نهاية الأرب في فنون الأدب/أبي مسلم الخراساني

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبي مسلم الخراساني

وابتداء أمرهقال ابن الأثير الجزري في تاريخه الكامل، قد اختلف الناس في أمر أبي مسلم، فقيل كان حراً، وكان اسمه إبراهيم بن عثمان بن بشار بن سدوس بن جود زده من ولد بزرجمهر ويكنى أبا إسحاق، ولد بأصفهان ونشأ بالكوفة، وكان أبوه أوصى إلى عيسى بن موسى السراج فحمله إلى الكوفة وهو ابن سبع سنين، فلما اتصل بإبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله الإمام قال له: غير اسمك فإنه لا يتم لنا الأمر إلا بتغيير اسمك، على ما وجدته في الكتب، فسمى نفسه عبد الرحمن بن مسلم وكان يكنى أبا مسلم، ومضى لشأنه، وله ذؤابة وهو على حمار بإكاف وله تسع عشرة سنة، وزوجه إبراهيم الإمام ابنة عمران بن إسماعيل الطائي المعروف بأبي النجم، هذا نسبه على زعم من يقول إنه حر، ولما تمكن وقوي أمره ادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس، وكان من حديث سليط هذا أن عبد الله بن عباس كان له جارية مولدة صفراء تخدمه، فواقعها مرة ثم تركها دهراً، فاستنكحت عبداً من أهل المدينة فولدت له غلاماً، فاستعبده عبد الله بن عباس وسماه سليطاً، فنشأ جلداً ظريفاً وخدم ابن عباس، ثم صار له من الوليد بن عبد الملك منزلة، فادعى أنه من ولد عبد الله بن عباس، وأعانه الوليد على ذلك لما كان في نفسه من علي بن عبد الله بن عباس، وأمره بمخاصمته فخاصمه، واحتال في شهود على إقرار عبد الله أنه ولده، فشهدوا بذلك عند قاضي دمشق، واتبع القاضي رأي الوليد في ذلك، فأثبتت نسبه وخاصم علياً في الميراث. وأما من زعم أنه كان عبداً فإنه حكى، أن بكير بن ماهان كان كاتباً لبعض عمال السند، فقدم الكوفة فاجتمع بشيعة بني العباس، فغمز بهم فحبس وخلي عن الباقين، وكان في الحبس أبو عاصم يونس، وعيسى بن معقل العجلي ومعه أبو مسلم يخدمه، فدعاهم بكير إلى رأيه فأجابوه، ثم قال لعيسى بن معقل: ما هذا منك ؟ قال: هو مملوك، قال: أتبيعه ؟ قال: هو لك، قال: أحب أن تأخذ ثمنه، قال هو لك بما شئت، فأعطاه أربعمائة درهم، ثم خرجوا من السجن، فبعث به بكير إلى إبراهيم الإمام، فدفعه إبراهيم إلى موسى السراج فسمع منه وحفظ، ثم صار يتردد إلى خراسان. وقيل إنه كان لبعض أهل هراة بوشنج شيخ، فقدم مولاه على إبراهيم الإمام وأبو مسلم معه، فأعجبه فابتاعه منه وأعتقه، ومكث عنده عدة سنين، وكان يتردد بكتب إلى خراسان على حمار له بإكاف، ثم ولاه إبراهيم أمر الشيعة بخراسان على ما نذكره إن شاء الله تعالى. وفي سنة أربع وعشرين ومائة: مات محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في قول بعضهم، وأوصى إلى ابنه إبراهيم بالقيام بأمر الدعوة، وقيل بل مات في سنة خمس وعشرين ومائة في ذي القعدة، وهو ابن ثلاث وستين سنة. وفي سنة ست وعشرين ومائة: وجه إبراهيم بن محمد الإمام أبا هاشم بكير بن ماهان إلى خراسان، فقدم مرو وجمع النقباء والدعاة ونعى لهم محمد بن علي، ودعاهم إلى ابنه إبراهيم ودفع إليهم كتابه فقبلوه، ودفعوا له ما اجتمع عندهم من نفقات الشيعة، فقدم بها بكير على إبراهيم. وفي سبع وعشرين ومائة: توجه سليمان بن كثير، ولاهز بن قريظ، وقحطبة إلى مكة فلقوا إبراهيم الإمام بها، وأوصلوا إلى مولى له عشرين ألف دينار ومائتي ألف درهم ومسكاً ومتاعاً، وكان معهم أبو مسلم. وفيها كتب بكير بن ماهان إلى إبراهيم بن محمد الإمام يخبره أنه في الموت، وأنه قد استخلف أبا سلمة حفص بن ماهان وهو رضىً للأمر، فكتب إبراهيم إلى أبي سلمة يأمره بالقيام بأمر أصحابه، وكتب إلى أهل خراسان يخبرهم أنه قد أسند أمرهم إليه، ومضى أبو سلمة إليهم فقبلوا أمره، ودفعوا إليه ما اجتمع عندهم من نفقات الشيعة وخمس أموالهم.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي