نهاية الأرب في فنون الأدب/أخبار إبراهيم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أخبار إبراهيم

بن المهدي وما استولى عليه من الأماكن وما كان من أمره إلى أن خلع واستتر - ذكر استيلائه على قصر ابن هبيرة والكوفةقال: وكان بقصر ابن هبيرة حميد بن عبد الحميد عاملاً للحسن بن سهل، ومعه من القواد سعيد بن الساجور وأبو البط وغسان بن أبي الفرج ومحمد بن إبراهيم الإفريقي وغيرهم، وكاتبوا إبراهيم على أن يأخذوا له قصر ابن هبيرة، وكانوا قد انحرفوا عن حميد، وكتبوا إلى الحسن بن سهل يخبرونه أن حميداً يكاتب إبراهيم، وكتب حميد فيهم مثل ذلك، فاستقدم الحسن حميد بن عبد الحميد فامتنع، وخاف - إن هو سار إليه - سلم القواد ماله وعسكره إلى إبراهيم، فألح الحسن عليه بالطلب فسار إليه في شهر ربيع الآخر، فكتب القواد إلى إبراهيم لينفذ إليهم عيسى بن محمد بن أبي خالد، فوجه إليهم عيسى فانتهبوا ما في عسكر حميد، فكان مما أخذوا له مائة بدرة، وأخذ ابن حميد جواري أبيه وسار إليه بعسكر الحسن، ودخل عيسى القصر لعشر خلون من شهر ربيع الآخر، فعاد الحسن إلى الكوفة فأخذ أموالها، واستعمل عليها العباس بن موسى بن جعفر العلوي، وأمره أن يدعو لأخيه علي بن موسى بعد المأمون، وأعانه بمائة ألف درهم وقال له: قاتل عن أخيك وأنا معك، فوجه إبراهيم إلى الكوفة سعيد بن الساجور وأبا البط لقتال العباس بن موسى، وكان العباس قد دعا أهل الكوفة فأجابه بعضهم، وأما الغلاة من الشيعة فقالوا: إن كنت تدعو لأخيك وحده فنحن معك، وأما المأمون فلا حاجة لنا فيه، فقال: إنما أدعو للمأمون وبعده لأخي، فقعدوا عنه، فلما أتاه سعيد وأبو البط نزلوا قرية شاهى، بعث إليهم العباس ابن عمه علي بن محمد بن جعفر - وهو ابن الذي كان قد بويع له بمكة - وبعث معه جماعة، فاقتتلوا ساعة فانهزم العلوي وأهل الكوفة، ونزل سعيد وأصحابه الحيرة، وكان ذلك في ثاني جمادى الآخرة، ثم تقدموا فقاتلوا أهل الكوفة، وخرج إليهم شيعة بني العباس ومواليهم فاقتتلوا إلى الليل، وكان شعارهم: يا إبراهيم يا منصور، لا طاعة للمأمون، وعليهم السواد وعلى أهل الكوفة الخضرة، ثم اقتتلوا من الغد فسأل رؤساء الكوفة سعيد بن الساجور الأمان للعباس وأصحابه فأمنهم، على أن يخرجوا من الكوفة فأجابوا إلى ذلك، وأتوا العباس فأعلموه فقبل منهم وتحول عن داره، ثم شغب أصحابه على من بقي من أصحاب سعيد وقاتلوهم، فانهزم أصحاب سعيد إلى الخندق، ونهب أصحاب العباس دور عيسى بن موسى، وأحرقوا وقتلوا من ظفروا به، فأرسل العباسيون إلى سعيد بالحيرة يخبرونه أن العباس بن موسى قد رجع عن الأمان، فركب سعيد وأصحابه وأتوا الكوفة عتمة فقتلوا من ظفروا به ممن انتهب، ومكثوا عامة الليل، فخرج إليهم رؤساء الكوفة فأعلموهم أن هذا فعل الغوغاء، وأن العباس لم يرجع عن الأمان فانصرفوا عنهم، فلما كان الغد دخلها سعيد وأبو البط ونادوا بالأمان ولم يعرضوا لأحد، وولوا الكوفة الفضل بن محمد بن الصباح الكندي، ثم عزلوه لميله إلى أهل بلده، واستعملوا غسان بن أبي الفرج ثم عزلوه، واستعملوا الهول ابن أخي سعيد، فلم يزل عليها حتى قدمها حميد بن عبد الحميد فهرب، ودام أمر إبراهيم بن المهدي إلى سنة ثلاث ومائتين ثم خلع.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي