نبهته فقام مشبوح العضد
أبيات قصيدة نبهته فقام مشبوح العضد لـ مهيار الديلمي
نبهتُهُ فقام مشبوحَ العَضُدْ
أغلبُ لوسِيم الهوانَ ما رَقدْ
في يده مذروبةٌ مَزيدةٌ
ودِرعهُ سابغةٌ من اللَّبَدِ
إذا غدا لم يَحتشِمْ هاجرةً
وإن سَرى لم يخش من ليلٍ بَرَدْ
إن همّ لم يُحبَسْ على مَشْوَرَةٍ
وإن غَدَا لسفرٍ لم يستعِدْ
لكلّ بغاي قَنصٍ طريدةٌ
تنفُر منه وله كلُّ الطَّرَدْ
هبَّ بلَّبيك وقد دعوته
مكتفياً بقوله إلى الأَبدْ
وخيرُ من ساندَ ظهري أسَدٌ
أو رجلٌ في صدره قلبُ أسدْ
وقال في لهَاةِ أيّ خطرٍ
تقذِفُ بي وعَرِض ما أيِّ بلدْ
وما الذي رابك قلتُ حاجةٌ
في أفُقِ المجدِ فقام فصَعِدْ
يسبِقني سعياً لما أُريده
حتى لقد أدرك بي ما لم أُرِدْ
فرديْن إلاّ صارمين اعتنقا
وضامرينْ وردَا أين قَدَدْ
تُضمِرُ أحشاءُ الدياجي والفلا
منّي ومنه جسدين بجسدْ
كأنّ إِثريْنا إذا ما أصبحا
على الثرى مسحبُ رمح أو مَسدْ
حتى بلغتُ مسرحَ العزّ به
بأوّل الشوط وأقرب الأمدْ
وربَّ عزمٍ قبلها ركبتهُ
ففتُّ أن أُظلمَ وأن أُضطهَدْ
وغارةٍ من الكلامِ شنَّها
على اللئامِ كلُّ معنىً مطَّرِدْ
شهدتُها مغامراً وكنت بال
حضّ عليها غائباً كمن شهِدْ
ولذةٍ صرفتُ وجهي كَرَماً
عنها وفيها رغبةٌ لمن زَهَدْ
لم يعتلقني بأثامٍ حبلُها
ولم ينلني عارُها ولم يَكَدْ
وحَلَّةٍ طرقتُ من أبياتها
أمنعَها باباً وأعلاها عَمَدْ
والحيّ إما خالفٌ أو حاضرٌ
خَيْطُ الكرى بجفنِه قد انعقَدْ
وليس إلا بالنُّباح حَرَسٌ
لهم وإلا مقلة النارِ رَصَدْ
فبتُّ أَستقرِي الحديثَ وحدَه
وغيرُهُ لولا العفافُ لي مُعَدْ
ودون إرهابِيَ حدٌّ صارمٌ
عانقتُه ومِقوَلٌ منه أحدْ
وكم بذاتِ الرمل من نافرةٍ
بغير أَشراك الشبابِ لم تُصَدْ
أحسنُ من بذلِ هواها منعُها
ومن وصالِ الغانياتِ ما تَصُدْ
نومِيَ محفوظٌ إذا ما زرتُها
وموضعي إن غبتُ عنه مفتَقَدْ
يُعجِبُ قلبي مطلُها لطول ما
يكُرُّ بي المطلُ إليها ويَرُدْ
للّه أحبابٌ وفيتُ لهُمُ
بما استحقُّوا من أسىً ومن كمدْ
لم يَكفِهم شِقوةُ عيني بعدهم
حتى استعانوا بالدموع والسَّهَدْ
مضوا بجمّات الحياة مَعَهُم
وعوَّلوا بشفَتي على الثَّمَدْ
صحبتُ قوماً بعدهم حبالُهم
سحيلةُ الفتل رخيَّات العُقَدْ
وما على مَن كَدَّهُ حَرُّ الظما
إذا رأى الماءَ الأُجاجَ فوَردْ
يضرِبُ قومٌ في وجوهِ إبلِي
وقد كفاهم أنها عنهم حِيَدْ
لا تُعجِل الكُومَ إلى ذيادها
فهي قِماحٌ عنكُمُ لو لم تُذَدْ
ما للبخيل يتحامى جانبي
متى رآني عاكفاً على النَّقَدْ
يسترُ عنّي القعبَ دافَ حنظلاً
فيه وقد أمرَّ في فيَّ الشُّهُدْ
ما أبصرَ الدهرَ بما أريده
لو كان في الحم عليّ يفتصِدْ
أنزلني منزلةً بين الغنى
والفقرِ لم يبخلْ بها ولم يَجُدْ
وشرُّ أقسامك حظٌّ وسَطٌ
أرعنُ لم تَخمُل به ولم تَسُدْ
أغرَى الليالي بِيَ أنّي عارفٌ
بالسهل من أخلاقهنَّ والنَّكدْ
وأنني أقدحُ في صروفها
بعزمةٍ تُضيء لي على البُعُدْ
تُطلعني على القيني ظنَّتي
كأنّ يومي مُخبِري بسرِّ غدْ
يا بائعي مرتخِصاً بثمني
سوف يذُمّ مستعيضٌ ما حمِدْ
مثلي نُضاراً ضنّت الكفُّ به
لو كان في الناس بصيرٌ ينتقِدْ
قد فطِنتْ لحظِّها مَطالبي
وأبصرتْ عيني الضلالَ والرَّشَدْ
وقد علمتُ أيَّ برق أمتري
مُزنتَه وأيَّ بحرٍ أستمدْ
ووسَّعت أيدي بني أيوبَ لي
وبشرُهم ملء المنى مالاً ووُدْ
فما أبالي وهُم الباقون لي
مَن ذا فَنِي في الناس أو مَن ذا نفِدْ
ولا أروم الرزقَ من غيرهمُ
وإنما أطلبُ من حيث أجِدْ
المانعون بالجوار والحمى
والناهضون بالعديد والعُدَدْ
والغامرون المَحْلَ من جودهمُ
بكلّ كفٍّ ذاب في عامٍ جَمَدْ
والضاربون في اليفاع والذُّرَى
إذا بيوتُ الذلِّ عاذتْ بالوُهُدْ
تضيء تحت الليل أحسابُهُمُ
لضيفهم إن حاجبُ النار خمدْ
مدُّوا إلى الحاجات من ألسنهم
ذوابلاً منذ استقامت لم تَمِدْ
لا تتّقيها هامةٌ بِمغفَرٍ
ولا يداريها عن الجسم الزَّردْ
تبهَر في الأسماع كلَّ جائفٍ
إذا استقامت لُحمة الجُرح فسدْ
تعرَّفوا بالمجد حتى سافرت
أخبارُهم بطيبهِ وهم قُعُدْ
واختلفوا لا أخطأتْ بسهمها
أمنيَّةٌ صوبَ نداهم تعتمِدْ
وأفسدوا الدنيا على أبنائها
فما ترى مثلَهُمُ فيمن تلدْ
هُمْ ما هُمُ أصلاً ومِن فروعهم
أبلجُ أَرْبَى طارِفاً على التَّلَدْ
وفَى بمجدِ قومِهِ محمدٌ
فبرَّهم وربّما عَقَّ الولَدْ
وبانَ من بينهمُ بهمّةٍ
خَلَّةُ كلّ سؤددٍ منها تُسَدْ
تمَّ وبدرُ التمِّ بعدُ ناقصٌ
وزاد والبحرُ المحيطُ لم يزِدْ
ودبَّر الدنيا برأي واحدٍ
يأنَفُ أن يَشركَه فيها أحدْ
تراه وهو في الجميع واحداً
والبدرُ في حَفْلِ النجوم منفرِدْ
إذا استشار لم يزد بصيرةً
ولا يلوم رأيَه إذا استبدْ
حتى لقد أصبح باتحاده
يتيمةَ الدهر وبَيضةَ البلدْ
قام فنال المكرماتِ متعبَاً
وفاز بالراحة مخفوضٌ قعدْ
وخامَ عن حمل الحقوق معشرٌ
فلم يرعْه حملُها ولم يؤدْ
ولو درى النائمُ أيَّ قَدَمٍ
يُحرزها الساهر لاشتاق السَّهَدْ
وربّما برَّح بالعين الكرى
وكانت الراحة داءً للجسدْ
تسلَّمتْ من القذى أخلاقُهُ
والماءُ يَقذَى بالسِّقاء والزَّبَدْ
وانتظم القلوبَ سِلكُ ودّه
فما يَرَى من لا يُحبّ ويَوَدْ
لا رفَقَ الغيظُ بقلبٍ محفَظٍ
عليك إن لم يقل الشِّعرَ اعتقدْ
جاراك يرجو أن يكون لاحقاً
سومُ السَّحوق فات أن يُجنَى بيدْ
ينقاد للذِّلّة طوعَ نسبٍ
حيرانَ في الأحساب أعمى لم يُقَدْ
يدين بالبخل إذا سِيلَ فإن
أخطأ يوماً بنوالٍ لم يَعُدْ
مدّ بحبلِ شرِّه فانفصمت
أسبابهُ وأنت بالخير تَمُدْ
فكلّما جاز مدىً جاوزته
مقارباً للمجد من حيث بَعُدْ
بك اعتلقتُ ويدِي وحشيَّةٌ
وضمّ أنسي شملَه وهو بَدَدْ
وارتاض منّي لك خُلْقٌ قامصٌ
لم يدر قبلُ ما العطاءُ والصَّفَدْ
ملكتَ قلبي شعَفاً فما وَفَى
بقدرِ وجدي بك صبري والجلَدْ
حتّى حواني أوّلاً فأوّلاً
وواحدٌ أوّلُ ألفٍ في العددْ
كم أيكةٍ أنْبتَها جودُك لي
تُربُ ثراها طيِّبٌ والماءُ عِدْ
وكلما صَوَّح منها غُصُنٌ
عادَ بها جودُك غضّاتٍ جُدَدْ
قد ملأتْ أوعيَتي ثمارُها
فقَدْك إن ردَّ عبابَ السيلِ قَدْ
لم تبق فيَّ خَلّةٌ تسدُّها
وإنما الخَلّةُ بالمال تُسَدْ
لي فيك من كلّ فقيدٍ خَلفٌ
فابقَ فما يضرُّني مَنْ أَفتقِدْ
إذا السنانُ سَلِمتْ طريرةً
عُلياهُ فلْتمضِ الأنابيبُ قِصَدْ
واضرب بسهمٍ في العلاء فائزٍ
من يدِ عُمرٍ فائزٍ لا يُقتَصَدْ
تُنفَضُ عنك الحادثاتُ شُعَباً
حيث التهاني حافلاتٌ تحتشدْ
كلّ صباحٍ شمسُ إقبالك في
فُتوقهِ مفتنةٌ شمسَ الأبدْ
جذلانَ بين مادحٍ وحاسدٍ
فموجباتُ المدح يوجبن الحسدْ
شرح ومعاني كلمات قصيدة نبهته فقام مشبوح العضد
قصيدة نبهته فقام مشبوح العضد لـ مهيار الديلمي وعدد أبياتها أربعة و تسعون.
عن مهيار الديلمي
مهيار بن مرزويه، أبو الحسن الديلمي. شاعر كبير في أسلوبه قوة وفي معانيه ابتكار، قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم، وقال الزبيدي: (الديلمي) شاعر زمانه فارسي الأصل من أهل بغداد، كان منزله فيها بدرب رباح، من الكرخ، وبها وفاته. ويرى (هوار) أنه ولد في الديلم (جنوب جيلان على بحر قزوين) وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. وكان مجوسياً وأسلم سنة 494هـ على يد الشريف الرضي. وتشيع وغلا في تشيعه وسب بعض الصحابة في شعره، حتى قال له أبو القاسم ابن برهان: يا مهيار انتقلت من زاوية في النار إلى أخرى فيها.[١]
تعريف مهيار الديلمي في ويكيبيديا
أبو الحسن - أو أبوالحسين - مِهيَارُ بن مروزيه الديّلمِيُّ (توفي 428 هـ / 1037 م) كاتب وشاعر فارسي الأصل، من أهل بغداد. كان منزله في بغداد بدرب رباح من الكرخ. كان مجوسياً فأسلم، ويقال إن إسلامه سنة 384 هـ كان على يد الشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي وهو شيخه، وعليه تخرج في نظم الشعر، وقد وازن كثيرا من قصائده، ويقول القمي: (كان من غلمانه). قال له أبو القاسم ابن برهان: «يا مهيار قد انتقلت بأسوبك في النار من زاوية إلى زاوية»، فقال: «وكيف ذاك؟» قال: «كنت مجوسيا فصرت تسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعرك». ويرى هوار أنه وُلِدَ في الدَّيلم، في جنوب جيلان، على بحر قزوين، وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. كان ينعته مترجموه بالكاتب، ولعله كان من كتاب الديوان. كان شاعرا جزل القول، مقدما على أهل وقته، وله ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلدات، وهو رقيق الحاشية طويل النفس في قصائده. ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في كتابه تاريخ بغداد وأثنى عليه وقال: «كنت أراه يحضر جامع المنصور في أيام الجمعات [يعني ببغداد] ويقرأ عليه ديوان شعره ولم يقدر لي أسمع منه شيئاً». قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ مهيار الديلمي - ويكيبيديا