منتهى الطلب من أشعار العرب/علقمة بن عبدة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

علقمة بن عبدة

علقمة بن عبدة - منتهى الطلب من أشعار العرب

علقمة بن عبدة وقال علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس بن عبيد بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وقرأتها على ابن الخشاب: البسيط

هلْ ما علمتَ وما استودعتَ مكتومُ

أم حبلها إذْ نأتكَ اليومَ مصرومُ

أمْ هلْ كبيرٌ بكى لم يقضِ عبرتهُ

إثرَ الأحبةِ يومَ البينِ مشكومُ

لمْ أدرِ بالبينِ حتى أزمعُوا ظعناً

كلُّ الجمالِ قبيلَ الصبحِ مزمومُ

ردَّ الإماءُ جمالَ الحيِّ فاحتملُوا

فكلُّها بالتزيدياتِ معكومُ

عقلاً ورقماً تظلُّ الطيرُ تخطفهُ

كأنهُ من دمِ الأجْوافِ مدمومُ

يحملنَ أترجةً نضخُ العبيرِ بها

كأنَّ تطيابهَا في الأنفِ مشمومُ

كأنَّ فارةَ مسكٍ في مفارقِها

للناشِطِ المتعاطِي وهوَ مزكومُ

فالعينُ منِّي كأنْ غربٌ تحطُّ بهِ

دهماءُ حاركُها بالقِتْبِ مخزومُ

تسقِي مذانب قدْ طارتْ عصيفتُها

حدورها منْ أتيِّ الماءِ مطمومُ

صفرُ الوشَاحين ملءُ الدرعِ بهكنةٌ

كأنَّها رشاءٌ في البيتِ ملزومُ

هل تلحقني بأخرى الحيِّ إذْ شحطوا

جلذيةٌ كأتَانِ الضَّحل علكومُ

قد عُرِّيتْ زمناً حتى استقلَّ لها

كترٌ كحافةِ كير القينِ ملمومُ

بمثلها تقطعُ الموماةُ عن عرضٍ

إذا تبغمَ في ظلمائِها البومُ

تلاحظ السوطَ شزراً وهي ضامزَةٌ

كما توجَّس طاوي الكشحِ موشومُ

كأنها خاضبٌ زعرٌ قوادمُهُ

أجنى لهُ باللوى شريٌ وتنومُ

يظلُّ في الحنظلِ الخُطبان ينقُفُهُ

وما استطفَّ من التنومِ مخذومُ

فوهُ كشقِّ العصا لأياً تبينهُ

أسكُّ ما يسمعُ الأصواتَ مصلومُ

فلا تزيدُهُ في شدِّه نفقٌ

ولا الزفيفُ دوينَ الشدِّ مسؤومُ

وضاعةٌ لعصيِّ الشرعِ جؤجؤهُ

كأنهُ بتناهي الروضُ علجومُ

يأوي إلى حسكلٍ حمرٍ حواصلهُ

كأنهنَّ إذا بركنَ جرثومُ

فطافَ طوفين بالأدحيِّ يقفرهُ

كأنهُ حاذرٌ للنخْسِ مشهومُ

يوحِي إليه بأنقاضٍ ونقنقةٍ

كما تراطنُ في أفدانها الرومُ

صعلٌ كأنَّ جناحيْهِ وجؤجؤهُ

بيتٌ أطافتْ به خرقاءَ مهجومُ

بلْ كلُّ قومٍ وإن عزُّوا وإنْ كثروا

عريشهمْ بأثافي الشرِّ مرجومُ

والحمدُ لا يشترى إلاّ له ثمنٌ

مما يضنُّ به الأقوامُ معلوم

والجودُ نافيةٌ للمالِ يهلِكُهُ

والبخلُ مبقٍ لأهليهِ ومذمومُ

والمالُ صوفُ قرارٍ يلعبونَ بهِ

على نقادتهِ وافٍ ومجلُومُ

ومطعمُ الغنمِ يومَ الغنم مطعمهُ

أنَّى توجَّهَ والمحرومُ محرومُ

ومنْ تعرضَ للغربانِ يزجرُها

على سلامتهِ لا بُدَّ مشؤومُ

وكلُّ حصنٍ وإنْ طالتْ سلامتُهُ

على دعائمهِ لا بُدَّ مهدومُ

قد أشهدُ الشربَ فيه مزهرٌ رنمٌ

والقومُ تصرعُهُم صهباءُ خرطومُ

كأسُ عزيزٍ من الأعنابِ عتقها

لبعضِ أحيانها حانيةٌ حومُ

عانيةٌ قرقفٌ لمْ تطلعْ سنةً

يجنهَا مدمجٌ بالطينِ مختومُ

وقد أروحُ إلى الحانوتِ يصحبني

برزٌ أخو ثقةٍ بالخيرِ موسومُ

كأنَّ إبريقهُمُ ظبيٌ على شرفٍ

مقدمٌ بسبَا الكتانِ ملثومُ

أبيضُ أبرزهُ بالضحِّ راقبُهُ

مقلدٌ قضبَ الريحانِ مفغومُ

وقد يسرتُ إذا ما الجوعُ كلفَهُ

معقبٌ من قداحِ النبعِ مقرومُ

لو تيسرونَ بخيلٍ قد يسرتُ بها

وكلُّ ما تيسرُ الأقوامُ مغرومُ

وقد أصاحبُ أقواماً طعامُهُمُ

خضرُ المزادِ ولحمٌ فيه تنشيمُ

وقدْ علوتُ قتودَ الرحلِ يسفعني

يومٌ تجيءُ به الجوزاءُ مسمومُ

حامٍ كأنَّ أوارَ النارِ شائلةٌ

دونَ الثيابِ ورأسُ المرءِ معمومُ

وقدْ أقودُ أمَامَ الحيِّ سلْهَبَةً

ينمي بها نسبٌ في الحي معلومُ

لا في شظاها ولا أرساغِها عنتٌ

ولا السنابكُ أفناهنَّ تقليمُ

سلاءةٌ كعصَى النهدِي غلَّ لها

ذو فيئةٍ منْ نوى قرَّانَ معجومُ

تنبعُ جوناً إذا ما هيجتْ زحلتْ

كأنَّ دفَاً على العلياءِ مهزومُ

إذا تزغمَ في حافاتِها رُبَعٌ

حنتْ شغاميمُ في أطرافها كومُ

يهدي بها أكلفُ الخدين مختبرٌ

من الجمالِ عظيمُ الدَّأْي عيثُومُ

وقال أيضاً: الطويل

طحا بكَ قلبٌ في الحسانِ طروبُ

بعيدَ الشبابِ عصرَ حَانَ مشيبُ

يكلفني ليلى وقدْ شطَّ ولْيُهَا

وعادتْ عوادٍ بيننا وخطوبُ

مناعمةٌ لا يُستطاعُ كلامُها

على بابِها من أن تزَارَ رقيبُ

وما أنتَ أمْ ما ذكرهَا ربعيةً

يخطُّ لها من ثرْمداءَ قليبُ

إذا غَابَ عنهَا البعلُ لم تُفْشِ سرَّهُ

وترضِي إيابَ البعلِ حينَ يؤوبُ

فلا تعذلِي بيني وبينَ مغمرٍ

سقاك روايا المُزْنِ حينَ تصوبُ

سَقاكِ يمانٍ ذو حبيِّ وعارِضٍ

تروحُ به جنحَ العشيِّ جنوبُ

فإنْ تسألوني بالنِّساءِ فإنني

خبيرٌ بأدواءِ النساءِ طبيبُ

يردنَ ثراءَ المالِ حيثُ وجدنهُ

وشرخُ الشبابَ عندهنَّ عجيبُ

إذا شابَ رأسُ المرءِ أو قلَّ مَالهُ

فليسَ لهُ في ودِّهِنَّ نصيبُ

إلى الحارثِ الوهابِ أعملتُ ناقلتي

لكلكلها والقصريين وجيبُ

تتبَّعُ أفياءَ الظّلالِ عشيَّةً

على طرقٍ كأنهنَّ سُبُوبُ

بِهَا جيفُ الحسرَى فأمَّا عِظَامُهَا

فبيضٌ وأمَّا جلدُهَا فصليبُ

هداني إليكَ الفرقدانِ ولا حبٌ

لهُ فوقَ أسواءِ المتانِ علوبُ

وناجيةٍ أفنَى رَكيبَ ضُلُوعِهَا

وحارِكِهَا تهجُّرُ ودُؤُوبُ

فأَوردتُهَا ماءً كأَنَّ جمامَهُ

منَ الأجْنِ حناءٌ معاً وصبيبُ

ترادُ على دمنِ الحياضِ فإنْ تعفْ

فأنَّ المندَّى رِحْلَةٌ فركوبُ

وتصبحُ عنْ غِبِّ السُّرَى وكأنَّها

مولعةٌ تخشَى القنيصَ شبوبُ

تعفقُ بالأرطَى لها وأرَادها

رجالٌ فبذَّتْ نبلَهُم وكليبُ

لتبلغَنِي دارَ امرئٍ كانَ نائياً

فقدْ قربتني من نداكَ قروبُ

فأضحى امرأً أفضتْ إليهِ أمانتي

وقبلك ربتني فضعتُ رُبُوبُ

وواللهِ لولا فارسُ الجونِ منهمُ

لآبوا خزايا والإيابُ حبيبُ

تقدمهُ حتى تغيبَ حجولهُ

وأنتَ لبيضِ الدَّارِعين ضروبُ

مظاهرُ سربالي حديدٍ عليهمَا

عقيلاً سيوفٍ مخذمٌ ورسوبُ

تجادلهمْ حتى اتقوْكَ بخيرهم

وقد حانَ من شمسِ النهارِ غروبُ

وقاتلَ من غسانَ أهلُ حِفاظِهَا

وهنبٌ وقاسٌ ماصعتْ وشبيبُ

تخشخشُ أبدانُ الحديدِ عليهمِ

كما خشخشتْ يبسَ الحصادِ جنوبُ

كأنَّ رجالَ الأوسِ تحتَ لبانهِ

وما جمعتْ جلٌّ معاً وعتيبُ

رغَا فوقهم سَقبُ السماءِ فدَاحِصٌ

بشكتهِ لم يستلبْ وسليبُ

كأنهمُ ضافَتْ عليهمْ سحابةٌ

صواعقُهَا لطيرهِنَّ دَبيْبُ

فلمْ تبقَ إلاّ شطبةٌ بلجامِهَا

وإلا طمِرٌّ كالقناةِ نجيبُ

وإلاّ كميٌّ ذو حفاظٍ كأنهُ

بما ابتلَّ منْ حدِّ الظُّباةِ خضيبُ

وفي كلِّ حيٍّ قدْ خبَطت بنعمةٍ

وحقَّ لشأسٍ مِنْ نداكَ ذنوبُ

فلا تحرمني نائلاً عنْ جنابةٍ

فإني امرؤٌ وسطَ القباب غريبُ

وقال: الطويل

ذهبتَ من الهجرانِ في غيرِ مذهبِ

ولمْ يكُ حقاً طولُ هذا التجنبِ

وما القلبُ أمَّا ذكرهُ ربعيةً

تحلُّ بأيرٍ أو بأكنافِ شربَبِ

لياليَ لا تبلَى نصيحَةُ بيننا

وإذْ أهلنُا بينَ الستَارِ فغربِ

مبتلةٌ كأنَّ أنضاءَ حليهَا

على شادنٍ منْ صاحةٍ مترببِ

وشذرٌ كأجوازِ الجرادِ ولؤلؤٌ

من القلقيِّ والكبيسِ الملوَّبِ

إذا ألحمَ الواشونَ للشرِّ بيننا

تبلغَ رسُّ الحبِّ غيرُ المكذبِ

أطعتُ المُشاةَ والوشَاةَ بصرمِهَا

فقدْ وهنَت أسبَابهَا للتقضُّبِ

ألا ليتَ شعري كيفَ حادثُ وصلِهَا

وكيفَ تظنُّ بالإخاءِ المغببِ

وقد وعدتك موعداً لو وفت بهِ

كموعودِ عرقوبٍ أخاهُ بيثربِ

فعشنا بهِ منَ الشبابِ ملاوةً

فأنجحَ أقوالَ العدو المجَببِ

فقلتُ لهَا: فيئي فما يستفزني

ذواتُ العيونِ والبنانِ المخضَّبِ

ففَاءتْ كما فاءتْ من الأُدمِ مغزِلٌ

ببيشةَ ترعى في أرَاكٍ وحلبِ

وداويةٍ لا يُهتدَى لسبيلها

بعرفانِ أعلامِ ولا ضوءِ كوكَبِ

تجاوزتُهَا والبومُ يدعُوَ بها الصَّدَى

وقد ألبستْ أطرافُها ثني غيْهَبِ

بمجفرةِ الجنبينِ حرفٌ شملةٍ

كهملكَ مرقالٍ على الأينِ ذِعلبِ

إذا ما ضربتُ الدَّفَّ أوصلتُ صولةً

تحاذرُ مني غير أدنى ترقبِ

بعينٍ كمرآةِ الصناعِ تديرهُا

بمحجرهَا تحتَ النصيفِ المنقبِ

كأنَّ بحاذَيهَا إذا ما تشذَّرَتْ

عَثاكِلَ عذْقٍ من سُمَيْحةَ مرطبِ

تذبُّ بهِ طوراً وطوراً تمرُّهُ

كذبِّ البشير بالرداءِ المهدبِ

ومرقبةٍ لا يرفعُ الصوت عندها

مجرُّ جيوشٍ غانمين وخيبِ

هبطتُ على أهوالِ أرضٍ أخافها

بجانبِ منفوج الشراسيفِ شرجبِ

ممرٍّ كخذرُوفِ الوليدِ يزينهُ

مع العتقِ خلقٌ مفعمٌ غيرُ جأنبِ

قطاةٌ ككِردَوسِ المحالة أشرفَتْ

على حاركٍ مثل الغبيطِ المُذأْبِ

وجوفٌ هواءٌ تحتَ مَتنٍ كأنَّهُ

منَ الهضبةِ الخلقاءِ زحلُوقُ ملْعبِ

وغلبٌ كأعناقِ الظباءِ مضيغُهَا

صلابُ الشظا يعلو بها كلَّ مركبِ

ظماءٌ يفلقنَ الظرابَ كأنها

حجارةُ غَيلٍ وارِستٌ بطحلبِ

بغوجٍ لبانُهُ يتمُّ بريمهُ

على نفثِ راقٍ من نفَا العينِ محلبِ

إذا أرمَلُوا زاداً فإنَّ عنانهُ

وأكرعَهُ مستعملاً خيرُ مكسبِ

أخو ثقةٍ لا يعلنُ القومُ شخصهُ

صبورٌ على العلاتِ غيرُ مسببِ

صبحنَا بهِ وحشاً رتاعاً كأنها

عذارَى بني لحيان لمَّا تحطبِ

فأتبع آثارَ الشياهِ بصادقٍ

حثيثٍ كغيثِ الرائحِ المتحلبِ

فيخرجن منْ تحتِ الغبارِ دوافقاً

ويلحقُ في جونٍ ذراهُ عصبصبِ

وراحَ يباري في الجنابِ قلوصَنَا

عزيزاً علينا كالحبابِ المسيبِ

فظلَّ بناتُ الرُّملِ فينا عوانياً

محملةً من بينِ عدلٍ ومحقبِ

عظيمٌ طويلٌ مستميلٌ كأنهُ

بأسفلِ ذي ماوَان سرحةُ مرقبِ

لهُ عنقٌ عردٌ كأنَّ عنانَهُ

يعالَى بهِ في رأسِ جذعٍ مشذبِ

ظللنَا نراعي الوحش بين ثعالةٍ

وبين رحياتٍ إلى فجِّ أخرَبِ

فيوماً على بقعٍ خفافٍ رؤوسها

ويوماً على سُفعِ المدامعِ ربرَبِ

ويوماً على صلْتِ الجبينِ مُسحَّجٍ

ويوماً على بيدانَةٍ أمّ تولبِ

وفئنا إلى بيتٍ بعلياء مروحٍ

سماوتهُ من أتحميٍّ معصبٍ

فظلَّ لنا يومٌ لذيذٌ بنعمةٍ

فقلْ في مقيلٍ سعدُهُ لم يغيبِ

إلى أن تروحنَا بلا متعنتٍ

عليه كسيدِ الردهةِ المتأوبِ

حبيبٌ إلى الأصحابِ غير ملعَّنٍ

يفدونهُ بالأمهاتِ وبالأبِ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي