَ مثلكِ إنني

أشدُّ إذا ما غمرةٌ لم تفرجِ

أضاربهم بالسيفِ عنكَ لترجعي

إلى الأمنِ والعيشِ الرفيعِ المخرفجِ

إذا ما أحاطوني كررتُ عليهم

ككرِّ أبي شبلينِ في الخيسِ محرجِ

دعوتُ إليَّ الشاكريَّ ابنَ كاملٍ

فولى حثيثاً ركضهُ لم يعرجِ

ولو يدعني باسمي كررتُ عليهم

خيولَ كرامِ الضربِ أكثرها الوجي

ولا غروَ إلاَّ قولُ سلمى ظعينتي

أما أنتَ يا ابنَ الحرٍّ بالمتحرجِ

دعِ القومَ لا تقتلهمُ وانجُ سالماً

وشمر هداكَ اللهُ بالخيلِ واخرجِ

وإني لأرجو يا ابنةَ الخير أن أرى

على خيرِ أحوالِ المؤمل فارتجي

ألا حبذا قولي لأحمرَ طييءٍ

ولابن خليدٍ قد دنا الصبحُ فادلجِ

وقولي لذا أقضم وقولي لذا ارتحل

وقولي لذا من بعدها ذاك أسرجِ

وسيري بفتيانٍ كرامٍ أحبهم

مغذاً وضوءُ الصبحِ لم يتبلجِ

يطيعونَ متلافاً مفيداً معذلاً

بهِ يرتجي عفوَ الغنى كل مرتجي

وقال عبيد الله بن الحر أيضاً في حبس مصعب:

من مبلغُ الفتيانَ أنَّ أخاهمُ

أتى دونهُ بابٌ منيعٌ وحاجبهْ

بمنزلةٍ ما كانَ يرضى بمثلها

إذا قامَ غنتهُ كبولٌ تجاوبهْ

على الساقِ فوقَ الكعبِ أسودُ صامتٌ

شديدٌ يداني خطوهُ ويقاربهْ

وما ذاكَ من جرمٍ أكونُ اجترمتهُ

ولكن سعى الساعي بما هو كاذبهْ

وقد كانَ في الأرضِ العريضةِ مسلكٌ

وأيُّ امرءٍ أعيت عليهِ مذاهبهْ

دعاني إليهِ مصعبٌ فأجبتهُ

نهاري وليلي كلهُ أنا دائبهْ

أروحُ وأغدو دائماً وكأنما

أبادرُ غنماً في الحياةِ أناهبهْ

فكان حبائي إذ أنختُ ببابهِ

حجولٌ وأحراسٌ وصعبٌ مراتبهْ

فإني لم أنكث لهم عهدَ بيعةٍ

ولم آتِ أمراً محدثاً أنا راهبهْ

فأني لكم مثلي يذببُ عنكمُ

إذا الصفُّ دارت للقراع كتائبهْ

وإني من قومٍ سيذكر فيهمُ

بلائي إذا ما غصَّ بالماءِ شاربهْ

كأنَّ عبيدَ اللهِ لم يمسِ ليلةً

موطنةً تحتَ السروجِ جنائبهْ

ولم يدعُ فتياناً كأنَّ وجوههم

مصابيحُ في داجٍ توارت كواكبهْ

لعمركَ إني بعدَ عهدي ونصرتي

لكالسيفِ فلت بعدَ حدِّ مضاربهْ

وقد علمَ المختارُ أني لهُ شجى

إذا صدَّ عنهُ كلُّ قرنٍ يكالبهْ

أكرُّ عليهِ الخيلُ تدمى نحورها

أطاعنهُ طوراً وطوراً أضاربهْ

فكم من صريعٍ قد تركتُ بمعزلٍ

عكوفاً عليه طيرهُ وثعالبهْ

وحصنٍ منيعٍ قد صبحتُ بغارةٍ

وأهلِ نعيمٍ يضربُ الطبلَ لاعبهْ

وقال أيضاً وهو في السجن:

لنعمَ ابنُ أختِ القوم يسجنُ مصعبٌ

لطارقِ ليلٍ خائفٍ ولنازلِ

ونعمَ الفتى يا ابنَ الزبيرِ سجنتمُ

إذا قلقت يوماً ضفورُ الرحائلِ

فلو متُّ في قومي ولم آتِ عجزةً

يضعفني فيها امرؤٌ غيرَ عادلِ

لأكرم بها من ميتةٍ إن لقيتها

أطاعنُ فيها كلُّ خرقٍ منازلِ

وما كنتُ أخشى أن أراني مقيداً

على غيرِ جرمٍ وسطَ بكر بن وائلِ

وألفيتني يا ابنَ الزبير كأنما

رميتُ بسهمٍ من سهامكَ ناصلِ

فإن أنفلت لا تجمعُ الشمسُ بيننا

ولا الليلُ إلا في القنا والقنابلِ

متى أدعُ فتيانَ الصعاليكِ يركبوا

ظماءَ الفصوصِ نائماتِ الأباجلِ

تشبهها الطيرَ السراعَ إذا اغتدت

بفرسانها في السبسبِ المتماحلِ

تطيرُ معَ الأيدي إذا ارتفعت لها

شمائلها ألحقنها بالمساحلِ

يقودُ رعانَ الخيلِ بي وبصحبتي

كميتُ الأعالي بربريُّ الأسافلِ

علينا دلاصٌ من تراثِ محرقٍ

وتركٌ جلا عنها مداسُ الصياقلِ

ومطرداتٌ من رماحِ ردينةٍ

وأتراسُ جونٌ علقت بالشمائلِ

فلو شئتَ لم تسجن صديقاً ولم تهب

إليكِ بصقعاءِ المناكبِ بازلِ

من الجربِ يمريها ودرتها دمٌ

إذا أمتريت أخلافها بالمناصلِ

أنا ابنُ أبي قيسٍ فإن كنتَ سائلاً

بقيسٍ تجدهم ذروةً في القبائلِ

ألم ترَ قيساً قيسَ عيلانَ برقعت

لحاها وباعت نبلها بالمغازلِ

ومازلتُ أرجو الأزدَ حتى رأيتها

تقصرُ عن بنيانها المتطاولِ

ومقتلُ مسعودٍ ولم يثأروا بهِ

وصارتِ سيوفُ الأزد مثل المناجلِ

وما خيرُ عقلٍ أورثَ الأزدَ ذلةً

تسبُّ بهِ أحياؤهم في المحافلِ

على أنهم شمطٌ كأنَّ لحاهمُ

لحاءُ تيوسٍ حليت عن مناهلِ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي