منك التجلي ومنا الستر والحجب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة منك التجلي ومنا الستر والحجب لـ ابن خاتمة الأندلسي

اقتباس من قصيدة منك التجلي ومنا الستر والحجب لـ ابن خاتمة الأندلسي

منكَ التجلِّي ومنَّا السَّتُر والحجُبُ

وكل نُعمى فمن عُلياكَ تُرتَقبُ

وأنتَ أنتَ الَّذي أبْغي وأطَّلِبُ

يا مَطْلباً ليسَ لي في غَيرهِ أربُ

إليكَ آلَ التَّقصِّي وانْتَهى الطَّلبُ

ياحاضراً سِرُّهُ عِنْدي وفي ومَعي

أغَيْرَ ذِكْرِكَ أُمْلي أمْ سِواهُ أعِي

تاللهِ ما راقَ عَيْني حُسْنُ مُرتَبعِ

ولا طمَحتُ لِمَرْأى أو لِمُسْتَمَع

إِلّا بمعنىً إلى عُلياكَ ينتَسبُ

لقد أبى فيكَ صَبري أنْ يُجامِلني

وجَلَّ فيكَ غَرامي أن يُشاكِلَني

وَدَدْتُ أرْدَى ولكنْ لن تُعاجِلَني

وما أُرانيَ أهلاً أن تُواصِلَني

حَسْبي عُلُوَّاً بأنِّي فيكَ مُكتَئِبُ

ياعِزَّةَ العَبْدِ بينَ الذُّلِّ والرَّهَبِ

وراحةَ الصَّبِّ بينَ الجَهْد والنَّصَبِ

حَسْبي من الوَصْل أني لَسْتُ ذا طَلبِ

لكنْ يُنازعُ شَوْقي تارةً أدَبي

فأطْلُبُ الوَصْلَ لَمّا يضعُفُ الأدبُ

ها فارمُقوني تَرَوا صَبّاً بلا رَمَقِ

مُقَسَّمَ الدَّهرِ بينَ الوَجْدِ والحُرَقِ

فاليومُ في وَلَهٍ واللَّيلُ في أرقِ

ولستُ أبرحُ في الحالَيْنِ ذا قَلَقِ

نامٍ وشوقٍ لهُ في أضْلُعي لَهَبُ

أيْن التجلدُ ما للقلبِ ضَيَّعَهُ

من مُنْصِفي من فُؤادٍ خانَ أضلُعَهُ

ومِن ضَميرٍ أبانَ الشَّوقُ مُودعَهُ

ومَدْمَعٍ كلَّما كَفْكَفتُ أدمُعَهُ

صَوناً لِحِبُّكَ تَعْصيني وتَنسكبُ

هَلْ مِن صَديقٍ لِنَجوى أو مكاتمةِ

أمَّا العَزاءُ فَقد وفَّى مُصارَمَتي

حَسْبي الأسَى لِخُلوِّي أو مُنادَمتي

ويدَّعي في الهوى دَمْعي مُقاسَمتي

وَجْدي وحُزني ويَجري وهو مُخْتَضِبُ

هَيهات غَصَّ بِطعمِ الطَّعن مَن نَجلا

وأشْعلَ الوَجدَ مَن في قَلبهِ اشْتَعلا

أيْنَ التمثُّلُ مِمَّنْ قد غَدا مَثلا

كالطَّرفِ يَزْعُم توحيدَ الحبيبِ ولا

يَزالُ في لَيْلهِ للنَّجمِ يرتَقِبُ

مالي وما لفُؤادٍ إن أرُضْهُ عَسا

وخاطرٍ كلَّما غَرَّبْتُهُ أنِسا

ومَدْمعٍ كُلَّما كَفكفتُهُ انْبَجَسا

يا صاحبي قد عَدِمْتُ المُسعِدين فَسا

عِدْني على وَصَبي لا مسَّك الوَصَبُ

ياحاديَ العِيس رِفْقاً في السُّرى بهمِ

هُمُ بَقايا جسُومٍ فوقَ مِثْلِهمِ

وأنتَ أيضاً وقاكَ اللهُ مِنْ ألمِ

باللهِ إنْ جئتَ كُثباناً بذي سَلَمِ

قِفْ بي علَيها وقُل لي هذهِ الكُثُبُ

ولْتَنْزلَنْ بي لَدَيها لا ضَللتَ سُرى

وسِرْ بِرَحْلي وذَرْني أندبُ الأثَرا

أُعفِّرُ الخَدَّ بين التُّرب مُنْكَسِرا

ليقضيَ الخدُّ في أجْراعِها وطَرا

من تُربها ويُؤدِّي بَعْضَ ما يَجِبُ

يا صاحِ والقَلْبُ لا يَصْحو للائِمَةٍ

باللهِ إنْ ملتَ من نَجدٍ إلى سمةٍ

عارضْ صَباها لتَشفيني بناسِمةٍ

ومِلْ إلى البانِ من شرقيِّ كاظمةٍ

فَلي إلى البانِ من شَرْقيِّها طَرَبُ

قُلْ أيّ مَغنىً زكتْ في الطِّيب تُرْبَتُهُ

تَحدو النُّفوسَ لِلُقياهُ مَحبَّتُهُ

وتزجرُ اللَّحْظَ عَنْ مَرآهُ رَهبتُهُ

أكرمْ بهِ مَنزِلاً تَحميهِ هَيْبَتُهُ

عَنّي وأنوارُه لا السُّمرُ والقُضُبُ

إيهٍ خليلي بِوُدِّي فيكَ لا نُبِذا

شِمْ ذا البَريقَ وخُذْ بي حيثُ ما أخَذا

وحاذِهِ فهو من آمالِنا بِحِذا

ومِلْ يَميناً لمغنىً تَهْتدي بِشَذا

نَسيمِهِ الرَّطبِ إنْ ضَلَّت بِكَ النُّجُبُ

فازَتْ نفوسٌ قُبيلَ العِيسِ قد ظَعَنتْ

وشاهَدَتْ حُسْنَ من تَشتاقُه ودَنتْ

أحْبِبْ لِقَلبي بِمثواها لقد أمِنتْ

ففيهِ عاهَدْتُ قِدْماً حُبَّ مَنْ حَسُنَتْ

بهِ الملاحةُ واعتزَّت بهِ الرُّتَبُ

خاطِرْ بِنَفْسكَ فالبَلْوى تُمَخِّضُها

كمالُ ذاتِكَ في العُليا تُعَرِّضُها

حَيثُ المحاسنُ أجْلاها وأغْمَضُها

حيثُ الهِضابُ وبَطحاها يُرَوِّضُها

دَمْعُ المُحبِّين لا الأنداءُ والسُّحبُ

مَنْ لي وأحْلى أماني الحُبِّ أكْذَبُها

بأنْ يُساعِدَ نَفسي فيهِ مأرَبُها

فَيَنْتهي الوَجْدُ أو يَرْضى مُعَذَّبُها

دَعْني أُعَلِّل نَفْساً عَزَّ مَطْلَبُها

فيهِ وقَلباً لغَدْرٍ ليسَ يَنقلبُ

يا مانحَ العَتْبِ والإنصافُ يُعتبُهُ

لم تَدْر أنَّ عناءَ الصَّبِّ مَطْلَبُهُ

دَعني فبالقلب بَدْرٌ عَزَّ مَرْقَبُهُ

دانٍ وأدْنى وعِزُّ الحُسْنِ يَحْجبُهُ

عَنِّيْ وذُلِّيَ والإجلالُ والرَّهَبُ

تَوَلُّهُ الصَّبِّ حَلْيٌ فوقَ حِليتهِ

فَمَنْ لَحاهُ نَهاهُ عن سَجيَّتِهِ

إنَّ الَّذي صَانَ قلبي في طَوِيَّتهِ

أحْيا إذا مِتُّ مِن شَوقي لِرُؤْيَتِهِ

فإنَّني لِهَواهُ فيهِ مُنْتَسِبُ

هَلْ للْمُحبِّ سرورٌ بعدَ تَرْحَتِهِ

آهٍ لوجْدٍ كَوى صَدري بِلَفحتِهِ

جِسْمٌ تَفانَى وقَلْبٌ رَهْنُ قَرْحَتِهِ

ولَسْتُ أعجَبُ من حُبِّي وصِحَّتِهِ

من صِحَّتي إنَّما سُقْمي هو العَجَبُ

للهِ لمحةُ حُسنٍ صَحَّ مُدْنَفُها

سَرَتْ بِقلبي فَتَصريفي تَصَرُّفُها

قَدْ مِتُّ عَنها ولكنْ لَستُ أُنْصِفُها

والَهْفَ نفسيَ لو يُجْدي تَلَهُّفُها

غَوْثاً ووا حَرَبي لو يَنْفَعُ الحرَبُ

ياليْتَ شِعريْ وفي دَهْري مُخالَفةٌ

هَلْ مِنْهُمُ لِيَ قُربْى أو مُعاطَفةٌ

أو رحمةٌ أو حُنوٌّ أو مُلاطفةٌ

يَمضي الزَّمانُ وأشواقي مُضاعَفةٌ

يا لَلرجالِ ولا وَصْلٌ ولا سَببُ

لو كنتَ للوصْل أهلاً ما تُركتَ سُدى

كم مُدَّعٍ وهوَ في دَعواه قد جَحَدا

ما كلُّ نُورٍ تَبدَّى للعُيونِ هَدى

يا بارِقاً بأعالي الرِّقمتين بَدا

لقد حَكَيْتَ ولكنْ فاتَكَ الشَّنَبُ

آهٍ لنار عَلى الأحشاءِ ضارِمةٍ

باللهِ ريحَ الصَّبا حَيِّيْ بناسِمَةٍ

تُحْيِي ذَما مُهْجةٍ للبُعْدِ هائِمةٍ

ويا نَسيماً سَرى من جَوِّ كاظمةٍ

باللهِ قلْ ليَ كيْفَ البانُ والغَربُ

إيهٍ فَداكَ مُحِبٌّ ليلهُ يَقِظُ

كيفَ الأحبَّةُ هَلْ راعَوا وهَلْ لَحَظوا

مُحبُّهم فَرضوا قُرباه أمْ لفَظُوا

وكيف جيرَةُ ذاكَ الحَيِّ هَلْ حَفِظوا

عَهداً أُراعيهِ إن شطُّوا وإن قَرُبوا

يا سَعْدُ والقَلبُ لم يُسعِدْهُ غيرُهُمُ

تُراهُمُ وبِطَيِّ الصَّدرِ سِرُّهُمُ

رَعَوْا مُعَنّىً بهمْ أضناهُ هَجرُهُمُ

أمْ ضَيَّعوا ومُرادي مِنكَ ذِكرُهُمُ

همُ الأَحبَّةُ إن أعطَوا وإن سَلَبُوا

هُمُ الملوكُ وإنِّي عَبْدُ مَجْدِهُمُ

حَسْبي عُلاً أنَّني صَبٌّ بوُدِّهِمُ

ما قدرُ منعِهِمُ في جَنْبِ رِفْدِهُمُ

إن كان يُرضيهمُ إبعادُ عَبْدِهِمُ

فالعبدُ منهم بذاكَ البُعْدِ مُقْتَربُ

نحنُ المُحبِّينَ لا نُعْزَى الى طَلَبِ

رضى الأحبَّةِ عَنّا غايةُ الأربِ

إنْ كانَ وصْلُهُمُ تِهْنا من الطَّربِ

والهَجْرُ إن كانَ يُرضيهمْ بلا سَببِ

فإنَّهُ منْ لَذيذِ الوَصلِ مُحْتَسَبُ

ما خَيَّبُوا قَطُّ حاشاهم مؤمِّلَهمْ

قَلبي بهمْ آهلٌ لا زالَ منزِلَهُمْ

إن أظْهروا الحُسْنَ لم أُغْفل تَأمُّلَهُمْ

وإنْ هُمُ احتَجبُوا عنِّي فإنَّ لَهُمْ

في القلبِ مَشْهودَ حُسنٍ لَيْسَ يَنْحَجبُ

حَسْبُ المُتَيَّم أن يحدو مَحَجَّتَهمْ

فَقَدْ أقامَ العُلا والعِزُّ حُجَّتَهُمْ

بُدورُ تِمٍّ أبانَ الصِّدقُ لَهجتَهُمْ

قد نَزَّه اللطفُ والإشراقُ بَهْجتَهُمْ

عَن أنْ تُمنِّعَها الأستارُ والحُجبُ

همُ الأهِلَّة لا تَخفى لِمُرْتَقِبِ

أدارَهُمْ فَلكُ العُليا على قُطُبِ

تُرْبي مَحاسِنُهم عَدّاً على الشُّهبِ

ما يَنْتَهي نَظري مِنْهم إلى رُتَبِ

في الحُسْنِ إلّا ولاحَتْ فَوقَها رُتَبُ

كمالُ كُلِّ جَمالٍ من كمالِهمُ

وسِرُّ كلّ علاءٍ مِنْ جلالِهمُ

كلُّ القلوبِ هَيامَى في خِلالِهمُ

وكُلَّما لاحَ معنىً من جَمالِهمُ

لبَّاه شَوقٌ إلى مَعناهُ يَنتَسِبُ

كَمْ ذا أُورِّي وكِتمانُ الهوى نَصَبُ

خيرُ الوَرى مقْصدي والصُّحبةُ النجُبُ

مالي وحَقِّهمُ في غيرهمْ أرَبُ

أظَلُّ دَهري وليْ من حُبِّهمْ طَرَبُ

ومن أليمِ اشتياقي نحوَهْم حَرَبُ

شرح ومعاني كلمات قصيدة منك التجلي ومنا الستر والحجب

قصيدة منك التجلي ومنا الستر والحجب لـ ابن خاتمة الأندلسي وعدد أبياتها تسعة و تسعون.

عن ابن خاتمة الأندلسي

أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن خاتمة أبو جعفر الأنصاري الأندلسي. طبيب مؤرخ من الأدباء البلغاء، من أهل المرية بالأندلس. تصدر للإقراء فيها بالجامع الأعظم وزار غرناطة مرات. قال لسان الدين بن الخطيب: وهو الآن بقيد الحياة وذلك ثاني عشر شعبان سنة 770هـ‍. وقال ابن الجزري توفي وله نيف وسبعون سنة وقد ظهر في تلك السنة وباء في المرية انتشر في كثير من البلدان سماه الإفرنج الطاعون الأسود. من كتبه (مزية المرية على غيرها من البلاد الأندلسية) في تاريخها، (ورائق التحلية في فائق التورية) أدب. و (إلحاق العقل بالحس في الفرق بن اسم الجنس وعلم الجنس) (وأبراد اللآل من إنشاء الضوال -خ) معجم صغير لمفردات من اللغة وأسماء البلدان وغيرها، في خزانة الرباط 1248 جلاوي والنسخة الحديثة حبذا لو يوجد أصلها. و (ريحانة من أدواح ونسمة من أرواح -خ) وهو ديوان شعره. في خزانة الرباط المجموع 269 كتاني، (وتحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد -خ) وصفه 747هـ‍.[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي