منتهى الطلب من أشعار العرب/عروة بن الورد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عروة بن الورد

عروة بن الورد - منتهى الطلب من أشعار العرب

عروة بن الورد قال عروة بن الورد بن زيد بن ناشب بن هدم بن لدم بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس، وكان يقال له عروة الصعاليك في امرأته أم وهب وكان أزارها أهلها في بني كنانة، فسقوه الخمر حتى سكر، ثم طلبوا إليه أن يخلي سبيلها فخلى سبيلها. وكانت له كارهة لأنه كان يغيب عنها الدهر في غاراته ومغازيه، فلما صحا وعرف ما صنع به ندم، وقال:

أرقتُ وصحبتي بمضيقِ عمقٍ

لبرقٍ من تهامةَ مستطيرِ

تكشفَ عائذٍ بلقاءَ تنفي

ذكورَ الخيلِ عن ولدٍ صغيرِ

إذا قلتُ استهلَّ على قديدٍ

يحورُ ربابه حورَ الكسيرِ

سقى سلمى وأينَ محلُّ سلمى

إذا حلت مجاورةَ السريرِ

إذا حلت بأرضِ بني عليٍّ

وأهلي بينَ إمرةٍ وكيرِ

ذكرتُ منازلاً من أمِّ وهبٍ

محلَّ الحيِّ أسفلَ ذي النقيرِ

وأحدثُ معهدٍ من أمِّ عمرو

معرسنا فويقَ بني النضيرِ

فقالت ما تريدُ فقلتُ ألهو

إلى الإصباحِ آثرَ ذي آثيرِ

بآنسةِ الحديثِ رضابُ فيها

بعيدَ النومِ كالعنبِ العصيرِ

أطعتُ الآمرينَ بصرمِ سلمى

فطاروا في بلادِ اليستعورِ

سقوني الخمرَ ثمَّ تكنفوني

عداةُ اللهِ من كذبٍ وزورِ

وقالوا لستَ بعدَ فداءِ سلمى

بمغنٍ ما لديكَ ولا فقيرِ

فلا وأبيكَ لا كاليومِ أمري

ومن لكَ بالتدبرِ في الأمورِ

إذن لملكتُ عصمةَ أمِّ وهبٍ

على ما كانَ من حسكِ الصدورِ

فيا للناسِ كيفَ ألومُ نفسي

على شيءٍ ويكرههُ ضميري

ألا يا ليتني عاصيتُ طلقاً

وجباراً ومن لي من أميرِ

وقال عروة بن الورد وكانت امرأته نهته عن الغزو:

أقلي عليَّ اللومَ يا ابنةَ منذرِ

ونامي فإن لم تشتهي ذاكَ فاسهري

ذريني ونفسي أمَّ حسانَ إنني

بها قبلَ أن لا أملكَ البيعَ مشتري

أحاديثَ تبقى والفتى غيرُ خالدٍ

إذا هو أمسى هامةً فوقَ صيرِ

تجاوبُ أحجارَ الكناسِ وتشتكي

إلى كلِّ معروفٍ رأتهُ ومنكرِ

ذريني أطوف في البلادِ لعلني

أخليكِ أو أغنيكِ عن سوءِ محضرِ

فإن فازَ سهمٌ للمنيةِ لم أكن

جزوعاً وهل عن ذاك من متأخرِ

وإن فازَ سهمي كفكم عن مقاعدٍ

لكم عند أدبارِ البيوتِ ومنظرِ

تقولُ لكَ الويلاتُ هل أنتَ تاركٌ

ضبواً برجلٍ تارةً وبمنسرِ

ومستثبتٌ في مالكِ العامِ إنني

أراكَ على الأقتادِ صرماءَ مذكرِ

فجوعٌ بها للصالحينَ مزلةٍ

مخوفٍ رداها أن تصبكَ فأحذرِ

أبى الخفضَ من يغشاكِ من ذي قرابةٍ

ومن كلِّ سوآرِ المعاصمِ تعتري

ومستهنئِ زيدٌ أبوهُ فلا أرى

لهُ مدفعاً فاقني حياءكِ واصبري

لحا اللهُ صعلوكاً إذا جنَّ ليلهُ

مضى في المشاشِ آلفاً كلَّ مجزرِ

يعدُّ الغنى من نفسهِ كلِّ ليلةٍ

أصابَ قراها من صديقٍ ميسرِ

ينامُ عشاءً ثمَّ يصبحُ ناعساً

يحتُّ الحصى عن جنبهٍ المتعفرِ

قليلُ التماسِ المالِ إلاَّ لنفسهِ

إذا هو أضحى كالعريشِ المحورِ

يعينُ نساءَ الحيِّ ما يستعنهُ

فيمسي طليحاً كالبعيرِ المحسرِ

ولكنَّ صعلوكاً صفيحةُ وجههِ

كضوءِ شهابِ القابسِ المتنورِ

مطلاً على أعدائهِ يزجرونهُ

بساحتهم زجرَ المنيحِ المشهرِ

وإن بعدوا لا يأمنونَ اقترابهُ

تشوفَ أهلِ الغائبِ المتنظرِ

فذلكَ إن يلقَ المنيةَ يلقها

حميداً وإن يستغنِ يوماً فأجدرِ

أيهلكُ معتمٌّ وزيدٌ ولم أقم

على ندبٍ يوماً ولي نفسُ مخطرِ

ويوماً على نجدٍ وغاراتِ أهلها

ويوماً بأرضٍ ذاتِ شتٍّ وعرعرِ

يناقلنَ بالشمطِ الكرامِ أولي النهى

نقابَ الحجازِ في السريحِ المسيرِ

يريحُ عليَّ الليلُ أضيافَ ماجدٍ

كريمٍ ومالي سارحاً مالُ مقترِ

سلي الساغبَ المعترَّ يا أمَّ مالكٍ

إذا ما اعتراني بين ناري ومجزري

أأبسطُ وجهي إنهُ أولُ القرى

وأبذلُ معروفي لهُ دونَ منكري

سيفزعُ بعدَ اليأسِ من لا يخافنا

كواسعُ في أخرى السوام المنفرِ

يطاعنُ عنها أولُ الخيل بالقنا

وبيضٍ خفافٍ ذاتِ لونٍ مشهرِ

وقال عروة بن الورد:

أفي نابٍ منحناها فقيراً

لهُ بطنابنا طنبٌ مصيتُ

وفضلةُ سمنةٍ ذهبت إليهِ

وأكثرُ حقهِ ما لا نقوتُ

تبيتُ على المرافقِ أمُّ وهبٍ

وقد نامَ العيونُ لها كتيتُ

وإنَّ حميتنا أبداً حرامٌ

وليسَ لجارِ منزلنا حميتُ

وربتَ شعبةٍ آثرتُ فيها

يداً جاءت تعيرُ لها هتيتُ

وربتَ جوعةٍ لم يدرَ فيها

أخو شبعٍ على ماذا أبيتُ

يؤامرني أميري ذاتَ نفسي

وقد ألقت مراسيها البيوتُ

يقولُ الحقُّ مطلبهُ جميلٌ

وقد طلبوا إليكَ فلم يقيتوا

فقلتُ لهُ ألا احيَ وأنت حرٌّ

ستشبعُ في حياتكَ أو تموتُ

إذا ما فاتني لم أستقلهُ

حياتي والملائمُ لا يفوتُ

وقد علمت سليمى أن رأيي

ورأيَ المحلِ مختلفٌ شتيتُ

وأني لا يريني البخلُ رأيي

سواءٌ إن عطشتُ وإن رويتُ

وأني حينَ تشتجرُ العوالي

عوالي اللبِّ ذو رأيٍ زميتُ

قؤولٌ ذاتَ علمي حيثُ علمي

وأما العلمُ أخطاني صموتُ

وأكفي ما علمتُ بفضلِ علمي

وأسألُ ذا البيانِ بما عييتُ

وقال عروة بن الورد:

أليسَ ورائي أن أدبَّ على العصا

فيشمتَ أعدائي ويسأمني أهلي

رهينةَ قعرِ البيتِ كلَّ عشيةٍ

يطيفُ بي الولدانُ أهدجُ كالرألِ

أقيموا بني لبنى صدورَ مطيكم

فإنَّ منايا الناسِ شرٌّ من الهزلِ

فإنكمُ لن تبلغوا كلَّ همتي

ولا إربتي حتى تروا منبتَ الأثلِ

ولو كنتُ مثلوجَ الفؤادِ إذا بدت

بلادُ الأعادي لا أمرُّ ولا أحلي

رجعتُ على حرسينِ إذ قالَ مالكٌ

هلكتَ وهل يلحي على بغيةٍ مثلي

لعلَّ ارتيادي في البلادِ وحيلتي

وشدي حيازيمَ المطيةِ بالرحلِ

سيدفعني يوماً إلى ربِّ هجمةٍ

يدافعُ عنها بالعقوقِ وبالبخلِ

قليلٌ تواليها وطالبُ وترها

إذا صيحَ فيها بالفوارسِ والرجلِ

إذا ما هبطنا منهلاً في مخوفةٍ

بعثنا ربيئاً في المرابيءِ كالجذلِ

يقلبُ في الأرضِ الفضاء بطرفهِ

وهنَّ مناخاتٌ ومرجلنا يغلي

وقال عروة بن الورد:

ألم تعرف منازلَ أمِّ عمرو

بمنعرجِ النواصفِ من أبانِ

وقفتُ بها ففاضَ الدمعُ مني

كمنحدرٍ من النظمِ الجمانِ

ولكن لا يلبثُ وصلَ حيٍّ

وجدةَ وجههِ مرُّ الزمانِ

ومولى قد أثارَ عليَّ حرباً

وكانت قبلُ واضعةَ الجرانِ

فواكلني وإياها وأغضى

وجرت حربَ معضلةٍ عوانِ

فكنتُ لزازها حتى تجلت

ولم أبعث لها أحداً مكاني

ومكروبٍ كشفتُ الكربَ عنهُ

بضيقةِ مأزقٍ لما دعاني

فقلتُ لهُ أتاكَ أتاكَ فانهض

وليثٌ حينَ أنهضُ غيرَ وانِ

فلما إن تبرزَ كانَ ذئباً

نعدُّ وكانَ ذلكَ ما جراني

فما أنا عندَ هيجا كلَّ يومٍ

بمثلوجِ الفؤادِ ولا جبانِ

يصافيني الكريمُ إذا التقينا

ويبغضني اللئيمُ إذا رآني

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي