من يوميات رائد فضاء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة من يوميات رائد فضاء لـ نزار قباني

1
إذا ما وقفت على قمة النهد ..
أشعر أن يدي
ستلامس سقف السماء ..
وأشعر أني اقتربت من الله ..
أني اقتربت من الأفق ..
أني اقتربت من الشعر ..
أشعر أني أسير على الماء، مثل المسيح
وأنتظر الوحي كالأنبياء ..

2
أنا أول الداخلين
إلى ملكوت الفضاء
أنا أول الشاربين حليب النجوم ..
وأول من ذاق فاكهة الإستواء ..
وأول من كتب الشعر
فوق مرايا الضحى
ونبيذ المساء …

3
إذا ما وقفت على فضة النهد ..
أشعر أني جلست على عرش كسرى ..
وأني امتلكت مفاتيح روما ..
وأهرام مصر ..
وأني تحدرت من آخر الخلفاء
وأني دخلت إلى قصر غرناطة
فصارت شفاهي عريشة ورد ..
وصارت دموعي
نوافير ماء …

4
أنا في الأعالي
أنا في الأعالي
بحار القطيفة دون انتهاء
وريش العصافير دون انتهاء
يحاصرني الثلج من كل صوب
فأين نهايات هذا البياض ؟
أدوخ قليلاً ….
أضيع قليلاً …
وأدفن تحت الثلوج قليلاً …
ولكنني – رغم عصف العواصف -
أبقى صديق الشتاء
وأعرف أن الصعود خطير ..
وأن الهبوط خطير ..
ولكنني .. في غمار الفتوح الكبيرة
لا أتراجع نحو الوراء …

5
هنا.. تتأكد حريتي
وينفصل الحب عن وزنه
وينفصل الشعر عن شكله
وينفصل الحزن عن حزنه
وأهرب من عالم لا نوافذ فيه
لكي أتنشق بعض الهواء
هنا .. تصبحين خلاصة شعري
هنا ..
تصبحين جميع النساء …

6
تعلمت معنى التصوف في رحلتي
وسر الحلول .. وسر الفناء
وحين رأيت براهين ربي
تكسرت من شدة العشق ..
مثل الإناء ..

7
شربت نبيذ المسافات ..
ثم جلست ..
أمشط شعر الغيوم وشعر القمر ..
تنقلت بين الشمال وبين الجنوب ..
وبين سيبيريا ..
وبين آلاسكا ..
وبين سويسرا ..
وبين بافاريا ..
ونمت كطفل صغير
على هدهدات المطر.
تنقلت بين جبال الرخام ..
وبين جبال الذهب .
وبين حقول الجليد
وبين حقول اللهب.
وبين شفاه النساء .. وبين دوالي العنب
لعبت بخيطان حريتي
ثلاثين عاماً …
وجملت أرض البشر
ولا أتذكر أن عقيداً أتاني
ليطلب مني جواز السفر …

8
وحين أعود .. سأخبر قومي
بأني رأيت
وأني سمعت
وأني تزلجت فوق هلالين من فضة
وأني غسلت قميصي بضوء النجوم ..
وأني غفوت طويلاً
على شجر القطن .. والكستناء ..

9
أمام رجال الصحافة سوف أقول:
بأني صعدت .. وأني صعدت ..
وأني جرحت يدي بزجاج السماء ..
وأني رأيت الذي لا يُرَى
شموسٌ تدور
وأرضٌ تفور
وبحرٌ يثور
وأني رجعت، وفي جعبتي
ملفات كل النساء !!

10
أيا نهدها الملكي الأصول …
إليك أقدم أسمى ولائي
فعنك .. أخذتُ الكثير من الكبرياء …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي