منتهى الطلب من أشعار العرب/كعب بن زهير

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

كعب بن زهير

كعب بن زهير - منتهى الطلب من أشعار العرب

كعب بن زهير قال كعب بن زهير يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:وقرأت هذه القصيدة في سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة على الشيخ أحمد بن علي بن السمين. ورواها لي عن أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي، عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري، عن أبي عمرو محمد بن العباس بن حيويه الجزاز، عن أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير المزني، عن أبيه عن جده عن كعب: البسيط

بانتْ سعادُ فقلبِي اليومَ متبولُ

متيمٌ إثرها لم يفدَ مكبولُ

وما سعادُ غداةَ البينِ إذ ظعنوا

إلا أغنُّ غضيضُ الطرفِ مكحولُ

تجلو عوارضَ ذي ظلمٍ إذا ابتسمتْ

كأنه منهلٌ بالراحِ معلولُ

شجتْ بذِي شبمٍ منْ ماءِ محنيَةٍ

صافٍ بأبطحَ أضحى وهو مشمولُ

تنفي الرياحُ القذَى عنهُ وأفرطَه

من صوبِ ساريةٍ بيضٌ يعاليلُ

يا ويحها خلةً لو أنها صدقتْ

موعودَها أو لوَ أنَّ النُّصحَ مقبولُ

لكنها خلةٌ قد سيطَ من دمِها

فجعٌ وولعٌ وإخلافٌ وتبديلُ

فما تدومُ على حالٍ تكونُ بها

كما تلونُ في أثوابها الغُولُ

وما تمسكُ بالعهدِ الذي زعمتْ

إلا كما يمسكُ الماءَ الغرابيلُ

كانت مواعيدُ عرقوبٍ لها مثلاً

وما مواعيدُها إلا الأباطيلُ

أرجُو وآملُ أن يعجلنَ من أبدٍ

وما لهنَّ طوالَ الدهرِ تعجيلُ

فلا يغرنكَ ما منتْ وما وعدتْ

إنَّ الأمانيَّ والأحلامَ تضليلُ

أمستْ سُعادُ بأرضٍ لا يبلغُها

إلا العتاقُ النَّجيباتُ المراسيلُ

ولن يبلغها إلا عذافرةُ

فيها على الأينِ إرقالٌ وتبغيلُ

منْ كلِّ نضاخةِ الذفرَى إذا عرقتْ

عرضتُها طامسُ الأعلامِ مجهولُ

ترمي الغيوبَ بعيني مفردٍ لهقٍ

إذا توقدَتِ الحزانُ والميلُ

ضخمٌ مقلدُها فعمٌ مقيدُها

في خلقها عن بناتِ الفَحلِ تفضيلُ

حرفٌ أخوها أبوها من مهجنَةٍ

وعمُّها خالها قوداءُ شمليلُ

يمشي القرادَ عليها ثم يزلقُه

منها لبانٌ وأقرابٌ زهاليلُ

عيرانةٌ قذفتْ باللحمِ عنْ عُرضٍ

مرفقُها منْ بناتِ الزورِ مفتولُ

كأنّ ما فاتَ عينيها ومذبحها

من خطمِها ومن اللحيينِ برطيلُ

تمرُّ مثلَ عسيبِ النخلِ ذا خصلٍ

في غارزٍ لم تخونهُ الأحاليلُ

قنواءُ في حرتيها للبصير معاً

عتقٌ مبينٌ وفي الآذان تآليلُ

تخدِي على يسراتٍ وهي لاحقةٌ

ذوابلٌ وقعهنَّ الأرضَ تحليلُ

سمرُ العجاياتِ يتركنَ الحصا زيماً

لم يقهنَّ رؤوسَ الأُكمِ تنعيلُ

يوماً تظلُّ حدَابُ الأرضِ يرفعها

من اللوامعِ تخليطٌ وتزييلُ

يوماً يظلُّ به الحرباءُ مصطخِماً

كأنّ ضاحيَه بالنَّارِ مملُولُ

كأنَّ أوْبَ ذراعيها إذا عرقتْ

وقدْ تلفعَ بالقورِ العساقيلُ

وقالَ للقومِ حاديهم وقدْ جعلتْ

ورقُ الجنادبِ يركضنَ الحصى قيلُوا

شدَّ النهارٍ ذراعا عيطلٍ نصفٍ

قامتْ فجاوبَها نكدٌ مثاكيلُ

نواحةٌ رخوةُ الضبعيْنِ ليسَ لها

لما نعى بكْرَها النّاعونَ معقولُ

تفري اللِّبَانَ بكفيها ومدرعُها

مشققٌ عنْ تراقيها رعابيلُ

تسعى الوشاةُ بجنبَيْها وقولُهُم

إنكَ يا بنَ أبي سلمَى لمقتولُ

وقالَ كلُّ خليلٍ كنتُ آملهُ

لا ألهينكَ إني عنكَ مشغولُ

فقلتُ خَلُّوا سبيلي لا أبَا لكمُ

فكلُّ ما قدَّر الرحمنُ مفعولُ

كلُّ ابنِ أنثَى وإنْ طالتْ سلامتهُ

يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ

أنبئتُ أن رسولَ اللهِ أوعدنِي

والعفوُ عندَ رسولِ اللهِ مأمولُ

مهلاً هداكَ الذي أعطاكَ نافلةَ ال

قرآنِ فيها مواعيظٌ وتفصيلُ

لا تأخذنّي بأقوالِ الوشاةِ ولمْ

أذنبْ وإن كثرتْ في الأقاويلُ

لقدْ أقومُ بأمرٍ لوْ يقومُ بهِ

أرَى وأسمَعُ ما لو يسمعُ الفيلُ

لظلَّ يرعدُ إلا أن يكون لهُ

منَ الرسولِ بإذنِ اللهِ تنويلُ

حتى وضعتُ يمنيي لا أنازعُهُ

في كفِّ ذي نقماتٍ قيلُهُ قليلُ

لذاكَ أهيبُ عندِي إذْ أكلمهُ

وقيلَ إنكَ منسوبٌ ومسؤولُ

منْ ضيغمٍ منْ ضراءِ الأُسدِ محذرهُ

ببطنِ عثرَ غيلٌ دونهُ غيلُ

يغدو فيلحمُ ضرغامينِ عيشُهُما

لحمٌ من القومِ معفُورٌ خراذيلُ

إذا يساورُ قرناً لا يحلُّ لهُ

أنْ يتركَ القرنَ إلاَّ وهو مفلولُ

منه تظلُّ حميرُ الوحشِ ضامزةً

ولا تمشي بواديهِ الأراجيلُ

ولا يزالُ بواديه أخو ثقةٍ

مطرحُ البزِّ والدرسانِ مأكولُ

إنَّ الرسولَ لسيفٌ يستضاءُ به

مهندٌ من سيوفِ اللهِ مسلولُ

في عصبةٍ من قريشٍ قالَ قائلهمْ

ببطنِ مكةَ لمَّا أسلمُوا زولُوا

زالوا فما زالَ أنكاسٌ ولا كشفٌ

عندَ اللقاءِ ولا ميلٌ معازيلُ

شمُّ العرانينِ أبطالٌ لبوسهمُ

من نسجِ داوودَ في الهَيجا سرابيلُ

بيضٌ سوابغُ قد شكتْ لها حلقٌ

كأنهُ خلقُ الفقعاء مجدولُ

يمشونَ مشيَ الجمالِ الزهرِ يعصمهم

ضربٌ إذا عردَ السودُ التنابيلُ

لا يفرحونَ إذا نالتْ رماحهمُ

قوماً وليسوا مجازيعاً إذا نيلُوا

لا يقعُ الطعنُ إلاَّ في نحورهمِ

وما لهمْ عنْ حياضِ الموتِ تهليلُ

وقال كعب يمدح الأنصار: الكامل

منْ سرَّهُ كرمُ الحياةِ فلا يزالْ

في مقنبٍ من صالِحي الأنصارِ

المكرهينَ السمهريَّ بأذرعٍ

كسوافلِ الهنديِّ غيرِ قصارِ

والناظرينَ بأعينٍ محمرةٍ

كالجمرِ غيرِ كليلةِ الإبصارِ

والذائدين الناسَ عنْ أديانهم

بالمشرفيّ وبالقنا الخطار

والباذلينَ نفوسهم لنبيِّهم

يومَ الهياجِ وقبَّةِ الجَبَّارِ

دربُوا كما دربتْ أسودُ خفيةٍ

غلبُ الرقابِ من الأسودِ ضواري

وهمُ إذا خوتِ النجومُ وأمحلوا

للطائفينِ السائلينَ مقاري

وهمُ إذا انقلبوا كأنَّ ثيابهم

منها تضوُّعُ فأرَةِ العطارِ

للصلبِ من غسانَ فوقَ جراثمٍ

تنبو خوالدُها عن المنقارِ

والمطعمينَ الضيفَ حينَ ينوبهمْ

من لحمِ كومٍ كالهضابِ عشارِ

والمنعمينَ المفضلينَ إذا شتوا

والضاربينَ علاوةَ الجبارِ

بالمرهفاتِ كأنَّ لمعَ ظباتهَا

لمعُ البوارقِ في الصبيرِ الساري

لا يشتكونَ الموتَ إنْ نزلتْ بهمْ

شهباءُ ذاتُ معاقرٍ وأوَارِ

وإذا نزلتَ ليمنعوكَ إليهمِ

أصبحتَ عندَ معاقِلِ الأغفارِ

ورثُوا السيادَةَ كابراً عنْ كابرٍ

إنَّ الكِرَام همُ بنُو الأخيارِ

لوْ يعلمُ الأحياءُ علميَ فيهمِ

حقاً لصدقَني الذينَ أُمارِي

صدمُوا عليَّاً يومَ بدرٍ صدمةً

دانتْ عليٌّ بعدها لنزارِ

يتطهرونَ كأنَّهُ نُسُكٌ لهمْ

بدماءِ منْ علقُوا من الكفارِ

وإليهمِ استقبلتُ كلَّ وديقةٍ

شهباءَ يسفَعُ حرُّها كالنارِ

ومريضةٍ مرضَ النعاسَ دعوتها

بادرتُ علةَ نومِها بغرارِ

وعرفتُ أني مصبحٌ بمضيعةٍ

غبراءَ تعزفُ جنُّها مذكارِ

فكسوتُ كاهِلَ حرةٍ منهوكةٍ

كالفحلِ حاريَّاً عديمَ شوارِ

سلستْ عراقيهِ لكلِّ قبيلةٍ

من حنوِهِ علقَتْ على مسمارِ

فسدتْ مهملجَةً علالَةَ مدمجٍ

منْ فالقٍ حصيدٍ من الإمرارِ

حتى إذا اكتستِ الأبارقُ نقبةً

مثل الملاءِ من السرابِ الجارِي

ورضيتُ عنهَا بالرضاءِ وسامحتْ

منْ دونِ عسرةِ ضغنِها بيسارِ

تنجو بها عجرٌ كنازٌ لحمُها

حفزَتْ فقاراً لاحقاً بفقارِ

في كاهلٍ وشجتْ إلى أطباقهِ

دَأياتُ منتفجٍ من الأزوارِ

وتديرُ للخرقِ البعيدِ نياطُهُ

بعدَ الكلالِ وبعدَ نومِ السَّاري

عيناً كمرآةِ الصناعِ تديرُها

بأناملِ الكفينِ كلَّ مدارِ

لجمالِ محجرها لتعلمَ ما الذي

تبدِي لنظرةِ روحها وتواري

وقال كعب أيضاً: المتقارب

لمنْ دمنةُ الدارِ أقوتْ سنينا

بكيتَ فظلتَ كئيباً حزينَا

بها جرتِ الريحُ أذيالها

فلمْ يبقَ منْ رسمها مُستبينَا

وذكرنيها على نأيها

خيالٌ لها طارقٌ يعترينَا

فلمَّا رأيتُ بأنَّ البكاءَ

سفاهٌ لدى دمنٍ قد بلينَا

زجرتُ على ما لديَّ القلُو

صَ منْ حزنٍ وعصيتُ الشؤونا

وكنتُ إذا ما اعترتنِي الهُمومُ

أكلفُها ذات لوثٍ أمونَا

عذافرةً حرةَ الليطِ لا

سقوطاً ولا ذات ضغنٍ لجوناَ

كأني شددتُ بأنساعِها

قويرحَ عامينِ جأباً شنونا

تقلبُ حقباً ترى كلهنَّ

قدْ حملتْ فأسرَّتْ جنينا

وحلاءهُنَّ وخبَّ السفَا

وهيجهُنَّ فلمَّا صدينَا

وأخلفهنَّ ثمادُ الغمارِ

وما كنَّ منْ ثادقٍ يحتسينَا

جعلنَ القنانَ بإبطِ الشمالِ

وماءَ العنابِ جعلنا يمينَا

وبصبصنَ بينَ أداني الغضَا

وبينَ عنيزةَ شأواً بطينَا

فأبقينَ منهُ وأبقى الطرا

دُ بطناً خميصاً وصلباً سمينَا

وعوجاً خفافاً سلامَ الشظَا

وميظَبَ أكمٍ صليباً رزينا

إذا ما انتحاهنَّ شؤبوبهُ

رأيتَ لجارِ عتيهِ غضونَا

يعضِّضُهنَّ عضيضَ الثقافِ

بالسمهريةِ حتى تلينَا

ويكدمُ أكفالها عابساً

فبالشدِّ منْ شرهِ يتقينَا

إذا ما انتحتْ ذاتُ ضغنٍ لهُ

أصرَّ فقدْ سلَّ منها الضُّغونَا

لهُ خلفَ أكسَائِها أزملٌ

مكانَ الرّقيبِ من الياسرينَا

يحشرجُ منهنَّ قيدَ الذِّرا

عِ ويضربنَ خيشومهُ والجبينَا

يثرنَ الغبارَ على وجههِ

كلونِ الدواخِنِ فوقَ الإرينَا

فأوردَهَا طامِياتِ الحمامِ

وقد كدنَ يأجنَّ أو كنَّ جونَا

ويشربنَ من باردٍ قدْ علم

نَ إلا دِخالَ وإلا عُطونَا

فصادفنَ ذا حنقٍ لاصقاً

لصوقِ البرامِ يظنُّ الظنونَا

قصيرَ البنانِ دقيقَ الشوَا

يقولُ أيأتينَ أم لا يجينَا

يؤمُّ الغَيايَةَ مستبشراً

يصيبُ المقاتلَ حتفاً رصينَا

فجئنَ فأوجسنَ من خشيةٍ

ولم يعترفنَ بنفرٍ يقينَا

وتُلقي الأكارِعَ في باردٍ

شهيٍّ مدافنهُ يشتفينَا

يبادرنَ جرعاً يواثرنهُ

كقرعِ القليبِ حصى الحاذفِينَا

فأمسك ينظر حتى إذا

دنونَ منَ الريِّ أو قد روينَا

تنحَّى بصفراءَ منْ نَبْعةٍ

على الكفِّ تجمعُ أرزاً ولينَا

مغذاً على عجسها مرهفاً

فتيقَ الغرارينِ حشراً سنينَا

فأرسلَ سهماً على فقرةٍ

وهنَّ شوارِعُ ما يتقينَا

فمرَّ على نحرِهِ والذِّراعِ

ولمْ يكُ ذاكَ لهُ الفِعلُ دينَا

فلهَّفَ مِنْ حسرةٍ امَّهُ

وولينَ من رَهَجٍ يكتسينَا

تهادَى حوافِرهنَّ الحَصَى

وصمُّ الصخورِ بها يرتَمينَا

فقلقلَهنَّ سراةَ العِشَاءِ

أسرعَ منْ صدرِ المصدِرينَا

يزرُّ ويلفظُ أوبارَهَا

ويقرُو بهنَّ حزوناً حزونَا

فأصبحَ بالجزْعِ مستجذِلاً

وأصبحنَ مجتمعاتٍ سكونَا

وتحسبُ بالفجرِ تعشيرهُ

تغردَ أهوجَ مِنْ مُنتَشِينَا

وقال كعب أيضاً: الطويل

أمِنْ أمِّ شدادٍ رسومُ المنازلِ

توهمتُها منْ بعدِ سافٍ ووابلِ

وبعدَ ليالٍ قدْ خلونَ وأشهرٍ

على إثرِ حولٍ قد تجرمَ كاملِ

أرى أمَّ شدادٍ بها شبهَ ظبيةٍ

تطيفُ بمكحولِ المدامعِ خاذلِ

أغنَّ غضيض الطرفِ رخصٍ ظلوفهُ

ترودُ بمعتمٍّ من الرِّملِ هائلِ

وترنو بعينيْ نعجةٍ أمّ فرقَدٍ

تظلُ بوادي روضةٍ وخمائلِ

وتخطُو على برديتينِ غذاهمَا

أهاضيبُ رجافِ العشياتِ هاطلِ

وتفترُّ عنْ عذبِ الثنايا كأنهُ

أقاحٍ تروَّى منْ عروقٍ غلاغلِ

لياليّ تحتلُّ المراضَ وعيشُنا

غريرٌ ولا نُرعي إلى عذلِ عاذلِ

فأصبحتُ قد أنكرتُ منها شمائلاً

فما شئتَ من بخلٍ ومن منعِ نائلِ

وما ذاكَ من شيءٍ أكونُ اجترمتُه

سوى أن شيباً في المفارقِ شاملي

فإن تصرميني ويبَ غيرك تُصرَمي

وأوذِنْتِ إيذانَ الخليطِ المزايلِ

ومستهلكٍ يهدي الضَّلولَ كأنَّه

حَصيرٌ صَناعٌ بينَ أيدِي الرواملِ

متى ما تشأْ تسمعْ إذا ما هبطته

تراطُنَ سربٍ مغربَ الشمسِ نازِلِ

روايا فراخٍ بالفلاةِ توائمٍ

تحطمُ عنها البيضُ حمرِ الحواصلِ

توائمَ أشباهٍ بغيرِ علامةٍ

وضعنَ بمجهولٍ من الأرضِ خاملِ

وخرقٍ يخافُ الرَّكبُ أن يدلجُوا بهِ

يعضونَ منْ أهوالِهِ بالأَناملِ

مخوفٍ به الجنانُ تعوي ذئابُهُ

قطعتُ بفتلاءِ الذراعَيْنِ بازلِ

صموتِ البُرَى خرساءَ فيها تلفتٌ

لنبأَةِ حقٍّ أو لتشبيهِ باطلِ

تظلُّ نسوعُ الرَّحلِ بعد كلالِها

لهنّ أطيطٌ بين جوزٍ وكاهلِ

رَفيعِ المحالِ والضلوعِ نمتْ بها

قوائمُ عوجٌ ناشزاتُ الخصائلِ

تجاوبُ أصدَاءً وحيناً يرومُها

تضوُّرُ كسابٍ على الرَّحْلِ عائلِ

عذافرةٍ تختالُ بالردفِ حرةٍ

تبارِي قلاصاً كالنعامِ الجوافلِ

بوقعٍ دراكٍ غيرِ ما متكلفٍ

إذا هبطَت وعْثاً ولا متخاذِلِ

كأنَّ جريرِي ينتحي فيهِ مسحَلٌ

منَ الحمرِ بينَ الأنعمين فعاقلِ

يغردُ في الأرضِ الفضاءِ بعانةٍ

خماصِ البطونِ كالصعادِ الذوابلِ

يطردُ عنها بالمصيف جحاشها

فقد قلصت أطباؤها كالمكاحلِ

يظلُّ سراةَ اليومِ يبرمُ أمرهُ

برابيةِ البحاءِ ذاتِ الأعابلِ

وهمَّ بوردٍ بالرُّسيسِ فصدَّهُ

رجالٌ قعودٌ في الدجى بالمعابلِ

إذا وردتْ ماءً بليلٍ تعرضتْ

مخافةَ رامٍ أو مخافةَ حابِلِ

كأنَّ مدَهدَا حنظلٍ حيثُ سوفَتْ

بأعطانِها منْ لسِّها بالجحافلِ

وقال كعب يمدح أمير المؤمنين علياً عليه السلام وكانت بنو أمية تنهي عن روايتها وإضافتها إلى شعره أنشدنيها ابن خطاب صاحب الخبر وكان أديباً من غلمان أبي زكريا التبريزي: البسيط

هلْ حبلُ رملةَ قبلَ البينِ مبتورُ

أمْ أنتَ بالحلمِ بعدَ الجهلِ معذورُ

ما يجمعُ الشوقُ إنْ دارٌ بنا شحطتْ

ومثلها في تداني الدارِ مهجورُ

نشفَى بها وهي داءٌ لوْ تصاقبنا

كما اشتفَى بعيادِ الخمرِ مخمورُ

ما روضةٌ من رياضِ الحزنِ باكرها

بالنبتِ مختلفُ الألوانِ ممطورُ

يوماً بأطيبَ منها نشرَ رائحةٍ

بعدَ المنامِ إذا حبَّ المَعاطيرُ

ما أنسَ لا أنسَهَا والدَّمعُ مُنسرِبٌ

كأنهُ لؤلؤٌ في الخدِّ محدورُ

لمَّا رأيتهمُ زمتْ جمالهمُ

صدقتُ ما زعموا والبينُ محذورُ

يحدو بهنَّ آخو قاذورةٍ حذرٌ

كأنهُ بجميعِ الناسِ موتورُ

كأنَّ أظعانهمْ تحدَى مقفيةً

نخلٌ بعينينِ ملتفٌّ مواقيرُ

غلبُ الرقابِ سقاها جدولٌ سربٌ

أو مشعبٌ من أتيِّ البَحرِ مفجورُ

هل تبلغني عليَّ الخير ذِعلبَةٌ

حرفٌ تزللَ عنْ أصلابِها الكورُ

منْ خلفِها قلصٌ تجري أزمَّتُها

قد مسَّهنَّ معَ الإدلاجِ تهجيرُ

يخبطنَ بالقومِ أنضاءَ السريحِ وقدْ

لاذَتْ من الشَّمسِ بالظِّلِّ اليعافيرُ

حتى إذا انتصبَ الحربَاءُ وانتقلتْ

وحانَ إذْ هجروا بالدوِّ تغويرُ

قالوا تنحوْا فمسُّوا الأرضَ فاحتولُوا

ظلاًّ بمنخرقٍ تهفو بهِ المورُ

ظلوا كأنَّ عليهمْ طائراً علقاً

يهفو إذا انسفرتْ عنهُ الأعاصيرُ

لوجهةِ الريحِ منهُ جانبٌ سلبٌ

وجانبٌ بأكفٍّ القومِ مضبورُ

حتى إذا أبردُوا قاموا إلى قلصٍ

كأنهنَّ قسيُّ الشوحطِ الزورُ

عواسلٌ كرعيلِ الربدِ أقرعَها

بالسِّيّ منْ قانصٍ شلٌّ وتنفيرُ

حتى سقَي الليلُ سقى الجنِّ فانغمستْ

في جوزهِ إذْ دجَا الآكامُ والقُورُ

غطا النشازَ مع الأهضامِ فاشتبَها

كلاهُما في سوادِ الليلِ مغمورُ

إنَّ عليَّاً لميمونٌ نقيبتهُ

بالصالحاتِ من الأفعالِ مشهورُ

صهرُ النبيِّ وخيرُ الناسِ مفتخراً

فكلُّ منْ رامَهُ بالفخرِ مفخورُ

صلى الطهورُ مع الأُميِّ أولهمْ

قبلَ المعادِ وربُّ الناسِ مكفورُ

مقاومٌ لطغاةِ الشركِ يضربهمْ

حتى استقاموا ودينُ اللهِ منصورُ

بالعدلِ قمتَ أميناً حينَ خالفهُ

أهلُ الهوا وذوو الأهواءِ والزورُ

يا خيرَ منْ حملت نعلاً لهُ قدمٌ

بعدَ النبيِّ لديهِ البغيُ مهجورُ

أعطاكَ ربُّكَ فضلاً لا زوالَ لهُ

منْ أينَ أنَّى لهُ الأيَّامَ تغييرُ

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي