من يوميات تلميذ راسب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة من يوميات تلميذ راسب لـ نزار قباني

-1-
ما هو المطلوب مني ؟
ما هو المطلوب بالتحديد مني ؟
إنني أنفقت في مدرسة الحب حياتي
وطوال الليل .. طالعت .. وذاكرت ..
وأنهيت جميع الواجبات ...
كل ما يمكن أن أفعله في مخدع الحب ، فعلته ..
كل ما يمكن أن أحفره في خشب الورد ، حفرته ..
كل ما يمكن أن أرسمه ..
من حروف .. ونقاط .. ودوائر ..
قد رسمته ..
فلماذا امتلأت كراستي بالعلامات الرديئة ؟.
ولماذا تستهيـنـيـن بـتاريخي ..
وقدراتي .. وفـني ..
أنا لا أفهم حتى الآن ، يا سيدتي
ما هو المطلوب مني ؟

-2-
ما هو المطلوب مني ؟
يشهد الله بأني ..
قد تفرغت لنهديك تماماً ..
وتصرفت كفنان بدائي ..
فأنهكت وأوجعت الرخاما
إنني منذ عصور الرق .. ما نلت إجازة
فأنا أعمل نحاتا بلا أجر لدى نهديك
مذ كنت غلاما ..
أحمل الرمل على ظهري ..
وألقيه ببحر اللانهاية
أنا منذ السنة الألـفـين قبل الـنهد ..
ـ يا سيدتي ـ أفعل هذا ..
فلماذا ؟
تطلـبـين الآن أن أبدأ ـ يا سيدتي ـ منذ البداية
ولماذا أطعن اليوم بإبداعي ..
وتشكيلات فـني ؟
ليـتـني أعرف ماذا ..
يبتغي النهدان مني ؟؟

-3-
ما هو المطلوب مني ؟
كي أكون الرجل الأول ما بين رجالك
وأكون الرائد الأول ..
والمكتشف الأول ..
والمستوطن الأول ..
في شعرك .. أو طيات شالك ..
ما هو المطلوب حتى أدخل البحر ..
وأستلقي على دفء رمالك ؟
إنني نفذت حتى الآن
آلاف الحماقـات لإرضاء خيالك
وأنا استشهدت آلاف من المرات
من أجل وصالك ..
يا التي داخت على أقـدامها
أقـوى المـمــالـك ..
حرريني ..
من جنوني .. وجمالك ..

-4-
ما هو المطلوب مني ؟
ما هو المطلوب حتى قطتي تصفح عني ؟
إنني أطعمتها ..
قمحا .. ولوزا .. وزبيبا ..
وأنا قدمت للنهدين ..
تفاحاً ..
وخمراً ..
وحليباً ..
وأنا علقت في رقبتها ..
خرزا أزرق يحميها من العين ،
وياقوتاً عجيباً ..
ما الذي تطلبه القطة ذات الوبر الناعم مني ؟
وأنا أجلستها سلطانة في مقعدي ..
وأنا رافـقـتـها للبحر يوم الأحد ...
وأنا حممتها كل مساء بيدي ..
فلماذا ؟
بعد كل الحب .. والتكريم ..
قد عضت يدي ؟.
ولماذا هي تدعوني حبـيـباً ..
وأنا لست الحـبـيـبـا ..
ولماذا هي لا تمحو ذنوبي ؟
أبداً .. والله في عليائه يمحو الذنوبا ..

-5-
ما هو المطلوب أن أفعل كي أعلن للعشق ولائي .
ما هو المطلوب أن أفعل كي أدفن بين الشهداء؟
أدخلوني في سبيل العشق مستشفى المجاذيب..
وحتى الآن ـ يا سيدتي ـ ما أطلقـوني ..
شنقوني ـ في سبيل الشعر ـ مرات .. ومرات..
ويبدو أنهم ما قـتـلوني ..
حاولوا أن يقلعوا الثورة من قلبي .. وأوراقي .. ويبدو أنهم ..
في داخل الثورة ـ يا سيدتي ـ قد زرعوني ...

-6-
يا التي حبي لها ..
يدخل في باب الخرافات ..
ويستـنزف عمري .. ودمايا ..
لم يعد عندي هوايات سوى أن أجمع الكحل الحجازي الذي بعثرتِ في كل الزوايا ..
لم يعد عندي اهتمامات سوى ..
أن أطفىء النار التي أشعلها نهداك في قلب المرايا ..
لم يعد عندي جواب مقنع ..
عندما تسألني عنك دموعي .. ويدايا

-7-
اشربي قهوتك الآن .. وقولي
ما هو المطلوب مني ؟
أنا منذ السنة الألفين قبل الثغر ..
فكرت بثغرك ..
أنا منذ السنة الألـفين قبل الخيل ..
أجري كحصان حول خصرك ..
وإذا ما ذكروا النيل ..
تباهيت أنا في طول شعرك
يا التي يأخذني قـفطانها المشغول بالزهر ..
إلى أرض العجائب ..
يا التي تنتشر الشامات في أطرافها مثل الكواكب ..
إنني أصرخ كالمجنون من شدة عشقي ..
فلماذا أنت ، يا سيدتي ، ضد المواهب ؟
إنني أرجوك أن تبـتسمي ..
إنني أرجوك أن تـنسجمي ..
أنت تدرين تماما ..
أن خبراتي جميعا تحت أمرك
ومهاراتي جميعا تحت أمرك
وأصابيعي التي عمـّـرتُ أكوانا بها
هي أيضا ..
هي أيضا ..
هي أيضا تحت أمرك ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي