أبو الوليد بن طريف
من جواب عن المعتمد إلى ذي الوزارتين ابن يحفور صاحب شاطبة بسبب أبي بكر بن عمار:وقفت على الإشارة الموضوعة من قبلك على إخلاص دلّ على وجوه السلامة، المستنام فيها إلى شرف محتدك وصفاء معتقدك أكرم استنامة ؛ بالشفاعة فيمن أساء لنفسه حظ الاختيار، وسبب لها سبب النكبة والعثار ؛ بغمطه لعظيم النعمة ؛ وقطعه لعلائق العصمة ؛ وتخبطه في سنن غيه واستهدافه، وتجاوزه في ارتكاب الجرائم وإسرافه ؛ حتى لم يدع للصلح موضعاً، وخرق ستر الإبقاء بينه وبين مولى النعمة عنده فلم يترك فيه مرقعاً ؛ وقد كان قبل استشراء رأيه، وكشفه لصفحة المعاندة، وإبدائه غدره في جميع جناياته مقبولاً، وجانب الصفح له معرضاً مبذولاً ؛ لكن عدته جوانب الغواية، عن طرق الهداية ؛ فاستمر على ضلاله، وزاغ عن سنن اعتداله ؛ وأظهر المناقضة، وتعرض بزعمه إلى المساورة والمعارضة ؛ فلم يزل يريغ الغوائل، وينصب الحبائل ؛ ويركب في العناد أصعب المراكب، ويذهب منه في أوعر المذاهب ؛ حتى علقته تلك الأشراك التي نصبها، وتشبثت به مساوي المقدمات التي جرها وسببها ؛ فذاق وبال فعله 'ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله' ولم يحصل في الأنشوطة التي تورطها، والمحنة التي اشتملت عليه وتوسطها ؛ إلا ووجه العفو له قد أظلم، وباب الشفاعة فيه قد أبهم ؛ ومن تأمل أفعاله الذميمة، ومذاهبه اللئيمة ؛ رأى أن الصفح عنه بعيد، والإبقاء عليه داءٌ حاضرٌ عتيد. وفي فصل منه: ففوق لمناضلة الدولة نباله، وأعمل في مكايدها جهده واحتياله ؛ ثم بم يقتصر على ذلك بل تجاوزه إلى إطلاق بسانه بالذم الذي صدر عن لؤم نجاره، والطعن الشاهد بخبث طويته وإضماره ؛ ومن فسد هذا الفساد كيف يرجى استصلاحه، ومن استبطن مثل غله كيف يؤمل فلاحه ؛ ومن لك بسلامة الأديم النغل، وصفاء القلب الدغل ؛ وعلى ذلك فلا أعتقد عليك فيما عرضت به من وجه الشفاعة غير الجميل، ولا أتعدى فيه حسن التأويل ؛ ولو وفدت شفاعتك في غير هذا الأمر الذي سبق فيه السيف العذل، وأبطل عاقل الأقدار فيه الإلطاف والحيل ؛ لتلقيت بالإجلال، وقوبلت ببالغ المبرة والاهتبال.