منتهى الطلب من أشعار العرب/عنترة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عنترة

عنترة - منتهى الطلب من أشعار العرب

عنترة وقال عنترة بن عمرو بن شداد العبسيّ:

هلْ غادرَ الشُّعراءُ من متردِّمِ

أم هل عرفتَ الدَّارَ بعد توهُّمِ

يا دارَ عبلةَ بالجواءِ تكلَّمي

وعمي صباحاً دارَ عبلةَ واسلمي

فوقفتُ فيها ناقتي وكأنَّها

فدنٌ لأقضي حاجةَ المتلوِّمِ

وتحلُّ عبلةُ بالجواءِ وأهلنا

بالحزنِ فالصِّمَّانِ فالمتثلِّمِ

حيِّيتَ من طللٍ تقادم عهدهُ

أقوى وأقفرَ بعدَ أمِّ الهيثمِ

حلَّتْ بأرضِ الزَّائرينَ فأصبحتْ

عسراً عليَّ طلابها ابنةَ مخرمِ

علِّقتها عرضاً وأقتلُ قومها

زعماً لعمرُ أبيك ليسَ بمزعمِ

ولقدْ نزلتِ فلا تظنِّي غيرهُ

مني بمنزلةِ المحبِّ المكرمِ

كيف المزارُ وقد تربَّعَ أهلها

بعنيزتينِ وأهلنا بالغيلمِ

إن كنتِ أزمعتِ الفراقَ فإنَّما

زمَّتْ ركابكمُ بليلٍ مظلمِ

ما راعني إلاّ حمولةُ أهلها

وسطَ الدِّيارِ تسفُّ حبَّ الخمخمِ

فيها اثنتانِ وأربعونَ حلوبةً

سوداً كخافيةِ الغرابِ الأسحمِ

إذ تستبيكَ بذي غروبٍ واضحٍ

عذبٍ مقبَّلهُ لذيذِ المطعمِ

وكأنَّ فارةَ تاجرٍ بقسيمةٍ

سبقتْ عوارضها إليكَ من الفمِ

أو روضةً أنفاً تضمَّنَ نبتها

غيثٌ قليلُ الدِّمنِ ليسَ بمعلمِ

جادتْ عليه كلُّ بكرٍ حرَّةٍ

فتركنَ كلَّ قرارةٍ كالدِّرهمِ

سحّاً وتسكاباً فكلُّ عشيَّةٍ

يجري عليها الماءُ لم يتصرَّمِ

وخلا الذُّبابُ بها فليسَ ببارحٍ

غرداً كفعلِ الشَّاربِ المترنِّمِ

غرداً يحكَّ ذراعهُ بذراعهِ

قدحَ المكبِّ على الزِّنادِ الأجذمِ

تمسي وتصبح فوقَ ظهرِ حشيَّةٍ

وأبيتُ فوقَ سراةِ أدهمَ ملجمِ

وحشيَّتي سرجٌ على عبلِ الشَّوى

نهدٍ مراكلهُ نبيلُ المحزمِ

هل تبلغنِّي دارها شدنيَّةٌ

لعنتْ بمحرومِ الشَّرابِ مصرَّمِ

خطَّارةٌ غبَّ السُّرى زيَّافةٌ

تطسُ الإكامَ بوقعِ خفٍّ ميثمِ

وكأنما أقصُ الإكامَ عشيَّةً

بقريبِ بينَ المنكبينِ مصلَّمِ

تأوي لهُ قلصِ النَّعامِ كما أوتْ

حزقٌ يمانيةٌ لأعجمَ طمطمِ

يتبعنَ قلَّةَ رأسهِ وكأنَّهُ

حرجٌ على نعشٍ لهنَّ مخيَّمُ

صعلٍ يعوذُ بذي العشيرةِ بيضهُ

كالعبد ذي الفرو الطِّوالِ الأصلمِ

شربتُ بماءِ الدُّحرضينِ فأصبحتْ

زوراءَ تنفرُ عن حياضِ الدَّيلمِ

وكأنَّما ينأى بجانبِ دفِّها ال

وحشي من هزجِ العشيّ مؤوَّمِ

هرٌّ جنيبٌ كلَّما عطفت لهُ

غضبى اتَّقاها باليدينِ وبالفمِ

بركتْ على جنبِ الرِّداعِ كأنما

بركتْ على قصبٍ أجشَّ مهضَّمِ

وكأنَّ رباً أو كحيلاً معقداً

حشَّ الوقودَ به جوانبُ قمقمِ

ينباعُ من ذفرى غضوبٍ حرَّةٍ

زيَّافةٍ مثلِ الفنيقِ المكدمِ

إن تُغدفي دوني القناعَ فإنَّني

طبٌّ بأخذِ الفارسِ المستلئمِ

أثني عليَّ بما علمتِ فإنَّني

سمحٌ مُخالقتي إذا لم أُظلمِ

فإذا ظلمتُ فإنَّ ظلميَ باسلٌ

مرٌّ مذاقتهُ كطعمِ العلقمِ

ولقدْ شربتُ منَ المدامةِ بعدَما

ركدَ الهواجرُ بالمشوفِ المعلمِ

بزجاجةٌ صفراءَ ذاتَ أسرَّةٍ

قُرنتْ بأزهرَ في الشِّمالِ مفدَّمِ

فإذا شربتُ فإنَّني مستهلكٌ

مالي وعِرضي وافرٌ لمْ يُكلمِ

وإذا صحوتُ فما أُقصِّرُ عن ندًى

وكما علمتِ شمائلي وتكرُّمي

وحليلِ غانيةٍ تركتُ مجدَّلاً

تمكو فرائصهُ كشدقِ الأعلمِ

سبقتْ يدايَ لهُ بعاجلِ طعنةٍ

ورشاشِ نافذةٍ كلونِ العندمِ

هلاَّ سألتِ القوم يا ابنةَ مالكٍ

إنْ كنتِ جاهلةً بما لمْ تعلمي

إذْ لا أزالُ على رحالةِ سابحٍ

نهدٍ تعاورهُ الكماةُ مكلَّمِ

طوراً يعرِّضُ للطّعانِ وتارةً

يأوي إلى حصدِ القسيِّ عرمرمِ

يُخبركِ منْ شهدَ الوقيعةَ أنَّني

أغشى الوغى وأعفُّ عندَ المغنمِ

ومدجَّجٍ كرهَ الكماةُ نزالهُ

لا مُمعنٍ هرباً ولا مستسلمِ

لمَّا رآني قد نزلتُ أُريدهُ

أبدى نواجذهُ لغيرِ تبسُّمِ

جادتْ يدايَ لهُ بعاجلِ طعنةٍ

بمثقَّفِ صدقِ الكعوبِ مقوَّمِ

فشككتُ بالرُّمحِ الأصمِّ ثيابهُ

ليسَ الكريمُ على القنا بمحرَّمِ

ومشكِّ سابغةٍ هتكتُ فروجَها

بالسَّيفِ عن حامي الحقيقةِ معلمِ

رِبذٍ يدلهُ بالقداحِ إذا شتا

هتَّاكِ راياتِ التّجارِ ملوَّمِ

فطعنتهُ بالرُّمحِ ثمَّ علوتهُ

بمهنَّدٍ صافي الحديدةِ مخذمِ

فتركتهُ جزرَ السِّباعِ ينشنَهُ

يقضمنَ قلَّةَ رأسهِ والمعصمِ

عهدي به مدَّ النَّهارِ كأنَّما

خضبَ البنانُ ورأسهُ بالعظلمِ

بطلٌ كأنَّ ثيابهُ في سرحةٍ

يُحذى نعالَ السِّبتِ ليسَ بتوأمِ

يا شاةَ ما قنصٍ لمنْ حلَّتْ لهُ

حرمتْ عليَّ وليتَها لم تحرمِ

فبعثتُ جاريتي فقلتُ لها اذهبي

فتحسَّسي أخبارَها لي واعلمي

قالتْ رأيتُ من الأعادي غرَّةً

والشَّاةُ ممكنةٌ لمنْ هو مرتمي

فكأنَّما التفتتْ بجيدِ جدايةٍ

رشاءٍ من الغزلانِ حرٍّ أرثمِ

نُبِّئتُ عمراً غيرَ شاكرِ نعمتي

والكفرُ مخبثةٌ لنفسِ المنعمِ

ولقد حفظتُ وصاةَ عمِّي بالضُّحى

إذْ تقلصُ الشَّفتانِ عن وضحِ الفمِ

في حومةِ الموتِ التي لا تشتكي

غمراتِها الأبطالُ غيرَ تغمغُمِ

إذ يتَّقونَ بي الأسنَّةَ لم أخمْ

عنها ولكنِّي تضايقَ مُقدمي

لمَّا رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهمْ

يتذامرونَ كررتُ غيرَ مذمَّمِ

يدعونَ عنترَ والرِّماحُ كأنَّها

أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهمِ

فازورَّ من وقعِ القنا بلبانهِ

وشكا إليَّ بعبرةٍ وتحمحمِ

لو كانَ يدري ما المخاطبةُ اشتكَى

ولكانَ لو علمَ الكلامَ مكلِّمي

ما زلتُ أرميهمْ بثغرةِ نحرهِ

ولبانهِ حتَّى تسربلَ بالدَّمِ

ولقدْ شفَى نفسي وأبرأَ سقمَها

قيلُ الفوارسِ ويكَ عنترَ أقدمِ

والخيلُ تقتحمُ الخَبارَ عوابساً

ما بينَ شيظمةٍ وأجردَ شيظمِ

ذُللٌ ركابي حيثُ شئتُ مُشايعي

لبِّي وأحفزهِ بأمرٍ مبرمِ

ولقدْ خشيتُ بأنْ أموتَ ولم تدرْ

في الحربِ دائرةٌ على ابنيْ ضمضمِ

الشَّاتمي عرضي ولمْ أشتمُها

والناذرينِ إذا لم ألقهما دمي

إنْ يفعلا فلقدْ تركتُ أباهُما

جزرَ السِّباعِ وكلُّ نسرٍ قشعمِ

وقال عنترة:

طالَ الوقوفُ على رسومِ المنزلِ

بين اللّكيكِ وبينَ ذاتِ الحرمَلِ

فوقفتُ في عرصاتِها متحيِّراً

أسلُ الدِّيارَ كفعلِ منْ لمْ يذهَلِ

أفمنْ بكاءِ حمامةٍ في أيكةٍ

ذرفتْ دموعكَ فوقَ ظهرِ المحمَلِ

لمَّا سمعتُ نداءَ مرَّةَ قد علا

ومحلِّمٌ ينعونَ رهطِ الأخيلِ

ناديتُ عبساً فاستجابوا بالقنا

وبكلِّ أبيضَ صارمٍ لم يُفلَلِ

حتَّى استبحنا آلَ عوفٍ غارةً

بالمشرفيِّ وبالوشيجِ الذُّبَّلِ

إنِّي امرؤٌ من خيرَ عبسٍ منصباً

شطري وأحمي سائري بالمنصلِ

وإذا الكتيبةُ أحجمتْ وتلاحمتْ

ألفيتُ حسبكَ من معمٍّ مخولِ

والخيلُ تعلمُ والفوارسُ أنَّني

فرَّقتُ جمعهمُ بطعنةً فيصَلِ

إذ لا أُبادرُ في المضيقِ فوارسي

ولا أوكّلُ بالرَّعيلِ الأوَّلِ

إنْ يلحقوا كرُّوا وإن يستلحموا

شدُّو وإنْ يلفوْا بضنكِ أنزلِ

عندَ النُّزولِ تكونُ غايةُ مثلنا

ويفرُّ كلُّ مضلّلٍ مستوهلِ

ولقدْ أبيتُ على الطّوى وأظلُّهُ

حتَّى أنالَ بهِ كريمَ المأكَلِ

بكرتْ تخوِّفني الحتوفَ كأنَّني

أصبحتُ عن عرضِ الحتوفِ بمعزلِ

فأجبتُها إنَّ المنيَّةَ منهلٌ

لا بدَّ أن أُسقى بذاك المنهَلِ

فاقْني حياءَكِ لا أبالكِ فاعْلمي

إنِّي امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقتَلِ

إنَّ المنيَّةَ لو تمثَّلُ مثِّلتْ

مثلي إذا نزلوا بضنكِ المنزَلِ

والخيلُ ساهمةُ الوجوهِ كأنَّما

تُسقى فوارسُها نقيعَ الحنظَلِ

وقال عنترة:

نأتكَ رقاشِ إلاّ عن لمامِ

وأمْسى حبلُها خلقَ الرِّمامِ

وما ذِكري رقاشِ وقد أبنَّتْ

رحى الأدماتِ عندَ ابنيْ شمامِ

ومسكنُ أهلِنا من نخلِ جزعٍ

تبيضُ به مصائيفُ الحمامِ

وقفتُ وصحبَتي بثُعيلباتٍ

على أقتادِ عوجٍ كالسَّمامِ

فقلتُ تبيَّنوا ظعناً سراعاً

تأمُّ شواحطاً ملثَ الظَّلامِ

لقدْ منَّتكَ نفسكَ يومَ قَوٍّ

أحاديثَ الفؤادِ المستهامِ

فقدْ كذَبتكَ نفسكَ فاصدُقنها

بما منَّتكَ تغريراً قطامِ

ومرقصةٍ رددتُ الخيلَ عنها

وقد همَّتْ بإلقاءِ الزِّمامِ

فقلتُ لها اقْصري منهُ وسيري

وقدْ علقَ الرَّجائزُ بالخِدامِ

وخيلٍ تحملُ الأبطالَ شعثٍ

غَداة الرَّوعِ أمثالَ الزِّلامِ

عناجيحٍ تخبُّ على وَجاها

تثيرُ النَّقعَ بالموتِ الزُّؤامِ

إلى خيلٍ مسوَّمةٍ عليها

حماةُ الرَّوعِ في رهجِ القَتامِ

بأيديهم مهنَّدةٌ وسمرٌ

كأنَّ ظُباتها شعلُ الضِّرامِ

فجاؤوا عارضاً برداً وجئْناً

حريقاً في غريفٍ ذي اضطرامِ

وأسكتَ كلّ صوتٍ غيرَ ضربٍ

وعترسةٍ ومرميٍّ ورامِ

وزعتُ رَعيلها بالرُّمحِ شزراً

على ربذٍ كسِرحانِ الظَّلامِ

أكرُّ عليهمُ مهري كَليماً

قلائدهُ سبائبُ كالقَرامِ

إذا شكَّتْ بنافذةٍ يداهُ

تواردَها منازيعُ السِّهامِ

تقدَّمَ وهو مصطبرٌ مصرٌّ

بقارحهِ على فاسِ اللِّجامِ

يقدِّمهُ فتًى من آلِ قيسٍ

أبوهُ وأمُّهُ من آلِ حامِ

عجوزٌ من بني حامِ بنِ نوحٍ

كأنَّ جبينَها حجرُ المقامِ

وقرنٍ قد تركتُ لدَى مكرٍّ

صريعاً بينَ أصداءٍ وهامِ

تركتُ الطَّيرَ عاكفةً عليهِ

كما تَردي إلى العرُساتِ آمِ

تبيتُ نساؤهُ عجُلاً عليهِ

يراوحنَ التفجُّعَ بالنّدامِ

وقال عنترة في إغارته علي بني ضبَّة:

عَفا الرُّسومَ وباقيَ الأطلالِ

ريحُ الصَّبا وتجرُّمُ الأحوالِ

لعبتْ بعافيها وأخلقَ رسمُها

ووكيفُ كلِّ مجلجلٍ هطَّالِ

كانتْ بنو هندٍ فشطَّ مزارُها

وتبدَّلتْ خيطاً من الآجالِ

فلئنْ صرمتِ الحبلَ يا ابنةَ مالكٍ

وسمعتِ فيَّ مقالةَ العذَّالِ

فلعمرُ جدِّكِ إنَّني لمُشايعي

لبِّي وإنِّي للملوكِ لقالي

وسَلي لكيما تُخبري بفعالِنا

عندَ الوغى ومواقفِ الأهوالِ

والخيلُ تعثرُ بالقنا في جاحمٍ

تهفُو بهِ ويجلنَ كلَّ مجالِ

وأنا المجرِّبُ في المواطنِ كلّها

من آلِ عبسٍ منصبي وفعالي

منهمْ أبي حقّاً فهمْ لي والدٌ

والأمُّ من حامٍ فهمْ أخوالي

وأنا المنيَّةُ حينَ تشتجرُ القنا

والطّعنُ منِّي سابقُ الآجالِ

ولربَّ قرنٍ قدْ تركتُ مجدَّلاً

بلبانهِ كنواضحِ الجريالِ

تنتابهُ طُلسُ السِّباعِ مُغادراً

في قفرةٍ متمزِّقِ الأوصالِ

أوجَرتهُ لدنَ المهزَّةِ ذابلاً

مرنتْ عليهِ أشاجِعي وخِصالي

ولربَّ خيلٍ قد وزعتُ رَعيلَها

بأقبَّ لا ضغنٍ ولا مجفالِ

ومسربلٍ حلقَ الحديدِ مدجَّجٍ

كاللَّيثِ بينَ عرينةِ الأشبالِ

غادرتهُ للجنبِ غيرَ موسَّدٍ

متثنِّيَ الأوصالِ عندَ مجالِ

ولربَّ شربٍ قد صبحتُ مدامةً

ليسوا بأنكاسٍ ولا أوغالِ

وكواعبٍ مثلَ الدُّمى أصبيتُها

ينظرنَ في خفرٍ وحسنِ دلالِ

وسَلي بنا عكّاً وخثعمَ تُخبري

وسَلي الملوكَ وطيِّئَ الأجيالِ

أو آلَ ضبَّةَ بالشِّباكِ إذ أسلمتْ

بكرٌ حلائلَها ورهطَ عقالِ

وبني صباحٍ قد تركْنا منهمُ

جزراً بذاتِ الرِّمثِ فوقَ أُثالِ

زيداً وسوداً والمقطّعَ أقصدتْ

أرماحُنا ومجاشعَ بنَ حلالِ

رُعناهمُ بالخيلِ تردي بالقَنا

وبكلُّ أبيضَ صارمٍ قصَّالِ

يومَ الشِّباكِ فأسلموا أبناءهمْ

ونواعماً كالرَّبربِ الأطفالِ

منْ مثلِ قومي حينَ تختلفُ القنا

وإذا تزولُ مقادمُ الأبطالِ

ففدًى لقومي عندَ كلِّ عظيمةٍ

نفسي وراحلتي وسائرُ مالي

قوْمي الصِّمامُ لمنْ أرادُوا ضيمهمْ

والقاهرونَ لكلِّ أغلبَ خالي

والمُطعمونَ وما عليهمْ نعمةٌ

والأكرمونَ أباً ومحتدَ خالي

نحنُ الحصى عدداً وسطنا قومَنا

ورجالُنا في الحربِ غيرُ رجالِ

منَّا المُعينُ على النَّدى بفعالهِ

والبذلِ في اللّزباتِ بالأموالِ

إنَّا إذا حمسَ الوغى نروي القنا

ونعفُّ عندَ مقاسمِ الأنفالِ

نأتي الصَّريخَ على جيادٍ ضمَّرٍ

قبِّ البطونِ كأنَّهنَّ مغالِ

من كلِّ شوهاءِ اليدينِ طمرَّةٍ

ومقلِّصٍ عبلِ الشَّوى ذيَّالِ

زايلوا لا تأسينَّ على خليطٍ زالوا

بعدَ الأُلى قتلوا بذي أخْثالِ

كانوا يشبُّونَ الحروبَ إذا خبتْ

قدُماً بكلِّ مهنَّدٍ قصَّالِ

وبكلِّ محبوكِ السَّراةِ مقلَّصٍ

تنمي مناسبهُ لذي العقَّالِ

ومعاودِ التَّكرارِ طالَ مضيُّهُ

طعناً بكلِّ مثقَّفٍ عسَّالِ

من كلِّ أروعَ للكماةِ منازلٍ

ناجٍ منَ الغمراتِ كالرِّئبالِ

يعطي المئينَ إلى المئينَ مرزَّأً

حمَّالِ مفظعةٍ من الأثقالِ

وإذا الأمورُ تخوَّلتْ ألفيتَهم

عصمَ الهوالكِ ساعةَ الزِّلزالِ

وهمُ الحماةُ إذا النّساءُ تحسَّرتْ

يومَ الحفاظِ وكانَ يومَ نزالِ

يقصونَ ذا الأنفِ الحميِّ وفيهمُ

حلمٌ وليسَ حرامهمْ بحلالِ

والمطعمونَ إذا السّنونَ تتابعتْ

محلاً وضنَّ سحابها بسجالِ

وقال عنترة أيضاً:

يا عبلَ أينَ من المنيَّةِ مهربي

إنْ كانُ ربِّي في السَّماءِ قضاها

وكتيبةٍ لبَّستها بكتيبةٍ

شهباءَ باسلةٍ يُخافُ رداها

خرساءَ ظاهرةِ الأداةِ كأنَّها

نارٌ يشبُّ سعيرها بلظاها

فيها الكماةُ بنو الكماةِ كأنَّهم

والخيلُ تعثرُ في الوغى بقناها

شهبٌ بأيدي القابسينَ إذا بدتْ

بأكفُّهم بهرَ الظلامَ سناها

من كلِّ أروعَ ماجدٍ ذي مرَّةٍ

مرسٍ إذا لحقتْ خصًى بكلاها

وصحابةٍ شمِّ الأنوفِ بعثتهمْ

ليلاً وقد مالَ الكرى بطلاها

فسريتُ في وقبِ الظَّلامِ أقودهمْ

حتَّى رأيتُ الشَّمسَ زالَ ضحاها

فلقيتُ في قبلِ الهجرِ كتيبةً

فطعنتُ أوَّلَ فارسٍ أولاها

وضربتُ قرني كبشِها فتجدَّلا

وحملتُ مهري وسطها فمضاها

حتَّى رأيتُ الخيلَ بعدَ سوادِها

كمتَ الجلودِ خضبنَ من جرحاها

يعثرنَ في علقِ النَّجيعِ جوافلاً

ويطأنَ من حمسِ الوغى صرعاها

فرجعتُ محموداً برأسِ عظيمها

وتركتُها جزراً لمنْ ناواها

ما سمتُ أُنثى نفسها في موطنٍ

حتَّى أوفِّي مهرها مولاها

ولا رزأتُ أخا حفاظٍ سلعةٍ

إلاّ لهُ عندي بها مثلاها

وأغضُّ طرفي إنْ بدتْ لي جارَتي

حتَّى يواري جارتي مأواها

إنَّي امرؤٌ سمحُ الخليفةِ ماجدٌ

لا أتبعُ النَّفسَ اللَّجوجَ هواها

ولئنْ سألتَ بذاكَ عبلةَ أخبرتْ

أن لا أريدُ منَ النِّساءِ سواها

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي