أحمد بن إسماعيل
قال: ولما استوثق له الأمر ببخاري قصد بالخروج إلى الري فأشار عليه إبراهيم بن زيدوية بقصد سمرقند، والقبض على عمه إسحاق بن أحمد لئلا يخرج عليه، فاستدعى عنه إلى بخاري فحضر إليه واعتقله بها، ولم يزل سنة ثمان وتسعين فأطلقه وأعاده إلى سمرقند وفرغاته، قال: ولما قبض على عمه عبر إلى خراسان، فلما ورد نيسابور هرب بارس الكبير من جرجان إلى بغداد خوفاً منه، كان لخوفه منه أسباب منها: أن الأمير إسماعيل كان قد استعمل ابنه أحمد على جرجان - ولما أخذها من محمد بن زيد - ثم عزله عنها، واستعمل عليها بارس الكبير، فاجتمع عند بارس أموال عظيمة من خراج الري وطبرستان، فحملها إلى إسماعيل فلما سارت عنه بلغه وفاة إسماعيل فردها وأخذها، فلما قاربه أحمد خافه فكتب إلى المكتفي بالله يستأذنه في المصير، فأذن له فسار إلى بغداد في أربعة آلاف فارس، فوصل إليها بعد وفاة المكتفي وولاية المقتدر، فأعجب المقتدر فسيره إلى بني حمدان بعسكره وولاه ديار ربيعة، فخافه أصحاب الخليفة أن يتقدم عليهم، فدسوا عليه غلاماً له فسمه فمات بالموصل، واستولى غلامه على أمواله وتزوج بامرأته.
ذكر استيلاء على سجستان
وفي شهر رجب سنة ثمان وتسعين ومائتين استولى على سجستان، وذلك أنه لما استتب ملكه واستقرت قواعده سار في سنة سبع وتسعين ومائتين إلى الري، وكان مسكنه ببخارى ثم سار إلى هراة، فسير منها جيشاً في المحرم سنة ثمان وتسعين إلى سجستان وعدة من قواده، واستعمل عليهم الحسين بن علي المروروزي، وكان بسجستان المعدل بن علي بن الليث الصفار، وهو صاحبها، فسير المعدل أخاه أبا علي محمد إلى بست ليجني أموالها، فسار الأمير أحمد إليه ببست وحاربه، وأخذه أسيراً وعاد به إلى هراة، وتوجه الحسين إلى سجستان وحصر المعدل، فلما بلغه أن أخاه أسر، صالح الحسين واستأمن له، واستولى الحسين على سجستان، واستعل عليها الأمير أحمد أبا منصور بن إسحاق - وهو ابن عنه - وعاد الحسين ومعه المعدل إلى بخارى، وقال: ولما استولى على سجستان سار سبكرى من فارس إليها على طريق المفازة، فسير إليه أحمد جيشاً فأخذوه أسيراً واستولى على عسكره، وكتب الأمير أحمد بذلك إلى المقتدر بالله فشكره، وأمره أن يحمل السبكرى ومحمد ابن علي بن الليث إلى بغداد، فسيرهما فأدخلا مشهورين على فيلين، وأعاد المقتدر رسل أحمد بالتحف والهدايا.
ثم خالف أهل سجستان على الأمير أحمد
في سنة ثلاثمائة، وسبب ذلك أن محمد بن هرمز المعروف بالمولى الصندلي كان خارجى المذهب، وأقام ببخارى وهو من أهل سجستان وكان شيخاً كبيراً، فجاء يوماً إلى الحسين بن علي العارض يطلب رزقه، فقال له: إن الأصلح لمثلك من الشيوخ أن يلزم رباطاً، يعبد اله فيه حتى يوافيه أجله، فغاظه ذلك وانصرف إلى سجستان، فاستمال جماعة من الخوارج، وكان رئيسهم محمد بن العباس المعروف بابن الحفار، ودعا لعمرو بن يعقوب بن محمد بن عمرو بن الليث الصفار، فقبضوا على منصور بن إسحاق وحبسوه وخطبوا لعمرو وسلموا إليه سجستان، فلما بلغ الخبر الأمير أحمد سير الجيوش مع الحسين بن علي فحصرها تسعة أشهر، فصعد يوماً محمد بن هرمز الصندلي إلى السور، وقال: ما حاجتكم إلى أذى شيخ كبير لا يصلح إلا للزوم رباط ؟ ثم مات الصندلي فاستأمن عمرو بن يعقوب الصفار ولبن الحفار إلى الحسين، وأطلقوا منصور بن إسحاق، وكان الحسين يكرم ابن الحفار ويقربه، فوطأ ابن الحفار جماعة على الفتك بالحسين، فبلغ الحسين ذلك فقبض عليه وأخذه معه إلى بخارى، واستعمل أحمد على سجستان سيمجور الدواتي، فتوجه إلى سجستان واستصحب معه عمرو بن يعقوب وابن الحفار، فتوفي ابن الحفار.
ذكر مقتل الأمير أحمد وولاية ابنه نصر
وفي سنة إحدى وثلاثمائة خرج الأمير أحمد إلى الصيد، وكان له أسد يربط على باب مبيته في كل ليلة، فلما كان في ليلة قتله أغفل الغلمان إحضار الأسد، فدخل إليه نفر من غلمانه فذبحوه على سريره وذلك في ليلة الخميس لسبع بقين من جمادى الآخرة، فحمل إلى بخارى فدفن بها وقتل بعض أولئك الغلمان، ولقب بعد موته بالشهيد وكانت مدة ولايته ست سنين وأربعة أشهر وأياماً.