نهاية الأرب في فنون الأدب/أبي علي بن سيمجور وفايق

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبي علي بن سيمجور وفايق

واستعمال محمود بن سبكتكين على خراسانقال: ولما عاد الأمير نوح إلى بخارى أسقط في يد أبي علي ابن سيمجور، وندم على ما فرط منه من ترك إعانته عند الحاجة إليه ؛ وأما فايق فإنه لما استقر الأمير نوح ببخارى حدث نفسه بالمسير إليه والحكم في دولته، فسار عن بلخ فسير الأمير نوح الجيوش لرده، فالتقوا واقتتلوا فانهزم فايق وأصحابه، ولحق بأبي علي بن سيمجور ففرح به وقوى جنانه، واتفقا على مكاشفة الأمير نوح وإظهار العصيان، فكتب الأمير إلى سبكتكين وهو يومئذ بغزنة، يعرفه الحال ويأمره بالمصير إليه لينجده وولاه خراسان وكان سبكتكين في هذه الفتن مشغولاً بالغزو غير ملتفت إلى ما هم فيه، فلما أتاه الكتاب سار نحو جريدة، واجتمع به وقررا ما يفعلانه واتفقا عليه، وعاد سبكتكين فجمع عسكره وحشد وسار عن غزته، ومعه ولده محمود نحو خراسان، وسار نوح من بخارى واجتمعا وقصدا أبا علي وفايقا، وقد جمعا عساكرهما أيضاً واستنصرا بفجر الدولة بن بويه، فسير إليهما عسكراً كثيراً، والتقوا بنواحي هراة واقتتلوا، فانحاز دارا بن قابوس بن وشمكير من عسكر أبي علي إلى عسكر نوح ومعه أصحابه، فانهزم أصحاب أبي علي وركبهم أصحاب سبكتكين يقتلون ويأسرون ويغنمون، وعاد أبو علي وفايق إلى خراسان وأقام الأمير نوح وسبكتكين بظاهر هراة، حتى ألااحوا واستراحوا وساروا نحو نيسابور، فسار أبو علي وفايق نحو جرجان، واستولى نوح على نيسابور واستعمل عليها وعلى جيوش خراسان محمود بن سبكتكين، ولقبه سيف الدولة ولقب أباه ناصر الدولة، وعاد نوح إلى بخارى وسبكتكين إلى هراة وذلك في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. وفي سنة خمس وثمانين في شهر ربيع الأول سار أبو علي وفايق عن جرجان إلى نيسابور، فكتب محمود إلى أبيه بذلك وبرز إلى ظاهر نيسابور، وأقام ينتظر المدد فأعجلاه فصبر لهما، فقاتلاه وهو في قلة من الرجال فانهزم عنهما نحو أبيه، وغنما منه شيئاً كثيراً ورجع أبو علي إلى نيسابور، وكتب إلى الأمير نوح يستميله ويستقبل من عثرته، وكاتب سبكتكين بمثل ذلك وأحال فيما جرى على فايق، فلم يجيباه إلى ما أراد، وجمع سبكتكين العساكر وسار نحو أبي علي فالتقوا عامة يومهم، وأتاهم محمود ابن سيكتكين في عسكر ضخم من ورائهم، فانهزموا وقتل منهم خلق كثير، ونجا أبو علي وفايق إلى آمل الشط، فراسلا الأمير نوح يستعطفانه، فأجاب أبا علي إلى ما طلب وقبل عذره، إن فارق فايقاً ونزل بالجرجانية، ففعل ذلك فحذره فايق وخوفه مكرهم ومكيدتهم فلم يرجع إلى قوله، وفارقه وسار إلى الجرجانية ونزل بقربه بقرب خوارزم تسمى هزارسب، فأرسل إليه أبو عبد الله خوارزم شاه من أقام له ضيافة، ووعده أنه يقصده ليجتمع به فسكن إلى ذلك فلما كان الليل أرسل إليه خوارزم شاه جمعاً من عسكره، فأحاطوا به وأخذوه أسيراً في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، فاعتقله في بعض دوره، وطلب أصحابه فأسر أعيانهم وتفرق الباقون. وأما فايق فإنه سار إلى ايليك الخان فأكرمه وعظمه ووعده أن يعيده إلى قاعدته، وكتب إلى نوح يشفع فيه ويطلب منه أن يوليه سمرقند، فأجابه إلى ذلك وأقام بها ؛ وأما ما كان من أبي علي بن سيمجور فإنه لما أسره خوارزم شاه بلغ خبره إلى مأمون بن محمد والي الجرجانية، فقلق لذلك وعبر إلى كاث وهي مدينة خوارزم شاه فحصرها وفتحها عنوة، وأحضر أبا علي وفك قيده وعاد به إلى الجرجانية، واسخلف مأمون بعض أصحابه على بلد خوارزم شاه، وصارت من جملة ما بيده، وقتل خوارزم شاه بين يدي أبي علي بن سيمجور، وكتب مأمون إلى الأمير نوح وهو يشفع في أبي علي ويسأل الصفح عنه، فأجابه إلى ذلك وأمر أبو علي بالمسير إلى بخارى، فسار إليها فيمن بقي معه من أهله وأصحابه، فلما بلغها لقيه الأمراء والعساكر ودخل على الأمير نوح فأمر بالقبض عليه وعلى من معه، واعتقله فمات في حبسه في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.

ذكر وفاة الأمير نوح بن منصور

كانت وفاته في شهر رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فكان مدة ملكه عشرين سنة وثمانية أشهر، فاحتل بموته ملك آل ساسان وضعف أمرهم ضعفاً ظاهراً، وطمع فيهم أصحاب الأطراف، وزال ملكهم بعد ذلك بمدة يسيره على ما نذكره إن شاء الله تعالى، فكأنه المعنى بقول القائل:

وما كان قيس هلكه هلك واحد

ولكنه بنيان قوم تهدما

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي