نهاية الأرب في فنون الأدب/أخبار أبي حشيشة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخبار أبي حشيشة

قال أبو الفرج: أبو حشيشة لقبٌ غلب عليه، وهو محمد بن بني أمية، ويكنى أبا جعفر.وكان أهله جميعاً متصلين بإبراهيم بن المهدي، وكان هو من بينهم يغني بالطنبور أحسن الناس غناءً.وخدم جماعةً من الخلفاء، أولهم المأمون ومن بعده إلى المعتمد.قال: وكان أكثر انقطاعه إلى أبي أحمد بن الرشيد أيام حياته.وكان أبوه وجده وأخواله كتاباً. قال أحمد بن جعفر جحظة في ترجمة أبي حشيشة: وكان له صنعةٌ تقدم فيها كل طنبوريٍ لا أحاشي أحداً في ذلك.قال: فمنها:

كأن هموم الناس في الأرض كلها

علي وقلبي بينهم قلب واحد

ولي شاهدا عدلً سهادٌ وعبرةٌ

وكم مدعٍ للحب من غير شاهد

قال جحظة: ورأيته بين يدي المعتمد على الله وقد غناه من شعر عليٍ بن محمد ابن نصر:

حرمت بذل نوالك

واسوءتا من فعالك !

لما ملكت وصالي

آيستني من وصالك

فوهب لي مائتي دينار.قال: وغنى يوماً عند ابن المدبر بحضرة عريب، فقالت له: أحسنت يا أبا جعفر ! ولو عاش الشيخان ما قلت لهما هذا تعني علويه ومخارقاً. وقال أبو الفرج: إن أبا حشيشة ألف كتاباً جمع فيه أخباره مع من عاشر وخدم من الخلفاء، وهو كتابٌ مشهور.قال: أول من سمعني من الخلفاء المأمون، وصفني له مخارق، فأمر بإشخاصي إليه، وأمر لي بألف درهمٍ أتجهز بها.فلما وصلت إليه أدناني وأعجب بي، وقال للمعتصم: هذا أثر خدمك وخدم آبائك وأجدادك يا أبا إسحاق.وذكر ما كان يشتهيه عليه كل خليفة، فقال: كان المأمون يشتهي من غنائي:

كان ينهى فنهى حتى سلا

وانجلت عنه غيابات الصبا

خلع اللهو وأضحى مسبلاً

للنهى فضل قميصٍ وردا

قال: وكان المعتصم يشتهي علي:

أسرفت في سوء الصنيع

وفتكت بي فتك الخليع

وولعت بي متمرداً

والعذر في طرق الولوع

صيرت حبك شافعاً

فأتيت من قبل الشفيع

قال: وكان الواثق يختار من غنائي:

يا تاركي متلذذ ال

عذال جذلان العداة

انظر إلي بعين را

ض نظرةً قبل الممات

خليتني بين الوعي

د وبين ألسنة الوشاة !

ماذا يرجى بالحيا

ة منغصٌ روح الحياة !

قال: وكان المتوكل يحبني ويستخفني، وكانت أغانيه التي يشتهيها علي كثيرةٌ.منها:

أطلعت الهوى وخلعت العذارا

وباكرت بعد المراح العقارا

ونازعك الكأس من هاشمٍ

كريمٌ يحب عليها الوقارا

فتًى فرق الحمد أمواله

يجر القميص ويرخي الإزارا

رأى الله جعفر خير الأنام

فملكه ووقاه الحذارا

قال: وكان المستعين يشتهي علي:

وما أنس لا أنس منها الخشوع

وفيض الدموع وغمز اليد

وخدي مضافٌ إلى خدها

قياماً إلى الصبح لم نرقد

قال: واشتهى علي المعتمد:

قلبي يحبك يا منى

قلبي ويبغض من يحبك

لأكون فرداً في هوا

ك، فليت شعري كيف قلبك ؟

قال جحظة: وكانت وفاة أبي حشيشة بسر من رأى.وسببها أنه اصطبح عند قلم غلام الفضل بن كاوش في يومٍ بارد، فقال له: أنا لا آكل إلا طعاماً حاراً، فأتاه بفجليةٍ باردةٍ وقال: تساعدني وتأكل معي، فأكل منها فخمد قلبه فمات.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي