من يوميات فنان تشكيلي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة من يوميات فنان تشكيلي لـ نزار قباني

1
رسمتُ أقواماً من النساء في دفاتري
بالماء ..
أو بالزيت ..
أو بالفحم ..
أو بريشة الشهوات .
فامرأة من نغم الصبا لحنتها
وامرأة من نغم البيات .

2
رسمتُ أجساداً من النحاس ..
والفضة ..
والقشطة .. والحليب ..
في مختلف الأوضاع والحالات
رسمتُ ..
حتى ضعتُ في مقالع الرخام
في خيوط دودة الحرير ..
في رطوبة الخلجان ..
في كثافة الأحراج والغابات ..

3
رسمتُ عينيك
على قماشتي .
وعندما انتهيتُ
شاهدتُ أمامي شاطئ الفرات ..

4
تبدو لي الأجساد مثل أرغن
يعزف في كنيسة .
لكننا ، لا نسمع الأصوات .

5
حين أرى وجهك ، يا حبيبتي
أحس أني أقرأ التوراة ..

6
رسمتُ شَعراً
فوضوي الطبع .. لا مباليا
رسمتُ نهداً غاضباً ..
ثم رسمتُ واحداً ..
مسالماً .. وطيباً .. وراضيا ..
وبعدها ..
رششتُ فوق العنق الشامات ..
وعندما أرجعتُ فرشاتي إلى مكانها
كان دمي على البلاط جاريا …

7
رسمتُ أيضاً ..
وردة مبتلة الأوراق تدعى ( ماريا ) ..
وهي تشد البُرنس الأبيض حول جسمها .
للمرة الأولى بتاريخي ألاقي قمراً
يمشي ببيتي حافيا …

8
أرسم ظهر امرأة عارية
فيسقط الثلج على ستائري .
وتنبت الحنطة من أظافري .
ويترك الحمام فوق شرفتي
ريشاً .. وأغنيات .
وتقرع الأجراس ،
في صباح يوم السبت ،
تدعو الناس للصلاة ..
وتبدأ الحياة ..

9
رسمتُ فوق الخزف الصيني .
فوق الصدف الشامي .
فوق الفلفل الهندي .
فوق البلح البصري .
فوق شِعرنا المكتوب بالكوفي .
حتى أصبحتْ أصابعي
بحيرة للماء ..
والأسماك .. والنبات ..

10
… وعندما طلبتُ من نسائي الزواج
لم يقبلنني ..
وكان أن رجعتُ نحو مرسمي المهجور
كي أمارس الجنس مع اللوحات …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي