منتهى الطلب من أشعار العرب/عدي بن وداع

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عديّ بن وداع

عديّ بن وداع - منتهى الطلب من أشعار العرب

عديّ بن وداع وقال عديّ بن وداع أحد بني عقْيٍ، وهو أسد بن الحارث بن مالك بن فهم أحد الأزد، وكان يلقب الأعمى ولم يكن أعمى:

كلَّفني القلبُ فلمْ أجهلِ

عهدَ الصِّبا في السَّالفِ الأوَّلِ

أزمانَ إذ أملكُ عقلي وإذ

طرفيَ لم يخسأ ولم يكللِ

أرى ابنةَ الأزْدي قد أقبلتْ

بينَ سموطِ الدُّرِّ في المجولِ

كالظَّبيةِ الفاردةِ الخاذلِ

المخروفةِ المقفرةِ المُطفلِ

ظلَّتْ تعاطى بخلاءٍ من ال

أرضِ شجونَ السَّلمِ المهدلِ

يابنةَ كعبِ بن صليعٍ ألا

تستيقني إن كنتِ لم تذهلي

قالتْ ألا لا يُشترى ذاكمُ

إلاَّ برعبِ الثَّمنِ الأجزلِ

إن تعطنا سطرَ الحفافينِ مقْ

طوعاً لنا بتلاً إذنْ نفعلِ

إنَّ الحفافينَ عقارُ امرئٍ

يمنعهُ الضَّيمُ فلا تجهلي

مالُ امرئٍ يخبطُ في الغمرةِ ال

قرنَ غداةَ البأسِ بالمنصلِ

إن كنتِ تستأسينَ لا بدَّ فال

معروفُ منّا أُختنا فاسألي

العبدَ أو بكرتنا الحرَّةَ ال

زَّهراءَ أو منصفةَ النُّزَّلِ

طبنا بهذا لك نفساً فإنْ

ترضي به عنّا إذن فافعلي

بعضكِ يا وجدَ امرئٍ شفَّهُ ال

حبُّ فلمْ يفرغْ ولم يُشغلِ

أعمى على حالٍ من الحالِ لا

يشعرُ ما النّائي من المقبلِ

لو كنتِ قد أدنيتني الودَّ ما

ألفيتُ مثلَ الضَّمنِ الزُّمَّلِ

أوديتُ في المودينَ إن كنتُ في ال

أحياءِ كالمنسيَّ لم يحفلِ

وسائلي القومَ إذا أرملوا

والمعتفي والصَّحبَ بي فاسألي

أيُّ فتًى أعمى عديٌّ إذا

ما باشرَ الكيدَ على التَّلتلِ

قد أشخذُ الصَّحبَ إلى موطنٍ

يكلحُ منه ناجذُ المصطلي

ضربَ سيوفِ الهندِ صقعاً كما

يُشعلُ غابُ الحرقِ المشعلِ

أو كقصيفِ البردِ الصَّيِّفِ ال

مبعقِ في الظَّاهرِ ذي الجرولِ

جرتْ به دلوٌ قريٌّ على

أدراجها من باكرٍ مسبلِ

من عارضٍ جونٍ ركامٍ وهتْ

عزلاؤهُ منهزمِ الأسفلِ

يحفزهُ رعدٌ وبرقٌ على

أرجائهِ مرتجزُ الأزملِ

حينَ ترى القتلى لدى مُزحفٍ

كالقربِ الوفرِ لدى المنهلِ

حينَ يقولُ النَّجدُ مِن رهبةِ ال

موتِ أرى الغمرةَ لا تنجلي

سيفُ ابنِ نشوانَ بكفِّي وقدْ

سقاهُ شهراً مدوسُ الصَّقيلِ

أخضرُ ذو زرَّينِ يُسقى سِما

ماً فإذا أُرهفَ لم ينحلِ

أحمي بهِ فرجَ سلوقيَّةٍ

كالشَّمسِ تغشى طرفَ الأنملِ

إنْ كنتُ أعمى فاسألي القومَ هلْ

أُسكتُ روَع المرءِ ذي الأفكلِ

أضربُ في العورةِ ما فيَّ إنْ

أُخضمتُ أو أُقضمتُ لم أئتلِ

أعلمُ أنْ كلُّ فتًى مرَّةً

للقتلِ أو بيتٍ منَ الجندلِ

ذلكَ مكروهي وروغي فإنْ

أُحملْ على الثِّقلةِ لا أثقلِ

ممَّا ينوبُ الحيُّ فيهمْ وقدْ

أجتازُ بالمبتقلِ المعملِ

السَّابقُ المختالَ بالكورِ وال

أعلامِ نوحَ الفاقدِ المعولِ

ينجو منَ السَّوطِ كما تجدمُ ال

قيدودُ منْ وهوهةِ المسحلِ

شرَّدها زرٌّ بلحييهِ منْ

أعرافِها والشَّعرِ المنسلِ

صائفةٍ وَحمى تصدَّى لهُ

كالقوسِ منْ فارعةِ الأشكلِ

ترهقهُ ضرباً وتنجُو على

وحشيِّها قاربةَ المنهلِ

قذفكَ بالقدحِ منَ السَّاسمِ ال

أجردِ قدحَ الصَّنعِ المغتلي

حتَّى يحورَ النَّيُّ منهُ إلى

عظمِ سُلامى سلسِ المفصلِ

بينَ رذيِّ الرَّهبِ المقصدِ ال

مخِّ المُباري خدمَ المنعلِ

يعلُو لنابيهِ صريفٌ كما

غرَّدَ صوتُ الصُّردِ الصُّلصلِ

واللهِ واللهِ لهذا الفتى

كانَ لزازَ الزَّمنِ الممحلِ

للجارِ والضَّيفِ وباغي النَّدى

حينَ يُباري خلُقي أخيلي

أروعُ وشواشٌ قليلُ الخنا

صلبٌ مُشاشي صنعٌ مقوَلي

يؤنسُ معروفي نَزيلي وقدْ

أُخرجُ ضبَّ الخصمِ الأجدلِ

في الجدِّ إذا جدَّ شِياحي وإذْ

أصواتُ يومِ الجمعِ لمْ تصحلِ

إن يصدفِ الأترابُ عنِّي فقدْ

أخدعُ مثلَ الرَّشأِ الأكحلِ

كدرَّةِ الغائصِ تُهدى إلى

ذي نطفٍ في غرفةِ المجدلِ

جاءَ بها آدمٌ صلبٌ أحص

صُ الرَّأسِ فيهِ الشَّيبُ لمْ يشملِ

لمَّا انتضاها موقنٌ أنَّهُ

إنْ يبلغِ السُّوقَ بها يجذلِ

شيَّعَ في قرواءَ مدهونةٍ

ذاتِ قلاعٍ صعداً تغتلي

تختصمُ اللُّجِّةُ في العوطبِ

ذي التَّيَّارِ والجلجلِ

بشَّرَ أصحاباً لهُ إنَّها

تجبرُ فقرَ البائسِ الأرملِ

قالتْ وقدْ كنَّا على موعدٍ

ويلكَ إنْ يُدرَ بنا نقتلِ

أخشى عليكَ اليومَ منْ مصعةٍ

خدباءَ منْ ذي هبَّةٍ مقصلِ

بكفِّ غيرانَ نهيكٍ منَ ال

قومِ كصدرِ السَّيفِ لم ينكلِ

عندكِ شعبٌ منْ فؤادِ امرئٍ

ما بهِ عنكِ اليومَ من مزحلِ

إنْ تبذُلي الودَّ فتشفي بهِ ال

قلبَ وإنْ خفتِ فلا تفعلي

لشائنيكِ الويلَ إنْ تبذُلي

أُغتلْ وشرٌّ لكِ أنْ تبذُلي

يصبحُ جذماناً على آلةٍ

يعرفُها الآخرُ للأوَّلِ

تعاقبُ الأسرَى ودورُ الرَّحى

وتالفٌ إنْ هوَ لمْ يغفلِ

أوْ لمْ يُفدْ أعقابكمْ قُضأةً

مثلَ وُحيِّ الصَّخرِ لمْ تخملِ

وقال عدي أيضاً:

أرى لهواً تعرَّضَ للفراقِ

وبيناً بعدَ بينٍ واتّفاقِ

لعلَّكِ إنَّما تدرينَ لومِي

وعذْلي إنْ قدرتِ على النّفاقِ

فقدْ يأتي عليَّ أوانُ حينٍ

وعِرسي ما تعرَّضَ للطَّلاقِ

ولكنْ قدْ يسرُّ ويتَّقيني

بجهدِ الودِّ مغضبةَ الرِّواقِ

فتَى الفتيانِ لا يعتَقيني

عنِ الأهواءِ جدِّي بالعواقي

فإمَّا أُمسِ مرتهناً أسيراً

على العينينِ مشدودَ الوثاقِ

أسير الجنِّ لا أرجُو فكاكاً

طوالَ الدَّهرِ محفوظَ الأباقِ

ولو أنِّي أرادَ لقلتُ قرنٌ

أرادَ عدواتي حرجٌ مُلاقِ

وأحضرهُ العداوةَ منْ قريبٍ

بضربٍ بينهُ وقْدُ احتراقِ

وكنتُ فتًى أخا العزَّاءِ فيهمْ

لرَهطي لو وقَى العينينِ واقِ

تعظَّمُ ندوَتي فيهمْ وأثني

مودَّتهمْ بأخلاقٍ رماقِ

إذا ما ألزَنُوا ولقدْ أُنادي

لعانيهمْ بناجزةِ الحقاقِ

وصادرةٍ معاً وتُشتُّ ورداً

لها منحٌ تواشكُ باتّفاقِ

نزعتُ لها رهابةَ مقدماتٍ

يُلحنَ بوفرِ منتهكِ الغلاقِ

وقومي يعلمونَ لربَّ يومٍ

شددتُ بما ألمَّ بهِ نطاقي

وأدفعُ عنهمُ والجرمُ فيهمْ

دخيسَ الجمعِ بالكلمِ السّلاقِ

وخصمٍ قد لويتُ الحقَّ فيهِ

قرائنهُ تنازعُ للشِّقاقِ

وجارٍ قد أواسيهِ بنفسي

ووُسعي أن يبينَ عن اللِّزاقِ

وحورٍ قد خززتُ لهنَّ طرفي

لذيذاتِ المودَّةِ والعناقِ

يدفنَ الزَّعفرانَ على خدودٍ

نواعمَ لا كلفنَ ولا بهاقِ

كأنَّ وجوههنَّ متونُ بيضٍ

جلتها الشَّمسُ في ذرِّ الشِّراقِ

لذيذاتِ الشَّبابِ مخصَّراتٍ

مخاصرهنَّ في نشرٍ رقاقِ

وقد أغدو بمنشقٍّ نساهُ

جوادٍ في المحثَّةِ والنِّزاقِ

لغيثٍ يجنبُ الرُّوّادُ عنهُ

يباري الرِّيحَ بالعشبِ السِّماقِ

وبثَّ به من الوسميِّ غيثٌ

مرادَ العينِ منفرقَ البساقِ

تقدَّمَ رابئٌ فإذا شياهٌ

يدسنَ حديقَ سلاَّنِ البراقِ

فأرسلهُ وقد غرَّبنَ شأواً

بهنَّ تواشكَ الشَّدِّ المزاقِ

كأنَّ مجامعَ الهُلباتِ منهُ

وهاديها لميعادٍ وفاقِ

فأرخيتُ القناةَ ويزأنيّاً

على الأكفالِ بالطَّعنِ المعاقِ

فعادى بينهنَّ وهنَّ رهوٌ

يملنَ على مسمَّحةٍ ذلاقِ

فأدّاها إليَّ ولم يرثها

فواقاً أو أقلَّ من الفُواقِ

وأدَّانا المقيلُ إلى شواءٍ

يطاطئُ أنفسَ القومِ الدِّهاقِ

بفتيانٍ ذوي كرمٍ أعاذوا

وقيذهمُ بشبعٍ واعتناقِ

وندمانٍ رهنتُ له بريٍّ

وراووقٍ ومُسمعةٍ وساقي

كريم لا يُشعِّثني إذا ما

نفتهُ الكأسُ بالسُّكرِ المساقي

أقامَ لدى ابنِ محصنَ عاملاتٍ

من الأمثالِ والكلمِ البواقي

أرى الأيّامَ لا يبقى عليها

سوى الأجبالِ والرَّملِ الرِّقاقِ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي