من بدوي مع أطيب التمنيات
أبيات قصيدة من بدوي مع أطيب التمنيات لـ نزار قباني
أنا آسفٌ جداً ..
إذا عكرتُ سهرتك الجميلة َ ,
آسفٌ جداً ..
إذا أظهرتُ كل توحشي .. وخشونتي
هذا المساءْ ..
أنا آسف جداً
إذا ما كنتُ منطوياً على نفسي
ومكتئباً .. ومنسحقاً ..
ومكسورَ المشاعر , كالإناءْ ..
أنا آسف جداً ..
إذا خالفت آدابَ السلوك
فما اهتممت بربطة العنق ِ الوقورةِ ..
والحذاءْ ..
من قال إن قصائد الشعراءِ ,
تنتعلُ الحذاءْ ؟
فأنا أتيتُ من العراء .. إلى العراء
لا تخجلي مني ..
ومن عشقي البدائي البسيط,
فإن أكابر العشق
كانوا خارجين عن الحياءْ ..
2
أنا آسف جداً ..
إذا لم أنتبهْ لجمالكِ الأخاذ ..
هذه غلطة كبرى بتاريخي ,
ونقص في الحضارة , والسلوك ,
ومن علامات الغباء ..
هل ممكن أن يهمل الإنسان وجهاً
تلتقي فيه السماء مع السماء ؟
أنا آسف جداً .. لفرط جهالتي
أنا شاعر الحبّ الذي
لا يتقن الإعلان عن نزوته أبداً ,
فإن عواطفي , ليست ثياباً في الهواءْ
أنا بطنيٌّ – ربما – حتى العياءْ .
ومضرج بغمومه حتى العياءْ .
قد لا أكون مهذباً , مثل الذين عرفتهم
ومعذباً مثل الذين عرفتهمْ
ومشمعاً .. وملمعاً ..
مثل الذين عرفتهمْ .
لكنني أعطي دمي ,
من أجل لحظة كبرياءْ ...
3
أنا آسف جداً ..
إذا أفسدت ليلتك المثيرةَ ,
آسفٌ .. إن كنتُ لوثت الهواءَ
فأنا عدائيٌّ . عُصابيٌّ ..
أنانيّ .. شتائي ..
فماذا تفعلين مع الشتاءْ ؟
أنت الجميلة .. والصغيرة ُ ..
والمليئة بالطموح وبالرجاءْ ..
فتحملي فوضايَ ..
إني لم أكنْ عضواً قديماً
في نوادي الحاكمينَ ..
ولا نوادي الأغنياءْ ..
4
لا تنظري لي هكذا ..
وكأنني من كوكب المريخ .. جئت
وعصر رواد الفضاءْ ..
أنا ضائع بين العصور كمركبٍ
في البحر , تقذفه الرياح كما تشاءْ
أنا آخر العشاق في زمن التلوثِ ,
آخر الكلمات , في زمن التعهر والغباءْ
والحبُّ .. آخر طلقةٍ في الرأس ِ .. أطلقها
فلا تمشي على بقع الدماءْ ..
5
عفواً ..
إذا لخبطت عطلة آخر الأسبوع
إن طبيعتي تأبى التصنع .. والرياءْ
أنا لستُ أعرفُ ما احبُّ ..
ومن أحبُّ ..
فسامحيني إن حملتُ حقيبتي
وتركت معركة الخواتم ِ .. والأساور ِ .. والفراءْ ..
أنا هكذا .. أنا هكذا ..
أمشي على قدمين من نار .. وماء
تتقاطع الأفكارُ في رأسي ..
ويختلط الدخانُ , مع النبيذ , مع النحاس , مع العقيق ِ
مع الأمام ِ , مع الوراءْ ..
هل كانتِ العينان قبل الدمع ,
أم في الأصل ِ , قد كان البكاءْ ؟
هل ناهداكِ خطيئتان عظيمتان ِ .. كما رووا
أم نهداكِ يصححان جميع أخطاءِ السماءْ ؟
هل يا ترى الأشجار تمشي وهي واقفة ٌ
وهل حرية الإنسان كانتْ .. قبل أن كان الفضاءْ ؟
والحب . هل هو حالة عقلية ٌ ؟
أما حالة جسدية ٌ ؟
أم أنه شيءٌ يركبُ كالدواءْ.
6
هل كنتِ قبل قصائدي موجودة ً
أم أنني بالشعر ِ , أوجدت النساءْ ؟؟
عن نزار قباني
نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.
تعريفه من ويكيبيديا
نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).
على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.