منتهى الطلب من أشعار العرب/عبيد بن الأبرص

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عبيد بن الأبرص

عبيد بن الأبرص - منتهى الطلب من أشعار العرب

عبيد بن الأبرص وقال عبيد بن الأبرص بن عوف بن جشم بن عامر بن مرّ بن مالك بن الحارث ابن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة:

أمنْ منزلٍ عافٍ ومنْ رسمِ أطلالِ

بكيتُ وهلْ يبكي منَ الشَّوقِ أمثالي

ديارهمُ إذ همُ جميعٌ فأصبحتْ

بسابسَ إلاّ الوحشُ في البلدِ الخالي

فإنْ تكُ غبراءُ الجُنينةِ أصبحتْ

خلتْ منهمُ واستبدلتْ غيرَ أبدالِ

بما قدْ أرى الحيَّ الجميعَ بغبطةٍ

بها واللَّيالي لا تدومُ على حالِ

قليلاً بها الأصواتُ إلاّ عوارفاً

وإلاّ عراراً منْ غياهبِ آجالِ

أبعدَ بني عمِّي ورهطي وأخوَتي

أُرجِّي ليانَ العيشِ ضلاًّ بتضْلالِ

فلستُ وإنْ أضحَوا مضَوا لسبيلهمْ

بناسيهمْ طولَ الحياةِ ولا سالِ

ألا تقفانِ اليومَ قبلَ تفرُّقٍ

ونأيٍ بعيدٍ واختلافٍ وأشغالِ

إلى ظُعنٍ يسلكنَ بينَ تبالةٍ

وبينَ أعالي الخَلّ لاحقةَ التَّالي

فلمَّا رأيتُ الحادِيينِ تكشَّما

ندمتُ على أنْ يذهبَا ناعِمي بالِ

رفعْنا عليهنَّ السِّياط فقلّصتْ

بنا كلُّ فتلاءِ الذِّراعينِ مرقالِ

خلوجٌ برجْليها كأنَّ فروجَها

فيافي سهوبٍ حينَ يُحتثُّ في الآلِ

فألحقْنا بالقومِ كلُّ دِفِقَّةٍ

مصدَّرةٍ بالرَّحلِ وجناءَ شمْلالِ

فأُبنا ونازعنَ الحديثَ أوانساً

عليهنَّ جيشانيَّةٌ ذاتُ أغيالِ

فملنَ إلينا بالسَّوالفِ وانتحى

بنا القولُ فيما يشتَهي المرحُ الخالي

كأنَّ صباً جاءتْ بريحِ لطيمةٍ

من المسكِ لا تُسطاعُ بالثَّمنِ الغالي

وريحِ الخُزامى في مذانبِ روضةٍ

جَلا دِمنها سارٍ من المزنِ هطَّالِ

وقال عبيد أيضاً:

تغيَّرتِ الدّيارُ بذي الدَّفينِ

فأوديةُ اللِّوى فرِمالُ لينِ

فخرْجا ذروةٍ فلِوى ذَيالٍ

يعفِّي أيهُ مرُّ السَّنينِ

تبيَّنَ صاحبي أترى حُمولاً

يشبَّهُ سيرُها عومَ السَّفينِ

جعلنَ الفجَّ منْ رككٍ شمالاً

ونكَّبنَ الطَّويَّ عن اليمينِ

ألا عتبتْ عليَّ اليومَ عِرسي

وقدْ هبَّتْ بليلٍ تشتَكيني

فقالتْ لي كبرتَ فقلتُ حقّاً

لقدْ أخلفتُ حيناً بعدَ حينِ

تُريني آيةَ الإعراضِ عنها

وقطَّتْ في المقالةِ بعدَ لينِ

وحطَّتْ حاجبيْها أنْ رأتْني

كبرتُ وأنْ قدِ ابيضَّتْ قُروني

فقلتُ لها رُويدكِ بعضَ عتْبي

فإنِّي لا أرى أنْ تزْدهيني

وعِيشي بالذي يُغنيكِ حتَّى

إذا ما شئتُ أنْ تنأي فبيني

فإنْ يكُ فاتني أسفاً شبابي

وأمسى الرَّأسُ منِّي كاللّجينِ

وكانَ اللّهوُ حالفني زماناً

فأضحى اليومَ منقطعُ القرينِ

فقدْ ألجُ الخباءَ على العذارَى

كأنَّ عيونهنَّ عيونُ عينِ

يملنَ عليَّ بالأقربِ طوراً

وبالأجيادِ كالرَّيطِ المصونِ

وأسمرَ قدْ نصبتُ لذي سناءٍ

يرى منِّي مخالطةَ اليقينِ

يحاولُ أنْ يقومُ وقدْ مضتهُ

مغابنةٌ بذي خرصٍ قتينِ

إذا ما عادهُ منَّا نساءٌ

سفحنَ الدَّمعَ من بعدِ الرَّنينِ

وخرقٍ قدْ دعوتُ الجونَ فيهِ

على أدماءَ كالعيرِ الشَّنونِ

وقال عبيد أيضاً:

يا ذا المخوّفنا بقت

ل أبيهِ إذلالاً وحينا

أزعمتَ أنَّكَ قدْ قتلْ

تَ سراتَنا كذباً ومينا

لوْما على حجرِ بنِ أُ

مِّ قطامِ تبكي لا علينا

إنَّا إذا عضَّ الثّقا

فُ برأسِ صعدتنا لوينا

نحمي حقيقتنا وبع

ضُ القومِ يسقطُ بينَ بيْنا

هلاّ سألتَ جموعَ كن

دةَ إذ تولَّوا أينَ أينا

أيَّامَ نضربُ هامهمْ

ببواترٍ حتَّى انحنينا

وجموعُ غسَّانَ الملو

كُ أتينهمْ وقد انطوينا

لحقاً أياطلُهنَّ قدْ

عالجنَ أسفاراً وأينا

ولقدْ صلقنَ هوازناً

بنواهلٍ حتَّى ارتوينا

نُعليهمُ تحتَ الضَّبا

بِ المشرفيَّ إذا اعتزينا

نحنُ الأُلى فاجمعْ جمو

عكَ ثمَّ وجّههمْ إلينا

واعلمْ بأنَّ جيادنا

آلينَ لا يقضينَ دينا

ولقدْ أبحنَا ما حميْتَ

ولا مُبيحَ لما حميْنا

هذا ولو قدرتْ علي

كَ رماحُ قومي ما انتهيْنا

حتَّى تنوشكَ نوشةً

عاداتهنَّ إذا انتوينْنا

نُغلي السِّباءَ بكلِّ عا

تقةٍ شمولٍ ما صحوْنا

ونهينُ في لذَّاتها

عظمَ التِّلادِ إذا انتشيْنا

لا يبلغَ الباني ولو

رفعَ الدَّعائمَ ما بنيْنا

كمْ رئيسٍ قد قتلْ

ناهُ وضيمٍ قد أبيْنا

ولربَّ سيِّدِ معشرٍ

ضخمِ الدَّسيعةِ قد رميْنا

عقبانهُ بظلالِ عق

بانٍ تيمَّمُ منْ نويْنا

حتَّى تركنا شلوهُ

جزرَ السِّباعِ وقد مضيْنا

إنَّا لعمركَ ما يضا

مُ حليفُنا أبداً لديْنا

وأوانسٍ مثلِ الدُّمى

حورِ العيونِ قد استبيْنا

وقال عبيد أيضاً:

يا خليليَّ قفا واستخبرا ال

منزلَ الدَّارسَ عن أهلِ الحلالِ

مثلَ سحقِ البردِ عفا بعدكَ ال

قطرُ مغناهُ وتأويبُ الشَّمالِ

ولقدْ يغنى بهِ جيرانكَ ال

ممسكو منكَ بأسبابِ الوصالِ

ثمَّ أكدى ودُّهم إذ أزمعوا ال

بينَ والأيَّامُ حالٌ بعدَ حالِ

فانصرف عنهمْ بعنسٍ كالوأى ال

جأبِ ذي العانةِ أو شاةِ الرِّمالِ

نحنُ قدْنا من أهاضيبِ الملا ال

خيلَ في الأرسانِ أمثالَ السّعالي

شذَّباً يغشينَ منْ مجهولةِ الأ

رضِ وعثاً من سهولٍ ورمالِ

فانتجعنا الحارثَ الأعرجَ في

جحفلٍ كالليلِ خطَّارِ العوالي

ثمَّ غادرْنا عديّاً بالقنا ال

ذّبَّلِ بالسُّمرِ صريعاً في المجالِ

ثمَّ عجْناهنَّ خوصاً كالقطا الق

اربِ الماءَ من أينِ الكلالِ

نحنُ قرصٍ يومَ جالتْ جولةُ ال

خيلِ قبّاً عن يمينٍ وشمالِ

كم رئيسٍ يقدمُ الألفَ على الأج

ردِ السَّابحِ ذي العقبِ الطّوالِ

قدْ أباحتْ جمعهُ أسيافنا البي

ضُ في الرَّوعةِ من حيٍّ حلالِ

ولنا دارٌ ورثْنا عزَّها الأ

قدمَ القدموسَ عن عمٍّ وخالِ

منزلٌ دمَّنهُ آباؤنا المو

رثونَ المجَ في أُولى اللَّيالي

ما لنا فيها حصونٌ غيرُ ما

المقرباتِ الجردِ تردي بالرِّجالِ

في روابي عدمليٍّ شامخِ الأ

نفِ فيه إرثُ عزٍّ وكمالِ

فاتَّبعنا دأبَ أولانا الأولى المو

قدي الحربَ وموفٍ بالحبالِ

وقال عبيد أيضاً:

لمنِ الدِّيارُ بصاحةٍ فحروسِ

درستْ في الإقفارِ أيَّ دروسِ

إلاّ أواريّاً كأنَّ رسومها

في مهرقٍ خلقِ الدَّواةِ لبيسِ

دارٌ لفاطمة الرَّبيعَ بغمرةٍ

فقفا شرافٍ فهضبِ ذاتِ رؤوسِ

أزمانَ علّقها وإنْ لمْ تكسهِ

نكساً وشرُّ الدَّاءِ داءُ نكوسِ

وسبتكَ ناعمةٌ صفيّ نواعمٍ

بيضٍ غرائرَ كالظِّباءِ العيسِ

خودٌ مبتَّلةُ العظامِ كأنَّها

برديَّةٌ نبتتْ خلالَ غروسِ

أفلا تناسى حبّها بجلالةٍ

وجناءَ كالأُجمِ المطينِ ولوسِ

رفعَ المرارُ منَ الرَّبيعِ سنامَها

فنوتْ وأردفَ نابُها بسديسِ

فكأنَّما تحنو إذا ما أُرسلتْ

عودَ العضاهِ وروقهُ بفؤوسِ

أفنيتُ بهجتَها وفضلَ سنامِها

بالرَّحلِ بعدَ مخيلةٍ وشريسِ

وأميرِ خيلٍ قد عصيتُ بنهدةٍ

جرداءَ خاظيةِ السَّراةِ جلوسِ

خُلقتْ على عسبٍ وتمَّ ذكاؤها

وأحالَ فيها الصُّنعُ غيرَ بجيسِ

وإذا جهدنَ وقلَّ ماءُ نطافها

وصُلقنَ في ديمومةٍ إمليسِ

تنفي الأواثمَ عنْ سواءِ سبيلِها

شركَ الأحزَّةِ وهي غيرُ شموسِ

أمَّا إذا استقبلتَها فكأنَّها

ذبلتْ من الهنديّ غيرَ يبوسِ

أمَّا إذا ما أدبرتْ فكأنَّها

قارورةٌ صفراءٌ ذاتُ كبيسِ

وإذا اقتنصنا لا يخفُّ خضابها

وكأنَّ بركتها مداكُ عروسِ

وإذا رفعنا للحراجِ فنهبُها

أدنى سوامِ الجاملِ المحبوسِ

هاتيكَ تحملُني وأبيضَ صارماً

ومجرَّباً في مارنٍ مخموسِ

صدقٍ منَ الهنديِّ أُلبسَ جبَّةً

لحقتْ بكعبٍ كالنّواةِ مليسِ

في أسرةٍ يومَ الحفاظِ مصالتٍ

كالأُسدِ لا ينمى لها بفريسِ

وبنو خزيمةَ يعلمونَ بأنَّنا

من خيرِهمْ في غبطةٍ وبئيسِ

تُنكي عدوَّهمُ وينصحُ جيبُنا

لهمُ وليسَ النُّصحُ بالمدموسِ

وقال عبيد أيضاً:

يا دارَ هندٍ عفاها كلُّ هطَّالِ

بالجوُّ مثلَ سحيقِ اليمنةِ البالي

جرتْ عليها رياحُ الصَّيفِ فاطَّرقتْ

والرِّيحُ ممَّا تعفِّيها بأذيالِ

حبستُ فيها صِحابي كيْ أُسائلُها

والدَّمعُ قدْ بلَّ منِّي جيبَ سربالي

شوقاً إلى الحيِّ أيَّامَ الجميعُ بها

وكيفَ يطربُ أو يشتاقُ أمثالي

وقدْ علا لمَّتي شيبٌ فودعني

منهُ الغواني وداعَ الصَّارمِ القالي

وقد أُسلِّي همومي حينَ تحضرُني

بحسرةٍ كعلاةِ القينِ شملالِ

زيَّافةٍ بقتودِ الرَّحلِ ناجيةٍ

تفري الهجيرَ بتبغيلٍ وإرقالِ

مقذوفةٍ بلكيكِ اللَّحمِ عن عرضٍ

كمفردٍ وحدٍ بالجوِّ ذيَّالِ

هذا وحربٍ عوانٍ قدْ سموتُ لها

حتَّى شببتُ لها ناراً بأشعالِ

تحتي مسوَّمةٌ جرداءُ عجْلزةٌ

كالسَّهمِ أرسلهُ من كفّهِ الغالي

وكبشِ ملمومةٍ بادٍ نواجذهُ

شهباءَ ذاتِ سرابيلٍ وأبطالِ

أوجرتُ جفرتهُ خرصاً فمالَ بهِ

كما انثنى مخضدٌ من ناعمِ الضَّالِ

وقهوةٍ كرفاتِ المسكِ طالَ بها

في دنّها كرُّ حولٍ بعدَ أحوالِ

باكرتهُ قبلَ أن يبدو الصَّباحُ لنا

في بيتِ منهمرِ الكفَّينِ مفضالُ

وغيلةٍ كمهاةِ الجوِّ ناعمةٍ

كأنَّ ريقتها شيبتْ بسلسالِ

قد بتُّ ألعبها طوراً وتلعبُني

ثمَّ انصرفتُ وهيَ منِّي على بالِ

بانَ الشَّبابُ فآلى لا يلمُّ بنا

واحتلَّ بي من ملمِّ الشَّيبِ محلالِ

والشيبُ شينٌ لمنْ أرسى بساحتهِ

للهِ درُّ سوادِ اللّمَّةِ الخالي

وقال عبيد أيضاً:

تحاولُ رسماً من سُليمى دكادكا

خلاءً تعفِّيهِ الرِّياحُ سواهكا

تبدَّلَ بعدي من سُليمى وأهلها

نعاماً ترعاهُ وأُدماً ترائكا

وقفتُ بها أبكي بكاءَ حمامةٍ

أركيَّةٍ تدعو الحمامَ الأواركَا

إذا ذكرتْ يوماً من الدَّهرِ شجوها

على فرعِ ساقٍ أذرتِ الدَّمعَ سافكا

سراةَ الضُّحى حتَّى إذا ما صبابتي

تجلَّتْ كسوتُ الرَّحلَ وجناءَ تامكا

كأنَّ قُتودي فوقَ جأبٍ مطرَّدٍ

رأى عانةً تهوي فظلَّ مواشكا

ونحنُ قتلْنا الأجدلينِ ومالكاً

أعزّهما فقداً عليكَ وهالكا

ونحنُ جعلْنا الرُّمحَ قرناً لنحرهِ

فقطَّرهُ كأنَّما كانَ واركا

ونحنُ الأُلى إنْ تستطعكَ رماحُنا

نقدكَ إلى نارٍ لعمرُ إلاهكا

نقدكَ إلى نارٍ وإنْ كنتَ ساخطاً

ولا تنتشرْ نفوسُنا لفدائكا

ويومَ الرَّبابِ قد قتلْنا هُمامها

وحجراً وعمراً قد قتلنا كذالكا

ونحنُ صبحنا عامراً يومَ أقبلوا

سيوفَا عليهنَّ النّجارُ بواتكا

عطفْناهمُ عطفَ الضَّروسِ فأدبروا

سراعاً وقدْ بلَّ النَّجيعُ السَّنابكا

ونحنُ قتلنا مرَّةَ الخيرِ منكمُ

وقرصاً قتلنا كانَ ممَّنْ أولائكا

ونحنُ قتلنا جندلاً في جموعهِ

ونحنُ قتلنا شيخهُ قبلَ ذلكا

وربّكَ لولاهُ لقيتَ الذي لقوا

فذاكَ الذي نجَّاكَ ممَّا هنالكا

ظللتَ تغنِّي أنْ أخذتَ ذليلةً

كأنَّ معدّاً أصبحتْ في حبالكا

وأنتَ امرؤٌ ألهاكَ زقٌّ وقينةٌ

فتصبحَ مخموراً وتُمسي متاركا

عن الوترِ حتَّى أحرزَ الوتر أهلهُ

فأنتَ تبكِّي إثرهُ متهالكا

فلا أنتَ بالأوتارِ أدركتَ أهلَها

ولا كنتَ إذْ لم تنتصرْ متماسكا

وقال عبيد أيضاً:

أمنْ أمِّ سلمٍ تلكَ لا تستريحُ

وليسَ لحاجاتِ الفؤادِ مريحُ

إذا ذقتُ فاها قلتُ طعمَ مدامةٍ

مشعشعةٍ ترخي الإزارَ قديحُ

بماءِ سحابٍ من أباريقِ فضَّةٍ

لها ثمنٌ في البائعينَ ربيحُ

تبصَّر خليلي هلْ ترى من ظعائنٍ

يمانيَّةٍ قد تغتدي وتروحُ

كعومِ سفينٍ في غواربِ لجَّةٍ

يكفِّئها في وسطِ دجلةَ ريحُ

جوانبها تغشَى المتالفَ أشرفتْ

عليهنَّ صهبٌ من يهودَ جنوحُ

وقد أغتدي قبلَ الغطاطِ وصاحبي

أمينُ الشَّظا رخوُ اللّبانِ سبوحُ

إذا حرَّكتهُ السَّاقُ قلتَ مجنَّبٌ

غضيضٌ غذتهُ عهدةٌ وسروحُ

مرابضهُ القيعانُ فرداً كأنَّه

إذا ما تماشيهِ الظِّباءُ نطيحُ

فهاجَ بهِ حيٌّ غداةً فآسدوا

كلاباً فكلُّ الضَّارياتُ شحيحُ

إذا خافَ منهنَّ اللّحاقَ نمتْ بهِ

قوائمُ حمشاتُ الأسافلَ روحُ

وقدْ أتركَ القرنَ الكميَّ بصدرهِ

مشلشلةٌ فوقَ السِّناتِ تفوحُ

دفوعٌ لأطرافِ الأناملِ ثرَّةٌ

لها بعدَ إنزافِ العبيطِ نشيحُ

إذا جاءَ سربٌ من نساءٍ يعدنهُ

تبادرنَ شتَّى كلّهنَّ ينوحُ

وقال عبيد أيضاً:

أمنْ رسومٍ آيُها ناحلُ

ومنْ ديارٍ دمعكَ الهامِلُ

قد جرَّت الرِّيحُ بهِ ذيلَها

عاماً وجونٌ مسبلٌ هاطِلُ

حتَّى عفاها صيِّتٌ رعدهُ

داني النَّواحي مسبلٌ وابِلُ

ظلتُ بها كأنَّني شاربٌ

صهباءَ ممَّا عتَّقتْ بابِلُ

بلْ ما بكاءُ الشِّيخِ في دمنةٍ

وقدْ علاهُ الوضحُ الشَّامِلُ

أقوتْ منَ اللاّئي همُ أهلُها

فما بها إذْ ظعنوا آهِلُ

وربَّما حلَّتْ سُليمى بها

كأنَّها عطبولةٌ خاذِلُ

لولا تسلِّيكَ جماليَّةٌ

أدماءُ دامٍ خفّها باذِلُ

حرفٌ كأنَّ الرَّحلَ منها على

ذي عانةٍ تحبو لهُ عاقِلُ

يا أيُّها السَّائلُ عن مجدِنا

إنَّكَ عن مسعاتنا جاهِلُ

إنْ كنتَ لم تسمعُ بإبائنا

فسلْ تنبَّا أيُّها السَّائِلُ

سائلْ بنا حجراً غداةَ الوغى

يومَ تولَّى جمعهُ الحافِلُ

يومَ لقُوا سعداً على مأقطٍ

وحاولتْ منْ دونهِ كاهِلُ

فأورَدوا سرباً لهُ ذبَّلاً

كأنَّهنَّ اللَّهبُ الشَّاعِلُ

وعامراً أنْ كيفَ يعلوهمُ

إذا الْتقينا المُرهفُ النَّاهِلُ

وجمعُ غسَّانَ لقيناهمُ

بجحفلٍ قسطلهُ ذائِلُ

قوْمي بنو دودانَ أهلُ الحَجى

يوماً إذا أُلقحتِ الحائِلُ

كمْ فيهمُ من أيِّدٍ سيِّدٍ

ذي نفحاتٍ قائلٌ فاعِلُ

من قولهُ قولٌ ومنْ فعلهُ

فعلٌ ومنْ نائلهُ نائِلُ

القائلُ القولَ الذي مثلهُ

يمرعُ منهُ البلدُ الماحِلُ

لا يحرمْ السَّائلَ إنْ جاءهُ

ولا يُعفِّي سيبهُ العاذِلُ

الطَّاعنُ الطَّعنةَ يومَ الوغى

يذهلُ منهُ البطلُ الباسِلُ

وقال عبيد أيضاً:

أقفرَ منْ أهلهِ ملحوبُ

فالقُطبيَّاتُ فالذّنوبُ

فراكسٌ فثُعيْلباتٌ فذا

تُ فرقينِ فالقليبُ

فعردةٌ فقفا حبِّرٍ لي

سَ بها منهمُ عريبُ

وبُدِّلتْ منْ أهلِها وحوشاً

وغيَّرتْ حالَها الخطوبُ

أرضٌ توارثُها شعوبٌ

فكلُّ منْ حلَّها محروبُ

إمَّا قتيلاً وإمَّا هالكاً

والشَّيبُ شينٌ لمنْ يشيبُ

عيناكَ دمعهُما سروبُ

كأنَّ شأنيهِما شعيبُ

واهيةٌ أو معينٌ مُمع

نٌ منْ هضبةٌ دونها لهوبُ

أوْ فلجُ ماءٍ ببطنِ وادٍ

للماءِ منْ تحتيهِ قشيبُ

تصبو وأنَّى لكَ التَّصابي

أنَّى وقدْ راعكَ المشيبُ

إنْ يكُ حُوِّلَ منها أهلُها

فلا بديءٌ ولا عجيبُ

أو يكُ أقفرَ منها أهلُها

وعادَها المحلُ والجدوبُ

فكلُّ ذي نعمةٍ مخلوسُها

وكلُّ ذي أملٍ مكذوبُ

وكلُّ ذي إبلٍ موروثُها

وكلُّ ذي سلبٍ مسلوبُ

وكلُّ ذي غيبةٍ يؤوبُ

وغائبُ الموتِ لا يؤوبُ

أعاقرُ كذاتِ رحمٍ

أو غانمٌ كمنْ يخيبُ

أفلحْ بما شئتَ فقدْ يُدرَ

كُ بالضَّعفِ وقد يُخدعُ الأريبُ

لا يعظُ النَّاسُ منْ لا يعظُ ال

دَّهرَ ولا ينفعُ التَّلبيبُ

لا ينفعُ اللُّبُّ عن تعلُّمِ

إلاّ السَّجيَّاتُ والقلوبُ

ساعدْ بأرضٍ إذا كنتَ بِ

ها ولا تقلْ إنَّني غريبُ

منْ يسألِ النَّاسَ يحرموهُ

وسائلُ اللهَ لا يخيبُ

قد يوصلُ النَّازحُ النَّائي

ويُقطعُ ذو السُّهمةِ القريبُ

بلْ إنْ تكنْ قد علَتني كبر

ةٌ والشَّيبُ لمنْ يشيبُ

والمرءُ ما عاشَ في تكذيبٍ

طولُ الحياةِ لهُ تعذيبُ

بلْ ربَّ ماءٍ وردتهُ آجنٍ

سبيلهُ خائفٌ جديبُ

ريشُ الحمامِ على أرجائهِ

للقلبِ من خوفهِ وجيبُ

قطعتهُ غدوةً مُشيحاً

وصاحبي بادنٌ خبوبُ

عيرانةٌ أُجدٌ فقارُها

كأنَّ حاركَها كثيبُ

أخلفَ ما بازلاً سديسُها

لاحقَّةٌ هي ولا نيوبُ

كأنَّها منْ حميرِ غابٍ

جونٍ بصفحتهِ ندوبُ

أو شببٌ يحتفرُ الرُّخامى

تلفُّهُ شمألٌ هبوبُ

فذاكَ عصرٌ وقد أراني

تحملُني نهدةٌ سُرحوبُ

مضبَّرٌ خلقُها تضبيراً

ينشقُّ عنْ وجهِها السَّبيبُ

زيتيَّةٌ ناقمٌ أبجلُها

وليِّنٌ أسرُها رطيبُ

كأنَّها لقوةٌ طلوبٌ

تخرُّ في وكرِها القلوبُ

باتتْ على إرمٍ رابي

ةً كأنَّها شيخةٌ رقوبُ

فأصبحتْ في غداةٍ قرَّةٍ

يسقطُ عنْ ريشِها الضَّريبُ

فأبصرتْ ثعلباً منْ ساعَ

ةٍ دونَها سبسبٌ جديبُ

فنفضتْ ريشَها وانتفضَ

تْ وهي منْ نهضةٍ قريبُ

فاشْتالَ وارتاعَ منْ حسيسَ

ها وفعلهُ يفعلُ المذؤوبُ

يدبُّ من رؤيتِها دبيباً

كأنَّ حملاقَها مقلوبُ

فأدركتْهُ فطرحتْهُ وال

صَّيدُ منْ تحتِها مكروبُ

فرنَّحتهُ ووضعتهُ فك

دَّحتْ وجههُ الحبوبُ

يضغو ومخلبُها في دفِّهِ

لا بدَّ حيزومهُ مثقوبُ

وقال عبيد أيضاً:

أمنْ دمنةٍ بجوَّةِ سرغدِ

تلوحُ كعنوانِ الكتابِ المجدَّدِ

لسعدةَ إذ كانتْ تُثيبُ بودِّها

وإذْ هيَ لا تلقاكَ إلاّ بأسعدِ

وإذْ هي حوراءُ المدامعِ طفلةٌ

كمثلِ مهاةٍ حرَّةٍ أمِّ فرقدِ

تُراعي به نبتَ الخمائلِ بالضُّحى

وتأوي بهِ إلى أراكٍ وغرقدِ

وتجعلهُ في سربِها نصبَ عينِها

وتثني عليهِ الجيد في كلِّ مرقدِ

فقدْ أورثتْ في القلبِ سقماً يعودهُ

عياداً كسمِّ الحيَّةِ المتردِّدِ

غداةَ بدتْ منْ سترِها وكأنَّما

يحفُّ ثناياها بحالكِ إثمدِ

وتبسمُ عن عذبِ اللّثاثِ كأنَّهُ

أقاحي الرُّبى أضحى وظاهرهُ ندي

فإنِّي إلى سُعدى وإنْ طالَ نأيُها

إلى نيلِها ما عشتُ كالحائمِ الصَّدي

إذا كنتَ لا تعبأ برأيٍ ولا تطعْ

إلى اللُّبِّ أو تُرعي إلى قولِ مرشدِ

فلا تتَّقي ذمَّ العشيرةِ كلِّها

وتدفعُ عنها باللِّسانِ وباليدِ

وتصفحُ عن ذي جهلِها وتحوطُها

وتقمعُ عنها نخوةَ المتهدِّدِ

وتنزلُ منها بالمكانِ الذي بهِ

يُرى الفضلُ في الدُّنيا على المتحمِّدِ

فلستَ وإنْ علَّلتَ نفسكَ بالمنى

بذي سؤددٍ بادٍ ولا كربِ سيِّدِ

لعمركَ ما يخشى الجليسُ تفحُّشي

عليهِ ولا أنأى على المتودِّدِ

ولا أبتغي ودَّ امرئٍ قلَّ خيرهُ

وما أنا عنْ وصلِ الصَّديقِ بأصيدِ

وإنِّي لأُطفي الحربَ بعدَ شبوبِها

وقد أُوقدتْ للغيِّ في كلِّ موقدِ

فأوقدتُها للظَّالمِ المصطَلي بها

إذا لمْ يرعهُ رأيهُ عنْ تودّدِ

وأغفرُ للمولى هناةً تريبُني

فما ظلمهُ ما لمْ ينلْني بمحقدِ

ومنْ رامَ ظُلمي منهمُ فكأنَّما

توقَّصَ حيناً من شواهقِ صنددِ

وإنِّي لذو رأيٍ يُعاشُ بفضلهِ

وما أنا منْ علمِ الأمورِ بمبتدِ

إذا أنتَ حمَّلتَ الخؤونَ أمانةً

فإنَّكَ قدْ أسندْتها شرَّ مسندِ

وجدتُ خؤونَ القومِ كالعرِّ يُتَّقى

وما خلتُ غمَّ الجارِ إلاّ بمعهدِ

ولا تظهرنْ ودَّ امرئٍ قبل خبرهِ

وبعدَ بلاءِ المرءِ فاذممْ أوِ احمدِ

ولا تتبعنَّ الرَّأيَ منهُ تقصُّهُ

ولكنْ برأيِ المرءِ ذي اللُّبِّ فاقتدِ

ولا تزهدنْ في وصلِ أهلِ قرابةٍ

لذخرٍ وفي صرمِ الأباعدِ فازهدِ

وإنْ أنتَ منَ الدُّنيا متاعاً فإنَّهُ

على كلِّ حالٍ خيرُ زادِ المزوَّدِ

تمنَّى مُريءُ القيسِ موتي وإنْ أمتْ

فتلكَ سبيلٌ لستُ فيها بأوحدِ

لعلَّ الذي يرجو ردايَ وموْتتي

سفاهاً وحبْناً أن يكونَ هو الرَّدي

فما عيشُ منْ يرجو خِلافي بضائري

ولا موتُ منْ قدْ فاتَ قبلي بمُخلدي

وللمرءِ أيَّامٌ تعدُّ وقدِّمتْ

حبالُ المنايا للفتى كلَّ مرصدِ

منيَّتهُ تجري لوقتٍ وقصرهُ

مُلاقاتها يوماً على غيرِ موعدِ

فمنْ لمْ يمتْ في اليومِ لا بدَّ أنَّهُ

سيعلقهُ حبلُ المنيَّةِ من غدِ

فقلْ للَّذي يبغي خلافَ الذي مضى

تهيَّأ لأُخرى مثلَها فكأنْ قدِ

فإنَّا ومنْ قدْ بادَ منَّا لكالَّذي

يروحُ وكالقاضي البتاتِ ليغْتدي

وقال عبيد أيضاً:

لمنْ جِمالٌ قبيلَ الصُّبحِ مزمومهُ

ميمِّماتٍ بلاداً غيرَ معلومَهْ

عالينَ رقماً وأنماطاً مظاهرةً

وكلَّةٍ بعتيقِ العقلِ مرقومَهْ

من عبقريٍّ عليها إذ غدوْا صبحٌ

كأنَّها منْ نجيعِ الجوفِ مدمومَهْ

كأنَّ ظعنهمُ نخلٌ موسَّقةٌ

سودٌ ذوائبها بالحملِ مكمومَهْ

فيهنَّ هندٌ وقدْ هامَ الفؤادُ بها

بيضاءُ آنسةٌ بالحسنِ موسومَهْ

في إنَّها كمهاةِ الجوِّ ناعمةٌ

تُدني النَّصيفَ بكفٍّ غيرِ موشومَهْ

كأنَّها ريقتها بعدَ الكرى اغتبقتْ

صهباءَ صافيةً بالمسكِ مختومَهْ

ممَّا يغالي بها البيّاعُ عتَّقها

ذو شاربٍ أصهبٌ يُغلى بها السِّيمَهْ

يا منْ لبرقٍ أبيتُ الليلَ أرقبهُ

في مكفهرٍّ وفي سوداءَ ديمومَهْ

فيرقُها حرِقٌ وماؤها دفِقٌ

وتحتها ريّقٌ وفوقَها ديمَهْ

فذلكَ الماءُ لو أنِّي شربتُ بهِ

إذاً شفا كبداً شكاءَ مكلومَهْ

هذا ودويَّةٍ يعيا الهُداةُ بها

ناءٍ مسافتُها كالبُردِ ديمومَهْ

جاوزتُ مهمهَ يهماها بعيْهمةٍ

عيرانةٍ كعلاةِ القينِ معقومَهْ

أرمي بِها عرُضَ الدَّويِّ ضامزةً

في ساعةٍ تبعثُ الحرباءَ مسمومَهْ

ولعبيد وما تدخل في القصائد:

سقى الرَّبابَ مُجلجلُ الأ

كنافِ لمَّاحٌ بروقُهْ

جونٌ تكفكفهُ الصَّبا

وهناً وتَمريهِ خريقُهْ

مَريَ العسيفِ عشارهُ

حتَّى إذا درَّتْ عروقُهْ

ودنا يُضيءُ ربابهُ

غاباً يضرِّمهُ حريقُهْ

حتَّى إذا ما ذرعهُ

بالماءِ ضاقَ فما يطيقُهْ

هبَّتْ لهُ منْ خلفهِ

ريحٌ شآميَّةٌ تسوقُهْ

حلَّتْ عزاليهُ الجنو

بُ فثجَّ واهيةً خروقُهْ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي