نهاية الأرب في فنون الأدب/آباء رسول الله

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

آباء رسول الله

فمن بعده إلى أبيه عبد الله بن عبد المطلبقد تقدم ذكر صلى الله عليه وسلم في باب الأنساب، وذكرنا كل أب من آبائه وأولاده ومن أعقب منهم، وجعلنا العمدة على سرد عمود النسب لشريف على ما تقف عليه هناك في السفر الثاني من كتابنا هذا من هذه النسخة، وسردنا النسب أيضاً انفاً.وقد رأين ان انذكر في هذا الموضع نبذةً أخرى زيادة على ذلك نذكر فيها الاسماء، والكنى، والأمهات، وبعض الوقائع والأخبار، مما لم يتقدم ذكره، فنقول وبالله التوفيق:أما عدنا فإليه انقطع علم أهل الأنساب حقيقة ؛ لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان إذا انتهى في النسب إلى معد بن عدنا أمسك، ثم قال: كذب النسابون.قال الله جل ثناؤه: 'وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرا'.وقد روى انه قال: عدنا بن أدد.والله أعلم. وأما معد بن عدنان، فكنيته أبو قضاعة، كنى بولده قضاعة وهو بكره.ومعد بتحريك العين وتشديد الدال، وفي طيء معد بتسكين العين بن مالك ابن قميئة، وفي خثعم أيضاً معد بتسكين العين بن الحارث، بن تميم، بن كعب، بن مالك، بن قحافة.وأم معد بن عدنان: مهدد، بنت اللهم بن جلحب الجرهمية، وقيل فيها مهاد بنت لهم.وقيل اللهم بنت جلحب، وفي رواية خليد، بن طسم، بن يلمع، ابن عابر، بن اسليخيا بن لاوذ، بن سام، بن نوح.حكاه الزبير بن بكار. وذكر عبد الملك بن حبيباولد معد بن عدنا سبعة عشر رجلأن درج منهم بلا عقب تسعة، وأعقب ثمانية. وقال أبو الربيع بن سالم: ذكر الزبير بن أبي بكر، ابختنصر لما أمر بغزو بلاد العرب، وإدخال الجنود عليهم وقتلهم لقتلهم انبياء الله تعالى، وردهم رسالاتهم، أمر إرميا بن حلقيا - وكان فيما ذكر نبي بني إسرائيل في ذلك الزمان - بن معد بن عدنان الذي من ولده خاتم النبيين، واحمله معك إلى الشام، وتول أمره. وقال السهيلي: أوحى الله تعالى إلى إرمي ان احمل معد بن عدنان على البراق إلى أرض العراق، فاني مستخرجٌ من صلبه نبياً اسمه محمد ؛ فحمل معه معد وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وكا مع بني إسرائيل إلىاكبر وتزوج امرأة اسمها معانة.قال أبو الربيع بن سالم: ويقال المحمول عدنان، والأول أكثر.قال: وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ان الله تعالى بعث ملكين فاحتملا معدا فلما رفع الله تعالى بأسه عن العرب، رداه إلى موضعه من تهامة، فكان بمكة ونواحيها مع أخواله من جرهم. وقال الزبير: حدثني على بن المغيرة قال: لما بلغ بنو معد عشرين رجلأن أغاروا على عسكر موسى عيلان لسلام، فدعا عليهم ثلاث مرات فقال: يا رب، دعوتك على قوم فلم تجبني فيهم بشيء.قال: يا موسى، دعوت على قوم فيهم خيرتي في آخر الزمان. وفي هذه الرواية ما فيها من المنافاة لما تقدم من انه كان مع إرميا ومن قال انه كان على عهد عيسى عيلان لسلام.والله أعلم بالصواب وإليه المرجع. وأما نزار بن معد، فكنيته أبو إياد، وقيل أبو ربيعة.ونزار بكسر النون.قال السهيلي: من النزر وهو القليل.وكا أبوه حين ولد له، ونظر إلى النور بين عينيه، وهو نور النبوة الذي كان ينتقل في الأصلاب إلى محمد صلى الله عليه وسلم فرح به فرحاً شديدا ونحر وأطعم وقال: اهذا كله نزر لحق هذا المولود، فسمى نزاراً لذلك.وأم نزار: معاية بنت جوشم بن جلهمة، بن عمرو، بن هلينيه بن دوة، بن جرهم.قال السهيلي: ويقال اسمها ناعمة. وأما مضر بن نزار فأمه وأم إياد: سودة بنت عك، بن الذيب، بن عدنان.وقال محمد بن الحسين في كتاب التحفة: ان أم مضر اسمها سودة بنت عك، قال: وقيل حبية بنت عك وقاله الزبير بن بكار.وروى ان أم مضر خاصةً سودة بنت عك ؛ وربيعة وانمار وإياد أمهم شقيقة بنت عك ؛ وإلى مضر تنتسب مضر الحمراء لسكناها قباب الأدم، ومضر السوداء سميت بذلك لسكناها المظال. وقال الزبير عن غير واحد من أهل العلم بالنسب: انهم قالوا: لما حضرت نزاراً الوفاة، آثر إياداً بولاية الكعبة، وأعطى مضر ناقة حمراء فسمى مضر الحمراء، وأعطى ربيعة فرسه، فسموا ربيعة الفرس، وأعطى انماراً جارية له تسمى بجيلة فحضنت بنيه، فسمى بجيلة انمار. وقد تقدم ذكر خبر أولاد نزار في الأمثال عند قولهم: ان العصا من العصية، وا خشينا من أخشن، وقصتهم مع الأفعى الجرهمي، وهو في الباب الأول من القسم الثاني من الفن الثاني في السفر الثالث من هذه النسخة من كتابنا هذا. قال ابن الأثير الجزري: ومضر أول من حدا وكا سبب ذلك انه سقط عن بعيره، فانكسرت يده فجعل يقول: يا يداه ! يا يداه ! فأتته الإبل من المرعى، فلما صلح وركب حدا وكا من أحسن الناس صوتاً.وقيل بل انكسرت يد مولى له فصاح، فاجتمعت الإبل، فوضع مضر الحداء وزاد الناس فيه. قال السهيلي: وفي الحديث: 'لا تَسبُّوا ربيعة ولا مُضَر فانهما كانا مؤمنين' وروى عبد الملك بن حبيب بسنده إلى سعيد بن المسيبارسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: 'لا تَسبُّوا مضَر فانه كان مسلماً على ملة إبراهيم'.وعن عبد الملك بن حبيب والزبير وجماعة: اربيعة ومضر الصريح من ولد إسماعيل ابن إبراهيم، عليهما السلام.قال: وحدثني أبو معاوية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: مات أدد والد عدنان، وعدنان، ومعد بن عدنان، وربيعة، ومضر، وقيس عيلان، وتميم، وضبة، وأسد، وخزيمة، على الإسلام على ملة أبيهم إبراهيم، فلا تذكروهم إلا بما يذكر به المسلمون.والله الموفق. وأما الياس بن مضر، فكنيته أبو عمرو.وقال صاحب الاشتمال: قال الزبير: ولد مضر بن نزار الياس بن مضر، فلما أدرك الياس انكر على بني إسماعيل ما غيروا من سنن آبائهم وسيرهم، وبا فضله فيهم، ولأن جانبه لهم، حتى جمعهم رأيه ورضوا به، فردهم إلى سنن آبائهم، حتى رجعت سنتهم تامة على أولها. وهو أول من أهدى البدن إلى البيت، وهو أول من وضع حجر الركن للناس بعد غرق البيت وانهدامه زمن نوح.فكان الياس أول من ظفر به، فوضعه في زاوية البيت. وبعض الناس يقولون: انما كان ذهب بعد إبراهيم وإسماعيل.قال: وفى هذا كله نظر.قال: وقال الزبير: ولم تزل العرب تعظم الياس بن مضر تعظيم أهل الحكمة، كتعظيمها لقما وأشباهه.قال ابن دحية: وهو وصى أبيه، وكا ذا جمال بارع ودين، تعظمه العرب قاطبة، وهو أول من مات بالسل.قال السهيلي: وانما سمى السل داء ياس وداء الياس لأن الياس بن مضر مات به. ولما مات أسفت امرأته خندف عيلان سفاً شديداً.وكانت نذرت، اهلك، ألا تقيم في بلدٍ مات فيه، ولا يظلها بيت، وتسيح في الأرض، وحرمت الرجال والطيب بعده.فلما هلك خرجت سائحة حتى هلكت.وكانت وفاته يوم الخميس، فنذرتاتبكيه كلما طلعت شمس يوم الخميس حتى تغيب الشمس.قال السهيلي: ويذكر عن النبي صلى اله عليه وسلم انه قال: 'لا تسبوا الياس فانه كان مؤمناً'.وذكر انه كان يسمع في صلبه تلبية النبي، صلى الله عليه وسلم، بالحج'.والله أعلم. وأما مدركة بن الياس فقال ابن السائب: واسمه عمرو.وقال ابن إسحاق والزبير: عامر، وكنيته أبو الهذيل، وقيل أبو خزيمة.وأمه خندف، واسمها ليلى بنت حلوا بن عمرا بن الحاف بن قضاعة.واسم أمها ضرية بنت ربيعة بن نزار، وبها سمى حمى ضرية. وأما خزيمة بن مدركة فكنيته أبو أسد، وأمه سلمى بنت أسلم بن الحاف ابن قضاعة.وقيل سلمى بنت أسد بن ربيعة، وخزيمة هذا هو الذي نصب هبل على الكعبة، فكان يقال هبل خزيمة، هكذا ذكره ابن الأثير.وروى عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهم ان اخزيمة مات على ملة إبراهيم عيلان لسلام. أما كنانة بن خزيمة، فكنيته أبو النضر، وأمه عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان، ويقال: بل هند بنت عمرو بن قيس بن عيلأن.قال أبو الحسن سلام ابن عبد الله بن سلام الإشبيلي: وقال أبو عمرو العدواني لابنه في وصيته: يا بني أدركت كنانة بن خزيمة - وكا شيخاً مسناً عظيم القدر، وكانت العرب تحج إليه لعلمه وفضله - فقال: انه قداخروج نبي بمكة يدعى أحمد، يدعو إلى الله، وإلى البر والإحسا ومكارم الأخلاق، فاتبعوه تزدادوا شرفاً إلى شرفكم، وعزاً إلى عزكم، ولا تتعدوا ما جاء به، فهو الحق.والله المرفق. وأما النضر بن كنانة، فكنيته أبو يخلد، كنى بابنه يخلد.واسم النضر قيس.قال أبو ذر الخشنى: النضر: الذهب الأحمر.وهو النضار ؛ سمي النضر بذلك لوضاءته وإشراق وجهه.وأمه برة بنت مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر أخت تميم بن مر.والذي عيلان كثر أهل السير والمؤرخين كنانة خلف على برة بعد أبيه خزيمة، على ما كانت الجاهلية تفعله ؛ إذا مات الرجل خلف على زوجته بعده أكبر بنيه من غيرها.ويرد هذا ما روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، انه قال: 'ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء ؛ ما ولدني إلا نكاح كنكاح أهل الإسلام'، وقول ابن الكلبي: كتبت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم خمسمائة أم، فلم أجد فيها شيئاً مما كان من أمر الجاهلية'.وقد تقدم ذكر ذلك انفاً. وقد اعتذر القائلون هذا القول عنه بأعذار، وأقاموا أدلةً على انه ليس بسفاح ولا من أمر الجاهلية.وفي أعذارهم وأدلتهم بعض تكلف.وقد حصل الظفر - ولله الحمد والمنة - بما يزيل هذا الإشكال، ويرفع هذا الاحتمال، ويخلص من مهاوى هذه الشبة ؛ وهو الصحيح، اشاء الله تعالى، وسنذكره بعد ذكر أعذارهم وأدلتهم. أما ما استدلوا به على تقديرايكون كنانة خلف على برة بنت مر بن اد بعد أبيه، فقال السهيلي، رحمه الله، في قوله تعالى: 'ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم من النِّساء إلاّ ما قد سَلَف' ؛ أي إلا ما قد سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام، قال: وفائدة الاستثناء ألا يعاب نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليعلم انه لم يكن في أجداده بقية ولا سفاح ؛ ألا ترى انه لم يقل في شيء نهى عنه في القرا إلا ما قد سلف نحو: 'ولا تَقْرَبُوا الزِّنا' ؛ ولم يقل إلا ما قد سلف 'ولا تَقْتُلُوا النَّفْس التي حَرّم اللهُ إلا بالحقّ' ولم يقل إلا ما قد سلف، ولا في شيء من المعاضي التي نهى عنها إلا في هذه الآية، وفي الجمع بين الأختين ؛ لأن الجمع بينهما قد كان مباحاً في شرع من قبلنا ؛ وقد جمع يعقوب عيلان لسلام، بين راحيل وأختها ليا ؛ فقوله: إلا ما قد سلف التفاتٌ إلى هذا المعنى وتنبيه على هذا المغزى.ونقل السهيلي هذه النكتة عن القاضي أبي بكر بن العربي. واعتذار من اعتذر عن هذه الواقعة على هذا المنوال. وأما ما ارتفع به هذا الإشكال، فهو ما نقله أبو عثما عمرو بن بحر الجاحظ - رحمه الله - في كتاب له سماه كتاب الأصنام قال فيه: وخلف كنانة بن خزيمة على زوجة أبيه بعد وفاته، وهي برة بنت أد بن طابخة بن الياس بن مضر، وهي أم أسد بن الهون ؛ ولم تلد لكنانة ولدا ذكراً ولا انثى، ولكن كانت ابنة أخيها وهي برة بنت مر بن أد بن طابخة أخت تميم بن مر عند كنانة بن خزيمة، فولدت له النضر بن كنانة.قال: وانما غلط كثير من الناس لما سمعو ان اكنانة خلف على زوجة أبيه لانفاق اسمهما وتقارب نسبهما.قال: وهذا الذي عليه مشايخنا وأهل العلم بالنسب.قال: ومعاذ اللهايكون أصاب نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم مقت نكاح ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'ما زلتُ أخُرج من نكاحٍ كنكاح الإسلام، حتى خرجت من أمي وأبي'.قال: ومن اعتقد غير هذا فقد كفر وشك في هذا الخبر.قال: والحمد لله الذي طهره من كل وصم وطهر به. وأما مالك بن النضر، فكنيته أبو الحارث، وأمه عاتكة بنت عدوان، وهو الحارث بن عمرو بن قيس عيلأن، ولقبها عكرشة، وقيل عوانة بنت سعد القيسية، وقيل غير ذلك.ومالك هو أبو قريش كلها. وأما فهر بن مالك - وهو قريش، وفهر لقب غلب عليه - فكنيته أبو غالب، وهو جماع قريش في قول هشام بن الكلبي.وأم فهر جندلة بنت عامر بن الحارث ابن مضاض الجرهمي ؛ ومن جاوز فهرا فليس هو من قريش. وقد اختلف في تسمية قريش قريشا ومن أول من تسمى به، فقال محمد بن كعب: انما سميت قريش قريشاً لتجمعها بعد تفرقها وقال محمد بن سلام: لما جمع قصي قبائل النضر، وحارب بهم خزاعة، وغلب على الحرم، سموا قريشاً لاجتماعهم.وقيل: انما سموا قريشاً لأنهم يتقرشون البضاعات فيشترونها.وقيل: جاء النضر بن كنانة في ثوب له فقالوا: قد تقرش في ثوبه كانه جمل قريش، أي شديد مجتمع.وقيل: أول من سماهم بهذا الاسم قصي بن كلاب.قاله المبرد.وقال الشعبي: النضر بن كنانة هو قريش، وانما سمى قريشاً لانه كان يقرش عن خلة الناس وحاجتهم فيسد ذلك بماله، والتقريش: هو التفتيش، وكا بنوه يقرشون أهل الموسم فيزودونهم بما يبلغهم، فسموا بذلك من فعلهم. وقال الزبير بن بكار قال عمي: قريش بن بدر بن يخلد بن النضر كان دليل بني كنانة في تجارتهم، فكان يقال قدمت عير قريش، وأبوه بدر بن يخلد صاحب بدر الموضع الذي كانت به الوقعة المشهورة، وذكر عن عمهافهراً هو قريش، قال: وقد اجتمع النساب من قريش وغيرهماقريشاً انما تفرقت عن فهر.والذي عليه من أدركت من نساب قريشاولد فهر بن مالك قريش، ومن جاوز فهراً فليس من قريش. وروى عن هشام بن السائب: ان النضر بن كنانة هو قريش.وقيل عنه في موضع آخر: ولد مالك بن النضر فهرا وهو جماع قريش.وقال أبو عبيدة معمر ابن المثنى: أول من وقع عيلان سم قريش النضر بن كنانة، فولده قريش دون سائر بني كنانة.وقال أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد: قريش مأخوذ من القرش، وهو وقع الأسنة بعضها على بعض ؛ لأن قريشاً أحذق الناس بالطعان. وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه سأل عمرو بن العاص: لم سميت قريش قريشاً ؟ قال: بالقرش، دابة في البحر تأكل كل الدواب لشدتها.وقال: المطرزي: هي ملكة الدواب، وسيدة الدواب وأشدها فكذلك قريش سادات الناس. وكا فهر رئيس الناس بمكة.والله أعلم. وأما غالب بن فهر، فكنيته أبو تيم، وأمه ليلى بنت الحارث، بن تميم، بن سعد، بن هذيل، بن مدركة ؛ ولغالب هذا من الولد: لؤي، وتيم الأدرم ؛ وكا تيم كاهنا وانما قيل له تيم الأدرم لأن أحد لحييه كان انقص من الآخر.وفي قريش تيمان: تيم بن مرة، وتيم الأدرم.قال ابن قتيبة: بنو الأدرم من أعراب قريش ليس بمكة منهم أحد.والله أعلم. وأما لؤي بن غالب، فكنيته أبو كعب، وأمه عاتكة بنت يخلد، بن النضر بن كنانة، وهي إحدى العواتك اللاتي ولدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل أمه سلمى بنت عمرو بن ربيعة وهو لحي بن حارثة الخزاعية. وأما كعب بن لؤي، فكنيته أبو هصيص، وأمه ماوية بنت كعب بن القين ابن جسر القضاعية.قيل: انما سمى كعب كعباً لأرتفاعه على قومه، وشرفه فيهم.وكا عظيم القدر عند العرب ؛ فلهذا أرخوا بموته إلى عام الفيل، ثم أرخوا بالفيل ؛ روى أبو نعيم في الدلائل عن الطبراني بسنده إلى عبد العزيز بن أبي ثابت قال: أرخت كنانة من موت كعب بن لؤي، وأرخت قريش بعد موته من عام الفيل ؛ وبين موت كعب والفيل خمسمائة سنة وعشرون سنة. وكعب هذا أول من سمى يوم الجمعة الجمعة، وكانت العرب تسمى يوم الجمعة العروبة ؛ قاله السهيلي.ومعنى العروبة الرحمة فيما بلغني عن أهل العلم، وانما سماه الجمعة لأجتماع قريش فيه وخطبته فيهم. وأول من قال أما بعد كعب ؛ فكان يقول: أما بعد، فاستمعوا وافهموا.ثم قال: حرمكم عظموه وتمسكوا به، وسيأتي لكم نبأ عظيم، وسيخرج له نبي كريم. قال السهيلي: وكا يخطبهم ويذكرهم بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلمهم انه من ولده، ويأمرهم باتباعه والإيما به، وينشد ويقول:

يا ليتني شاهدٌ فحواء دعوته

إذا قريشٌ تبغّى الحقّ خذلانا

وأما مرة بن كعب، فكنيته أبو يقظة، وأمه مخشية، وقيل وحشية بنت شيبان، بن محارب، بن فهر.وفي مرة يجتمع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسب أبي بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما. وأما كلاب بن مرة، فكنيته أبو زهرة، واسمه حكيم.وكلاب لقب غلب عليه، وسبب ذلك انه كان محباً للصيد مولعاً به، وكا أكثر صيده بالكلاب، وجمع منها شيئاً كثيرا فكان إذا مر بقوم بكلابه قالوا: هذه كلاب ابن مرة، فغلب ذلك عليه ؛ وفيه يقول الشاعر:

حكيم بن مرّة ساد الورى

ببذل النّوال وكفّ الأذى

وأم كلاب هند بنت سرير، بن ثعلبة، بن الحارث، بن فهر، بن مالك، بن كنانة.ويقال: اكلاباً هذا أول من جعل في الكعبة السيوف المحلاة بالذهب والفضة ذخيرةً للكعبة. وأما قصي بن كلاب فاسمه زيد، وكنيته أبو المغيرة، وقصي لقبه، ويلقب أيضاً مجمعاً.قال السهيلي، في قصي تصغير قصي: أي بعيد.وقال الرشاطي: وانما قيل له قصي لأن أباه كلاب بن مرة كان قد تزوج فاطمة بنت سعد بن سيل، واسم سيل، خير بن حمالة، بن عوف، بن عثمان، بن عامر وهو الجادر بن جعثمة، وهو يشكر، وهم من الأزد فولدت له زهرة وزيدا ثم هلك كلاب وزيد صغير فطيم، وقال السهيلي: انه كان رضيعا فتزوج فاطمة أم قصي ربيعة بن حرام، بن ضنة، بن عبد، ابن كبير، بن عذرة، بن سعد، بن زيد، بن قضاعة، فاحتملها ربيعة ومعها زيد، فربى زيد في حجر ربيعة، فسمى قصياً لبعده عن دار قومه. وقال الخطابي: سمى قصياً لأنه قصى قومه، أي نقصاهم بالشام فنقلهم إلى مكة.قال الرشاطي: ثمازيداً وقع بينه وبين ربيعة شر، فقيل له: ألا تلحق بقومك ؟ وعير بالعربة، وكا لا يعرف لنفسه أباً غير ربيعة، فرجع قصي إلى أمه، وشكا لها ما قيل له، فقالت له: يا بني، انت أكرم منه نفساً وأبا انت ابن كلاب بن مرة، وقومك بمكة عند البيت الحرام.فأجمع قصي على الخروج، فقالت له أمه: أقم حتى يدخل الشهر الحرام، فتخرج في حاج العرب، فلما دخل الشهر الحرام خرج مع حاج قضاعة حتى قدم مكة، فحج وأقام بمكة. وكا الذي يلي أمر البيت يومئذ حليل، بن حبشية، بن سلول، بن كعب، ابن عمرو الخزاعي.فخطب إلى حليل بن حبشية ابنته حبى.فعرف حليل نسبه فزوجه، وأقام قصي معه، فولدت له حبى أولاده، وهم: عبد مناف، وعبد العزى، وعبد الدار، وعبد، وبرة، وتخمر وهي بالتاء المثناء من فوق وخاء معجمة ساكنة وميم مضمومة وراء. فلما انتشر ولده، وكثر ماله، وعظم شرفه هلك حليل، وأوصى بولاية البيت لآبنته حبى.فقالت: اني لا أقدر على فتح الباب وإغلاقه، فجعلت ذلك إلى سليم ابن عمرو، بن بوى، بن ملكان، وهو أبو غبشان، ويقال له المحترش، فاشترى قصي منه ولاية البيت بزق خمر وقعود، فضربت به العرب المثل، فقالوا: أخسر من صفقة أبي غبشان.فنازعته خزاعة البيت فانتزعه منهم.والله الناصر.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي