نهاية الأرب في فنون الأدب/أبي ركوة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبي ركوة

وظهوره وما كان من أمره إلى أن قتلكان ظهوره في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، وأدعى أنه الوليد بن هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الأموي، وتلقب بالثائر بأمر الله، والمنتقم من أعداء الله، ونحن الآن نذكر أخباره وابتداء أمره، وكيف تنقلت به الحال إلى أن كان منه ما نذكره إن شاء الله تعالى. كان مولده في الأندلس ونشأ بها بحال سيئة يجوب البلاد إلى أن وصل إلى القيروان، ففتح فيها مكتباً يعلم الصبيان فيه القرآن، ثم توجه منها إلى الإسكندرية، ومنها إلى مصر فأقام بها وبأريافها يعلم الصبيان، ثم توجه إلى الفيوم وعلم بها الصبيان أيضاً، وعاد إلى مصر، وخرج إلى سبك الضحاك فنزل به على رجل يعرف بأبي اليمن، ثم نزل بقرنفيل وسار منها إلى البحيرة فنزل على بني قرة، وكان الحاكم قبل ذلك في سنة خمس وتسعين قد بعث إليهم جيشاً مقدمه أبو الفتيان التركي وقتل الحاكم بعضهم وحرقه بالنار، فوجدهم قد أجمعوا على أن يقتلوه ويحاربوه، ولم يعلموا من يقدمونه عليهم، فعرفهم أبو ركوة أنه من بيت الخلافة، فانقادوا إليه وبايعوه بالخلافة، ونعت بأمير المؤمنين، وانضاف إليهم من لوانة ومزاتة وزناتة جمع كثير، وجاءوا إلى مكان بالقرب من برقة. فلما بلغ الحاكم أمره جهز عساكره لقصده، فأول من خرج بها ينال الطويل التركي في منتصف شعبان سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، فالتقوا واقتتلوا، فقتل ينال وعامة من معه من العساكر، وغنموا ما معهم، وسار أبو ركوة إلى برقة وأخذها بعد حصار، فاستفحل أمره. وشرع الحاكم في تجريد العساكر إليه، فجهزها في ربيع الأول سنة ست وتسعين وعليها ابن الأرمينية، فسار إلى المكان المعروف بالحمام، فلقيه بنو قرة في جماعتهم فهزموه وقتلوه وانتهبوا ما كان معه. فندب الحاكم عسكراً وقدم عليه أبا الحسن ابن فلاح وجلين وإبراهيم بن الإفرنجية ؛ ثم ندب القائد أبا الفتوح فضل بن صالح لقتاله، فخرج إلى أرض الجيزة في رابع شوال وأنفق في العساكر، وكوتب على بن الجراح، بالوصول إلى الحضرة، فورد من الشام في سابع عشر شوال، وورد الخبر بنهب الفيوم، فبعث الحاكم سرية لحفظه، وسار الفضل بن صالح عن مكانه إلى ذات الكوم في رابع ذي القعدة، وكسر أبو ركوة عسكر ابن فلاح ونهب سواده والخزائن التي معه، وقتل من أصحابه جماعة ؛ فاضطرب الناس واشتد خوفهم، وباتوا في الدكاكين والشوارع.وتوجه القائد فضل بن للقاء ، فالتقيا بموضع يعرف برأس البركة، على نصف مرحلة من مدينة الفيوم، لثلاث خلون من ذي الحجة.واقتتل العسكران قتالاً شديداً وانجلت الحرب عن قتل عامة عسكر ، وانهزم أبو ركوة إلى بلاد النوبة وتبعه الفضل إلى الأعمال القوصية. وذكر بعض المؤرخين أن الحاكم لما أعياه أمره دس إليه جماعة من أولياء دولته وأمرهم بطاعته، وأن يذكروا انحرافهم عن الحاكم بسبب قتله لهم، ففعلوا ذلك، فاغتر به، ووصل معهم إلى أوسيم على ثلاثة فراسخ من القاهرة، فالتقى هو والفضل كما ذكرنا، وأتبعه، فبلغه أنه وصل إلى بلاد النوبة فكتب إلى متملكها يقول إن عدو أمير المؤمنين الحاكم في بلادك، وكتب إلى صاحب الجبل وهو نائب صاحب دنقلة ومقره ببلد الدو فيما بين دنقلة وأسوان، وندب الفضل من العسكر من توجه لقبضه، وكان المساعد على مسكه الشيخ أبو المكارم هبة الله، شيخ بني ربيعة وقيل أنه وجد في دير يعرف بدير أبي شنودة في أطراف النوبة، فمسك، وكان الطعن به في شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة. وعاد القائد فضل إلى القاهرة فوصل إلى بركة الجيش في يوم الجمعة، النصف من جمادى الآخرة منها، وتلقاه أكابر الدولة الحاكمية، وركب في سابع عشر الشهر وأبو ر كوة على جمل وعلى رأسه طرطور، وطيف به على هذه الصفة وخلفه قرد يصفعه ثم صلب 55 وضربت عنقه وجهزت إلى البلاد. ونفل بعض المؤرخين أنه لما اعتبرت الأكياس التي خرجت مع القائد فضل للقاء ، وكان زنتها فوارغ خمسة وعشرين قنطاراً، وقيل إن جملة ما انفق ألف دينار والله أعلم. وفي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة أمر الحاكم بقتل أصحاب الأخبار حيثما وجدوا، وذلك أن كان قد قتل خلقاً كثيراً لسعايتهم، ثم أطلع على خيانتهم وأنهم صيروا ذلك معيشة، فقتلهم عن أخرهم. وفيها أمر بهدم كنيسة قمامة بالبيت المقدس، فكتب ابن خيران صاحب ديوان الإنشاء في ذلك خرج أمر الإمامة بهدم كنيسة قمامة، فليصير طولها عرضاً، وسقفها أرضاً. وفي سنة ثمان وتسعين أيضاً، في سابع عشري شعبان، عزل القائد حسين بن جوهر عن جميع ما كان يتولاه، وكتب سجل بتولية صالح بن علي بن صالح الروزباري فانصرف الحسين إلى داره وأمر بلزومها، ثم خلع عليه وركب في رابع جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. وفي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، في يوم الجمعة التاسع من شهر رمضان، حضر الناس إلى القصر وقرئ سجل صالح بن علي لقب فيه بثقة الثقات للسيف والقلم، وخلع عليه، وقيد بين يديه بغلات وخيل. وفيها مرض الحاكم فداواه بن معشر، فأعطاه عشرة آلاف دينار. وفيها سخط الحاكم على وزيره ابن المغربي وقتله، وقتل أخاه وابنه، وهرب ابنه الآخر إلى الشام،وفيها في تاسع ذي الحجة أمر الحاكم بهدم كنائس القنطرة التي في طريق المقس وكنائس حارة الروم، فهدم جميع ذلك. وفي سنة أربعمائة، في يوم الخميس حادي عشر شهر رمضان، جمع الأولياء.وأصحاب الدواوين في صحن الإيوان بالقصر، وخلع على أبي نصر بن عبدون، وقرئ سجله، ولقب بالكافي، وولي مكان صالح بن علي بن صالح الروزباري، وكانت مدة ولاية صالح سنتين وأربعة عشر يوماً.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي