منتهى الطلب من أشعار العرب/عبيد بن أيوب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عبيد بن أيوب

عبيد بن أيوب - منتهى الطلب من أشعار العرب

عبيد بن أيوب وقال عبيد بن أيوب العنبري وهو من اللصوص:

لقد خفتُ حتى لو تمرُّ حمامةٌ

لقلتُ عدوُّ أو طليعةُ معشرِ

وخفتُ خليلي ذا الصفاءِ ورابني

وقيلَ فلانٌ أو فلانةُ فاحذرِ

فأصبحتُ كالوحشيِّ يتبعُ ما خلا

ويتركُ مأنوسَ البلادِ المدعثرِ

إذا قيلَ خيرٌ قلتُ هذي خديعةٌ

وإن قيلَ شرٌّ قلتُ حقُّ فشمرِ

كتبت هذه القطعة لحسنها ولم تدخل في الأخبار. وقال أيضاً:

أراني وذئبَ القفرِ خدنينِ بعدما

تدانا كلانا يشمئزُّ ويذعرُ

إذا ما عوى جاوبتُ سجعَ عوائهِ

بترنيمٍ محزونٍ يموتُ وينشرُ

تذللتهُ حتى دنا وألفتهُ

وأمكنني لو أنني كنتُ أغدرُ

ولكنني لم يأتمني صاحبٌ

فيرتابَ بي ما دامَ لا يتغيرُ

وللهِ درُّ الغولِ أيُّ رفيقةٍ

لصاحبِ قفرٍ خائفٍ يتقترُ

تغنت بلحنٍ بعدَ لحنٍ وأوقدت

حواليَّ نيراناً تبوخُ وتزهرُ

أنستُ لها لما بدت وألفتها

وحتى دنت واللهُ بالغيبِ أبصرُ

فلما رأت ألاَّ أهالَ وأنني

وقورٌ إذا طار الجنانُ المطيرُ

دنت بعدَ ذاكَ الروعُ حتى ألفتها

وصافيتها واللهُ بالغيبِ أخبرُ

ألم ترني حالفتُ صفراءَ نبعةً

ترنُّ إذا ما رعتها وتزمجرُ

تزمجرُ غيري أحرقوها بضرةٍ

فباتت لها تحتَ الخباءِ تذمرُ

لها فتيةٌ ماضونَ حيثُ رمت بهم

شرابهمُ غالٍ من الجوفِ أحمرُ

إذا افتقرت راشتهمُ بغناهمُ

عطاءً لهم حتى صفا ما يكدرُ

ألمَّ خيالٌ من أميمةَ طارقٌ

وقد تليت من آخرِ الليلِ غبرُ

فيا فرحاً للمدلجِ الزائرِ الذي

أتاني في ربطاته يتبخترُ

فثرتُ وقلبي مقصدٌ للذي بهِ

وعينيَّ أحياناً تجمُّ فتغمرُ

إلى ناعجٍ أما أعالي عظامهِ

فشمٌّ وسفلاها على الأرضِ تمهرُ

فقلتُ لهُ قولاً وحادثتُ شدهُ

بأعوادٍ ميسٍ نقشهنَّ محبرُ

أيا جملي إن أنتَ زرتَ بلادها

برحلي وأجلادي فأنتَ محررُ

وهل جملٌ مجتابُ ما حالَ دونها

من الأرضِ أو ريحٌ تروحُ وتبكرُ

وكيفَ ترجيها وقد حالَ دونها

من الأرضِ مخشيُّ التنائفِ مذعرُ

وأنتَ طريدٌ مستسرٌّ بقفرةٍ

مراراً وأحياناً تصبُّ فتظهرُ

فيا ليتَ شعري هل يعودنَّ مربعٌ

وقيظٌ بأكنافِ الظليفِ ومحضرُ

أقاتلتي بطالةٌ عامريةٌ

بأردانها مسكٌ ذكيٌّ وعنبرُ

وقال عبيد بن أيوب أيضاً:

كأن لم أقد سبحانكَ اللهُ فتيةً

لندفعَ ضيماً أو لوصلٍ نواصلهْ

على علسياتٍ كأنَّ هويها

هويَّ القطا الكدري نشت ثمائلهْ

وفارقتهم والدهرُ موقفُ فرقةٍ

عواقبهُ دار البلى وأوائلهْ

وأصبحتُ مثلَ السهمِ في قعرِ جعبةٍ

نضيا فضاً قد طالَ فيها قلاقلهْ

وأصبحتُ ترميني العدى عن جماعةٍ

على ذاكَ رامٍ من بدت لي مقاتلهْ

فمنهم عدوٌّ لي مخالٍ مكاشحٍ

وآخرُ لي تحتَ العضاهِ حبائلهْ

وعاديةٌ تعدو عليَّ كثيبةٌ

لها سلفٌ لا ينذرُ القتلَ قاتلهْ

فناشدتهم باللهِ حتى أظلني

من الموتِ ظلٌّ قد علتني عواملهْ

فلما التقينا لم يزل من عديدهم

صريعٌ هواءٌ للترابِ جحافلهْ

ولو كنتُ لا أخشى سوى فردِ معشرٍ

لقرَّ فؤادي واطمأنت بلابلهْ

وسرتُ بأوطاني وصرتُ كأنني

كصاحبِ ثقلٍ حطَّ عنهُ مثاقلهْ

ألم ترني حالفتُ صفراءَ نبعةً

لها ربذيٌّ لم تثلم معابلهْ

وطالَ احتضاني السيفَ حتى كأنهُ

يناطُ بجلدي جفنه وحمائلهْ

وجربتُ قلبي فهو ماضٍ مشيعٌ

قليلٌ لخلانِ الصفاءِ غوائلهْ

وساخرةٍ مني ولكن تبينت

شمائل بسامٍ عجالٍ رواحلهْ

قليلُ رقادِ العينِ تراكُ بلدةٍ

إلى جوزِ أخرى لا تبنُّ منازلهْ

على مثلِ جفنِ السيفِ يرفعُ آلهُ

مصاصاتُ عتقٍ وهو طاوٍ ثمائلهْ

ووادٍ مخوفٍ لا تسارُ فجاجهُ

بركبٍ ولا تمشي لديهِ أراجلهْ

به الأسدُ والأسباد من علقت بهِ

فقد ثكلتهُ عندَ ذاكَ ثواكلهْ

تباشرنَ بي لما برزتُ لعادةٍ

تعودتها والعادُ جمُّ خوابلهْ

فقلتُ تنكبنَ الطريقَ لمختطٍ

أخي شقةٍ غولٍ على من ينازلهْ

فكلمتُ من لم يدرِ ما عربيةٌ

ومن عاشَ في لحمِ الأنيسِ أشابلهْ

فلما التقينا خامَ منهنَّ خائمٌ

وآخرُ ذو طيرٍ تحومُ حواجلهْ

فما رمتُ جوفِ الغيلِ حتى ألفتهُ

وأعجبني أسرابهُ ومداخلهْ

فإني وبغضي الإنسَ من بعدِ حبها

ونأييَ ممن كنتُ ما إن أزايلهْ

لكالصقرِ جلى بعدما صادَ فتيةً

قديراً ومشوياً ترفُّ خرادلهْ

أهابوا به فازداد بعداً وهاجهُ

على النأيِ يوماً طلُّ دجنٍ ووابلهْ

أزاهدةٌ فيَّ الأخلاءُ أن رأت

فتى مطرداً قد أسلمتهُ تبائلهْ

وقد تزهدُ الفتيانُ في السيفِ لم يكن

كهاماً ولم تعمل بغشٍ صياقلهْ

فلا تعترض في الأمرِ تكفى شؤونهُ

ولا تنصحن إلاَّ لمن هو قابلهْ

ولا تخذلِ المولى إذا ما ملمةٌ

ألمت ونازل في الوغى من ينازلهْ

ولا تحرم المرءَ الكريمَ فإنهُ

أخوكَ ولا تدري لعلكَ سائلهْ

وقال عبيد بن أيوب أيضاً:

ليت الذي سخرت مني ومن جملي

ذاقت كما ذقتُ من خوفٍ وأسفارِ

ومن طلابٍ وطلابٍ ذوي حنقٍ

يرمونَ نحويَ من غيظٍ بأبصارِ

إما تريني وسربالي يطيرُ كما

طارت عقيقةُ قرمٍ غيرِ خوارِ

إن يقتلوني فآجالُ الكماةِ كما

خبرتِ قتلٌ وما بالقتلِ من عارِ

وإن نجوتُ لوقتٍ غيرهِ فعسى

وكلُّ نفسٍ إلى وقتٍ ومقدارِ

يا ربِّ قد حلفَ الأعداءُ واجتهدوا

أيمانهم أنني من ساكنِ النارِ

أيحلفونَ على عمياءَ ويحهمُ

ما علمهم بعظيمِ العفوِ غفارِ

إني لأرجو من الرحمنِ مغفرةً

ومنةً من قوامِ الدينِ جبارِ

وما أخافُ هلاكاً بين عفوهما

وما يفوتهما المستوهلُ الساري

إليهما منهما أنجو على وجلٍ

كما نجا خائفٌ خاشٍ لآثاري

أنا الغلامُ عتيقُ اللهِ مبتهلٌ

بتوبةٍ بعدَ إحلاءٍ وإمرارِ

خليتُ بابات جهلٍ كنتُ أتبعها

كما يودعُ سفرُ عرصةَ الدارِ

إني لأعلمُ أني سوفَ يتركني

صحبي رهينةُ تربٍ بينَ أحجارِ

فرداً برابيةٍ أو وسطَ مقبرةٍ

تسفي عليَّ رياحُ البارحِ الذاري

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي