نفس مروعة وقلب هاف
أبيات قصيدة نفس مروعة وقلب هاف لـ محبوب الخوري الشرتوني

نفس مروعة وقلبٌ هافِ
هل لي من الألم المبرّح شافِ
يبنون للجسم المعالم لم يكن
يخفى هناك على الطبابة خافِ
والنفس مهملة الشكاة فما لها
مما تذوق من الشجون تعاف
فالهوج من كرب الجسوم سواكن
والهوج من كرب النفوس سواف
أي الحظوظ رمى الحمى وبني الحمى
إن الحظوظ كثيرة الأجحاف
أنا والحشاشة بي تذوب صبابة
أحيا بلا أهل ولا الأفّ
أهفو إلى الأرز الأغن على الربى
وإلى عريش الحقل والصفصاف
وإلى القصائد صوغهنّ لذاذةٌ
في ظل باسقة وعند ضفاف
ألحانهنّ من البلابل رقة
وصفاؤهن من النمير الصافي
يأسى الشريف ولا يبوح بسرّه
تقضي بذاك شمائل الأشراف
حتى إذا أمن النواظر في الدجى
أرخى العنان لدمعه الوكَّاف
امغنت في طلب الإخاء فلم أفز
بأخٍ تعزّ به الأخوّة وافِ
أنا لست أخلف في الوداد وكم فتىً
طُبعت خلائقه على الأخلاف
هو ملء نظرته وملء حديثه
مقةٌ وملء الجانحين تجافِ
ما زلت من نجع المودة والهوى
أجتاز بين سباسبٍ وقيافي
حتى أجلت اللحظ في ظلماتها
وبحثت في الجنبات والأطراف
فلمحت في الوادي على فسح المدى
وضح الهدى ومنارة الأرياف
مني إلى زين الرجال الوكةٌ
طار الرفيق بها بغير غلافِ
مكشوفة الوجنات بارزة الحلى
موشيَّة الطرفات والأفوافَ
برزت تبشر أين حلّ من العلى
في أي منزلة وأي مناف
وتذيع في شرق البلاد وغربها
إن الرشيد هو الصديق الوافي
ما إن عرفتك يا ابن أسعد إنما
بالروح كان تعارفٌ وتصاف
حجبتك نائية الديار وقصَّرت
عن حجب شهرة ذكرك الطوّاف
الورد تخفيه الصخور فلا يُرى
لكن عبير الورد ليس بخافِ
أوحى الضمير إليّ أنّك مخلص
عف السريرة وافر الألطاف
إن الضمير هو الدليل ولم يكن
يأتي الزمان لوحيه بخلاف
أهدي إليك من العواطف تحفة
هي نفح زنبقة وطيب سلاف
إن العواطف ما خفيت عواطف
وإذا أبوح فإنهنّ قوافِ
ما قلت قبل ولن أقول قصيدة
في جر مكرمة أو استعطاف
ونسجت بالقلم النزيه ولم أحك
للقافيات سوى ثياب عفاف
العرف مردود عليك ولم يكن
ليرد شعري أو يُعاد هتافي
لك في القبيل جميل ذكرك أنه
قبل الغني ورحابة الأكناف
ولك الحلي تعدهنّ كرائما
وتصوغهن كثيرة الأصناف
فانثر على الفتيات ماسك غاليا
وعلى الرجال محاسن الأوصاف
لك في فريق العلم شهبان النهى
منحٌ سوابغ الجميل ضوافِ
اسق البلاغة كي تغض غراسها
ليس العطاء لها من الإسراف
واستثنِ شاعرك الحقير فعنده
شرف الشمائل والعواطف كاف
أذكرت سيف الدولة الملك الذي
بذل اللبانة للأديب العافي
ما أنفك يخلد في القصائد ذكره
لا في أسنَّته ولا الأسياف
ومدائح الوصاف قد بقيت له
ومضت مكارمه على الوصاف
قل للذي كدس النضار ورصّه
اسعف فطيب الذكر في الإسعاف
ليس الغني لكفاف جسمك وحده
فالنفس فيك بحاجة لكفاف
هذاك طلبته الغذاء وهذه
مجد الخلود وعزّة الأشراف
وادي الحجارة صرت يوم حويته
وادي اللآلئ والنضارة الضافي
وادي الشهامة والمروءة والندى
والفضل والحسنات والألطاف
شهم أصاركِ كعبة يسعى لها
نفر اليراع لقبلة وطواف
شرح ومعاني كلمات قصيدة نفس مروعة وقلب هاف
قصيدة نفس مروعة وقلب هاف لـ محبوب الخوري الشرتوني وعدد أبياتها ستة و أربعون.